الفصل الحادي عشر
▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬
اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أُشْرِكَ بِكَ وَأَنَا أَعْلَمُ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا لاَ أَعْلَمُ
ترجمة: ســاد
▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬
قرر يوريتش البقاء مع باتشمان في الوقت الحالي، ولم يكن باتشمان يمانع وجود يوريتش على الإطلاق.
“قد يكون بربريًا، لكنه يمتلك الشجاعة والمهارات اللازمة لإثبات ذلك.”
بدا باتشمان يستمتع بوجود يوريتش إلى جانبه، وخاصة بسبب مدى كرهه لدونوفان.
في اليوم التالي، توجه يوريتش وباتشمان إلى ورشة الحدادة.
بوو! بوو!
سمع الرجلان صوت طرقات قوية من مسافة بعيدة. عندما وصلا إلى ورشة الحدادة، نظر يوريتش إلى الحداد المتدرب وأومأ برأسه بخفة مُحيّيًا إياه.
“انظروا من هو! استمتعتُ بمباراتكَ بالأمس. كنتَ مذهلاً!” رحّبَ الحدادُ المُحترفُ بيوريتش. غسلَ وجهه ويديهِ بسرعةٍ بالماءِ من دلو.
“هل لديك الفؤوس التي طلبتها؟”
أخذ الحداد الرئيسي يوريتش إلى ساحة الحدادة الداخلية. كانت الساحة الداخلية مكانًا لاختبار الأسلحة المصنوعة حديثًا. هناك العديد من الفزاعات المنتشرة في جميع أنحاء الأرض لاستخدامها كأهداف، بالإضافة إلى أهداف رماية خشبية على الجدران.
“آه، باقي المبلغ أولًا. لا أريدك أن تطلب استردادًا أو أي شيء.”
أمسك يوريتش حفنة من العملات المعدنية وسلمها للحداد، الذي عدّها بعناية وابتسم بارتياح.
بوو!
أخرج الحداد زوجًا من فأس المعركة. كانت النصال تلمع ببراعة تحت أشعة الشمس، وكانت حبيبات خشب الأعمدة المتينة ذات لون بني متوهج.
“الأعمدة مصنوعة من الرماد. النصال مُزيتة جيدًا، لذا لا داعي لعمل أي شيء عليها بنفسك. إنها ليست من الفولاذ الإمبراطوري، لكنني استخدمت أفضل مادة وجدتها. ” قال الحداد بفخر ورضا عميقين لدرجة أن يوريتش نفسه شعر بذلك من نبرته.
قبل يوريتش الفؤوس. لم تكن الفؤوس التي اعتاد صياغتها في قبيلته تُضاهي الفؤوس التي بين يديه من حيث جودة الصنع وإتقان الصنع. كان بإمكانه رؤية تفاصيل العمل في أدقّ النقاط. كان النصل والعمود مربوطين بإحكام بأحزمة جلدية لمنعهما من الانفصال.
“توزيع الوزن هو الجزء المهم.”
أراد يوريتش زوجًا من الفؤوس ليرميها. اتخذ وضعية الرمي وصوّب فأسه الجديدة نحو الأهداف الخشبية على الحائط.
زوو!
مدّ ذراعه إلى الخلف، مستيقظًا عضلاته المستريحة.
بوو!
حتى رمية صغيرة بدت عظيمةً نظرًا لضخامته. تمزق الفأس إلى الأمام وهو يدور في الهواء.
بوو!
انغرست الشفرة في الهدف، فشقّته نصفين. رمى يوريتش الفأس الأخرى وكرّرها حتى ابتسم راضيًا.
“حسنًا، أنا أحبهم.”
لم تكن هناك أي مشكلة على الإطلاق مع توزيع الوزن، لكن يوريتش شعر بإحساس غير مألوف بسبب كون المحاور تم صياغتها حديثًا.
“سيكون شرفًا لي أن يقاتل مصارعٌ عظيمٌ مثلك بسلاحي. تفضل، خذ هذا كهدية.”
ألقى الحداد إلى يوريتش غمدًا للفؤوس. كان الغمد الجلدي مُصممًا لربطه بفخذي الحامل.
“مهلاً، هذا مذهل! إنه مريح للغاية ” قال يوريتش بانبهار وهو يقفز بفؤوسه الجديدة الموضوعة بجانب فخذيه. ظل الغمد المثبت بإحكام ملتصقًا بالفخذين حتى مع حركاته العنيفة. صُمم بمشبك، لذا كان من السهل سحبه بحركة سريعة من معصمه.
“أنت حداد ماهر. عليّ أن اشكل رمحًا. بدأ الخشب يتشقق حتى بعد دهنه ” قال باتشمان بفضول وهو يربت على ذقنه.
“أحضره لي، وسأعطيك صفقة جيدة ” قال الحداد الرئيسي بفخر.
بالنسبة للمصارعين، أسلحتهم تُعادل حياتهم. أداء السلاح مسألة حياة أو موت، لذا استثمر الكثير منهم ما يعادل دخلهم لعدة أشهر في أسلحة أفضل.
“مرحبًا، ما رأيك؟ أنت تصنع لي رمحي مجانًا، وسأُعرّف ورشة الحدادة على المصارعين الآخرين. لديّ العديد من الأصدقاء هنا.” تفاوض باتشمان مع الحداد. في هذه الأثناء، بدا يوريتش منشغلًا باختبار فؤوسه الجديدة في الفناء، يُلوّح بها، ويُغلّفها ويُسلخها.
“حسنًا، إذا جاء ثلاثة مصارعين على الأقل إلى ورشة الحدادة وأخبروني أنهم قد تم ارسالهم من قبلك، فسأقوم بصنع الرمح الخاص بك دون أي تكلفة.”
“ثلاثة؟ هذا لا شيء بالنسبة لي، لماذا لا نقول خمسة؟” قال باتشمان بثقة وصافح الحداد الرئيسي موافقًا.
كان باتشمان بحارًا قبل أن يصبح أحد مصارعي حورس. جعلته خلفيته البحرية محبوبًا بين المصارعين الأشداء. لم يكن قائدًا بأي حال من الأحوال، لكنه كان قادرًا على تكوين صداقات مع العديد من الناس بسهولة. وكما وعد الحداد، صرخ ستة مصارعين آخرين ورشة الحدادة حاملين إحالته، وتمكن باتشمان من الحصول على رمحه مجانًا. انتبه يوريتش جيدًا لأساليب باتشمان.
“إنه ذكي.”
بدا باتشمان يعرف كيف يستغل بيئته على أكمل وجه. يتمتع بذكاءٍ عمليٍّ وسرعة بديهة في التفكير.
“رجل مثله لن يصبح صديقًا لي من أجل لا شيء.”
واصل يوريتش مراقبة سلوك باتشمان.
“هوي يوريتش! تعالَ إلى هنا وشاركنا اللعب.”
في ركن الحانة، كانت لعبة النرد على أشدها. نادى باتشمان بيوريتش ليساعده على التعرّف على المصارعين الآخرين.
بو! نقرة.
دار زوج من النرد في الكأس. بدا الرهان بسيطًا، وهو تخمين الرقم الموجود في الكأس.
“7.”
“9.”
“5.”
بوو!
فتح باتشمان الكأس.
“آه، اللعنة.”
أثارت وجوه النرد ردود فعل متباينة من المصارعين. انضم يوريتش، وراهن بمبالغ صغيرة ليدخل المجموعة.
“هوي، هذه فؤوس رائعة! ربما عليّ أن أشتري لنفسي أسلحة جديدة أيضًا.”
“يا غبي، كيف تفكر بشراء أي شيء مع كل هذه الديون؟ فقط اعتنِ بديونك الحالية بشكل أفضل.”
وضع يوريتش فؤوسه الجديدة على الطاولة، التي لم تذق طعم دم المعركة الحلو بعد. لم يستطع المصارعون الآخرون سوى التعبير عن حسدهم على فؤوسه الجديدة اللامعة.
“يوريتش ”
بعد جلسة المقامرة الصغيرة، نادى باتشمان على يوريتش ليخرج من الحانة، بعيدًا عن الآخرين.
في الحظيرة المجاورة للحانة، كان المصارعون العبيد يغطون في نوم عميق. ألقى الحراس الذين كانوا يراقبونهم نظرة خاطفة على الرجلين الواقفين خارج الحانة.
“ماذا تريد؟ أتريد أن نمارس الجنس أم ماذا؟” سأل يوريتش باتشمان، الذي هز رأسه.
“لا أستطيع التفكير في النساء، لقد خسرتُ مالًا اليوم. على أي حال، هل فهمتَ جوهر الأمور بين المصارعين يا يوريتش؟”
“ماذا، متملقو دونوفان والآخرون؟”
اتسعت عينا باتشمان من المفاجأة.
“لديه عينٌ ثاقبة. لذا لم يكن القتال الشيء الوحيد الذي يجيده.”
أومأ باتشمان برأسه موافقًا.
“هذا صحيح. يُشكل رجال دونوفان أكبر مجموعة في فرقة مصارعي حورس بأكملها. عشرة من أصل واحد وعشرين. لذا، فإن نصف فرقتنا تقريبًا في قبضة دونوفان.”
“فماذا إذن؟”
“هل رأيته يقاتل بعد؟”
“لا، وأنا لست مهتمًا.”
خدش باتشمان خديه.
“تخرج دونوفان من الجيش. على ما يبدو، كان جزءًا من وحدة سيد سيوف يُدعى فيرزين – هذا ما يقوله على أي حال. سواء كان ذلك صحيحًا أم لا، فإن دونوفان هو بلا شك أشهر مصارع بيننا جميعًا. إنه ماهر ومتألق في القتال، لذا ليس من المستغرب أن يشاهده أحدهم بمجرد أن يستمر في شراء التذاكر لرؤيته مرة أخرى دون تردد.”
“أعلم أنه وجه فريقنا ” قال يوريتش وهو يعقد ذراعيه. كانت الشمس تغرب، والهواء يزداد برودة. ارتجف قليلاً، فقد كان يقاوم البرد.
“إنشاء دونوفان لنادي صغير خاص به ليس مشكلة. المشكلة الحقيقية هي أنه يتحكم في كيفية إدارة المصارعين، والأهم من ذلك، في المباريات. فالمباريات السهلة التي تُعتبر مجانية تُمنح له ولأتباعه، بينما تُسند جميع المواجهات الصعبة إلى البقية.”
” من يهتم؟ يمكننا رفض المعارك العنيفة على أي حال. أليس هذا ما يميز كونك مصارعًا حرًا؟” سخر يوريتش من باتشمان.
“كيف ستجني المال وأنت ترفض القتالات مرارًا وتكرارًا؟ صحيح أن دونوفان شخص مزعج، لكن لا توجد أماكن كثيرة تُعاملك بنفس معاملة مصارعي حورس. حتى أن بعضها يُعامل الأحرار مثلنا كعبيد.”
” إذن، ما الذي تحاول أن تخبرني به، باتشمان؟”
“عندما رأيتك تقاتل، فكرت: “آه، قد يكون هذا الرجل قادرًا على إقصاء دونوفان ويصبح الوجه الجديد لفريقنا”. إذا نجحتَ بطريقة ما في جذب جمهور أكبر من دونوفان وجعلتهم يُعجبون بك، فسيتعين على حورس الاستماع إلى ما لديك. إذا أصبحتَ أكثر تأثيرًا من دونوفان، فلن يتمكن من التلاعب بالمواجهات بعد الآن.”
“إذا كنت تكرهه كثيرًا، فلماذا لا تفعل ذلك بنفسك؟”
هز باتشمان كتفيه. “أود أن أفعل ذلك، ولكنني لا أملك المهارات اللازمة لأكون المصارع النجم.”
“همم، أكره من يُنجزون أعمالهم بالتوسل للآخرين لمساعدتهم على فعل ما لا يستطيعونه بأنفسهم ” قال يوريتش لباتشمان وهو يُضيّق عينيه مُبديًا اشمئزازه. هذا جعل باتشمان يشعر بقشعريرة تسري في جسده. كاد أن يسحب الخنجر المُعلّق بحزامه.
“لذا، هذا هو ما أشعر به عندما أشعر بالخوف.”
أصبح باتشمان متوترًا كفريسة تواجه مفترسها. كبت غريزته لسحب سلاحه والانتقام.
“ولكن الثعلب الذي يقضي على الذئب بمساعدة الأسد هو أيضًا جزء من الحياة ” قال يوريتش لباتشمان وهو يربت على كتف الأخير.
“وأنا معجب بك يا باتشمان. كنتَ أول من اقترب مني وأظهر لي اللطف منذ أن جئتُ إلى العالم المتحضر. لا تدري ما ينفعك؛ أينما كنت في العالم.”
“لا تذكر ذلك حتى ” قال باتشمان جملته بصوت غير واضح من الإحراج.
“حسنًا إذن، دعنا نسمع خطتك الكبرى هذه.”
كشف يوريتش عن أسنانه وابتسم.
الفصل الحادي عشر ▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أُشْرِكَ بِكَ وَأَنَا أَعْلَمُ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا لاَ أَعْلَمُ ترجمة: ســاد ▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬ قرر يوريتش البقاء مع باتشمان في الوقت الحالي، ولم يكن باتشمان يمانع وجود يوريتش على الإطلاق. “قد يكون بربريًا، لكنه يمتلك الشجاعة والمهارات اللازمة لإثبات ذلك.” بدا باتشمان يستمتع بوجود يوريتش إلى جانبه، وخاصة بسبب مدى كرهه لدونوفان. في اليوم التالي، توجه يوريتش وباتشمان إلى ورشة الحدادة. بوو! بوو! سمع الرجلان صوت طرقات قوية من مسافة بعيدة. عندما وصلا إلى ورشة الحدادة، نظر يوريتش إلى الحداد المتدرب وأومأ برأسه بخفة مُحيّيًا إياه. “انظروا من هو! استمتعتُ بمباراتكَ بالأمس. كنتَ مذهلاً!” رحّبَ الحدادُ المُحترفُ بيوريتش. غسلَ وجهه ويديهِ بسرعةٍ بالماءِ من دلو. “هل لديك الفؤوس التي طلبتها؟” أخذ الحداد الرئيسي يوريتش إلى ساحة الحدادة الداخلية. كانت الساحة الداخلية مكانًا لاختبار الأسلحة المصنوعة حديثًا. هناك العديد من الفزاعات المنتشرة في جميع أنحاء الأرض لاستخدامها كأهداف، بالإضافة إلى أهداف رماية خشبية على الجدران. “آه، باقي المبلغ أولًا. لا أريدك أن تطلب استردادًا أو أي شيء.” أمسك يوريتش حفنة من العملات المعدنية وسلمها للحداد، الذي عدّها بعناية وابتسم بارتياح. بوو! أخرج الحداد زوجًا من فأس المعركة. كانت النصال تلمع ببراعة تحت أشعة الشمس، وكانت حبيبات خشب الأعمدة المتينة ذات لون بني متوهج. “الأعمدة مصنوعة من الرماد. النصال مُزيتة جيدًا، لذا لا داعي لعمل أي شيء عليها بنفسك. إنها ليست من الفولاذ الإمبراطوري، لكنني استخدمت أفضل مادة وجدتها. ” قال الحداد بفخر ورضا عميقين لدرجة أن يوريتش نفسه شعر بذلك من نبرته. قبل يوريتش الفؤوس. لم تكن الفؤوس التي اعتاد صياغتها في قبيلته تُضاهي الفؤوس التي بين يديه من حيث جودة الصنع وإتقان الصنع. كان بإمكانه رؤية تفاصيل العمل في أدقّ النقاط. كان النصل والعمود مربوطين بإحكام بأحزمة جلدية لمنعهما من الانفصال. “توزيع الوزن هو الجزء المهم.” أراد يوريتش زوجًا من الفؤوس ليرميها. اتخذ وضعية الرمي وصوّب فأسه الجديدة نحو الأهداف الخشبية على الحائط. زوو! مدّ ذراعه إلى الخلف، مستيقظًا عضلاته المستريحة. بوو! حتى رمية صغيرة بدت عظيمةً نظرًا لضخامته. تمزق الفأس إلى الأمام وهو يدور في الهواء. بوو! انغرست الشفرة في الهدف، فشقّته نصفين. رمى يوريتش الفأس الأخرى وكرّرها حتى ابتسم راضيًا. “حسنًا، أنا أحبهم.” لم تكن هناك أي مشكلة على الإطلاق مع توزيع الوزن، لكن يوريتش شعر بإحساس غير مألوف بسبب كون المحاور تم صياغتها حديثًا. “سيكون شرفًا لي أن يقاتل مصارعٌ عظيمٌ مثلك بسلاحي. تفضل، خذ هذا كهدية.” ألقى الحداد إلى يوريتش غمدًا للفؤوس. كان الغمد الجلدي مُصممًا لربطه بفخذي الحامل. “مهلاً، هذا مذهل! إنه مريح للغاية ” قال يوريتش بانبهار وهو يقفز بفؤوسه الجديدة الموضوعة بجانب فخذيه. ظل الغمد المثبت بإحكام ملتصقًا بالفخذين حتى مع حركاته العنيفة. صُمم بمشبك، لذا كان من السهل سحبه بحركة سريعة من معصمه. “أنت حداد ماهر. عليّ أن اشكل رمحًا. بدأ الخشب يتشقق حتى بعد دهنه ” قال باتشمان بفضول وهو يربت على ذقنه. “أحضره لي، وسأعطيك صفقة جيدة ” قال الحداد الرئيسي بفخر. بالنسبة للمصارعين، أسلحتهم تُعادل حياتهم. أداء السلاح مسألة حياة أو موت، لذا استثمر الكثير منهم ما يعادل دخلهم لعدة أشهر في أسلحة أفضل. “مرحبًا، ما رأيك؟ أنت تصنع لي رمحي مجانًا، وسأُعرّف ورشة الحدادة على المصارعين الآخرين. لديّ العديد من الأصدقاء هنا.” تفاوض باتشمان مع الحداد. في هذه الأثناء، بدا يوريتش منشغلًا باختبار فؤوسه الجديدة في الفناء، يُلوّح بها، ويُغلّفها ويُسلخها. “حسنًا، إذا جاء ثلاثة مصارعين على الأقل إلى ورشة الحدادة وأخبروني أنهم قد تم ارسالهم من قبلك، فسأقوم بصنع الرمح الخاص بك دون أي تكلفة.” “ثلاثة؟ هذا لا شيء بالنسبة لي، لماذا لا نقول خمسة؟” قال باتشمان بثقة وصافح الحداد الرئيسي موافقًا. كان باتشمان بحارًا قبل أن يصبح أحد مصارعي حورس. جعلته خلفيته البحرية محبوبًا بين المصارعين الأشداء. لم يكن قائدًا بأي حال من الأحوال، لكنه كان قادرًا على تكوين صداقات مع العديد من الناس بسهولة. وكما وعد الحداد، صرخ ستة مصارعين آخرين ورشة الحدادة حاملين إحالته، وتمكن باتشمان من الحصول على رمحه مجانًا. انتبه يوريتش جيدًا لأساليب باتشمان. “إنه ذكي.” بدا باتشمان يعرف كيف يستغل بيئته على أكمل وجه. يتمتع بذكاءٍ عمليٍّ وسرعة بديهة في التفكير. “رجل مثله لن يصبح صديقًا لي من أجل لا شيء.” واصل يوريتش مراقبة سلوك باتشمان. “هوي يوريتش! تعالَ إلى هنا وشاركنا اللعب.” في ركن الحانة، كانت لعبة النرد على أشدها. نادى باتشمان بيوريتش ليساعده على التعرّف على المصارعين الآخرين. بو! نقرة. دار زوج من النرد في الكأس. بدا الرهان بسيطًا، وهو تخمين الرقم الموجود في الكأس. “7.” “9.” “5.” بوو! فتح باتشمان الكأس. “آه، اللعنة.” أثارت وجوه النرد ردود فعل متباينة من المصارعين. انضم يوريتش، وراهن بمبالغ صغيرة ليدخل المجموعة. “هوي، هذه فؤوس رائعة! ربما عليّ أن أشتري لنفسي أسلحة جديدة أيضًا.” “يا غبي، كيف تفكر بشراء أي شيء مع كل هذه الديون؟ فقط اعتنِ بديونك الحالية بشكل أفضل.” وضع يوريتش فؤوسه الجديدة على الطاولة، التي لم تذق طعم دم المعركة الحلو بعد. لم يستطع المصارعون الآخرون سوى التعبير عن حسدهم على فؤوسه الجديدة اللامعة. “يوريتش ” بعد جلسة المقامرة الصغيرة، نادى باتشمان على يوريتش ليخرج من الحانة، بعيدًا عن الآخرين. في الحظيرة المجاورة للحانة، كان المصارعون العبيد يغطون في نوم عميق. ألقى الحراس الذين كانوا يراقبونهم نظرة خاطفة على الرجلين الواقفين خارج الحانة. “ماذا تريد؟ أتريد أن نمارس الجنس أم ماذا؟” سأل يوريتش باتشمان، الذي هز رأسه. “لا أستطيع التفكير في النساء، لقد خسرتُ مالًا اليوم. على أي حال، هل فهمتَ جوهر الأمور بين المصارعين يا يوريتش؟” “ماذا، متملقو دونوفان والآخرون؟” اتسعت عينا باتشمان من المفاجأة. “لديه عينٌ ثاقبة. لذا لم يكن القتال الشيء الوحيد الذي يجيده.” أومأ باتشمان برأسه موافقًا. “هذا صحيح. يُشكل رجال دونوفان أكبر مجموعة في فرقة مصارعي حورس بأكملها. عشرة من أصل واحد وعشرين. لذا، فإن نصف فرقتنا تقريبًا في قبضة دونوفان.” “فماذا إذن؟” “هل رأيته يقاتل بعد؟” “لا، وأنا لست مهتمًا.” خدش باتشمان خديه. “تخرج دونوفان من الجيش. على ما يبدو، كان جزءًا من وحدة سيد سيوف يُدعى فيرزين – هذا ما يقوله على أي حال. سواء كان ذلك صحيحًا أم لا، فإن دونوفان هو بلا شك أشهر مصارع بيننا جميعًا. إنه ماهر ومتألق في القتال، لذا ليس من المستغرب أن يشاهده أحدهم بمجرد أن يستمر في شراء التذاكر لرؤيته مرة أخرى دون تردد.” “أعلم أنه وجه فريقنا ” قال يوريتش وهو يعقد ذراعيه. كانت الشمس تغرب، والهواء يزداد برودة. ارتجف قليلاً، فقد كان يقاوم البرد. “إنشاء دونوفان لنادي صغير خاص به ليس مشكلة. المشكلة الحقيقية هي أنه يتحكم في كيفية إدارة المصارعين، والأهم من ذلك، في المباريات. فالمباريات السهلة التي تُعتبر مجانية تُمنح له ولأتباعه، بينما تُسند جميع المواجهات الصعبة إلى البقية.” ” من يهتم؟ يمكننا رفض المعارك العنيفة على أي حال. أليس هذا ما يميز كونك مصارعًا حرًا؟” سخر يوريتش من باتشمان. “كيف ستجني المال وأنت ترفض القتالات مرارًا وتكرارًا؟ صحيح أن دونوفان شخص مزعج، لكن لا توجد أماكن كثيرة تُعاملك بنفس معاملة مصارعي حورس. حتى أن بعضها يُعامل الأحرار مثلنا كعبيد.” ” إذن، ما الذي تحاول أن تخبرني به، باتشمان؟” “عندما رأيتك تقاتل، فكرت: “آه، قد يكون هذا الرجل قادرًا على إقصاء دونوفان ويصبح الوجه الجديد لفريقنا”. إذا نجحتَ بطريقة ما في جذب جمهور أكبر من دونوفان وجعلتهم يُعجبون بك، فسيتعين على حورس الاستماع إلى ما لديك. إذا أصبحتَ أكثر تأثيرًا من دونوفان، فلن يتمكن من التلاعب بالمواجهات بعد الآن.” “إذا كنت تكرهه كثيرًا، فلماذا لا تفعل ذلك بنفسك؟” هز باتشمان كتفيه. “أود أن أفعل ذلك، ولكنني لا أملك المهارات اللازمة لأكون المصارع النجم.” “همم، أكره من يُنجزون أعمالهم بالتوسل للآخرين لمساعدتهم على فعل ما لا يستطيعونه بأنفسهم ” قال يوريتش لباتشمان وهو يُضيّق عينيه مُبديًا اشمئزازه. هذا جعل باتشمان يشعر بقشعريرة تسري في جسده. كاد أن يسحب الخنجر المُعلّق بحزامه. “لذا، هذا هو ما أشعر به عندما أشعر بالخوف.” أصبح باتشمان متوترًا كفريسة تواجه مفترسها. كبت غريزته لسحب سلاحه والانتقام. “ولكن الثعلب الذي يقضي على الذئب بمساعدة الأسد هو أيضًا جزء من الحياة ” قال يوريتش لباتشمان وهو يربت على كتف الأخير. “وأنا معجب بك يا باتشمان. كنتَ أول من اقترب مني وأظهر لي اللطف منذ أن جئتُ إلى العالم المتحضر. لا تدري ما ينفعك؛ أينما كنت في العالم.” “لا تذكر ذلك حتى ” قال باتشمان جملته بصوت غير واضح من الإحراج. “حسنًا إذن، دعنا نسمع خطتك الكبرى هذه.” كشف يوريتش عن أسنانه وابتسم.
---
ترجمة موقع ملوك الروايات. لا تُلهِكُم القراءة عن اداء الصلوات فى أوقاتها و لا تنسوا نصيبكم من القرآن
أشترك الان من هنا. ولامزيد من الاعلانات