You dont have javascript enabled! Please enable it!
]
Switch Mode
نظرًا لتوقف عرض الإعلانات على الموقع بسبب حظره من شركات الإعلانات ، فإننا نعتمد الآن بشكل كامل على دعم قرائنا الكرام لتغطية تكاليف تشغيل الموقع وتوجيه الفائض نحو دعم المترجمين. للمساهمة ودعم الموقع عن طريق الباي بال , يمكنك النقر على الرابط التالي
paypal.me/IbrahimShazly
هذا المحتوى ترفيهي فقط ولايمت لديننا بأي صلة. لا تجعلوا القراءة تلهيكم عن صلواتكم و واجباتكم.

سعي بربري 61

الفصل 61
▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬
اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أُشْرِكَ بِكَ وَأَنَا أَعْلَمُ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا لاَ أَعْلَمُ
ترجمة: ســاد
▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬

كان فيليون يضبط حصانه ببطء بينما كان ينتظر يوريتش حتى يستعد. “أنا أعتمد عليك، كايليوس.” فرك يوريتش شعر كايليوس. كان ركوب الخيل مرتبطًا بالعلاقة بين الإنسان والحصان. بدا يوريتش يتعلم باستمرار النصائح والحيل من باهيل. “باهيل، تقول أنك لم تعلميني شيئًا، لكنني تعلمت الكثير منك أيضًا.” كان باهيل فتىً واسع المعرفة، ليس فقط بين أقرانه، بل حتى بين النبلاء والملوك البالغين. كلما سأل يوريتش سؤالاً، كان باهيل هو من يلجأ إليه، وكان دائمًا ما يُجيب على أسئلته. لم يُزعج طلب باهيل يوريتش، بل جعله يرغب في قبوله بكل سرور. كان طلب باهيل الصادق كافيًا لإثارة مشاعره. “أفعل ما يمليه علي قلبي.” فكّر يوريتش في نفسه وهو يرفع رمحه للمبارزة. كان طول الرمح يعادل طول رجلين ناضجين مجتمعين. السبب الوحيد الذي دفعني للمجيء إلى شرق جبال السماء هو أن قلبي أمرني بذلك. هذا كل شيء. سُرّ يوريتش. لقد رأى وتعلّم الكثير، وما زال ينتظر نهاية العالم. كان المجهول بانتظاره دائمًا. “يوريتش، أمسك الرمح بقوة. رجلٌ بحجمك وقوتك يستطيع بسهولة أن يوجه رمحه كامل وزن الحصان. ما دمتَ تهاجم بقوة، فلن يُوقفك شيء.” قال فيليون من الجانب الآخر وهو يركل خاصرة حصانه ويزحف نحوه. “هيا بنا، كايليوس.” أشار يوريتش إلى حصانه. عبر فيليون ويوريتش، وهما يطرقان دروع بعضهما البعض برفق برماحهما. بوو! كان هناك صوت واضح. انحنى فيليون ويوريتش، اللذان تبادلا المواقع، احترامًا لبعضهما البعض. كان ذلك من كرم الفرسان. “كفارس، لا يجب عليك أن تنسى الاحترام تجاه خصمك؛ خاصة عندما تقاتل من أجل شرفك.” “ولكنني لست فارسًا.” “لا بد أنك كذلك، على الأقل في بطولة المبارزة. ستقاتل واسم الأمير على ظهرك.” “هاه.” سخر يوريتش قليلاً وضحك. “إذا لم تُحسم المبارزة بعد ثلاث تقاطعات، يقاتل الفرسان سيرًا على الأقدام. عليك النزول عن جوادك، وسحب سلاحك، ومحاولة إسقاط الفارس الآخر.” “إذا سقط شخص واحد فقط من على حصانه، فهل عليه أن يقاتل الشخص الآخر وهو لا يزال على حصانه، أليس كذلك؟” “بالضبط. إذا شعرتَ أنك في وضع غير مؤاتٍ في جولة الراكب، فليس من السيئ أن تتخذ موقفًا دفاعيًا وتجرّها إلى مبارزة أرضية.” شرح فيليون أسرار هذه المهنة، رغم أنه لم يشارك قط في بطولة مبارزة. في شبابه، لم تكن هناك منافسة كهذه. كانت عادة جديدة نسبيًا. “هل لا يمكنني أن أرمي بفأس من على حصاني، أو حتى أن أهاجم حصانهم؟” هز فيليون رأسه عند سؤال يوريتش. “لا يمكنك. بطولة المبارزة هي مكانٌ للفرسان لمقارنة مهاراتهم. من الاحترام تجنب المجازفة بقتل خصمك أو إيذاء جواده الثمين. لا يحب النبلاء مشاهدة مباراة عنيفة للغاية. هذه ليست مباراة مصارعة. إذا قرر الحكام أن أفعالك كانت بسوء نية، فقد يستبعدونك بسهولة.” “هذا صعب. من الصعب الفوز على شخص دون قتله.” قام يوريتش بضرب رقبته من جانب إلى آخر، مما أدى إلى إصدار صوت واضح يشبه تكسير العظام. “يريد الأمير فوزك بالبطولة بأكملها، لكن حتى الوصول إلى نصف النهائي سيكون إنجازًا عظيمًا. بطولة هامل للمبارزة هي المكان الذي يجتمع فيه جميع الفرسان المهرة لإظهار مهاراتهم. لن يكون الأمر سهلاً ” قال فيليون بنبرة تحذيرية. ” هاه، سيد فيليون، لم أخسر قتالًا قط! عمليًا، هذه المبارزة هي أيضًا قتال، أليس كذلك؟” “أنت تتمتع بالثقة، حسنًا.” نظر فيليون إلى يوريتش، المحارب الماهر والواثق. لكن رغم اطمئنانه، هناك شعور بالقلق يتصاعد من أعماق قلبه. * * * لم تكن بطولة المبارزة في العاصمة الإمبراطورية هامل مسابقةً مفتوحةً للجميع. على الراغبين في المشاركة إما إثبات سمعة طيبة أو إثبات هوية. أما من لا يستطيع تقديم أيٍّ منهما، فسيتم رفضه خلال عملية التقديم. “هل تعرف من أنا؟ أنا وصيف بطولة ليرمان للمبارزة…” فارس آخر يرفع صوته عند مكتب الاستقبال. “أين ليرمان أصلًا؟ لا يهمني إن كنتَ الوصيف أو البطل، فقط عُدْ مع أحد النبلاء الذي يُثبت هويتك. هل تعتقد أن بطولة هامل للمبارزة مجرد مزحة؟” “يا إلهي، كيف تجرؤ على التحدث بهذه الطريقة إلى فارس!” بدا الفارس على وشك أن يسحب سيفه، لكن المسؤول كان معتادًا على هذا النوع من الناس. “هؤلاء الفرسان المزعومون هم جميعًا أغبياء ليس لديهم سوى الكبرياء.” كان الفرسان في كثير من الأحيان أقل ذكاءً وفظاظةً، وكان هذا ينطبق بشكل خاص على الفرسان ذوي الرتب الدنيا. قلة فقط من الفرسان فهموا الفروسية والآداب حقًا، ومن لم يكن لديه سيد كان كقطاع الطرق المدججين بالدروع والسيوف. “تحرك.” جاء صوتٌ أجشٌّ من الخلف. حدّق الفارس الهائج بعينيه. “تحرك؟ إن لم تتراجع عن هذا الآن، فسأتحداك في مبارزة…” أغلق الفارس فمه. بدا رجل ضخم، أطول منه برأس على الأقل، يقف امام أنفه. “تحداني. افعلها. الآن. هيا، ماذا تنتظر؟ سأرسلك إلى الآخرة قبل أن تدرك ذلك.” كاد يوريتش أن يصرخ. سحقه الترهيب. “لا شيء، لا بأس.” أطرق الفارس رأسه واختفى. توجه يوريتش إلى مكتب الاستقبال بابتسامة على وجهه. “اسمك سيدي؟” رحب المسؤول بيوريتش بابتسامة على وجهه أيضًا. “يوريتش. ولي أمري هو الأمير فاركا أنيو بوركانا.” مدّ يوريتش الوثيقة التي كتبها باهيل. وبعد التأكد من صحة الوثيقة المختومة، سلّمها المسؤول إلى الموظف التالي. ختم عائلة بوركانا صورةً لسمكة وقارب صيد. بدا ختمًا يُناسب صورة مملكة ساحلية. “هذا بالفعل ختم عائلة بوركانا. أمير بوركانا يقيم حاليًا في قصر السنونو.” وبعد سماع التأكيد، وضع المسؤول اسم يوريتش في الوثيقة. “الرجاء المرور من هنا. يجب عليك الخضوع لفحص بسيط.” وتبع يوريتش المسؤول. “كان فيليون محقًا. عملية القبول هذه مملة.” لم يكن هناك نقص في الراغبين بالمشاركة في بطولة هامل للمبارزة. ومع ذلك، لم يكن هناك سوى مكان لاثنين وثلاثين متسابقًا في المجموعة. لن تنتهي البطولة أبدًا إذا أتيحت لجميع المتسابقين فرصة المبارزة، وهذا ما لم يكن يريده النبلاء أيضًا. كانت بطولة هامل للمبارزة الأفضل عالميًا من حيث الحجم والمستوى. تم اختيار المتسابقين بعد عملية فرز واختيار دقيقة. دخل يوريتش إلى ثكنة مجهزة بشكل منفصل حيث فرسان الفولاذ الإمبراطوري يقومون بفحص المتسابقين. “يوريتش؟ همم، أشعر وكأنني سمعت هذا الاسم من قبل. هل أنت بربري؟ كيف لبربري مثلك أن يحظى بدعم الملوك؟ ما علاقتك بهم؟” أومأ الفارس الإمبراطوري الذي كُلِّف يوريتش بخدمته. حتى مع سياسة إدماج البرابرة التي أصبحت سائدة في الإمبراطورية، من النادر رؤية بربري في بطولة مبارزة، ناهيك عن بطولة هامل الشهيرة للمبارزة. الأمر برمته مزيجًا غريبًا. “كان من الممكن رفضه عند الباب لو لم يكن هناك الختم الملكي…” نظر يوريتش إلى الفارس الإمبراطوري وهو يركل التراب. “يا رجل، أنا صديق للأمير فاركا ” قال يوريتش بفارغ الصبر. ” أنت تقول كلامًا فارغًا. لكن الختم أصلي، لذا سنفحصه ” قال الفارس الإمبراطوري ليوريتش وهو يُسلمه سيفًا بلا نصل. “هاه، أخيرًا. لنفعل هذا.” أمسك يوريتش السيف بحماس، ودخل في وضعية القتال. شعر بحرارة عضلاته. “أرني وضعية البومة.” أمال يوريتش رأسه بناءً على طلب الفارس الإمبراطوري. ” البومة؟” لم يذكر فيليون شيئًا كهذا، فهو لم يشارك قط في بطولة مبارزة. لكل منطقة عملية فرز واختيار ومعايير خاصة بها، وهذه المنطقة كانت تُقيّم مهارات المتسابقين بناءً على وضعياتهم في المبارزة. “أنت لا تعرف حتى وضعية البومة؟” “كيف لي أن أعرف ذلك؟ هيا نقاتل.” “ههه، يا له من أمرٍ مُحزن! هذا الرجل لا يعرف حتى أساسيات المبارزة بالسيف، ومع ذلك يُريد المُشاركة في بطولة المبارزة بدعمٍ من أحد أفراد العائلة المالكة.” ركل الفارس الإمبراطوري لسانه. كانت وضعية الفارس الثلاثية في مبارزات السيف هي البومة العالية، والذئب الأوسط، والثعبان المنخفضة. أما بقية الوضعيات، فقد استُمدّت جميعها من هذه الوضعيات الثلاثة. حتى أن هناك مقولة تُفيد بأن على الفارس أن يقضي عامًا كاملًا في ممارسة الوضعيات الأساسية الثلاثة فقط. “لا أعرف شيئًا عن هذا. جرّب شيء آخر.” هز الفارس الإمبراطوري رأسه عند سماع كلمات يوريتش. “لقد فشلت. يمكنك المغادرة الآن.” قال الفارس الإمبراطوري ببرود دون تردد: “المسابقة مليئة بالمتسابقين المهرة. لا شك أن يوريتش سيخسر”. “هل تمزح؟ هل فشلت لمجرد وضعية واحدة؟” اتخذ يوريتش خطوة نحو الفارس الإمبراطوري عندما أصبح ساخنًا. ” هذا الكلام لا يُعقل أن يصدر من رجلٍ لم يستطع حتى إتقان “الوقفة الواحدة”. هل تعتقد أن امتلاك فرسان أمرٌ سهل؟ بطولة هامل للمبارزة تشهد حضورًا جماهيريًا كبيرًا. وهي أيضًا فرصةٌ لاختيار أفضل فارس. لا أستطيع السماح لشخصٍ لا يعرف حتى أساسيات الفروسية بالمشاركة في هذا النوع من المسابقات.” اتخذت الأمور منعطفًا غير متوقع. بدا يوريتش واثقًا من أي شيء يتعلق بالقتال. “لا أستطيع حتى القتال؟ أي نوع من بطولة القتال هذه؟” أمسك يوريتش بالفارس الإمبراطوري وأوقفه. حدّق به الفارس بغضب. “يجب أن أفوز. دعني أمرّ، أيها الوغد.” “دع يدي قبل أن تتأذى.” حذر الفارس الإمبراطوري يوريتش، لكن صبر يوريتش قد وصل إلى القاع. “من فضلك، فز لي، يوريتش.” ترددت كلمات باهيل في رأسه. لولا ذلك، لكان قد لوّح بقبضتيه منذ زمن. “اختبرني في شيء آخر، ولن أكرر عليك السؤال. أي شيء له علاقة بالقتال.” قال يوريتش وهو يضغط على أسنانه. “نختار هنا فرسانًا، لا محاربين. إلى اللقاء.” ضرب الفارس الإمبراطوري يد يوريتش وأدار ظهره له. لم يتمكن يوريتش من حبس الكلمات التي كانت على وشك الخروج. “… توقف هنا قبل أن أكسر رأسك.” “هل أنت تهينني؟” توقف الفارس الإمبراطوري. رفع يوريتش سيفه الخشبي. “اسمي يوريتش. اذكر اسمك.” قال يوريتش للفارس: ’القتال من أجل شرفهم بأسمائهم هو قانون المبارزة، ليس فقط بين المتحضرين، بل في كل مكان في عالم المحاربين’. “يا له من أمرٍ سخيف! ليس لديّ اسمٌ اقوله لشخصٍ مثلك. أنت لست فارسًا، أنت مجرد رجلٍ مُتمرس. سأريكَ معايير الفرسان هنا. استعد لكسرِ أحدِ أطرافك.” أمسك الفارس الإمبراطوري أيضًا بسيفٍ خشبي. ساد جوٌّ من التوتر الشديد. “هوهوهوهو، يا لها من مبارزة مثيرة للاهتمام.” من أطراف الثكنة، دخل رجل عجوز، يداه خلف ظهره. بدا قوي البنية، ووصل إلى الرجلين بسرعة بفضل قامته الضخمة. “هذا الرجل أهانني.” نظر الفارس الإمبراطوري إلى الرجل العجوز وتذمر. بدا الرجل العجوز وكأنه رئيسه. “هوهو، أهذا صحيح؟ إذًا، يجب أن تحسم الأمر بمبارزة، بالطبع! لا سبيل آخر لمن يعيشون بسيفهم.” أومأ الرجل العجوز برأسه مرارًا وتكرارًا وهو يحدق في يوريتش بعينيه النحيلتين. “هذه مباراة مثيرة للاهتمام. عضو من منظمة الفولاذ الإمبراطوري ضد يوريتش محطم الدروع .” الرجل العجوز يعرف من هو يوريتش. حتى أنه ناداه بلقبه الذي انتشر مؤخرًا. “محطم الدروع .” تغير تعبير الفارس الإمبراطوري. “كنت أعلم أن الاسم يبدو مألوفًا، يا إلهي!” يوريتش محطم الدروع. أصبح اللقب أكثر شهرة من اسمه الحقيقي، لذا لم يستطع الفارس تذكر سماع اسمه الحقيقي. “من المفترض أن تقدم نفسك من خلال لقبك أولاً!” على عكس الفرسان والمحاربين الآخرين ذوي الألقاب الشهيرة، يوريتش يقدم نفسه دائمًا باسمه الحقيقي فقط. “لو كنت أعلم أنه محطم الدروع…” لم يكن الفارس ليُبدي استخفافه بهذا القدر. حتى لو شائعات محطم الدروع صحيحة جزئيًا، لم يكن يوريتش محاربًا يُستهان به. كان سيُخضعه لاختبار فحص مختلف ليُقرّر قبوله. الماء قد انسكب بالفعل، وبمجرد سكبه، لم يعد بالإمكان التراجع عن الكلام. سرعان ما أدرك الفارس حقيقةً مُفزعة. أخيرًا، لفت انتباهه العضلات التي كانت مغطاة بملابس يوريتش. ارتعشت كتلة العضلات غير العادية. “لا أستطيع التراجع أمام الجنرال فيرزين.” اسم الرجل العجوز ذو الشعر الأبيض هو سيف الشيطان فيرزين: الأسطورة الحية للإمبراطورية.

كان فيليون يضبط حصانه ببطء بينما كان ينتظر يوريتش حتى يستعد.
“أنا أعتمد عليك، كايليوس.”
فرك يوريتش شعر كايليوس. كان ركوب الخيل مرتبطًا بالعلاقة بين الإنسان والحصان. بدا يوريتش يتعلم باستمرار النصائح والحيل من باهيل.
“باهيل، تقول أنك لم تعلميني شيئًا، لكنني تعلمت الكثير منك أيضًا.”
كان باهيل فتىً واسع المعرفة، ليس فقط بين أقرانه، بل حتى بين النبلاء والملوك البالغين. كلما سأل يوريتش سؤالاً، كان باهيل هو من يلجأ إليه، وكان دائمًا ما يُجيب على أسئلته.
لم يُزعج طلب باهيل يوريتش، بل جعله يرغب في قبوله بكل سرور. كان طلب باهيل الصادق كافيًا لإثارة مشاعره.
“أفعل ما يمليه علي قلبي.”
فكّر يوريتش في نفسه وهو يرفع رمحه للمبارزة. كان طول الرمح يعادل طول رجلين ناضجين مجتمعين.
السبب الوحيد الذي دفعني للمجيء إلى شرق جبال السماء هو أن قلبي أمرني بذلك. هذا كل شيء.
سُرّ يوريتش. لقد رأى وتعلّم الكثير، وما زال ينتظر نهاية العالم. كان المجهول بانتظاره دائمًا.
“يوريتش، أمسك الرمح بقوة. رجلٌ بحجمك وقوتك يستطيع بسهولة أن يوجه رمحه كامل وزن الحصان. ما دمتَ تهاجم بقوة، فلن يُوقفك شيء.”
قال فيليون من الجانب الآخر وهو يركل خاصرة حصانه ويزحف نحوه.
“هيا بنا، كايليوس.”
أشار يوريتش إلى حصانه. عبر فيليون ويوريتش، وهما يطرقان دروع بعضهما البعض برفق برماحهما.
بوو!
كان هناك صوت واضح. انحنى فيليون ويوريتش، اللذان تبادلا المواقع، احترامًا لبعضهما البعض. كان ذلك من كرم الفرسان.
“كفارس، لا يجب عليك أن تنسى الاحترام تجاه خصمك؛ خاصة عندما تقاتل من أجل شرفك.”
“ولكنني لست فارسًا.”
“لا بد أنك كذلك، على الأقل في بطولة المبارزة. ستقاتل واسم الأمير على ظهرك.”
“هاه.”
سخر يوريتش قليلاً وضحك.
“إذا لم تُحسم المبارزة بعد ثلاث تقاطعات، يقاتل الفرسان سيرًا على الأقدام. عليك النزول عن جوادك، وسحب سلاحك، ومحاولة إسقاط الفارس الآخر.”
“إذا سقط شخص واحد فقط من على حصانه، فهل عليه أن يقاتل الشخص الآخر وهو لا يزال على حصانه، أليس كذلك؟”
“بالضبط. إذا شعرتَ أنك في وضع غير مؤاتٍ في جولة الراكب، فليس من السيئ أن تتخذ موقفًا دفاعيًا وتجرّها إلى مبارزة أرضية.”
شرح فيليون أسرار هذه المهنة، رغم أنه لم يشارك قط في بطولة مبارزة. في شبابه، لم تكن هناك منافسة كهذه. كانت عادة جديدة نسبيًا.
“هل لا يمكنني أن أرمي بفأس من على حصاني، أو حتى أن أهاجم حصانهم؟”
هز فيليون رأسه عند سؤال يوريتش.
“لا يمكنك. بطولة المبارزة هي مكانٌ للفرسان لمقارنة مهاراتهم. من الاحترام تجنب المجازفة بقتل خصمك أو إيذاء جواده الثمين. لا يحب النبلاء مشاهدة مباراة عنيفة للغاية. هذه ليست مباراة مصارعة. إذا قرر الحكام أن أفعالك كانت بسوء نية، فقد يستبعدونك بسهولة.”
“هذا صعب. من الصعب الفوز على شخص دون قتله.”
قام يوريتش بضرب رقبته من جانب إلى آخر، مما أدى إلى إصدار صوت واضح يشبه تكسير العظام.
“يريد الأمير فوزك بالبطولة بأكملها، لكن حتى الوصول إلى نصف النهائي سيكون إنجازًا عظيمًا. بطولة هامل للمبارزة هي المكان الذي يجتمع فيه جميع الفرسان المهرة لإظهار مهاراتهم. لن يكون الأمر سهلاً ” قال فيليون بنبرة تحذيرية.
” هاه، سيد فيليون، لم أخسر قتالًا قط! عمليًا، هذه المبارزة هي أيضًا قتال، أليس كذلك؟”
“أنت تتمتع بالثقة، حسنًا.”
نظر فيليون إلى يوريتش، المحارب الماهر والواثق. لكن رغم اطمئنانه، هناك شعور بالقلق يتصاعد من أعماق قلبه.
* * *
لم تكن بطولة المبارزة في العاصمة الإمبراطورية هامل مسابقةً مفتوحةً للجميع. على الراغبين في المشاركة إما إثبات سمعة طيبة أو إثبات هوية. أما من لا يستطيع تقديم أيٍّ منهما، فسيتم رفضه خلال عملية التقديم.
“هل تعرف من أنا؟ أنا وصيف بطولة ليرمان للمبارزة…”
فارس آخر يرفع صوته عند مكتب الاستقبال.
“أين ليرمان أصلًا؟ لا يهمني إن كنتَ الوصيف أو البطل، فقط عُدْ مع أحد النبلاء الذي يُثبت هويتك. هل تعتقد أن بطولة هامل للمبارزة مجرد مزحة؟”
“يا إلهي، كيف تجرؤ على التحدث بهذه الطريقة إلى فارس!”
بدا الفارس على وشك أن يسحب سيفه، لكن المسؤول كان معتادًا على هذا النوع من الناس.
“هؤلاء الفرسان المزعومون هم جميعًا أغبياء ليس لديهم سوى الكبرياء.”
كان الفرسان في كثير من الأحيان أقل ذكاءً وفظاظةً، وكان هذا ينطبق بشكل خاص على الفرسان ذوي الرتب الدنيا. قلة فقط من الفرسان فهموا الفروسية والآداب حقًا، ومن لم يكن لديه سيد كان كقطاع الطرق المدججين بالدروع والسيوف.
“تحرك.”
جاء صوتٌ أجشٌّ من الخلف. حدّق الفارس الهائج بعينيه.
“تحرك؟ إن لم تتراجع عن هذا الآن، فسأتحداك في مبارزة…”
أغلق الفارس فمه. بدا رجل ضخم، أطول منه برأس على الأقل، يقف امام أنفه.
“تحداني. افعلها. الآن. هيا، ماذا تنتظر؟ سأرسلك إلى الآخرة قبل أن تدرك ذلك.”
كاد يوريتش أن يصرخ. سحقه الترهيب.
“لا شيء، لا بأس.”
أطرق الفارس رأسه واختفى. توجه يوريتش إلى مكتب الاستقبال بابتسامة على وجهه.
“اسمك سيدي؟”
رحب المسؤول بيوريتش بابتسامة على وجهه أيضًا.
“يوريتش. ولي أمري هو الأمير فاركا أنيو بوركانا.”
مدّ يوريتش الوثيقة التي كتبها باهيل. وبعد التأكد من صحة الوثيقة المختومة، سلّمها المسؤول إلى الموظف التالي.
ختم عائلة بوركانا صورةً لسمكة وقارب صيد. بدا ختمًا يُناسب صورة مملكة ساحلية.
“هذا بالفعل ختم عائلة بوركانا. أمير بوركانا يقيم حاليًا في قصر السنونو.”
وبعد سماع التأكيد، وضع المسؤول اسم يوريتش في الوثيقة.
“الرجاء المرور من هنا. يجب عليك الخضوع لفحص بسيط.”
وتبع يوريتش المسؤول.
“كان فيليون محقًا. عملية القبول هذه مملة.”
لم يكن هناك نقص في الراغبين بالمشاركة في بطولة هامل للمبارزة. ومع ذلك، لم يكن هناك سوى مكان لاثنين وثلاثين متسابقًا في المجموعة. لن تنتهي البطولة أبدًا إذا أتيحت لجميع المتسابقين فرصة المبارزة، وهذا ما لم يكن يريده النبلاء أيضًا.
كانت بطولة هامل للمبارزة الأفضل عالميًا من حيث الحجم والمستوى. تم اختيار المتسابقين بعد عملية فرز واختيار دقيقة.
دخل يوريتش إلى ثكنة مجهزة بشكل منفصل حيث فرسان الفولاذ الإمبراطوري يقومون بفحص المتسابقين.
“يوريتش؟ همم، أشعر وكأنني سمعت هذا الاسم من قبل. هل أنت بربري؟ كيف لبربري مثلك أن يحظى بدعم الملوك؟ ما علاقتك بهم؟”
أومأ الفارس الإمبراطوري الذي كُلِّف يوريتش بخدمته. حتى مع سياسة إدماج البرابرة التي أصبحت سائدة في الإمبراطورية، من النادر رؤية بربري في بطولة مبارزة، ناهيك عن بطولة هامل الشهيرة للمبارزة. الأمر برمته مزيجًا غريبًا.
“كان من الممكن رفضه عند الباب لو لم يكن هناك الختم الملكي…”
نظر يوريتش إلى الفارس الإمبراطوري وهو يركل التراب.
“يا رجل، أنا صديق للأمير فاركا ” قال يوريتش بفارغ الصبر.
” أنت تقول كلامًا فارغًا. لكن الختم أصلي، لذا سنفحصه ” قال الفارس الإمبراطوري ليوريتش وهو يُسلمه سيفًا بلا نصل.
“هاه، أخيرًا. لنفعل هذا.”
أمسك يوريتش السيف بحماس، ودخل في وضعية القتال. شعر بحرارة عضلاته.
“أرني وضعية البومة.”
أمال يوريتش رأسه بناءً على طلب الفارس الإمبراطوري.
” البومة؟”
لم يذكر فيليون شيئًا كهذا، فهو لم يشارك قط في بطولة مبارزة. لكل منطقة عملية فرز واختيار ومعايير خاصة بها، وهذه المنطقة كانت تُقيّم مهارات المتسابقين بناءً على وضعياتهم في المبارزة.
“أنت لا تعرف حتى وضعية البومة؟”
“كيف لي أن أعرف ذلك؟ هيا نقاتل.”
“ههه، يا له من أمرٍ مُحزن! هذا الرجل لا يعرف حتى أساسيات المبارزة بالسيف، ومع ذلك يُريد المُشاركة في بطولة المبارزة بدعمٍ من أحد أفراد العائلة المالكة.”
ركل الفارس الإمبراطوري لسانه. كانت وضعية الفارس الثلاثية في مبارزات السيف هي البومة العالية، والذئب الأوسط، والثعبان المنخفضة. أما بقية الوضعيات، فقد استُمدّت جميعها من هذه الوضعيات الثلاثة. حتى أن هناك مقولة تُفيد بأن على الفارس أن يقضي عامًا كاملًا في ممارسة الوضعيات الأساسية الثلاثة فقط.
“لا أعرف شيئًا عن هذا. جرّب شيء آخر.”
هز الفارس الإمبراطوري رأسه عند سماع كلمات يوريتش.
“لقد فشلت. يمكنك المغادرة الآن.”
قال الفارس الإمبراطوري ببرود دون تردد: “المسابقة مليئة بالمتسابقين المهرة. لا شك أن يوريتش سيخسر”.
“هل تمزح؟ هل فشلت لمجرد وضعية واحدة؟”
اتخذ يوريتش خطوة نحو الفارس الإمبراطوري عندما أصبح ساخنًا.
” هذا الكلام لا يُعقل أن يصدر من رجلٍ لم يستطع حتى إتقان “الوقفة الواحدة”. هل تعتقد أن امتلاك فرسان أمرٌ سهل؟ بطولة هامل للمبارزة تشهد حضورًا جماهيريًا كبيرًا. وهي أيضًا فرصةٌ لاختيار أفضل فارس. لا أستطيع السماح لشخصٍ لا يعرف حتى أساسيات الفروسية بالمشاركة في هذا النوع من المسابقات.”
اتخذت الأمور منعطفًا غير متوقع. بدا يوريتش واثقًا من أي شيء يتعلق بالقتال.
“لا أستطيع حتى القتال؟ أي نوع من بطولة القتال هذه؟”
أمسك يوريتش بالفارس الإمبراطوري وأوقفه. حدّق به الفارس بغضب.
“يجب أن أفوز. دعني أمرّ، أيها الوغد.”
“دع يدي قبل أن تتأذى.”
حذر الفارس الإمبراطوري يوريتش، لكن صبر يوريتش قد وصل إلى القاع.
“من فضلك، فز لي، يوريتش.”
ترددت كلمات باهيل في رأسه. لولا ذلك، لكان قد لوّح بقبضتيه منذ زمن.
“اختبرني في شيء آخر، ولن أكرر عليك السؤال. أي شيء له علاقة بالقتال.”
قال يوريتش وهو يضغط على أسنانه.
“نختار هنا فرسانًا، لا محاربين. إلى اللقاء.”
ضرب الفارس الإمبراطوري يد يوريتش وأدار ظهره له.
لم يتمكن يوريتش من حبس الكلمات التي كانت على وشك الخروج.
“… توقف هنا قبل أن أكسر رأسك.”
“هل أنت تهينني؟”
توقف الفارس الإمبراطوري. رفع يوريتش سيفه الخشبي.
“اسمي يوريتش. اذكر اسمك.”
قال يوريتش للفارس: ’القتال من أجل شرفهم بأسمائهم هو قانون المبارزة، ليس فقط بين المتحضرين، بل في كل مكان في عالم المحاربين’.
“يا له من أمرٍ سخيف! ليس لديّ اسمٌ اقوله لشخصٍ مثلك. أنت لست فارسًا، أنت مجرد رجلٍ مُتمرس. سأريكَ معايير الفرسان هنا. استعد لكسرِ أحدِ أطرافك.”
أمسك الفارس الإمبراطوري أيضًا بسيفٍ خشبي. ساد جوٌّ من التوتر الشديد.
“هوهوهوهو، يا لها من مبارزة مثيرة للاهتمام.”
من أطراف الثكنة، دخل رجل عجوز، يداه خلف ظهره. بدا قوي البنية، ووصل إلى الرجلين بسرعة بفضل قامته الضخمة.
“هذا الرجل أهانني.”
نظر الفارس الإمبراطوري إلى الرجل العجوز وتذمر. بدا الرجل العجوز وكأنه رئيسه.
“هوهو، أهذا صحيح؟ إذًا، يجب أن تحسم الأمر بمبارزة، بالطبع! لا سبيل آخر لمن يعيشون بسيفهم.”
أومأ الرجل العجوز برأسه مرارًا وتكرارًا وهو يحدق في يوريتش بعينيه النحيلتين.
“هذه مباراة مثيرة للاهتمام. عضو من منظمة الفولاذ الإمبراطوري ضد يوريتش محطم الدروع .”
الرجل العجوز يعرف من هو يوريتش. حتى أنه ناداه بلقبه الذي انتشر مؤخرًا.
“محطم الدروع .”
تغير تعبير الفارس الإمبراطوري.
“كنت أعلم أن الاسم يبدو مألوفًا، يا إلهي!”
يوريتش محطم الدروع. أصبح اللقب أكثر شهرة من اسمه الحقيقي، لذا لم يستطع الفارس تذكر سماع اسمه الحقيقي.
“من المفترض أن تقدم نفسك من خلال لقبك أولاً!”
على عكس الفرسان والمحاربين الآخرين ذوي الألقاب الشهيرة، يوريتش يقدم نفسه دائمًا باسمه الحقيقي فقط.
“لو كنت أعلم أنه محطم الدروع…”
لم يكن الفارس ليُبدي استخفافه بهذا القدر. حتى لو شائعات محطم الدروع صحيحة جزئيًا، لم يكن يوريتش محاربًا يُستهان به. كان سيُخضعه لاختبار فحص مختلف ليُقرّر قبوله.
الماء قد انسكب بالفعل، وبمجرد سكبه، لم يعد بالإمكان التراجع عن الكلام. سرعان ما أدرك الفارس حقيقةً مُفزعة. أخيرًا، لفت انتباهه العضلات التي كانت مغطاة بملابس يوريتش. ارتعشت كتلة العضلات غير العادية.
“لا أستطيع التراجع أمام الجنرال فيرزين.”
اسم الرجل العجوز ذو الشعر الأبيض هو سيف الشيطان فيرزين: الأسطورة الحية للإمبراطورية.

الفصل 61 ▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أُشْرِكَ بِكَ وَأَنَا أَعْلَمُ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا لاَ أَعْلَمُ ترجمة: ســاد ▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬

---

ترجمة موقع ملوك الروايات. لا تُلهِكُم القراءة عن اداء الصلوات فى أوقاتها و لا تنسوا نصيبكم من القرآن

أشترك الان من هنا. ولامزيد من الاعلانات
لا تنسى وضع تعليق للمترجم فهذا يساعده على الاستمرار ومواصلة العمل عندما يرى تشجيعًا.

Comment

Ads Blocker Image Powered by Code Help Pro

Ads Blocker Detected!!!

We have detected that you are using extensions to block ads. Please support us by disabling these ads blocker.

اعدادات القارئ

لايعمل مع الوضع اليلي
لتغير كلمة إله الى شيء أخر
إعادة ضبط