You dont have javascript enabled! Please enable it!
]
Switch Mode
نظرًا لتوقف عرض الإعلانات على الموقع بسبب حظره من شركات الإعلانات ، فإننا نعتمد الآن بشكل كامل على دعم قرائنا الكرام لتغطية تكاليف تشغيل الموقع وتوجيه الفائض نحو دعم المترجمين. للمساهمة ودعم الموقع عن طريق الباي بال , يمكنك النقر على الرابط التالي
paypal.me/IbrahimShazly
هذا المحتوى ترفيهي فقط ولايمت لديننا بأي صلة. لا تجعلوا القراءة تلهيكم عن صلواتكم و واجباتكم.

سجلات قاتل الملك 13

الفاصل - لحمٌ وتحته دم

الفاصل - لحمٌ وتحته دم

الفاصل – لحمٌ وتحته دم


في نُزل وايستون، كان هناك صمت. كان يُحيط بالرجلين الجالسَين إلى طاولة في غرفة خالية من سواهما. كان كڤوث قد توقف عن الكلام، وبينما بدا كأنه يُحدّق في يديه المشبوكتَين على الطاولة، كانت عيناه في الحقيقة، سارحتَين بعيدا.

وحين رفع بصره أخيرًا، بدا وكأنه فوجئ بوجود "المؤرّخ" جالسًا مقابله، وقلمه لا يزال مرفوعًا فوق محبرته.

أطلق كڤوث زفيره بتوترٍ واضح، وأشار إلى "المؤرّخ" أن يُنزل قلمه. وبعد لحظة، استجاب "المؤرّخ"، فمسح رأس القلم بقطعة قماش نظيفة قبل أن يضعه جانبا.

قال كڤوث فجأة: "أشعر أنني بحاجة إلى شراب" وكأنه فوجئ بنفسه. "لم أحكِ الكثير من القصص مؤخرًا، وأجد أن حلقي جافٌ على نحوٍ غير معقول."

نهض بسلاسة من مقعده، وبدأ يشق طريقه وسط متاهة الطاولات الفارغة باتجاه البار الخالي. "بإمكاني أن أُقدّم لك أيّ شيء تقريبًا: جعة داكنة، نبيذ باهت، عصير تفاحٍ مُنكّه، شوكولاتة، قهوة..."

رفع "المؤرّخ" حاجبه وقال: "الشوكولاتة ستكون رائعة، إن كانت لديك. لم أكن أتوقّع أن أجد شيئًا من هذا النوع... في هذا البُعد."

ثم تنحنح بأدب، "أقصد، في أيّ مكان تقريبًا."

قال كڤوث وهو يومئ بيده إلى الغرفة الخالية بإيماءة عرضيّة: "لدينا كل شيء هنا في 'وايستون'... باستثناء الزبائن، طبعًا."

أخرج إبريقًا خزفيًّا من تحت البار، ووضعه عليه بصوتٍ أجوف، ثم تنهد قبل أن ينادي: "باست! هاتِ لنا بعض العصير، هل تستطيع ذلك؟"

جاءه ردٌ غير واضح من بابٍ خلفيّ في الغرفة.

قال كڤوث بتوبيخ هادئ، بالكاد يُسمع: "باست..."

لكن الصوت صاح من القبو: "انزل إلى هنا وأحضِره بنفسك، أيها الأحمق! أنا مشغول!"

سأل "المؤرّخ": " استعنت بمساعدة؟ أهذا مساعدٌ مأجور؟"

أسند كڤوث مرفقَيه إلى البار وابتسم ابتسامةً مُسترخِية بمَسحةٍ من التَساهل.

و بعد لحظة، دوّى صوتُ خطواتٍ حازمة على سلالمٍ خشبيّة قادمة من الباب الخلفي، تدقُّ الأرض بأحذيةٍ ذات نعلٍ صلب. دخل باست الغرفة وهو يُتمتم بكلماتٍ خافتة لا تُفهم.

كان مظهره بسيطًا: قميصٌ أسود بأكمامٍ طويلة، مدسوسٌ داخل سروالٍ أسود، والسروالُ نفسه مدسوسٌ داخل حذاءٍ أسود طريّ. كان وجهه حادّ الملامح، رقيقا على نحوٍ يكاد يُعَدّ جميلاً، بعينَين زرقاوَين لافتتَين.

حمل إبريقًا إلى البار، وكان يمشي بخفّةٍ غريبة لا تخلو من الرشاقة والجاذبية.

قال بنبرة عتاب: "زبونٌ واحد؟ ولم تَقدر على إحضاره بنفسك؟ لقد سحبتني بعيدًا عن قراءة 'سيلوم تِينْتُور'، لقد كنت تُلح عليّ بشدة لقراءته منذ ما يقرب من شهر الآن.!"

*تينتشر سأعدلها ل"تينتور"، هو اسم ذلك الكتاب من اول فصل*

قال كڤوث بنبرةٍ تنمّ عن تلميحٍ ساخر: "يا باست، أتعلم ما الذي يفعلونه بالطُّلاب في الجامعة إن استرقوا السمع على أساتذتهم؟"

رفع باست يده إلى صدره وبدأ يحتجّ و يجادل مدّعيا البراءة.

قال كڤوث بنظرةٍ صارمة: "باست..."

أطبق باست فمه، وبدا للحظةٍ وكأنه على وشك أن يُدلي ببعض التفسير، لكن كتفَيه تهدّلا باستسلام. "كيف عرفت؟"

ضحك كڤوث بهدوء وقال: "لقد ظللت تتجنب هذا الكتاب منذ دهرٍ بشريّ. فإما أنك أصبحت فجأةً طالبًا مجتهدا ومتحمِّسا، أو أنك كنت تفعل شيئًا يُدينك."

سأل باست بفضول: "وما الذي يفعلونه فعلاً بالطلبة المتنصّتين؟"

ردّ كڤوث: "لا أدري، ليس لدي أدنى فكرة. لم يُقبض عليّ قطّ. لكن أعتقد أن إجبارك على الجلوس وسماع بقيّة قصّتي سيكون عقابًا كافيًا. لكنني أنسى نفسي " ثم أضاف وقد أشار إلى القاعة المشتركة: "لقد أهملنا ضيفنا."

أما "المؤرّخ"، فكان بعيدًا كل البعد عن الشعور بالملل. فمنذ لحظة دخول باست الغرفة، راح يرمقه بنظراتٍ فضولية.

ومع تقدّم الحوار و الحديث، راح تعبير وجهه يُظهر حيرةً متزايدة، مقرونة بتركيزٍ متصاعد.

إنصافا، لا بد من ذكر شيء عن باست. للوهلة الأولى، بدا وكأنه شاب عادي، وإن كان جذابا. لكن هناك شيء مختلف فيه. على سبيل المثال، كان يرتدي حذاءً من الجلد الأسود الناعم. على الأقل، إذا نظرت إليه، فهذا ما ستراه. ولكن إذا كنت قد لمحت إليه من زاوية عينك، وإذا كان يقف في نوعٍ معين من الظلال، فقد ترى شيئًا مختلفًا تمامًا.

وإذا كان لديك العقل و الذهن المناسب الذي يرى ما ينظر و يحدق إليه بالفعل، و الذي يتمتع بالموهبة النادرة في عدم الانخداع بتوقعاته الخاصة، فقد تلاحظ شيئًا آخر فيها، شيئًا غريبًا ورائعًا.

وبسبب هذا، كان "المؤرّخ" يحدّق في طالب كڤوث الشاب، محاولًا أن يكتشف ما هو المختلف فيه. بحلول نهاية حديثهما، كان من الممكن أن يُعتبر نظر "المؤرّخ" حادا وموجهًا بطريقة مركّزة، بل وقحا وفظًّا في نظر معظم الناس.

عندما استدار باست أخيرًا عن البار، اتسعت عينا "المؤرّخ" بشكلٍ ملحوظ، وبدت ملامح وجهه الشاحبة أشدّ شحوبًا.

مدّ "المؤرّخ" يده إلى داخل قميصه، وجذب شيئًا من حول عنقه. وضعه على الطاولة على بعد ذراعٍ، بينه وبين باست.

كان كل ذلك يحدث في نصف ثانية، ولم يرفع "المؤرّخ" عينيه عن الشاب ذا الشعر الداكن الجالس على البار. كان وجهه هادئًا وهو يضغط القرص المعدني برفق على الطاولة بأصبعيه.

"حديد" قالها بصوتٍ ذو صدى غريب، كأنه أمرٌ يجب تنفيذُه.

انحنى باست فجأة كما لو تلقّى ضربةً في بطنه، وأظهر أسنانه وهو يُصدر صوتًا بين الهدير والصراخ. بتحرّك سريع وغير طبيعي و متعرج، سحب إحدى يديه إلى جانب رأسه، ثم شدّ نفسه ليقفز.

كل هذا حدث في الوقت الذي يستغرقه الشخص لالتقاط نفسٍ حاد. ومع ذلك، بطريقة ما، أمسك كڤوث بيده الطويلة معصم باست. رغم أنه كان غير مدرك أو غير مبالٍ، قفز باست نحو "المؤرّخ"، لكن يده توقفت ليُلقى فجأة، كما لو أن يد كڤوث كانت قيدًا حديديًا.

كافح باست بشراسة ليحرّر نفسه، لكن كڤوث وقف خلف البار، ذراعه ممدودة، ثابتًا كالفولاذ أو الحجر.

"توقف!" كان صوت كڤوث يضرب الهواء كأمر، وفي السكون الذي أعقب ذلك، كانت كلماته حادة وغاضبة. "لن أسمح بأي قتال بين أصدقائي. لقد خسرت ما يكفي بدون ذلك."

تلاقت عيناه مع "المؤرّخ". "ألغ ذلك الآن، و إلا سأكسره."

توقف "المؤرّخ"، مهزوزًا ومرتجفا. ثم تحرك فمه بصمت، و بِارتعاشة خفيفة سحب يده بعيدًا عن دائرة المعدن الباهت الموضوعة على الطاولة.

اندفع التوتر من باست، وللحظة بدا مترهّلا وكأنه دمية من القماش تتدلى من معصم كڤوث الذي كان لا يزال ممسكًا به، و لا يزال واقفًا خلف البار. بصعوبة، تمكن باست، و هو يرتجف، من الوقوف على قدميه والاتكاء على البار. ألقى كڤوث عليه نظرة طويلة وفاحصة، ثم أرخى معصمه.

انهار باست على المقعد دون أن يرفع عينيه عن "المؤرّخ". تحرك بحذر، كأنه رجل مصاب بجروح مؤلمة.

وكان قد تغيّر. كانت عيناه التي كانت تراقب "المؤرّخ" ما زالت زرقاء غامقة، ولكن الآن بدا أنهما بلون واحد، كالجواهر أو البرك العميقة في الغابات، كما أن حذاءه الجلدي الناعم قد تم استبداله بحوافر مشقوقة أنيقة.

أشار كڤوث إلى "المؤرّخ" للأمام بطريقة متسلطة، ثم التفت ليأخذ كأسين سميكين وزجاجة كما لو كانت عشوائيًا. وضع الكأسين بينما كان باست و "المؤرّخ" يحدقان في بعضهما البعض بتوتر.

"الآن"، قال كڤوث بغضب، "لقد تصرفتما بطريقة مفهومة، لكن هذا لا يعني بأي حال من الأحوال أن أيًا منكما تصرف بشكل جيد. لذا، من الأفضل أن نبدأ من جديد تمامًا."

أخذ نفسًا عميقًا. "باست، دعني أقدّم لك 'دِيڤَنْ لُوشيس'، المعروف أيضًا بـ 'المؤرّخ'. وفقًا لجميع الروايات، إنه بكل المقاييس راوي ماهر وعظيم، مذكّر، ومسجل للقصص. بالإضافة إلى ذلك، إذا لم أكن قد فقدت كل فكري فجأة، فهو عضو متمرس في الأركانوم، على الأقل 'ريلار' (Re’lar)، و أحدُ ربما اثنين من الأشخاص في العالم الذين يعرفون اسم الحديد."

"ومع ذلك"، تابع كڤوث: "على الرغم من هذه الألقاب و الإشادات، يبدو أنه بريء بعض الشيء من عادات العالم. كما يظهر من نقص ذكائه الواضح حين شن هجومًا قريبًا من الانتحار على ما أظن أنه أول شخص حالفه الحظ ليراه من بين الناس."

وقف "المؤرّخ" بلا مبالاة طوال المقدمة، يراقب باست كما لو كان ثعبانًا.

"المؤرّخ، أود أن أقدم لك 'باستاس'(Bastas)، ابن 'ريمّين'(Remmen)، أمير الشفق و تِلويث ماييل (Telwyth Mael). ألمع طالب، أي أنه الطالب الوحيد الذي كان لديّ حظ تعليمه. صانع سِحر، نادل، وأيضًا و ليس آخرًا، صديقي.

"الذي، على مدار مئة وخمسين سنة من حياته، ناهيك عن ما يقرب من سنتين من تعليمي الشخصي، تمكن من تجنب تعلم بعض الحقائق المهمة. أولها: مهاجمة أحد أعضاء الأركانوم الماهرين بما فيه الكفاية لصنع رابطة من الحديد هو أمر سخيف و حماقة."

"هو من هاجمني!" قال باست بغضب.

نظر إليه كڤوث ببرود. "لم أقل إنه كان غير مبرر. قلت إنه كان حماقة."

"كنت سأفوز" رد باست.

"من المحتمل جدًا. ولكنك كنت ستتأذى، وكان هو سيتأذى أو يموت. هل تذكر أنني قدمته لك كضيف لي؟"

ظل باست صامتًا. وبقيت تعبيرات وجهه عدائية.

"الآن"، قال كڤوث ببهجة هشّة. "لقد تم تقديمكما لبعضكما."

"سعيد بلقائك"، قال باست ببرود.

"وكذلك أنا" أجاب "المؤرّخ".

"لا يوجد سبب لكي تكونا غير أصدقاء"، تابع كڤوث، وقد تسللت نبرة حادة إلى صوته: "وهذا ليس كيف يتبادل الأصدقاء التحيات."

تبادل باست و "المؤرّخ" نظراتهما، دون أن يتحرك أي منهما.

خفت صوت كڤوث، "إذا لم تتوقفا عن هذا الهراء و التصرف الأحمق، فليرحل كلاكما الآن. سيبقى أحدكما مع جزء ضئيل من تاريخ القصة، والآخر يمكنه البحث عن معلم جديد. إذا كان هناك شيء واحد لا أستطيع تحمله، فهو غباء و حماقة الكبرياء المتعنت."

شيء ما في هدوء صوت كڤوث كسر التحديق بينهما. وعندما استدارا لينظرا إليه، بدا وكأن شخصًا مختلفًا تمامًا يقف خلف البار. اختفى صاحب النزل المرح، وحل مكانه شخص مظلم غامض وعنيف.

'إنه شاب صغير جدا'، تأمل المؤرّخ و هو يفكر في نفسه. 'لا يمكن أن يكون عمره أكثر من خمسة وعشرين عامًا. لماذا لم أرَ ذلك من قبل؟ يمكنه كسر يدي كعود الحطب. كيف أخطأت في اعتباره صاحب نزل، حتى للحظة؟'

ثم نظر إلى عيني كڤوث. لقد أصبحت حدقتاه خضراء داكنة لدرجة أن اقتربت من السواد كما لو أن الظلام يعشش فيهما. 'هذا هو الشخص الذي جئت لرؤيته' فكر المؤرّخ في نفسه، 'هذا هو الرجل الذي نصح الملوك وسار على الطرق القديمة ليس إلا بعقله و ذكائه ليرشده. هذا هو الرجل الذي أصبح اسمه مدحًا وذمًا في الجامعة."

تأمل كڤوث المؤرّخ وباست بالتناوب؛ ولم يتمكن أي منهما من مقابلة عينيه لفترة طويلة. بعد لحظة محبطة و صمت حرج، مد باست يده. تردد المؤرّخ لحظة قصيرة قبل أن يمد يده بسرعة، كأنما يضع يده في نار.

لم يحدث شيء، بدا كلاهما مندهشا قليلا و معتادًا من المفاجأة المعتدلة.

"مذهل، أليس كذلك؟" خاطبهم كڤوث بنبرة لاذعة. "خمسة أصابع ولحم مع دم تحتها. يكاد المرء يصدق تقريبًا أن في الطرف الآخر من تلك اليد شخصًا من نوع ما."

تسلل الشعور بالذنب إلى تعبيرات الرجلين. أفلت كل منهما يد الآخر.

صب كڤوث شيئًا من الزجاجة الخضراء في الكؤوس. هذا الفعل البسيط غيّره. بدا وكأنه يذوب و يتلاشى في نفسه، حتى لم يبقَ سوى القليل من الرجل ذي العيون الداكنة الذي كان يقف خلف البار قبل لحظة. شعر المؤرّخ بشعور من الفقد و وخزة من الحزن وهو يحدق في صاحب النزل الذي كانت يده مخفية في خِرقة من الكتان.

"الآن." دفع كڤوث الكؤوس نحوهما. "خذا هذه المشروبات، واجلسا عند تلك الطاولة، وتحدثا. عندما أعود، لا أريد أن أجد أيّا منكما ميتا أو المبنى محترقا. هل هذا عادل؟"

ابتسم باست بابتسامة محرجّة بينما التقط المؤرخ الكؤوس وانتقل إلى الطاولة. تبعه باست وجلس تقريبًا قبل أن يعود ليأخذ الزجاجة أيضًا بِدوره.

"لا تُكثِرا من ذلك." حذر كڤوث وهو يدخل الغرفة الخلفية. "لا أريدكما تضحك وأنتما تسمعان قصتي."

بدأ الاثنان عند الطاولة حديثًا متوترًا ومتقطعا بينما تحرك كڤوث إلى المطبخ. بعد عدة دقائق، عاد حاملاً الجبن ورغيفا من الخبز الداكن، و دجاجًا باردًا مع بِضع نقانق، إضافة إلى الزبدة والعسل.

انتقلوا إلى طاولة أكبر بينما كان كڤوث يضع الأطباق، يتحرك هنا وهناك بنشاط ويبدو كل شيء فيه كصاحب النزل. كان المؤرّخ يراقبه خلسة، صعبًا عليه تصديق أن هذا الشخص الذي يدندن لنفسه ويقطع النقانق هو نفسه الذي كان يقف وراء البار قبل دقائق، ذو عيون داكنة و وجه مخيف.

بينما كان المؤرّخ يجمع أوراقه وأقلامه، كان كڤوث يدرس زاوية الشمس من خلال النافذة، وهو يحمل تعبيرًا تفكيريًا و متأملا على وجهه. في النهاية، التفت إلى باست. "كم سمعت من حديثنا؟"

"معظمه، ريشي." ابتسم باست. "لدي آذان صاغية و جيدة."

"هذا جيد. ليس لدينا وقت للعودة إلى الوراء." أخذ نفسًا عميقًا.

"لنعد إلى القصة إذًا. استعدوا، فالقصة الآن تأخذ منعطفًا. إلى الأسفل. أكثر ظلمة و قتامة. هناك غيوم في الأفق."


الفاصل – لحمٌ وتحته دم في نُزل وايستون، كان هناك صمت. كان يُحيط بالرجلين الجالسَين إلى طاولة في غرفة خالية من سواهما. كان كڤوث قد توقف عن الكلام، وبينما بدا كأنه يُحدّق في يديه المشبوكتَين على الطاولة، كانت عيناه في الحقيقة، سارحتَين بعيدا. وحين رفع بصره أخيرًا، بدا وكأنه فوجئ بوجود "المؤرّخ" جالسًا مقابله، وقلمه لا يزال مرفوعًا فوق محبرته. أطلق كڤوث زفيره بتوترٍ واضح، وأشار إلى "المؤرّخ" أن يُنزل قلمه. وبعد لحظة، استجاب "المؤرّخ"، فمسح رأس القلم بقطعة قماش نظيفة قبل أن يضعه جانبا. قال كڤوث فجأة: "أشعر أنني بحاجة إلى شراب" وكأنه فوجئ بنفسه. "لم أحكِ الكثير من القصص مؤخرًا، وأجد أن حلقي جافٌ على نحوٍ غير معقول." نهض بسلاسة من مقعده، وبدأ يشق طريقه وسط متاهة الطاولات الفارغة باتجاه البار الخالي. "بإمكاني أن أُقدّم لك أيّ شيء تقريبًا: جعة داكنة، نبيذ باهت، عصير تفاحٍ مُنكّه، شوكولاتة، قهوة..." رفع "المؤرّخ" حاجبه وقال: "الشوكولاتة ستكون رائعة، إن كانت لديك. لم أكن أتوقّع أن أجد شيئًا من هذا النوع... في هذا البُعد." ثم تنحنح بأدب، "أقصد، في أيّ مكان تقريبًا." قال كڤوث وهو يومئ بيده إلى الغرفة الخالية بإيماءة عرضيّة: "لدينا كل شيء هنا في 'وايستون'... باستثناء الزبائن، طبعًا." أخرج إبريقًا خزفيًّا من تحت البار، ووضعه عليه بصوتٍ أجوف، ثم تنهد قبل أن ينادي: "باست! هاتِ لنا بعض العصير، هل تستطيع ذلك؟" جاءه ردٌ غير واضح من بابٍ خلفيّ في الغرفة. قال كڤوث بتوبيخ هادئ، بالكاد يُسمع: "باست..." لكن الصوت صاح من القبو: "انزل إلى هنا وأحضِره بنفسك، أيها الأحمق! أنا مشغول!" سأل "المؤرّخ": " استعنت بمساعدة؟ أهذا مساعدٌ مأجور؟" أسند كڤوث مرفقَيه إلى البار وابتسم ابتسامةً مُسترخِية بمَسحةٍ من التَساهل. و بعد لحظة، دوّى صوتُ خطواتٍ حازمة على سلالمٍ خشبيّة قادمة من الباب الخلفي، تدقُّ الأرض بأحذيةٍ ذات نعلٍ صلب. دخل باست الغرفة وهو يُتمتم بكلماتٍ خافتة لا تُفهم. كان مظهره بسيطًا: قميصٌ أسود بأكمامٍ طويلة، مدسوسٌ داخل سروالٍ أسود، والسروالُ نفسه مدسوسٌ داخل حذاءٍ أسود طريّ. كان وجهه حادّ الملامح، رقيقا على نحوٍ يكاد يُعَدّ جميلاً، بعينَين زرقاوَين لافتتَين. حمل إبريقًا إلى البار، وكان يمشي بخفّةٍ غريبة لا تخلو من الرشاقة والجاذبية. قال بنبرة عتاب: "زبونٌ واحد؟ ولم تَقدر على إحضاره بنفسك؟ لقد سحبتني بعيدًا عن قراءة 'سيلوم تِينْتُور'، لقد كنت تُلح عليّ بشدة لقراءته منذ ما يقرب من شهر الآن.!" *تينتشر سأعدلها ل"تينتور"، هو اسم ذلك الكتاب من اول فصل* قال كڤوث بنبرةٍ تنمّ عن تلميحٍ ساخر: "يا باست، أتعلم ما الذي يفعلونه بالطُّلاب في الجامعة إن استرقوا السمع على أساتذتهم؟" رفع باست يده إلى صدره وبدأ يحتجّ و يجادل مدّعيا البراءة. قال كڤوث بنظرةٍ صارمة: "باست..." أطبق باست فمه، وبدا للحظةٍ وكأنه على وشك أن يُدلي ببعض التفسير، لكن كتفَيه تهدّلا باستسلام. "كيف عرفت؟" ضحك كڤوث بهدوء وقال: "لقد ظللت تتجنب هذا الكتاب منذ دهرٍ بشريّ. فإما أنك أصبحت فجأةً طالبًا مجتهدا ومتحمِّسا، أو أنك كنت تفعل شيئًا يُدينك." سأل باست بفضول: "وما الذي يفعلونه فعلاً بالطلبة المتنصّتين؟" ردّ كڤوث: "لا أدري، ليس لدي أدنى فكرة. لم يُقبض عليّ قطّ. لكن أعتقد أن إجبارك على الجلوس وسماع بقيّة قصّتي سيكون عقابًا كافيًا. لكنني أنسى نفسي " ثم أضاف وقد أشار إلى القاعة المشتركة: "لقد أهملنا ضيفنا." أما "المؤرّخ"، فكان بعيدًا كل البعد عن الشعور بالملل. فمنذ لحظة دخول باست الغرفة، راح يرمقه بنظراتٍ فضولية. ومع تقدّم الحوار و الحديث، راح تعبير وجهه يُظهر حيرةً متزايدة، مقرونة بتركيزٍ متصاعد. إنصافا، لا بد من ذكر شيء عن باست. للوهلة الأولى، بدا وكأنه شاب عادي، وإن كان جذابا. لكن هناك شيء مختلف فيه. على سبيل المثال، كان يرتدي حذاءً من الجلد الأسود الناعم. على الأقل، إذا نظرت إليه، فهذا ما ستراه. ولكن إذا كنت قد لمحت إليه من زاوية عينك، وإذا كان يقف في نوعٍ معين من الظلال، فقد ترى شيئًا مختلفًا تمامًا. وإذا كان لديك العقل و الذهن المناسب الذي يرى ما ينظر و يحدق إليه بالفعل، و الذي يتمتع بالموهبة النادرة في عدم الانخداع بتوقعاته الخاصة، فقد تلاحظ شيئًا آخر فيها، شيئًا غريبًا ورائعًا. وبسبب هذا، كان "المؤرّخ" يحدّق في طالب كڤوث الشاب، محاولًا أن يكتشف ما هو المختلف فيه. بحلول نهاية حديثهما، كان من الممكن أن يُعتبر نظر "المؤرّخ" حادا وموجهًا بطريقة مركّزة، بل وقحا وفظًّا في نظر معظم الناس. عندما استدار باست أخيرًا عن البار، اتسعت عينا "المؤرّخ" بشكلٍ ملحوظ، وبدت ملامح وجهه الشاحبة أشدّ شحوبًا. مدّ "المؤرّخ" يده إلى داخل قميصه، وجذب شيئًا من حول عنقه. وضعه على الطاولة على بعد ذراعٍ، بينه وبين باست. كان كل ذلك يحدث في نصف ثانية، ولم يرفع "المؤرّخ" عينيه عن الشاب ذا الشعر الداكن الجالس على البار. كان وجهه هادئًا وهو يضغط القرص المعدني برفق على الطاولة بأصبعيه. "حديد" قالها بصوتٍ ذو صدى غريب، كأنه أمرٌ يجب تنفيذُه. انحنى باست فجأة كما لو تلقّى ضربةً في بطنه، وأظهر أسنانه وهو يُصدر صوتًا بين الهدير والصراخ. بتحرّك سريع وغير طبيعي و متعرج، سحب إحدى يديه إلى جانب رأسه، ثم شدّ نفسه ليقفز. كل هذا حدث في الوقت الذي يستغرقه الشخص لالتقاط نفسٍ حاد. ومع ذلك، بطريقة ما، أمسك كڤوث بيده الطويلة معصم باست. رغم أنه كان غير مدرك أو غير مبالٍ، قفز باست نحو "المؤرّخ"، لكن يده توقفت ليُلقى فجأة، كما لو أن يد كڤوث كانت قيدًا حديديًا. كافح باست بشراسة ليحرّر نفسه، لكن كڤوث وقف خلف البار، ذراعه ممدودة، ثابتًا كالفولاذ أو الحجر. "توقف!" كان صوت كڤوث يضرب الهواء كأمر، وفي السكون الذي أعقب ذلك، كانت كلماته حادة وغاضبة. "لن أسمح بأي قتال بين أصدقائي. لقد خسرت ما يكفي بدون ذلك." تلاقت عيناه مع "المؤرّخ". "ألغ ذلك الآن، و إلا سأكسره." توقف "المؤرّخ"، مهزوزًا ومرتجفا. ثم تحرك فمه بصمت، و بِارتعاشة خفيفة سحب يده بعيدًا عن دائرة المعدن الباهت الموضوعة على الطاولة. اندفع التوتر من باست، وللحظة بدا مترهّلا وكأنه دمية من القماش تتدلى من معصم كڤوث الذي كان لا يزال ممسكًا به، و لا يزال واقفًا خلف البار. بصعوبة، تمكن باست، و هو يرتجف، من الوقوف على قدميه والاتكاء على البار. ألقى كڤوث عليه نظرة طويلة وفاحصة، ثم أرخى معصمه. انهار باست على المقعد دون أن يرفع عينيه عن "المؤرّخ". تحرك بحذر، كأنه رجل مصاب بجروح مؤلمة. وكان قد تغيّر. كانت عيناه التي كانت تراقب "المؤرّخ" ما زالت زرقاء غامقة، ولكن الآن بدا أنهما بلون واحد، كالجواهر أو البرك العميقة في الغابات، كما أن حذاءه الجلدي الناعم قد تم استبداله بحوافر مشقوقة أنيقة. أشار كڤوث إلى "المؤرّخ" للأمام بطريقة متسلطة، ثم التفت ليأخذ كأسين سميكين وزجاجة كما لو كانت عشوائيًا. وضع الكأسين بينما كان باست و "المؤرّخ" يحدقان في بعضهما البعض بتوتر. "الآن"، قال كڤوث بغضب، "لقد تصرفتما بطريقة مفهومة، لكن هذا لا يعني بأي حال من الأحوال أن أيًا منكما تصرف بشكل جيد. لذا، من الأفضل أن نبدأ من جديد تمامًا." أخذ نفسًا عميقًا. "باست، دعني أقدّم لك 'دِيڤَنْ لُوشيس'، المعروف أيضًا بـ 'المؤرّخ'. وفقًا لجميع الروايات، إنه بكل المقاييس راوي ماهر وعظيم، مذكّر، ومسجل للقصص. بالإضافة إلى ذلك، إذا لم أكن قد فقدت كل فكري فجأة، فهو عضو متمرس في الأركانوم، على الأقل 'ريلار' (Re’lar)، و أحدُ ربما اثنين من الأشخاص في العالم الذين يعرفون اسم الحديد." "ومع ذلك"، تابع كڤوث: "على الرغم من هذه الألقاب و الإشادات، يبدو أنه بريء بعض الشيء من عادات العالم. كما يظهر من نقص ذكائه الواضح حين شن هجومًا قريبًا من الانتحار على ما أظن أنه أول شخص حالفه الحظ ليراه من بين الناس." وقف "المؤرّخ" بلا مبالاة طوال المقدمة، يراقب باست كما لو كان ثعبانًا. "المؤرّخ، أود أن أقدم لك 'باستاس'(Bastas)، ابن 'ريمّين'(Remmen)، أمير الشفق و تِلويث ماييل (Telwyth Mael). ألمع طالب، أي أنه الطالب الوحيد الذي كان لديّ حظ تعليمه. صانع سِحر، نادل، وأيضًا و ليس آخرًا، صديقي. "الذي، على مدار مئة وخمسين سنة من حياته، ناهيك عن ما يقرب من سنتين من تعليمي الشخصي، تمكن من تجنب تعلم بعض الحقائق المهمة. أولها: مهاجمة أحد أعضاء الأركانوم الماهرين بما فيه الكفاية لصنع رابطة من الحديد هو أمر سخيف و حماقة." "هو من هاجمني!" قال باست بغضب. نظر إليه كڤوث ببرود. "لم أقل إنه كان غير مبرر. قلت إنه كان حماقة." "كنت سأفوز" رد باست. "من المحتمل جدًا. ولكنك كنت ستتأذى، وكان هو سيتأذى أو يموت. هل تذكر أنني قدمته لك كضيف لي؟" ظل باست صامتًا. وبقيت تعبيرات وجهه عدائية. "الآن"، قال كڤوث ببهجة هشّة. "لقد تم تقديمكما لبعضكما." "سعيد بلقائك"، قال باست ببرود. "وكذلك أنا" أجاب "المؤرّخ". "لا يوجد سبب لكي تكونا غير أصدقاء"، تابع كڤوث، وقد تسللت نبرة حادة إلى صوته: "وهذا ليس كيف يتبادل الأصدقاء التحيات." تبادل باست و "المؤرّخ" نظراتهما، دون أن يتحرك أي منهما. خفت صوت كڤوث، "إذا لم تتوقفا عن هذا الهراء و التصرف الأحمق، فليرحل كلاكما الآن. سيبقى أحدكما مع جزء ضئيل من تاريخ القصة، والآخر يمكنه البحث عن معلم جديد. إذا كان هناك شيء واحد لا أستطيع تحمله، فهو غباء و حماقة الكبرياء المتعنت." شيء ما في هدوء صوت كڤوث كسر التحديق بينهما. وعندما استدارا لينظرا إليه، بدا وكأن شخصًا مختلفًا تمامًا يقف خلف البار. اختفى صاحب النزل المرح، وحل مكانه شخص مظلم غامض وعنيف. 'إنه شاب صغير جدا'، تأمل المؤرّخ و هو يفكر في نفسه. 'لا يمكن أن يكون عمره أكثر من خمسة وعشرين عامًا. لماذا لم أرَ ذلك من قبل؟ يمكنه كسر يدي كعود الحطب. كيف أخطأت في اعتباره صاحب نزل، حتى للحظة؟' ثم نظر إلى عيني كڤوث. لقد أصبحت حدقتاه خضراء داكنة لدرجة أن اقتربت من السواد كما لو أن الظلام يعشش فيهما. 'هذا هو الشخص الذي جئت لرؤيته' فكر المؤرّخ في نفسه، 'هذا هو الرجل الذي نصح الملوك وسار على الطرق القديمة ليس إلا بعقله و ذكائه ليرشده. هذا هو الرجل الذي أصبح اسمه مدحًا وذمًا في الجامعة." تأمل كڤوث المؤرّخ وباست بالتناوب؛ ولم يتمكن أي منهما من مقابلة عينيه لفترة طويلة. بعد لحظة محبطة و صمت حرج، مد باست يده. تردد المؤرّخ لحظة قصيرة قبل أن يمد يده بسرعة، كأنما يضع يده في نار. لم يحدث شيء، بدا كلاهما مندهشا قليلا و معتادًا من المفاجأة المعتدلة. "مذهل، أليس كذلك؟" خاطبهم كڤوث بنبرة لاذعة. "خمسة أصابع ولحم مع دم تحتها. يكاد المرء يصدق تقريبًا أن في الطرف الآخر من تلك اليد شخصًا من نوع ما." تسلل الشعور بالذنب إلى تعبيرات الرجلين. أفلت كل منهما يد الآخر. صب كڤوث شيئًا من الزجاجة الخضراء في الكؤوس. هذا الفعل البسيط غيّره. بدا وكأنه يذوب و يتلاشى في نفسه، حتى لم يبقَ سوى القليل من الرجل ذي العيون الداكنة الذي كان يقف خلف البار قبل لحظة. شعر المؤرّخ بشعور من الفقد و وخزة من الحزن وهو يحدق في صاحب النزل الذي كانت يده مخفية في خِرقة من الكتان. "الآن." دفع كڤوث الكؤوس نحوهما. "خذا هذه المشروبات، واجلسا عند تلك الطاولة، وتحدثا. عندما أعود، لا أريد أن أجد أيّا منكما ميتا أو المبنى محترقا. هل هذا عادل؟" ابتسم باست بابتسامة محرجّة بينما التقط المؤرخ الكؤوس وانتقل إلى الطاولة. تبعه باست وجلس تقريبًا قبل أن يعود ليأخذ الزجاجة أيضًا بِدوره. "لا تُكثِرا من ذلك." حذر كڤوث وهو يدخل الغرفة الخلفية. "لا أريدكما تضحك وأنتما تسمعان قصتي." بدأ الاثنان عند الطاولة حديثًا متوترًا ومتقطعا بينما تحرك كڤوث إلى المطبخ. بعد عدة دقائق، عاد حاملاً الجبن ورغيفا من الخبز الداكن، و دجاجًا باردًا مع بِضع نقانق، إضافة إلى الزبدة والعسل. انتقلوا إلى طاولة أكبر بينما كان كڤوث يضع الأطباق، يتحرك هنا وهناك بنشاط ويبدو كل شيء فيه كصاحب النزل. كان المؤرّخ يراقبه خلسة، صعبًا عليه تصديق أن هذا الشخص الذي يدندن لنفسه ويقطع النقانق هو نفسه الذي كان يقف وراء البار قبل دقائق، ذو عيون داكنة و وجه مخيف. بينما كان المؤرّخ يجمع أوراقه وأقلامه، كان كڤوث يدرس زاوية الشمس من خلال النافذة، وهو يحمل تعبيرًا تفكيريًا و متأملا على وجهه. في النهاية، التفت إلى باست. "كم سمعت من حديثنا؟" "معظمه، ريشي." ابتسم باست. "لدي آذان صاغية و جيدة." "هذا جيد. ليس لدينا وقت للعودة إلى الوراء." أخذ نفسًا عميقًا. "لنعد إلى القصة إذًا. استعدوا، فالقصة الآن تأخذ منعطفًا. إلى الأسفل. أكثر ظلمة و قتامة. هناك غيوم في الأفق."

---

ترجمة موقع ملوك الروايات. لا تُلهِكُم القراءة عن اداء الصلوات فى أوقاتها و لا تنسوا نصيبكم من القرآن

أشترك الان من هنا. ولامزيد من الاعلانات
لا تنسى وضع تعليق للمترجم فهذا يساعده على الاستمرار ومواصلة العمل عندما يرى تشجيعًا.

Comment

Ads Blocker Image Powered by Code Help Pro

Ads Blocker Detected!!!

We have detected that you are using extensions to block ads. Please support us by disabling these ads blocker.

اعدادات القارئ

لايعمل مع الوضع اليلي
لتغير كلمة إله الى شيء أخر
إعادة ضبط