You dont have javascript enabled! Please enable it!
]
Switch Mode
نظرًا لتوقف عرض الإعلانات على الموقع بسبب حظره من شركات الإعلانات ، فإننا نعتمد الآن بشكل كامل على دعم قرائنا الكرام لتغطية تكاليف تشغيل الموقع وتوجيه الفائض نحو دعم المترجمين. للمساهمة ودعم الموقع عن طريق الباي بال , يمكنك النقر على الرابط التالي
paypal.me/IbrahimShazly
هذا المحتوى ترفيهي فقط ولايمت لديننا بأي صلة. لا تجعلوا القراءة تلهيكم عن صلواتكم و واجباتكم.

سعي بربري 86

الفصل 86
▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬
اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أُشْرِكَ بِكَ وَأَنَا أَعْلَمُ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا لاَ أَعْلَمُ
ترجمة: ســاد
▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬
بدت أصابع يوريتش متسخة. كل إصبع من أصابعه بدا ملطخًا بالتراب.
“أمنيتك الأخيرة بالتأكيد فوضوية، يا جدي.”
تذمر يوريتش وضحك. حفر قبرًا كبيرًا يكفي لدفن شخص واحد، في أعماق الغابة، بعيدًا عن البركة.
“لقد حفرت الأرض بلا كلل، وأنت ترقد هناك، تنظر إلى السلام التام.”
سحب يوريتش جثة فيرزين وألقاها في الحفرة.
“فو.”
بعد أن استعاد أنفاسه، نظر يوريتش إلى السماء. النهار قد بدأ يتشتت. حشرات الليل تزحف حول قدميه.
بوو!
أمسك يوريتش صرصورًا ومضغه بصوت عالٍ. ثم وضع أي حشرة تقع عليه في فمه دون تمييز.
“تسك.”
بصق يوريتش ساق صرصور عالقة بين أسنانه وحدق في فيرزين مرة أخرى.
“ما الذي كان يدور في النهاية، هاه؟ لماذا ذكرتَ أولجارو؟ ألم يكن عليكَ أن تُنادي لو؟ كأن تقول: “يا لو!” هاه؟”
لم يُجب. عبس يوريتش ورمى التراب على وجه فيرزين.
أراد أن يمسك فيرزين من عنقه ويضربه على وجهه الميت. لو عاد فيرزين إلى الحياة، لفعل يوريتش ذلك.
“آه، هذا أمر مثير للاشمئزاز ومزعج للغاية.”
طقطق يوريتش رقبته ونهض. غطى فيرزين بالتراب الذي حفره.
“أولجارو.”
هو حاكم البرابرة، لا المتحضرين. فيرزين من الحضارة، فيرزين فارس الفرسان، شيطان السيف فيرزين. رمز انتصار الحضارة على البرابرة. ومع ذلك، مات وهو ينادي باسم حاكم الشمال.
“العالم سوف يجن لو علم ما قلته.”
“متى بدأ فيرزين يؤمن بحاكم الشمال؟” لم يكن لدى يوريتش أي وسيلة لمعرفة إجابة سؤاله. وكما تأثر العديد من البرابرة بعقيدة الشمس، فمن المحتمل جدًا أن فيرزين قد تأثر بأساطير الشمال. لا بد أن فيرزين قد أخفى هذه الحقيقة طوال حياته.
“في النهاية، تمكن من استخدامي .”
لم يكن الموت أشد ما يخشاه رجلٌ آمن بأولجارو، بل الموت على فراش المرض، لا كمحارب.
“فيرزين أيضًا كان مجرد متجول يبحث عن مكان لدفنه.”
انضمّ فيرزين إلى هذه الحرب الأهلية ليموت. ولذلك، حتى في سنّه، اندفع في طليعة الصفوف. يأمل أن يقتله سيف أحدهم. لم يكن الموت عمدًا مسموحًا به، و عليه أن يموت وهو يقاتل بشجاعة. لكن من يجرؤ على قتل فيرزين الأسطوري؟ كم منهم امتلك الشجاعة والمهارة لفعل ذلك؟
“ولهذا السبب اختارني.”
بدا يوريتش محاربًا قويًا، و لديه دافع لقتل فيرزين. من الواضح أنه انخدع باستفزاز فيرزين.
“تبدو وكأنك مت ميتة سعيدة. تبدو هادئًا، أيها العجوز. ما زلتُ لا أعرف كيف صدت مئة رجل على ذلك الجسر.”
انتهى يوريتش من تغطية الجثة بالتراب. داسها بقوة وغطى مكان القبر بالشجيرات. سيكون من الصعب العثور على فيرزين، الذي يُفترض أنه مفقود الآن.
“هل كنت راضيا عن الحياة التي عشتها؟”
لم تُجب الجثة. لكن بدا يوريتش يسمع صدى ضحكة فيرزين في أذنيه.
“حتى الموت ليس عادلا.”
فكّر يوريتش في باتشمان. لم يكن باتشمان يُريد الموت. كان يُعاني، يُكافح، يتوق إلى أن يعيش ولو لحظةً واحدةً إضافية. ماذا سيقول باتشمان لو رأى فيرزين يموت موتةً مُرضية؟
“على أي حال، أصدق كل ما قلته يا جدي. ما كنت لتخبر أحدًا. سواء اكتشف الإمبراطور ما يكمن وراء الجبال أم لا، كان سيحدث ذلك بعد وفاتك على أي حال.”
بالنسبة لفيرزين، كان الموت محاربًا كل ما يهمه. لم يكن هناك أي شيء آخر يستحق اهتمامه. شعر يوريتش أنه يفهم الجنرال العجوز بشكل غامض.
لا شك أن فيرزين قد صُدم عندما رأى الشماليين لأول مرة. كانوا محاربين لا يهابون الموت، ولا بد أنه أثار فضوله معرفة مصدر شجاعتهم. كان فيرزين محاربًا قبل أن يكون رجل حضارة.
لم يكن الصدام بين البرابرة والحضارة من طرف واحد. فكما سحرت الحضارة البرابرة، أسرت الحضارة أيضًا معارضتهم. طمعت فيما ينقصها.
“لو.”
أخرج يوريتش قلادة الشمس. تذكر كلام الأب جوتفال. كان قد نسيها تمامًا حتى الآن.
“أحبّ الآخرين وأظهر الرحمة. حينها ستنمو روحك أقوى.”
حاكم الشمس لو حاكم الحب والرحمة.
“أحب الآخرين…” كرر يوريتش كلمات جوتفال، واحدة تلو الأخرى.
“… وأظهر الرحمة.”
ارتجفت يده التي تحمل القلادة. قرّب يوريتش قلادة الشمس من وجهه.
“عذرًا يا جوتفال. لا أظن أنني أستطيع فعل ذلك.”
“الحب والرحمة. كلمات بعيدة كل البعد عن لغة المحارب.”
نظر يوريتش إلى الوراء. حدّق في خطواته. بدت الأرواح الشريرة المختبئة من ضوء الشمس وكأنها تتسلل. سار يوريتش على دماء لزجة وأحشاء كريهة الرائحة. بدا طريقًا بعيدًا كل البعد عن الحب والرحمة.
” أتساءل أين ستذهب روحي؟”
نزل يوريتش من الجبل. ألقى قلادة الشمس في البركة.
* * *
اختفى شيطان السيف فيرزين، وانتشرت الشائعة كالنار في الهشيم. أثار اختفاء فيرزين الغامض ضجة في معسكر الحلفاء.
“لقد مرّت ثلاثة أيام! نتحدث عن شيطان السيف فيرزين نفسه، وليس عن جندي عشوائي!”
ضرب فارس إمبراطوري بقبضته على الطاولة، و من الواضح أنه مضطرب.
” من المستحيل أن يضل شخص مثل الجنرال فيرزين طريقه ويفشل في العودة. إنه ليس طفلاً!” ردّ نبيل آخر.“ الغضب لن يُعيد فيرزين المختفي.”
“سنواصل البحث. لكن إذا الجنرال فيرزين قد اختبأ عمدًا، فسيكون العثور عليه مستحيلًا ” اختتم باهيل حديثه، مُسكتًا الضجيج في التجمع.
شكّل الجيش الإمبراطوري وحدة خاصة للبحث عن فيرزين. فتشوا المنطقة المحيطة بالمعسكر، لكنهم لم يعثروا إلا على صنارة الصيد التي استخدمها فيرزين. انتشرت الشائعات، وتكاثرت التكهنات.
“هل مات شيطان السيف فيرزين؟ هذا مستحيل.”
“لا بد أنه سئم من القتال ولجأ إلى العزلة.”
“سمعت أن هارماتي أرسل قاتلًا!”
كان اختفاء فيرزين وحده كافيًا لتثبيط معنويات الجيش. وتزايدت همهمات الكلام المضطرب. ومع ذلك، لم يكن لذلك أي تأثير على الوضع العام للحرب. أصبح النصر في متناول أيديهم، ولم يكن سقوط القلعة سوى مسألة وقت. بدأ الفارون بالخروج من قلعة هارماتي التي انقطعت إمداداتها منذ فترة.
“هل تعتقد أن الجنرال فيرزين مات حقًا؟”
“لا أعلم، ولكن لم يتم العثور على جثته بعد.”
“الجنرال فيرزين لن يموت أبدًا. إنه فارس باركه لو. ألم تره يقاتل في الجبهة رغم تجاوزه السبعين؟ كيف له أن يفعل ذلك دون بركة حاكم الشمس؟”
تبادل الجنود أطراف الحديث وهم يلتهمون عشاءهم اللحمي. استمتعوا بوليمة شهية لأول مرة منذ فترة.

الفصل 86 ▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أُشْرِكَ بِكَ وَأَنَا أَعْلَمُ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا لاَ أَعْلَمُ ترجمة: ســاد ▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬ بدت أصابع يوريتش متسخة. كل إصبع من أصابعه بدا ملطخًا بالتراب. “أمنيتك الأخيرة بالتأكيد فوضوية، يا جدي.” تذمر يوريتش وضحك. حفر قبرًا كبيرًا يكفي لدفن شخص واحد، في أعماق الغابة، بعيدًا عن البركة. “لقد حفرت الأرض بلا كلل، وأنت ترقد هناك، تنظر إلى السلام التام.” سحب يوريتش جثة فيرزين وألقاها في الحفرة. “فو.” بعد أن استعاد أنفاسه، نظر يوريتش إلى السماء. النهار قد بدأ يتشتت. حشرات الليل تزحف حول قدميه. بوو! أمسك يوريتش صرصورًا ومضغه بصوت عالٍ. ثم وضع أي حشرة تقع عليه في فمه دون تمييز. “تسك.” بصق يوريتش ساق صرصور عالقة بين أسنانه وحدق في فيرزين مرة أخرى. “ما الذي كان يدور في النهاية، هاه؟ لماذا ذكرتَ أولجارو؟ ألم يكن عليكَ أن تُنادي لو؟ كأن تقول: “يا لو!” هاه؟” لم يُجب. عبس يوريتش ورمى التراب على وجه فيرزين. أراد أن يمسك فيرزين من عنقه ويضربه على وجهه الميت. لو عاد فيرزين إلى الحياة، لفعل يوريتش ذلك. “آه، هذا أمر مثير للاشمئزاز ومزعج للغاية.” طقطق يوريتش رقبته ونهض. غطى فيرزين بالتراب الذي حفره. “أولجارو.” هو حاكم البرابرة، لا المتحضرين. فيرزين من الحضارة، فيرزين فارس الفرسان، شيطان السيف فيرزين. رمز انتصار الحضارة على البرابرة. ومع ذلك، مات وهو ينادي باسم حاكم الشمال. “العالم سوف يجن لو علم ما قلته.” “متى بدأ فيرزين يؤمن بحاكم الشمال؟” لم يكن لدى يوريتش أي وسيلة لمعرفة إجابة سؤاله. وكما تأثر العديد من البرابرة بعقيدة الشمس، فمن المحتمل جدًا أن فيرزين قد تأثر بأساطير الشمال. لا بد أن فيرزين قد أخفى هذه الحقيقة طوال حياته. “في النهاية، تمكن من استخدامي .” لم يكن الموت أشد ما يخشاه رجلٌ آمن بأولجارو، بل الموت على فراش المرض، لا كمحارب. “فيرزين أيضًا كان مجرد متجول يبحث عن مكان لدفنه.” انضمّ فيرزين إلى هذه الحرب الأهلية ليموت. ولذلك، حتى في سنّه، اندفع في طليعة الصفوف. يأمل أن يقتله سيف أحدهم. لم يكن الموت عمدًا مسموحًا به، و عليه أن يموت وهو يقاتل بشجاعة. لكن من يجرؤ على قتل فيرزين الأسطوري؟ كم منهم امتلك الشجاعة والمهارة لفعل ذلك؟ “ولهذا السبب اختارني.” بدا يوريتش محاربًا قويًا، و لديه دافع لقتل فيرزين. من الواضح أنه انخدع باستفزاز فيرزين. “تبدو وكأنك مت ميتة سعيدة. تبدو هادئًا، أيها العجوز. ما زلتُ لا أعرف كيف صدت مئة رجل على ذلك الجسر.” انتهى يوريتش من تغطية الجثة بالتراب. داسها بقوة وغطى مكان القبر بالشجيرات. سيكون من الصعب العثور على فيرزين، الذي يُفترض أنه مفقود الآن. “هل كنت راضيا عن الحياة التي عشتها؟” لم تُجب الجثة. لكن بدا يوريتش يسمع صدى ضحكة فيرزين في أذنيه. “حتى الموت ليس عادلا.” فكّر يوريتش في باتشمان. لم يكن باتشمان يُريد الموت. كان يُعاني، يُكافح، يتوق إلى أن يعيش ولو لحظةً واحدةً إضافية. ماذا سيقول باتشمان لو رأى فيرزين يموت موتةً مُرضية؟ “على أي حال، أصدق كل ما قلته يا جدي. ما كنت لتخبر أحدًا. سواء اكتشف الإمبراطور ما يكمن وراء الجبال أم لا، كان سيحدث ذلك بعد وفاتك على أي حال.” بالنسبة لفيرزين، كان الموت محاربًا كل ما يهمه. لم يكن هناك أي شيء آخر يستحق اهتمامه. شعر يوريتش أنه يفهم الجنرال العجوز بشكل غامض. لا شك أن فيرزين قد صُدم عندما رأى الشماليين لأول مرة. كانوا محاربين لا يهابون الموت، ولا بد أنه أثار فضوله معرفة مصدر شجاعتهم. كان فيرزين محاربًا قبل أن يكون رجل حضارة. لم يكن الصدام بين البرابرة والحضارة من طرف واحد. فكما سحرت الحضارة البرابرة، أسرت الحضارة أيضًا معارضتهم. طمعت فيما ينقصها. “لو.” أخرج يوريتش قلادة الشمس. تذكر كلام الأب جوتفال. كان قد نسيها تمامًا حتى الآن. “أحبّ الآخرين وأظهر الرحمة. حينها ستنمو روحك أقوى.” حاكم الشمس لو حاكم الحب والرحمة. “أحب الآخرين…” كرر يوريتش كلمات جوتفال، واحدة تلو الأخرى. “… وأظهر الرحمة.” ارتجفت يده التي تحمل القلادة. قرّب يوريتش قلادة الشمس من وجهه. “عذرًا يا جوتفال. لا أظن أنني أستطيع فعل ذلك.” “الحب والرحمة. كلمات بعيدة كل البعد عن لغة المحارب.” نظر يوريتش إلى الوراء. حدّق في خطواته. بدت الأرواح الشريرة المختبئة من ضوء الشمس وكأنها تتسلل. سار يوريتش على دماء لزجة وأحشاء كريهة الرائحة. بدا طريقًا بعيدًا كل البعد عن الحب والرحمة. ” أتساءل أين ستذهب روحي؟” نزل يوريتش من الجبل. ألقى قلادة الشمس في البركة. * * * اختفى شيطان السيف فيرزين، وانتشرت الشائعة كالنار في الهشيم. أثار اختفاء فيرزين الغامض ضجة في معسكر الحلفاء. “لقد مرّت ثلاثة أيام! نتحدث عن شيطان السيف فيرزين نفسه، وليس عن جندي عشوائي!” ضرب فارس إمبراطوري بقبضته على الطاولة، و من الواضح أنه مضطرب. ” من المستحيل أن يضل شخص مثل الجنرال فيرزين طريقه ويفشل في العودة. إنه ليس طفلاً!” ردّ نبيل آخر.“ الغضب لن يُعيد فيرزين المختفي.” “سنواصل البحث. لكن إذا الجنرال فيرزين قد اختبأ عمدًا، فسيكون العثور عليه مستحيلًا ” اختتم باهيل حديثه، مُسكتًا الضجيج في التجمع. شكّل الجيش الإمبراطوري وحدة خاصة للبحث عن فيرزين. فتشوا المنطقة المحيطة بالمعسكر، لكنهم لم يعثروا إلا على صنارة الصيد التي استخدمها فيرزين. انتشرت الشائعات، وتكاثرت التكهنات. “هل مات شيطان السيف فيرزين؟ هذا مستحيل.” “لا بد أنه سئم من القتال ولجأ إلى العزلة.” “سمعت أن هارماتي أرسل قاتلًا!” كان اختفاء فيرزين وحده كافيًا لتثبيط معنويات الجيش. وتزايدت همهمات الكلام المضطرب. ومع ذلك، لم يكن لذلك أي تأثير على الوضع العام للحرب. أصبح النصر في متناول أيديهم، ولم يكن سقوط القلعة سوى مسألة وقت. بدأ الفارون بالخروج من قلعة هارماتي التي انقطعت إمداداتها منذ فترة. “هل تعتقد أن الجنرال فيرزين مات حقًا؟” “لا أعلم، ولكن لم يتم العثور على جثته بعد.” “الجنرال فيرزين لن يموت أبدًا. إنه فارس باركه لو. ألم تره يقاتل في الجبهة رغم تجاوزه السبعين؟ كيف له أن يفعل ذلك دون بركة حاكم الشمس؟” تبادل الجنود أطراف الحديث وهم يلتهمون عشاءهم اللحمي. استمتعوا بوليمة شهية لأول مرة منذ فترة.

بدا الشواء شهيًا، إذ انبعث منه دخانٌ زكي الرائحة. الجنود قد اشتروا مواشي بكميات كبيرة من المناطق المجاورة لتحضير اللحوم. أقاموا وليمةً خارج أسوار القلعة، فنشروا رائحة الشواء المشتعلة فوقها.
“لا بد أن هذا يُجنّنهم، أليس كذلك؟ داخل القلعة، ربما يأكلون الفئران أو ما شابه.”
ضحك الجنود. بدا التكتيك بسيطًا ولكنه فعال. الجوع لا يُميّز. في الحصار، يُمكن بسهولة إضعاف معنويات العدو بأمرٍ بسيط كرائحة الشواء اللذيذة.
“وليمة شواء، يا لها من فكرة ذكية! إنها ترفع المعنويات التي انخفضت باختفاء شيطان السيف، وفي الوقت نفسه تُضعف معنويات العدو ” علق سفين وهو يقطع اللحم المطبوخ حديثًا بفأسه، ويمرر بعضًا منه إلى يوريتش.
“لا أحد يشك في شيء، أليس كذلك؟” نظر يوريتش حوله متشككًا. لم يكن يستمع إليه سوى سفين وبعض الشماليين.
” في ماذا؟ كنت تلعب النرد معنا آنذاك. أنا وإخوتنا الشماليون شهود على ذلك.”
أومأ الشماليون الآخرون بصمت. كانوا أبناء الشمال الأوفياء، لذا بطبيعة الحال، لم يكن لديهم أي ود لفيرزين، شيطان السيف. بشفاههم الثقيلة، سيحملون السر إلى قبورهم.
“يبدو أنهم لم يجدوا الجثة. بهذه الطريقة، سيبقى فيرزين شخصية أسطورية ” تمتم يوريتش.
“مع مرور الوقت، ستبقى شائعات بقاء شيطان السيف على قيد الحياة. هكذا تُصنع الأساطير.”
انتشرت شائعات بين الحين والآخر في المخيم، مفادها أن فيرزين شوهد يصطاد وحيدًا في الغابة، أو يعيش مكتفيًا ذاتيًا بصيد الحيوانات البرية مرتديًا ملابس جلدية. مع كل شائعة، أُرسلت فرق بحث، لكن لم يُعثر على أثر لفيرزين.
“سفين، تحدث معي بعد قليل ” قال يوريتش وهو ينظر إلى الشماليين الآخرين. علم الشماليون إشارته وتفرقوا بحذر، آخذين معهم بعض اللحم.
“أخبرني يا يوريتش. لاحظتُ أنك تريد قول شيء منذ الأمس. هل يتعلق الأمر بفيرزين؟”
“نعم، يتعلق الأمر بفيرزين.”
” لأكون صريحًا معك، كنت أنتظر منذ أيام لأعرف كيف لقي شيطان السيف حتفه.” لمعت عينا سفين وهو يحضر زجاجة خمر. حثّ يوريتش على الاستمرار.
” اللعنة، هذا قوي.”
ابتلع يوريتش شراب العسل كما لو كان بيرة، وشعر وكأنه يبتلع زجاجة من اللهب.
غشيت عينا يوريتش. لم يكن حاضرًا في اللحظة الحالية، بل يستعيد الماضي مع فيرزين. شعر بألمٍ في صدره الأيسر. دلكه يوريتش.
“أنا حقا لم أرد قتل فيرزين يا سفين.”
أحب يوريتش فيرزين. كان محاربًا بارعًا، رجلًا يستحق احترامه. تمنى قضاء المزيد من الوقت بجانبه. لو دعاه فيرزين للقتال في معركة، لكان اندفع إليها.
رجل عاش ومات محاربًا. لم يفكر يومًا في حياة أخرى دون أن يكون محاربًا.
بدا يوريتش ينوي سكب ما تبقى من مشروبه في النار، لكنه غيّر رأيه وسكبه على الأرض. اتسعت عينا سفين.
“كان فيرزين يصطاد. سألته إن كان قد اصطاد سمكة، فقال إنه يصطاد لكسب الوقت. ضحكتُ واعتبرتُ كلامه هراءً ” قال يوريتش وهو يُحدّق في عينيه، مُستعيدًا ذكرياته مع فيرزين. أومأ سفين برأسه مُنصتًا باهتمام.
بوو!
اشتعلت النار.
“أمرني بدفنه إن مات. هل يمكنك تخمين كلماته الأخيرة؟”
اتسعت حدقتا سفين. ارتجفت أطرافه قليلاً، وارتجف الكأس في يده.
“أولجارو…” تنهد سفين. ضحك يوريتش.
“نعم، أولجارو.”
رفع سفين رأسه بيده، وغرق في تأمل عميق.
“لماذا عدونا الأعظم…”
“كم من الإخوة أُرسلوا إلى حتفهم بفضل يدي شيطان السيف فيرزين ومبارزاته؟ كم من المحاربين أرسلهم إلى صف أولجارو؟ ومع ذلك، سعى إلى حقل السيوف، مناديًا باسم أولجارو.”
“هذا غير منطقي. أقول لك إنه مستحيل.”
حتى سفين الذي كان دائمًا هادئًا هز رأسه مرارًا وتكرارًا.
” لكن هذا صحيح. ويبدو أنه كان يؤمن بحاكمكم الشمالي منذ زمن طويل.”
ارتشف سفين شرابه. بدت صدمته أكبر من صدمة يوريتش.
“لا أعرف كيف من المفترض أن أتعامل مع هذا الأمر.”
“بالنسبة لي، على الأقل، مات فيرزين ميتة محارب. تمامًا مثل محاربي الشمال الذين رأيتهم. لم يحاول أن يموت موتًا نبيلًا، لا بالشرف ولا بأي شيء آخر. قاتل حتى النهاية، يتدحرج على الأرض، يركل قضيبي. لقد مات وهو يقاتل حتى اللحظة الأخيرة.”
بدا المشهد واضحًا في ذهن سفين. صر على أسنانه.
“إذن، لا خيار أمامي سوى قبول الأمر. سواء رحّب أولجارو بفيرزين في حقل السيوف أم لا، سأرى ذلك بنفسي عندما أصل إلى هناك.”
قال سفين مستسلمًا. أما بالنسبة لفيرزين، فأمرٌ يعود لأولجارو أن يحكم عليه.
“سفين، أخبرني المزيد عن حاكم الشمال الليلة. لنسمع عن هذا الحاكم المُغوي الذي استطاع أن يُسيطر على شيطان السيف. ” ضرب يوريتش ركبته ضاحكًا. بدا وجهه مُحمرًا من الكحول ورأى سفين أن قلادته لم تعد على رقبته.
“…هذا سيء. برأيي، أنت مقبل على عقاب. سواءً هذا من لو أو أولجارو.” عبس سفين.

 

 

 

---

ترجمة موقع ملوك الروايات. لا تُلهِكُم القراءة عن اداء الصلوات فى أوقاتها و لا تنسوا نصيبكم من القرآن

أشترك الان من هنا. ولامزيد من الاعلانات
لا تنسى وضع تعليق للمترجم فهذا يساعده على الاستمرار ومواصلة العمل عندما يرى تشجيعًا.

Comment

Ads Blocker Image Powered by Code Help Pro

Ads Blocker Detected!!!

We have detected that you are using extensions to block ads. Please support us by disabling these ads blocker.

اعدادات القارئ

لايعمل مع الوضع اليلي
لتغير كلمة إله الى شيء أخر
إعادة ضبط