جراحٌ نازفة
الفصل 510: جراحٌ نازفة
[منظور آثر ليوين]
“خدعة، بطبيعة الحال.” نطقت موروينا، وقد انعقدت شفتاها، فيما ازدادت صلابة قامتها المتخشّبة أصلًا. “كان ينبغي أن ندرك ذلك.”
بدا الشحوب جليًّا على وجه راي كوثان. فقد كان أسرُ أغرونا سبيلًا لمداواة الجراح بين الباسيليسكات وسائر أهل أفيتوس. رأيته بعينيّ يكاد يحسب التداعيات في ذهنه، يُجري موازنات خاطفة وهو يُقدّر عواقب هذا الزلل.
‘لا يمكنني التردد بشأن قراري بالبقاء،’ استنتج جزء آخر من عقلي. الصلات التي أنسجها مع هؤلاء الأزوراس—لا سيما الشباب منهم—ستكون ذات شأن أعظم في المستقبل، إذ إن كان أغرونا لا يزال في ألاكريا، فهذا يجعل كيزيس أشد خطرًا.
كدتُ أنفجر ضاحكًا. بدت الفكرة ضربًا من العبث، مستحيلة الحدوث. كيف انطلت عليّ؟ كنتُ قد قطعتُ خيوط القدر حرفيًّا، تلك التي تربطه—
تربطه بأغرونا الحقيقي. اكتملت الفكرة في ذهني، وكأن مسمارًا انغرز في موضعه الصحيح. تفرّعت عشرات الأفكار وانشطرت تحت وطأة تأثير مقام الملك، عقلي يسبح في دوائر فكرية متشابكة، متأملًا احتمالات متعددة في آن واحد.
“راغب؟” انتُزعَت الكلمة من حلق خارناس كأنها حافة شفرة، ممزوجة بالدماء والألم. “لقد حوّلني إلى…” صبّ عليّ نظرة حارقة. “دميةٍ من لحمه هو. كلا، لم أكن راغبًا. ذلك الانحطاط!” قعقعت أسنانه بغيظ، لكن ثورته لم تدم طويلًا، إذ انحنى رأسه وارتجفت عيناه، كأنه يوشك على الإغماء. “لا… ذاكرة لي عن ذلك. لا يمكنني أن أخبركم… سوى بشيء واحد: لقد كنتم حمقى إذ تركتمونا نحيا لهذه المدة الطويلة.”
غير أن جميعها كانت تعود إلى محورٍ واحد: القَدَر. بطريقةٍ ما، كان هذا كله جزءًا من لعبته.
‘إذًا، طوال هذا الوقت، لم يكن أغرونا سوى… ماذا بالضبط؟ يُسيّر هذا الجسد الفريتراوي كأنه دمية، من أعماق قصره المقيت؟’ امتزج قرفي باشمئزاز ريجس. ‘هاه. تظن أنك تعرف أحدهم، ثم يحدث هذا.’
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com
وفي ذات اللحظة، كان جزءٌ آخر من إدراكي يغوص في تحليل تداعيات هذا الكشف. علينا أن نفترض أن أغرونا ما زال حيًّا، وهذا يقلب مغزى الرسالة التي حملها تشول رأسًا على عقب.
على الجانب الآخر، كانت هناك سماءٌ أخرى.
“لقد حاولتُ أن أفعل هذا بالطريقة السهلة.” نطقتُ، ناظرًا إلى السماء الجريحة. “كلّ ما أردته هو تلك القوة التي قضيتم أحقابًا لا تُحصى تُخفونها عني. كان يمكنكم أن تموتوا، لكن هذا العالم—كلا العالمين—كان ليواصل مسيره، متوافقًا مع النظام الطبيعي لوجوده. لكنكم فقط… تأبون… الإفلات.”
‘لا يمكنني التردد بشأن قراري بالبقاء،’ استنتج جزء آخر من عقلي. الصلات التي أنسجها مع هؤلاء الأزوراس—لا سيما الشباب منهم—ستكون ذات شأن أعظم في المستقبل، إذ إن كان أغرونا لا يزال في ألاكريا، فهذا يجعل كيزيس أشد خطرًا.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com
جذبني صوت كيزيس من أفكاري المتشابكة، مجبرًا إياي على التركيز على الحاضر.
“خارناس فريترا.” لفظ كيزيس الاسم وكأنه لفظة نجسة، ازدراء يقطر من بين شفتيه. رمقني بنظرة خاطفة، فتلألأت عيناه بوهج أرجواني كاد يميل للسواد. “ما هذا؟” امتدت يده وأطبقت على ذقن خارناس المسطّح. “كيف—”
استدار كيزيس، يحدّق عبر الجدران والأرض، متتبعًا السحر الذي يحفظ قصره متماسكًا.
كدتُ أنفجر ضاحكًا. بدت الفكرة ضربًا من العبث، مستحيلة الحدوث. كيف انطلت عليّ؟ كنتُ قد قطعتُ خيوط القدر حرفيًّا، تلك التي تربطه—
بغتة، انتفض خارناس، منتزعًا رأسه من قبضة كيزيس. قرنه، المنحني إلى أسفل والخارج كقرن ثور بريّ، ارتطم بصدغ كيزيس. تراجع الأخير، متورّمًا بهالة من المانا والأثير، حتى كاد الهواء في القاعة يثقل، والقصر بأسره ينقبض وكأنه يحتضر.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com “طاقته تلتهم شظايا نواته.” علّقت موروينا، مقتربة بخطوات محسوبة. رفعت كفّها برقة، فتراقصت حولها تموجات من المانا، ترفرف كيراعات متوهجة. “لا أظن حتى أن شفائي قادرٌ على إنقاذه الآن.”
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com
لكن المانا التي كبّلت خارناس داخل العمود الضوئي الأبيض أخذت تنساب على جلده كما ينساب الماء على ريش البطّ المدهون بالشمع. كان يتحرك، ينفلت من القيد النوراني، متحررًا شيئًا فشيئًا. يده، ثم ذراعه، ثم كتفه… قبل أن يرمش أحد بعينه.
انداحت قوةٌ عارمة من كيزيس، فارتجّت القاعة تحت وطأتها.
لم نعد في الزنزانة، بل وقفنا أمام البوابات الكبرى. الجسر متعدّد الألوان الممتدّ أمام القصر بقي مكانه، لكن لم يحدّق أحد إلى الأسفل.
انبثق من داخله ضوءٌ أسود، يشع من خلال مسامه. النور كان يلتهم حدود الزنزانة وسحر كيزيس المتعاظم معًا.
إنّ الصدع الذي يصل ديكاثين بأفيتوس قد انفتح.
اندفعتُ إلى الأمام، الأثير يتلألأ في راحتي، يتكثّف، آخذًا في التشكل كنصل بنفسجي متوهج، غير أن القوة الخام المنبعثة من كيزيس كانت تطبق على الحجرة كقبضة الجبابرة، فوجدتني أتحرك وكأنني أخوض في مياه غائرة.
اشتدّ تعبير سيلفي، بينما كانت إيلي وأمي على شفير الانهيار.
لكن المانا التي كبّلت خارناس داخل العمود الضوئي الأبيض أخذت تنساب على جلده كما ينساب الماء على ريش البطّ المدهون بالشمع. كان يتحرك، ينفلت من القيد النوراني، متحررًا شيئًا فشيئًا. يده، ثم ذراعه، ثم كتفه… قبل أن يرمش أحد بعينه.
زمجر خارناس فريترا، تقاسيم وجهه تكتسي بقبح ونقمة.
ثم انفجر ضوءٌ أسود منه كأنه كان مركز انفجار. لم تتسنَّ لي سوى لمحة خاطفة للجلد المتفسخ، قبل أن يذوب كل شيء أمامي.
كل واحدٍ من الحاضرين كان قد ناله الأذى، ولو قليلًا.
رفعتُ حاجزًا سميكًا من الأثير. بجانبي، نسج راي كوثان درعًا من شظايا الحديد الدموي المتشابكة. اصطدم الضوء الأسود بالحاجزين، ثم انحسر فجأة. وفي تلك اللحظة، لمحتُ خارناس وكيزيس: الأول، يترنح بين القيود والحرية، شقوق سوداء كالبرق تتشعب عبر جسده؛ والثاني، يتراجع، الغضب يفور في قسماته، سيطرته المنهجية تلاشت، والشقوق السوداء ذاتها تومض وتتلاشى على يديه ووجهه.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com
ثم انفجر خارناس مجددًا.
ثم انفجر ضوءٌ أسود منه كأنه كان مركز انفجار. لم تتسنَّ لي سوى لمحة خاطفة للجلد المتفسخ، قبل أن يذوب كل شيء أمامي.
سُحبٌ من الشفرات الضوئية السوداء الرفيعة كالموسى ملأت القاعة.
في البدء، بضع شفرات… ثم عشرات… ثم أكثر، تخترق الحاجز، تندفع بدقة خبيثة حتى بدت وكأنها تنسل بين ذرات الأثير ذاتها. شعرتُ بلسعات حادة على جسدي، ثم بحرارة الدم تنزف.
سمعت اسمي، لم يكن صوتًا، بل خاطرةً تسري في رأسي، متداخلةً مع الريح العاصفة حول منحدرات قلعة إندرات. سيلفي. كانت تتساءل، تتوجّس خوفًا.
انبثقت تأوهات، وصيحة حادة اخترقت الضجيج. ومن الظلال المتكسرة، خرج ريجس، جسده يشتعل بلهب أرجواني داكن، ليقف أمامي.
عاد الضوء الأسود إلى خارناس. مشهد آخر: هذه المرة، انتشرت الشقوق حتى تآكل جسده، وكأنه يكاد يتداعى؛ وكيزيس، على بعد خطوات، جرح عميق يقطع جانب عنقه؛ وبينهما، تلاعبت المانا والأثير، تحاول أن تطبق على تعويذة خارناس، أن تخنقها.
ثم انفجر ضوءٌ أسود منه كأنه كان مركز انفجار. لم تتسنَّ لي سوى لمحة خاطفة للجلد المتفسخ، قبل أن يذوب كل شيء أمامي.
بقبضتي المشدودة على نصل الأثير المتجسد، استدعيتُ خطوة الحاكم وانتظرتُ.
انفجر خارناس للمرة الثالثة.
غير أن جميعها كانت تعود إلى محورٍ واحد: القَدَر. بطريقةٍ ما، كان هذا كله جزءًا من لعبته.
بدأ السحر المقيِّد الذي نسجه كيزيس يتهاوى، إذ انداح الفراغُ من جسد سيّد الفريترا، مستبيحًا المانا، مفككًا أوصالها كما تفعل قدرات سيريس.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com تحرك الآخرون بانتباه، لكن كيزيس رفع يده، فالتزم الجميع الصمت.
خطوتُ داخل المسارات الأثيرية، فوجدتُ نفسي بجوار خارناس، في فقاعة الفراغ التي تحيط به. احمرّت عيناه كليًّا، حتى تلاشت قزحيتاه وسط بياضهما. تقشّرت رقع من جلده الرماديّ الفاتح، فتساقطت متهالكة كأوراق يابسة، كاشفةً تحتها لحمًا نيّئًا متورّدًا. أحد قرنيه كان قد تحطم تحت وطأة تعويذته هو.
انبثقت تأوهات، وصيحة حادة اخترقت الضجيج. ومن الظلال المتكسرة، خرج ريجس، جسده يشتعل بلهب أرجواني داكن، ليقف أمامي.
كان يحتضر. لم أستوعب تمامًا تعقيدات السحر الذي أطلقه، لكنني أيقنتُ أن جوهره قد تهشّم. استطعتُ أن أشعر بشظاياه تتناثر عبر صدره كأنها شظايا متطايرة.
نظر إليّ كيزيس، الذي كان قد أوقف الزمن مجددًا عند كلامي. لم يكن في نظرته أثرٌ للمزاح، لكن عينيه تلألأتا للحظة بلون الخزامى قبل أن تعودا إلى ظلمتهما المعتادة. “هل أرسلك أغرونا إلى هنا لاغتيالي؟” ثم أعاد تحريك الزمن.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com ارتجّ القصر كلّه، وكأن الجبل الذي يستند إليه قد بدأ في التهدم من أساسه. ومن الخارج، بدا وكأن الصوت جاء من بُعدٍ سحيق، صوت غريب، شيء ما بين زئير إعصار، وتمزّق قماش متين تحت وطأة قوة هائلة.
كانت أغلب طاقته المانية قد تجمعت الآن في قرنه الوحيد المتبقي. لم أتوانَ عن الهجوم.
ارتجف نصل الأثير في قبضتي لحظة اصطدامه بالأنسجة المتصلبة المشبعة بالمانا. تململ… ثم اخترقها.
تهاوى القرن على الأرض، متدحرجًا، وفي اللحظة ذاتها، تفتّتت المانا من حولنا، واندثر الانفجار الفراغي في العدم.
كدتُ أنفجر ضاحكًا. بدت الفكرة ضربًا من العبث، مستحيلة الحدوث. كيف انطلت عليّ؟ كنتُ قد قطعتُ خيوط القدر حرفيًّا، تلك التي تربطه—
تهاوى القرن على الأرض، متدحرجًا، وفي اللحظة ذاتها، تفتّتت المانا من حولنا، واندثر الانفجار الفراغي في العدم.
في البدء، بضع شفرات… ثم عشرات… ثم أكثر، تخترق الحاجز، تندفع بدقة خبيثة حتى بدت وكأنها تنسل بين ذرات الأثير ذاتها. شعرتُ بلسعات حادة على جسدي، ثم بحرارة الدم تنزف.
كانت أغلب طاقته المانية قد تجمعت الآن في قرنه الوحيد المتبقي. لم أتوانَ عن الهجوم.
من خلفي، شعرتُ بتدفق طاقة الآخرين، كأنها تنهيدة ارتياح بعد كبح العاصفة. للحظة خاطفة، صمدوا أمام جحيم الفراغ، والآن، وقد زال ضغطه، ترنّحوا، يبحثون عن توازنهم.
إن وُجدت أخطاء نحوية، إملائية، لغوية، فأخبروني في التعليقات. لا تبخلوا بتعليق جميل تحت.
ثم انفجرت قواهم عبر أرجاء الزنزانة.
“يكفي.”
اندفع راديكس إلى الأمام، جسده يكسوه وهج من ألماسات سوداء، متجاوزًا إياي ليقبض على حنجرة خارناس. نبتت كرومٌ صخرية كثيفة من الأرض، تطوّقت حول زنزانة الضوء التي تؤسره، وتفتّحت منها أزهار زرقاء مخضرة، متألقة كبلّورات، تطلق ذرات من مانا ناصعة البياض في الهواء.
لم أُجب. لم أستطع.
مزّقت نيران العنقاء البرتقالية معاصم خارناس، ومرفقيه، وركبتيه، وعظم الترقوة، بينما راحت سلاسل الحديد الدموي الغليظة تلتف حوله كأفعى محكمة الطوق.
نظر إليّ كيزيس، الذي كان قد أوقف الزمن مجددًا عند كلامي. لم يكن في نظرته أثرٌ للمزاح، لكن عينيه تلألأتا للحظة بلون الخزامى قبل أن تعودا إلى ظلمتهما المعتادة. “هل أرسلك أغرونا إلى هنا لاغتيالي؟” ثم أعاد تحريك الزمن.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com
“يكفي.”
في الخلف، كان ريجس يركض، يمسح المشهد بعينَيه.
تقدّم كيزيس متجاوزًا الكروم الصلبة. كان ثوبه الأبيض والذهبيّ براقًا، نقيًّا، لم تتلطّخه قطرة دم واحدة، وبدا مظهره الخارجي هادئًا متماسكًا. مع كل خطوة، لم يكن ثمة سوى ارتعاشة طفيفة تفضح الجراح التي يخفيها—لمحة لا تُدرك إلا عبر حدسي المشحوذ بمناورة الملك.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com ارتجّ القصر كلّه، وكأن الجبل الذي يستند إليه قد بدأ في التهدم من أساسه. ومن الخارج، بدا وكأن الصوت جاء من بُعدٍ سحيق، صوت غريب، شيء ما بين زئير إعصار، وتمزّق قماش متين تحت وطأة قوة هائلة.
“كدتُ أنسى.” تأمل الباسيليسك المتهاوي، بالكاد واعيًا، وقال متهكمًا: “خارناس فريترا، هذا المتقن في تطويع المانا إلى حد أنه يكاد يستعصي على السيطرة بها.”
بصق خارناس دمًا وصديدًا أسود، سال على العظم العاري من ذقنه. “أنت وأغرونا، أنتما تستحقان بعضكما. آمل أن تمزّق كل منكما الآخر إربًا.”
قهقه راديكس ساخرًا. “لكن ليس لدرجة أن رأسه يعجز عن التهشم فوق الصخر مثل ثمرة شمس ناضجة.”
“أطلقوه.”
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com لكن الآن، أقف هنا، عاجزًا، وأراقب العالم الذي وُلدتُ فيه مجددًا وهو يقترب أكثر وأكثر مع كل ثانية.
شهقت موروينا مستحسنة.
ضاقت السلاسل الحديدية حول جسد خارناس، تشدّه بكامله إلى داخل العمود الضوئي، الذي سرعان ما تلوّن بالأحمر القاني، وكأنه نضح دمًا غزيرًا.
اندفع راديكس إلى الأمام، جسده يكسوه وهج من ألماسات سوداء، متجاوزًا إياي ليقبض على حنجرة خارناس. نبتت كرومٌ صخرية كثيفة من الأرض، تطوّقت حول زنزانة الضوء التي تؤسره، وتفتّحت منها أزهار زرقاء مخضرة، متألقة كبلّورات، تطلق ذرات من مانا ناصعة البياض في الهواء.
“أطلقوه.”
جاء صوت كيزيس جامدًا، مجردًا من أي انفعال. كان هالة من البرود المُطبق.
تراجع الآخرون. أفلت راديكس قبضته الفيزيائية، بينما استدعى نوڤيس أسلحته النارية المعقوفة التي كنتُ بالكاد قد لاحظتها تدور من قبل.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com
كان يحتضر. لم أستوعب تمامًا تعقيدات السحر الذي أطلقه، لكنني أيقنتُ أن جوهره قد تهشّم. استطعتُ أن أشعر بشظاياه تتناثر عبر صدره كأنها شظايا متطايرة.
لكن السلاسل بقيت، توثّقه ماديًّا داخل سجن المانا القرمزيّ.
“ما سبب وجودك هنا إذًا؟” سأل كيزيس، بنبرة هادئة متزنة، وقد وارى خلفها ذلك الغضب العاصف الذي تفجّر منذ قليل.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com ارتجّ القصر كلّه، وكأن الجبل الذي يستند إليه قد بدأ في التهدم من أساسه. ومن الخارج، بدا وكأن الصوت جاء من بُعدٍ سحيق، صوت غريب، شيء ما بين زئير إعصار، وتمزّق قماش متين تحت وطأة قوة هائلة.
كل واحدٍ من الحاضرين كان قد ناله الأذى، ولو قليلًا.
حتى وأنا أحدّق، كانت حوافه المشوهة تتسع، تكشف المزيد والمزيد من العالم على الجانب الآخر.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com
ذراعا نوفيس كانتا موشّحتين بخدوش دقيقة، تتراقص ألسنة اللهب عليها، تحرق الجراح ببطء حتى تلتئم. نصف وجه راديكس كان مثقوبًا بندوب أشبه بشظايا متناثرة، لكن قشورًا بلّورية بدأت تتشكل فوقها. أما راي، فقد اختفى نصف يده اليمنى دون نقطة دم، واللحم المكشوف كان أسود ناعمًا كالصقل. وحدها موروينا لم تُظهر أثرًا لإصابة، غير أنها كانت مغمورة بهالة من المانا النقيّة التي انبعثت من أزهارها البلّورية.
لم نعد في الزنزانة، بل وقفنا أمام البوابات الكبرى. الجسر متعدّد الألوان الممتدّ أمام القصر بقي مكانه، لكن لم يحدّق أحد إلى الأسفل.
أما جراحي، فقد التأمت بسرعة، الجلد يلتئم بسلاسة تفوق المألوف. لم أُعرها اهتمامًا، إذ كان تركيزي موجهًا إلى كيزيس وخارناس.
رمق كيزيس سيّد الفريترا بنظرة طويلة. لم يعد خارناس مُعلّقًا في مركز الشعاع الأحمر، بل راكعًا في قاعه، والسلاسل السوداء تكبّله—دون داعٍ، كما رأيتُ. كان على شفير الموت بالفعل.
جاءت شهقة خافتة من خلفي. استدرتُ، لأجد سيلفي، وإيلي، وأمي، وقد توقّفن فجأة، عيونهنّ شاخصة إلى الجرح المتّسع في السماء.
“خارناس فريترا.” لفظ كيزيس الاسم وكأنه لفظة نجسة، ازدراء يقطر من بين شفتيه. رمقني بنظرة خاطفة، فتلألأت عيناه بوهج أرجواني كاد يميل للسواد. “ما هذا؟” امتدت يده وأطبقت على ذقن خارناس المسطّح. “كيف—”
“طاقته تلتهم شظايا نواته.” علّقت موروينا، مقتربة بخطوات محسوبة. رفعت كفّها برقة، فتراقصت حولها تموجات من المانا، ترفرف كيراعات متوهجة. “لا أظن حتى أن شفائي قادرٌ على إنقاذه الآن.”
“إنقاذه؟” زمجر راديكس، وهو يحكّ قشور الألماس على وجهه بلا اكتراث. “من وجهة نظري المتواضعة، لعله من الأنسب تعجيل الأمر.”
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com الصورة من خلال الجرح لم تكن مثالية.
نظر راي كوثان بأسى إلى رفيقه الباسيليسك، الوحيد الذي بدا أنه يشعر بشيء غير الاشمئزاز أو الغضب المتقد. “موروينا محقّة. هذه التقنية الفراغية… ليست شيئًا يمكن التعافي منه.” جثا أمام خارناس، ومدّ أصابعه نحو القرن المبتور، لكنه لم يلمسه. رفع بصره نحو كيزيس. “ما تبقّى من الفراغ سيلتهمه من الداخل.”
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com سُحبٌ من الشفرات الضوئية السوداء الرفيعة كالموسى ملأت القاعة.
استطعتُ بالكاد أن أتحسس ذلك—عُقَدًا من المانا ذات سمة التحلّل، تزحف كدودٍ ينخر جسده، تقتات عليه وهو لا يزال حيًّا.
انداحت قوةٌ عارمة من كيزيس، فارتجّت القاعة تحت وطأتها.
“خارناس فريترا.” لفظ كيزيس الاسم وكأنه لفظة نجسة، ازدراء يقطر من بين شفتيه. رمقني بنظرة خاطفة، فتلألأت عيناه بوهج أرجواني كاد يميل للسواد. “ما هذا؟” امتدت يده وأطبقت على ذقن خارناس المسطّح. “كيف—”
تكدّرت أشعة النور القرمزي، وتحولت إلى لون أرجواني قاتم. في قلب زنزانة الضوء، تجمّدت المانا، كما توقفت رقائق الجلد المتساقطة عن جسد خارناس في مكانها. لم يعد يتنفس كذلك—توقّف الزمن بالنسبة له تمامًا.
كنتُ أعلم، منذ آخر حجر أساس، أن أفيتوس لن يصمد إلى الأبد، لكن…
“يمكننا أن نكسب مزيدًا من الوقت إن لزم الأمر. أستطيع أن أجعل احتضارك يدوم ما شئتُ، خارناس. ولن يكون هينًا. كل ثانية ممتدة ستغدو دهورًا متلاحقة بالنسبة لك. حياةٌ أبدية من التحلل البطيء، والموتُ يلوح أمامك دون أن ينالك.” توقف لبرهة، ثم استطرد: “ما لم ترغب في الحديث من تلقاء نفسك. ربما، خارناس فريترا، لم يعد لديك الحافز للدفاع عن سيّدك الأسمى، أغرونا، وكشف أسراره—”
[منظور أغرونا فريترا]
انفكّ الزمن من قيده داخل الزنزانة.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com
بصق خارناس دمًا وصديدًا أسود، سال على العظم العاري من ذقنه. “أنت وأغرونا، أنتما تستحقان بعضكما. آمل أن تمزّق كل منكما الآخر إربًا.”
ارتسمت الصدمة على ملامح موروينا، وراي، ونوفيس، وراديكس، وجميعهم نطقوا بتساؤل واحد: “ما هذا—؟”
“إذًا، لم يكن هذا خيارك منذ البداية؟” سألتُ، أراقبه بحذر، بينما كان مقام الملك يضفي وضوحًا على كل إيماءة أو ارتعاشة تصدر عنه. حتى دون السمة الإلهية، كان جليًّا أنه لا يملك القدرة أو الدافع لخداعنا.
“ديكاثين. ألاكريا.”
بغتة، انتفض خارناس، منتزعًا رأسه من قبضة كيزيس. قرنه، المنحني إلى أسفل والخارج كقرن ثور بريّ، ارتطم بصدغ كيزيس. تراجع الأخير، متورّمًا بهالة من المانا والأثير، حتى كاد الهواء في القاعة يثقل، والقصر بأسره ينقبض وكأنه يحتضر.
استدار إليّ، نظراته خاوية من أي إدراك، وقال ببرود: “لماذا يُسمح لهذا الوضيع بالكلام في حضوري؟ أنا خارناس، السوط الأسود، سيّد—”
الوطن.
“مجرد دميةٍ لحمية.” قاطعته بنبرة جافة.
كل واحدٍ من الحاضرين كان قد ناله الأذى، ولو قليلًا.
قهقه ريجس في الخلف، حيث كان متكئًا في ظلّ السادة العظام.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com
جمد في مكانه، بالكاد كانت كلمته الأخيرة قد فارقت شفتيه النازفتين.
نظر إليّ كيزيس، الذي كان قد أوقف الزمن مجددًا عند كلامي. لم يكن في نظرته أثرٌ للمزاح، لكن عينيه تلألأتا للحظة بلون الخزامى قبل أن تعودا إلى ظلمتهما المعتادة. “هل أرسلك أغرونا إلى هنا لاغتيالي؟” ثم أعاد تحريك الزمن.
كجسدٍ واحد، رفعت الأزوراس أنظارهم إلى السماء.
ذراعا نوفيس كانتا موشّحتين بخدوش دقيقة، تتراقص ألسنة اللهب عليها، تحرق الجراح ببطء حتى تلتئم. نصف وجه راديكس كان مثقوبًا بندوب أشبه بشظايا متناثرة، لكن قشورًا بلّورية بدأت تتشكل فوقها. أما راي، فقد اختفى نصف يده اليمنى دون نقطة دم، واللحم المكشوف كان أسود ناعمًا كالصقل. وحدها موروينا لم تُظهر أثرًا لإصابة، غير أنها كانت مغمورة بهالة من المانا النقيّة التي انبعثت من أزهارها البلّورية.
حدّجني خارناس بنظرة مغموسة في حقدٍ أسود. “كلا. لكن عندما فتحتُ عينيّ، ووقع بصري عليك، لم أتمكن من التفكير إلا في شيء واحد—أنني أريد أن أقطّع وجهك إربًا.”
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com
تحرك الآخرون بانتباه، لكن كيزيس رفع يده، فالتزم الجميع الصمت.
“ما سبب وجودك هنا إذًا؟” سأل كيزيس، بنبرة هادئة متزنة، وقد وارى خلفها ذلك الغضب العاصف الذي تفجّر منذ قليل.
جمد في مكانه، بالكاد كانت كلمته الأخيرة قد فارقت شفتيه النازفتين.
هزّ خارناس كتفيه، أو حاول ذلك. لم يستطع تمامًا، لكن المغزى كان واضحًا. “أنت أخبرني.”
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com
وأنا… سأنتزع ما أبتغيه من بين الأنقاض.”
“ألا تذكر شيئًا حقًا؟” تساءل راي، وعيناه تضيقان بارتياب.
كجسدٍ واحد، رفعت الأزوراس أنظارهم إلى السماء.
أو ما كان يومًا وطنًا… ولم يعد كذلك.
“كل ذلك الوقت—عقود بأكملها، ربما—قضيته كأغرونا؟” أضفتُ، بالشك ذاته.
جاءت شهقة خافتة من خلفي. استدرتُ، لأجد سيلفي، وإيلي، وأمي، وقد توقّفن فجأة، عيونهنّ شاخصة إلى الجرح المتّسع في السماء.
تلوّت تقاسيم وجهه بغضبٍ كاسح. “عقود؟ ذلك الخائن الوضيع…”
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com
قهقه راديكس، صدى ضحكته يرنّ بين الجدران الحجرية. “لم تكن شريكًا راغبًا في تعويذته إذن.”
وأنا… سأنتزع ما أبتغيه من بين الأنقاض.”
“راغب؟” انتُزعَت الكلمة من حلق خارناس كأنها حافة شفرة، ممزوجة بالدماء والألم. “لقد حوّلني إلى…” صبّ عليّ نظرة حارقة. “دميةٍ من لحمه هو. كلا، لم أكن راغبًا. ذلك الانحطاط!” قعقعت أسنانه بغيظ، لكن ثورته لم تدم طويلًا، إذ انحنى رأسه وارتجفت عيناه، كأنه يوشك على الإغماء. “لا… ذاكرة لي عن ذلك. لا يمكنني أن أخبركم… سوى بشيء واحد: لقد كنتم حمقى إذ تركتمونا نحيا لهذه المدة الطويلة.”
كجسدٍ واحد، رفعت الأزوراس أنظارهم إلى السماء.
جمد في مكانه، بالكاد كانت كلمته الأخيرة قد فارقت شفتيه النازفتين.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com اندفعتُ إلى الأمام، الأثير يتلألأ في راحتي، يتكثّف، آخذًا في التشكل كنصل بنفسجي متوهج، غير أن القوة الخام المنبعثة من كيزيس كانت تطبق على الحجرة كقبضة الجبابرة، فوجدتني أتحرك وكأنني أخوض في مياه غائرة.
كذلك توقفت الديدان السوداء من المانا التي كانت تلتهمه من الداخل، وكأن الزمن قد أُوقف مجددًا.
لم أُجب. لم أستطع.
لا تزال مرصّعة بالسحب، مائلة إلى الزرقة، تتدرّج إلى البنفسجي، ثم الأسود عند الأطراف.
سرتُ حول خارناس في دائرة، أتمعّن في هذا الفريترا اللعين. “لماذا لا يتذكر؟ هذا مشابهٌ تمامًا لما كانت سيسيليا تفعله بتيسيا، لكنها كانت واعية لأغلب الوقت.”
وفي قلبها… كرةٌ زرقاء.
وقف راي، موليًا بصره عن هذا المشهد القبيح. “أغرونا فريترا يتفنّن في استعباد العقول، وطمس الإدراك، بل وحتى إعادة كتابة الماضي عبر الذاكرة. وجوده داخل رأس هذا الباسيليسك المثير للشفقة كان أكبر من أن يتمكّن من مقاومته.”
غير أن الجرح ذاته لم يكن الشيء الذي جمّد الدم في عروقي كأنه ماءٌ مثلّج.
ركضت إيلي إلى جانبي، تلفّ ذراعيها حولي. أما أمي، فقد تماسكت… لكن بالكاد.
“إذًا، لا تظنّ أنه يكذب؟” سألتُ، مستندًا إلى الحائط، حتى يتسنى لي رؤية السادة جميعًا. “ألا يكون هذا مجرد تلاعب آخر من أغرونا؟ فكمحاولة اغتيال—”
جاء صوت كيزيس جامدًا، مجردًا من أي انفعال. كان هالة من البرود المُطبق.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com تربطه بأغرونا الحقيقي. اكتملت الفكرة في ذهني، وكأن مسمارًا انغرز في موضعه الصحيح. تفرّعت عشرات الأفكار وانشطرت تحت وطأة تأثير مقام الملك، عقلي يسبح في دوائر فكرية متشابكة، متأملًا احتمالات متعددة في آن واحد.
“لقد فشلت.” قال كيزيس باقتضاب، غير أن التوتر المتّقد خلف جموده البارد كان محسوسًا، حتى أن يده تحركت بلا وعي نحو أضلاعه.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com
“إذًا، ماذا يعني هذا بخصوص أغرونا؟” تساءلت موروينا، بينما كانت الذرات الشفائية التي بعثتها كرومها تتلاشى شيئًا فشيئًا. والآن، بمجرد رفرفة من يدها، انسحبت النباتات كلها عبر الأرض، كأنها لم تكن هنا قط. “لا بد أنه لا يزال هناك، في مكانٍ ما.”
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com ————————
“إنه يفعل شيئًا في ألاكريا.” قلت، مستعيدًا أنفاسي، ثم دفعتُ نفسي بعيدًا عن الجدار. “لقد أرسلت لي سيريس رسالة. أحضرها تشول. يجب أن أعود. إن كان قد خسر… مساعدَه المقرب، فقد يكون في حالة يأس—وضعف.”
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com
نظر نوفيس إلى خارناس، الذي كان لا يزال معلقًا داخل الشعاع المائع ذي اللون العنابي، ملفوفًا في السلاسل السوداء الثقيلة، بلا حراك. أما الآخرون، فقد ركزوا أنظارهم جميعًا على كيزيس.
‘إذًا، طوال هذا الوقت، لم يكن أغرونا سوى… ماذا بالضبط؟ يُسيّر هذا الجسد الفريتراوي كأنه دمية، من أعماق قصره المقيت؟’ امتزج قرفي باشمئزاز ريجس. ‘هاه. تظن أنك تعرف أحدهم، ثم يحدث هذا.’
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com
ظلّ كيزيس صامتًا، يربّت بأصابعه على فكّه الأملس بشرود. بدا وكأن بصره تلاشى في الفراغ، غارقًا في دهاليز فكره. ثم، فجأة، انتفض وكأن شرارةً أيقظته من تأمله العميق.
“بالفعل. ينبغي أن نعلم ما الذي يخطط له—الآن وقد زُجّ به إلى زاوية ضيقة. عليك أنت ورفاقك التوجّه إلى ألاكريا حالًا، استكشاف الوضع هناك. قبل أن نتمكّن من—”
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com
اهتزّت الأرض بعنف.
ذراعا نوفيس كانتا موشّحتين بخدوش دقيقة، تتراقص ألسنة اللهب عليها، تحرق الجراح ببطء حتى تلتئم. نصف وجه راديكس كان مثقوبًا بندوب أشبه بشظايا متناثرة، لكن قشورًا بلّورية بدأت تتشكل فوقها. أما راي، فقد اختفى نصف يده اليمنى دون نقطة دم، واللحم المكشوف كان أسود ناعمًا كالصقل. وحدها موروينا لم تُظهر أثرًا لإصابة، غير أنها كانت مغمورة بهالة من المانا النقيّة التي انبعثت من أزهارها البلّورية.
ارتجّ القصر كلّه، وكأن الجبل الذي يستند إليه قد بدأ في التهدم من أساسه. ومن الخارج، بدا وكأن الصوت جاء من بُعدٍ سحيق، صوت غريب، شيء ما بين زئير إعصار، وتمزّق قماش متين تحت وطأة قوة هائلة.
“ألا تذكر شيئًا حقًا؟” تساءل راي، وعيناه تضيقان بارتياب.
وفي ذات اللحظة، كان جزءٌ آخر من إدراكي يغوص في تحليل تداعيات هذا الكشف. علينا أن نفترض أن أغرونا ما زال حيًّا، وهذا يقلب مغزى الرسالة التي حملها تشول رأسًا على عقب.
استدار كيزيس، يحدّق عبر الجدران والأرض، متتبعًا السحر الذي يحفظ قصره متماسكًا.
ثم انفجرت قواهم عبر أرجاء الزنزانة.
قهقه راديكس ساخرًا. “لكن ليس لدرجة أن رأسه يعجز عن التهشم فوق الصخر مثل ثمرة شمس ناضجة.”
ارتسمت الصدمة على ملامح موروينا، وراي، ونوفيس، وراديكس، وجميعهم نطقوا بتساؤل واحد: “ما هذا—؟”
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com سرتُ حول خارناس في دائرة، أتمعّن في هذا الفريترا اللعين. “لماذا لا يتذكر؟ هذا مشابهٌ تمامًا لما كانت سيسيليا تفعله بتيسيا، لكنها كانت واعية لأغلب الوقت.”
لم يكن وميضًا، بل أشبه بانعكاس الضوء فوق مياه بعيدة، ثم—ظهرت ماير.
كأنها ثقبٌ أسود.
لا تزال تحتفظ بهيئتها الشابة، لكن ارتعاشة من الفزع، بالكاد مكبوتة، كانت تسري تحت جلدها.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com
“أيها السادة العظام، أسرعوا، إن—”
المسلك إلى أفيتوس، الذي طالما أُغلق كفُوّهة قربة مشدودة، كان الآن يُمزّق على مصراعيه—شقّ في السماء يمتدّ من غابات الوحوش في ديكاثين، عابرًا البحر، ومخترقًا جبال ناي الباسيليسك في ألاكريا.
استطعتُ بالكاد أن أتحسس ذلك—عُقَدًا من المانا ذات سمة التحلّل، تزحف كدودٍ ينخر جسده، تقتات عليه وهو لا يزال حيًّا.
انطوى الفضاء من حولنا.
الفصل 510: جراحٌ نازفة
لم نعد في الزنزانة، بل وقفنا أمام البوابات الكبرى. الجسر متعدّد الألوان الممتدّ أمام القصر بقي مكانه، لكن لم يحدّق أحد إلى الأسفل.
“خارناس فريترا.” لفظ كيزيس الاسم وكأنه لفظة نجسة، ازدراء يقطر من بين شفتيه. رمقني بنظرة خاطفة، فتلألأت عيناه بوهج أرجواني كاد يميل للسواد. “ما هذا؟” امتدت يده وأطبقت على ذقن خارناس المسطّح. “كيف—”
كجسدٍ واحد، رفعت الأزوراس أنظارهم إلى السماء.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com لم يكن هذا مجرد شقّ نحو الفراغ، أو فجوةً تقود إلى العتمة الأثيرية أو فراغ الفضاء السحيق المرصّع بالنجوم.
“لا…”
“أطلقوه.”
وبينهما، بحرٌ شاسع، خاوي الامتداد.
اجتاحني رعبٌ بارد، انقضّ على صدري وحاصر أنفاسي.
بقبضتي المشدودة على نصل الأثير المتجسد، استدعيتُ خطوة الحاكم وانتظرتُ.
سمعت اسمي، لم يكن صوتًا، بل خاطرةً تسري في رأسي، متداخلةً مع الريح العاصفة حول منحدرات قلعة إندرات. سيلفي. كانت تتساءل، تتوجّس خوفًا.
لم أُجب. لم أستطع.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com
بغتة، انتفض خارناس، منتزعًا رأسه من قبضة كيزيس. قرنه، المنحني إلى أسفل والخارج كقرن ثور بريّ، ارتطم بصدغ كيزيس. تراجع الأخير، متورّمًا بهالة من المانا والأثير، حتى كاد الهواء في القاعة يثقل، والقصر بأسره ينقبض وكأنه يحتضر.
وقفتُ إلى جانب كيزيس وماير إندراث، تحيط بي بقية السياة العليا، ونظرتُ إلى السماء، كأن عقلي عاجزٌ عن استيعاب ما أراه.
تراجع الآخرون. أفلت راديكس قبضته الفيزيائية، بينما استدعى نوڤيس أسلحته النارية المعقوفة التي كنتُ بالكاد قد لاحظتها تدور من قبل.
كأنّ السماء قد انشقّت ببساطة، كأن نصلًا جبّارًا قد مزّقها، ففتح جرحًا في لحمها، كاشفًا عما يكمن خلفها.
رفعتُ حاجزًا سميكًا من الأثير. بجانبي، نسج راي كوثان درعًا من شظايا الحديد الدموي المتشابكة. اصطدم الضوء الأسود بالحاجزين، ثم انحسر فجأة. وفي تلك اللحظة، لمحتُ خارناس وكيزيس: الأول، يترنح بين القيود والحرية، شقوق سوداء كالبرق تتشعب عبر جسده؛ والثاني، يتراجع، الغضب يفور في قسماته، سيطرته المنهجية تلاشت، والشقوق السوداء ذاتها تومض وتتلاشى على يديه ووجهه.
تماوجت هالةٌ متوحشة عند حواف الشق، حمراء وأرجوانية، كمثل جلد نيّئ حول رضّة حديثة التشكل عند حواف الفضاء المنطوي.
وأنا… سأنتزع ما أبتغيه من بين الأنقاض.”
لكن، بخلاف ضربة النصل، لم يكن الجرح مستقيمًا أو نظيفًا، بل متعرجًا، كأنّ مخالب وأنيابًا، أو ربما قوةٌ صمّاء، هي من مزّقته.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com لقد انتُزع أفيتوس من عالمنا، وسُجن داخل حاجزٍ أو فقاعة، محجوزًا خارج الفضاء الحقيقي، في بُعدٍ منفصل، أشبه بالعالم الأثيري.
وحوله، تلّونت السماء بلونٍ رماديّ كئيب، مشوهةً، كأنّها—كأنّ أفيتوس برمّتها كانت تُسحب نحو هذا الجرح.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com
كأنها ثقبٌ أسود.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com استدار إليّ، نظراته خاوية من أي إدراك، وقال ببرود: “لماذا يُسمح لهذا الوضيع بالكلام في حضوري؟ أنا خارناس، السوط الأسود، سيّد—”
الفصل 510: جراحٌ نازفة
غير أن الجرح ذاته لم يكن الشيء الذي جمّد الدم في عروقي كأنه ماءٌ مثلّج.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com انفجر خارناس للمرة الثالثة.
لم أكن مستعدًا لهذا.
لم يكن هذا مجرد شقّ نحو الفراغ، أو فجوةً تقود إلى العتمة الأثيرية أو فراغ الفضاء السحيق المرصّع بالنجوم.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com “أيها السادة العظام، أسرعوا، إن—”
خطوتُ داخل المسارات الأثيرية، فوجدتُ نفسي بجوار خارناس، في فقاعة الفراغ التي تحيط به. احمرّت عيناه كليًّا، حتى تلاشت قزحيتاه وسط بياضهما. تقشّرت رقع من جلده الرماديّ الفاتح، فتساقطت متهالكة كأوراق يابسة، كاشفةً تحتها لحمًا نيّئًا متورّدًا. أحد قرنيه كان قد تحطم تحت وطأة تعويذته هو.
على الجانب الآخر، كانت هناك سماءٌ أخرى.
لا تزال مرصّعة بالسحب، مائلة إلى الزرقة، تتدرّج إلى البنفسجي، ثم الأسود عند الأطراف.
“ما سبب وجودك هنا إذًا؟” سأل كيزيس، بنبرة هادئة متزنة، وقد وارى خلفها ذلك الغضب العاصف الذي تفجّر منذ قليل.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com لكن السلاسل بقيت، توثّقه ماديًّا داخل سجن المانا القرمزيّ.
وفي قلبها… كرةٌ زرقاء.
لم يكن وميضًا، بل أشبه بانعكاس الضوء فوق مياه بعيدة، ثم—ظهرت ماير.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com جذبني صوت كيزيس من أفكاري المتشابكة، مجبرًا إياي على التركيز على الحاضر.
شطرَ زرقتها يابستان، تتخللهما خضرة وبنية الأرض.
أحدهما كان شكلًا بسيطًا، مربعًا أو ماسيًّا، يقطعه شريطٌ جبليّ خشن.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com
توقّف الكلام على لساني فيما راح الصدع يتّسع أكثر فأكثر.
أما الآخر، فقد كان متشظيًا، متكسّرًا، أشبه بجماجم ذات قرون ملتوية…
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com ————————
قهقه راديكس ساخرًا. “لكن ليس لدرجة أن رأسه يعجز عن التهشم فوق الصخر مثل ثمرة شمس ناضجة.”
وبينهما، بحرٌ شاسع، خاوي الامتداد.
“إذًا، ماذا يعني هذا بخصوص أغرونا؟” تساءلت موروينا، بينما كانت الذرات الشفائية التي بعثتها كرومها تتلاشى شيئًا فشيئًا. والآن، بمجرد رفرفة من يدها، انسحبت النباتات كلها عبر الأرض، كأنها لم تكن هنا قط. “لا بد أنه لا يزال هناك، في مكانٍ ما.”
كدتُ أنفجر ضاحكًا. بدت الفكرة ضربًا من العبث، مستحيلة الحدوث. كيف انطلت عليّ؟ كنتُ قد قطعتُ خيوط القدر حرفيًّا، تلك التي تربطه—
“ديكاثين. ألاكريا.”
تهاوى القرن على الأرض، متدحرجًا، وفي اللحظة ذاتها، تفتّتت المانا من حولنا، واندثر الانفجار الفراغي في العدم.
وقفتُ كأنني في حلمٍ لم يكتمل، كأنني عبرت من غرفة في بيتٍ، لأجد نفسي في أخرى لا تتصل بها بأي منطق.
الصورة من خلال الجرح لم تكن مثالية.
كانت مقطّعةً برياح أرجوانية، وتشوهات في الضوء، لكنها لم تكن بحاجة إلى تفسير—
رفعتُ حاجزًا سميكًا من الأثير. بجانبي، نسج راي كوثان درعًا من شظايا الحديد الدموي المتشابكة. اصطدم الضوء الأسود بالحاجزين، ثم انحسر فجأة. وفي تلك اللحظة، لمحتُ خارناس وكيزيس: الأول، يترنح بين القيود والحرية، شقوق سوداء كالبرق تتشعب عبر جسده؛ والثاني، يتراجع، الغضب يفور في قسماته، سيطرته المنهجية تلاشت، والشقوق السوداء ذاتها تومض وتتلاشى على يديه ووجهه.
توقّف الكلام على لساني فيما راح الصدع يتّسع أكثر فأكثر.
إنّ الصدع الذي يصل ديكاثين بأفيتوس قد انفتح.
كانا يتداخلان، معتمدين على بعضهما، وكان حاجز أفيتوس متكئًا على العالم الأثيري كي يبقى موجودًا.
حتى وأنا أحدّق، كانت حوافه المشوهة تتسع، تكشف المزيد والمزيد من العالم على الجانب الآخر.
وحوله، تلّونت السماء بلونٍ رماديّ كئيب، مشوهةً، كأنّها—كأنّ أفيتوس برمّتها كانت تُسحب نحو هذا الجرح.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com
ابتلعتُ ريقي، قدماي مغروستان في الأرض، عقلي يعمل ببطء كأن تروسًا صدئة تحرّكه.
لقد انتُزع أفيتوس من عالمنا، وسُجن داخل حاجزٍ أو فقاعة، محجوزًا خارج الفضاء الحقيقي، في بُعدٍ منفصل، أشبه بالعالم الأثيري.
“لقد حاولتُ أن أفعل هذا بالطريقة السهلة.” نطقتُ، ناظرًا إلى السماء الجريحة. “كلّ ما أردته هو تلك القوة التي قضيتم أحقابًا لا تُحصى تُخفونها عني. كان يمكنكم أن تموتوا، لكن هذا العالم—كلا العالمين—كان ليواصل مسيره، متوافقًا مع النظام الطبيعي لوجوده. لكنكم فقط… تأبون… الإفلات.”
كانا يتداخلان، معتمدين على بعضهما، وكان حاجز أفيتوس متكئًا على العالم الأثيري كي يبقى موجودًا.
وفي ذات اللحظة، كان جزءٌ آخر من إدراكي يغوص في تحليل تداعيات هذا الكشف. علينا أن نفترض أن أغرونا ما زال حيًّا، وهذا يقلب مغزى الرسالة التي حملها تشول رأسًا على عقب.
كنتُ أعلم، منذ آخر حجر أساس، أن أفيتوس لن يصمد إلى الأبد، لكن…
لا تزال تحتفظ بهيئتها الشابة، لكن ارتعاشة من الفزع، بالكاد مكبوتة، كانت تسري تحت جلدها.
لم أكن مستعدًا لهذا.
توقّف الكلام على لساني فيما راح الصدع يتّسع أكثر فأكثر.
اللهم أنت ربي، الواحد الأحد، الملك الحق المبين، نسألك يا رب العالمين أن ترزقنا القوة في ديننا، والصبر على بلائنا، والثبات على توحيدك. اللهم أنت الرزاق ذو القوة المتين، ارزقنا من فضلك ما يقوّي إيماننا ويُصلح أحوالنا. اللهم ارحم شهداءنا، وألحقهم بالصالحين، واجعل قتلاهم في جنات النعيم. اللهم انصر إخواننا المستضعفين في الأرض، واكشف عنهم الغمّة، وفرّج كربهم يا أرحم الراحمين. آمين.
كنتُ أتوقع أن يستغرق الأمر عقودًا، ربما قرونًا، حتى ينحاز الأزوراس إلى قضيتي، حتى يُخلى أفيتوس ويعاد تجميع شعبها في العالم الحقيقي.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com تربطه بأغرونا الحقيقي. اكتملت الفكرة في ذهني، وكأن مسمارًا انغرز في موضعه الصحيح. تفرّعت عشرات الأفكار وانشطرت تحت وطأة تأثير مقام الملك، عقلي يسبح في دوائر فكرية متشابكة، متأملًا احتمالات متعددة في آن واحد.
لكن الآن، أقف هنا، عاجزًا، وأراقب العالم الذي وُلدتُ فيه مجددًا وهو يقترب أكثر وأكثر مع كل ثانية.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com
جاءت شهقة خافتة من خلفي. استدرتُ، لأجد سيلفي، وإيلي، وأمي، وقد توقّفن فجأة، عيونهنّ شاخصة إلى الجرح المتّسع في السماء.
“إنقاذه؟” زمجر راديكس، وهو يحكّ قشور الألماس على وجهه بلا اكتراث. “من وجهة نظري المتواضعة، لعله من الأنسب تعجيل الأمر.”
اندفع راديكس إلى الأمام، جسده يكسوه وهج من ألماسات سوداء، متجاوزًا إياي ليقبض على حنجرة خارناس. نبتت كرومٌ صخرية كثيفة من الأرض، تطوّقت حول زنزانة الضوء التي تؤسره، وتفتّحت منها أزهار زرقاء مخضرة، متألقة كبلّورات، تطلق ذرات من مانا ناصعة البياض في الهواء.
في الخلف، كان ريجس يركض، يمسح المشهد بعينَيه.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com لكن السلاسل بقيت، توثّقه ماديًّا داخل سجن المانا القرمزيّ.
اشتدّ تعبير سيلفي، بينما كانت إيلي وأمي على شفير الانهيار.
خطوتُ داخل المسارات الأثيرية، فوجدتُ نفسي بجوار خارناس، في فقاعة الفراغ التي تحيط به. احمرّت عيناه كليًّا، حتى تلاشت قزحيتاه وسط بياضهما. تقشّرت رقع من جلده الرماديّ الفاتح، فتساقطت متهالكة كأوراق يابسة، كاشفةً تحتها لحمًا نيّئًا متورّدًا. أحد قرنيه كان قد تحطم تحت وطأة تعويذته هو.
ركضت إيلي إلى جانبي، تلفّ ذراعيها حولي. أما أمي، فقد تماسكت… لكن بالكاد.
ركضت إيلي إلى جانبي، تلفّ ذراعيها حولي. أما أمي، فقد تماسكت… لكن بالكاد.
“ما سبب وجودك هنا إذًا؟” سأل كيزيس، بنبرة هادئة متزنة، وقد وارى خلفها ذلك الغضب العاصف الذي تفجّر منذ قليل.
“ماذا يحدث؟” همست إيلي، لاهثة، في نفس اللحظة التي قالت فيها أمي: “ماذا يعني هذا، آرثر؟”
“كلّ ما شيّدتموه، كلّ ما تشبّثتم به منذ البداية، سينهار قريبًا.
وقفتُ، محاطًا بعائلتي، أبحث عن أي إجابةٍ أخرى، أي تفسيرٍ يمنحهن الطمأنينة…
رفعتُ حاجزًا سميكًا من الأثير. بجانبي، نسج راي كوثان درعًا من شظايا الحديد الدموي المتشابكة. اصطدم الضوء الأسود بالحاجزين، ثم انحسر فجأة. وفي تلك اللحظة، لمحتُ خارناس وكيزيس: الأول، يترنح بين القيود والحرية، شقوق سوداء كالبرق تتشعب عبر جسده؛ والثاني، يتراجع، الغضب يفور في قسماته، سيطرته المنهجية تلاشت، والشقوق السوداء ذاتها تومض وتتلاشى على يديه ووجهه.
لكنني لم أجد.
أما جراحي، فقد التأمت بسرعة، الجلد يلتئم بسلاسة تفوق المألوف. لم أُعرها اهتمامًا، إذ كان تركيزي موجهًا إلى كيزيس وخارناس.
“لا أعلم.”
بدا الشحوب جليًّا على وجه راي كوثان. فقد كان أسرُ أغرونا سبيلًا لمداواة الجراح بين الباسيليسكات وسائر أهل أفيتوس. رأيته بعينيّ يكاد يحسب التداعيات في ذهنه، يُجري موازنات خاطفة وهو يُقدّر عواقب هذا الزلل.
كجسدٍ واحد، رفعت الأزوراس أنظارهم إلى السماء.
[منظور أغرونا فريترا]
لم نعد في الزنزانة، بل وقفنا أمام البوابات الكبرى. الجسر متعدّد الألوان الممتدّ أمام القصر بقي مكانه، لكن لم يحدّق أحد إلى الأسفل.
اتكأتُ على حافة الشرفة، أرقب السماء وهي تتماوج، ثم تتمزّق وتنفتح.
ارتسمت الصدمة على ملامح موروينا، وراي، ونوفيس، وراديكس، وجميعهم نطقوا بتساؤل واحد: “ما هذا—؟”
لا تزال تحتفظ بهيئتها الشابة، لكن ارتعاشة من الفزع، بالكاد مكبوتة، كانت تسري تحت جلدها.
المسلك إلى أفيتوس، الذي طالما أُغلق كفُوّهة قربة مشدودة، كان الآن يُمزّق على مصراعيه—شقّ في السماء يمتدّ من غابات الوحوش في ديكاثين، عابرًا البحر، ومخترقًا جبال ناي الباسيليسك في ألاكريا.
عند حوافه، احتدمت أنوارٌ شفقية عنيفة، متراقصةً بالأحمر والأرجواني، فيما كانت الحقيقة نفسها تنهار، والحاجز الذي أبقى أفيتوس في بُعده المنفصل يتداعى من نقطة اتصاله بالعالم الخارجي، مُتهاويًا نحو العدم.
“لقد حاولتُ أن أفعل هذا بالطريقة السهلة.” نطقتُ، ناظرًا إلى السماء الجريحة. “كلّ ما أردته هو تلك القوة التي قضيتم أحقابًا لا تُحصى تُخفونها عني. كان يمكنكم أن تموتوا، لكن هذا العالم—كلا العالمين—كان ليواصل مسيره، متوافقًا مع النظام الطبيعي لوجوده. لكنكم فقط… تأبون… الإفلات.”
ابتلعتُ ريقي، قدماي مغروستان في الأرض، عقلي يعمل ببطء كأن تروسًا صدئة تحرّكه.
توقّف الكلام على لساني فيما راح الصدع يتّسع أكثر فأكثر.
من خلفي، شعرتُ بتدفق طاقة الآخرين، كأنها تنهيدة ارتياح بعد كبح العاصفة. للحظة خاطفة، صمدوا أمام جحيم الفراغ، والآن، وقد زال ضغطه، ترنّحوا، يبحثون عن توازنهم.
“راغب؟” انتُزعَت الكلمة من حلق خارناس كأنها حافة شفرة، ممزوجة بالدماء والألم. “لقد حوّلني إلى…” صبّ عليّ نظرة حارقة. “دميةٍ من لحمه هو. كلا، لم أكن راغبًا. ذلك الانحطاط!” قعقعت أسنانه بغيظ، لكن ثورته لم تدم طويلًا، إذ انحنى رأسه وارتجفت عيناه، كأنه يوشك على الإغماء. “لا… ذاكرة لي عن ذلك. لا يمكنني أن أخبركم… سوى بشيء واحد: لقد كنتم حمقى إذ تركتمونا نحيا لهذه المدة الطويلة.”
ومن خلاله، بدأتُ أرى الضوء، والألوان.
الوطن.
غير أن جميعها كانت تعود إلى محورٍ واحد: القَدَر. بطريقةٍ ما، كان هذا كله جزءًا من لعبته.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com “أيها السادة العظام، أسرعوا، إن—”
أو ما كان يومًا وطنًا… ولم يعد كذلك.
كنتُ أعلم، منذ آخر حجر أساس، أن أفيتوس لن يصمد إلى الأبد، لكن…
شطرَ زرقتها يابستان، تتخللهما خضرة وبنية الأرض.
“كلّ ما شيّدتموه، كلّ ما تشبّثتم به منذ البداية، سينهار قريبًا.
وقفتُ كأنني في حلمٍ لم يكتمل، كأنني عبرت من غرفة في بيتٍ، لأجد نفسي في أخرى لا تتصل بها بأي منطق.
وأنا… سأنتزع ما أبتغيه من بين الأنقاض.”
بصق خارناس دمًا وصديدًا أسود، سال على العظم العاري من ذقنه. “أنت وأغرونا، أنتما تستحقان بعضكما. آمل أن تمزّق كل منكما الآخر إربًا.”
————————
ترجمة الخال
استدار كيزيس، يحدّق عبر الجدران والأرض، متتبعًا السحر الذي يحفظ قصره متماسكًا.
اهتزّت الأرض بعنف.
اللهم أنت ربي، الواحد الأحد، الملك الحق المبين، نسألك يا رب العالمين أن ترزقنا القوة في ديننا، والصبر على بلائنا، والثبات على توحيدك. اللهم أنت الرزاق ذو القوة المتين، ارزقنا من فضلك ما يقوّي إيماننا ويُصلح أحوالنا. اللهم ارحم شهداءنا، وألحقهم بالصالحين، واجعل قتلاهم في جنات النعيم. اللهم انصر إخواننا المستضعفين في الأرض، واكشف عنهم الغمّة، وفرّج كربهم يا أرحم الراحمين. آمين.
رفعتُ حاجزًا سميكًا من الأثير. بجانبي، نسج راي كوثان درعًا من شظايا الحديد الدموي المتشابكة. اصطدم الضوء الأسود بالحاجزين، ثم انحسر فجأة. وفي تلك اللحظة، لمحتُ خارناس وكيزيس: الأول، يترنح بين القيود والحرية، شقوق سوداء كالبرق تتشعب عبر جسده؛ والثاني، يتراجع، الغضب يفور في قسماته، سيطرته المنهجية تلاشت، والشقوق السوداء ذاتها تومض وتتلاشى على يديه ووجهه.
إن وُجدت أخطاء نحوية، إملائية، لغوية، فأخبروني في التعليقات. لا تبخلوا بتعليق جميل تحت.
---
ترجمة موقع ملوك الروايات. لا تُلهِكُم القراءة عن اداء الصلوات فى أوقاتها و لا تنسوا نصيبكم من القرآن
أشترك الان من هنا. ولامزيد من الاعلانات