You dont have javascript enabled! Please enable it!
]
Switch Mode
نظرًا لتوقف عرض الإعلانات على الموقع بسبب حظره من شركات الإعلانات ، فإننا نعتمد الآن بشكل كامل على دعم قرائنا الكرام لتغطية تكاليف تشغيل الموقع وتوجيه الفائض نحو دعم المترجمين. للمساهمة ودعم الموقع عن طريق الباي بال , يمكنك النقر على الرابط التالي
paypal.me/IbrahimShazly
هذا المحتوى ترفيهي فقط ولايمت لديننا بأي صلة. لا تجعلوا القراءة تلهيكم عن صلواتكم و واجباتكم.

السكينة في النار 58

لا ندوب من الماضي

لا ندوب من الماضي

عندما ظهر سو تشي لأول مرة في العاصمة، سأل الكثير من الناس ” من هذا الشخص؟” تم اكتشاف الإجابة بسرعة – سو تشي هو مي تشانجسو، رئيس تحالف النهر الشرقي، الطائفة الأولى في العالم. جلبت هذه الإجابة ارتياحًا كبيرًا للجميع ويبدو أنها تشرح أشياء كثيرة، ولذلك لم يستمر شخص واحد في التساؤل ” ثم مي تشانجسو … من هو؟”
لم يكن مي تشانجسو يعتقد أن أول شخص يطرح هذا السؤال ستكون الأميرة نيهوانج. الآن، حملت نظرتها الحادة في داخله مثل السيف، مثبتة على وجهه، تراقب أدنى تحول في التعبير وهي تنتظر رده.
هل يراوغ السؤال ويرفض الإجابة أم يخدعها أكثر؟ لقد بدا اختيارًا صعبًا.
بدا هناك إرهاق في تعبيرات مي تشانجسو حيث أدار رأسه ببطء، كما لو يتجنب سؤال الأميرة، وقال بتواضع ” محارب قديم. مثل ني ديو، محارب مخضرم نجا “.
أصبحت نظرة نيهوانج مثل الكريستال وهي تواصل التحديق به “إذا كنت أحد قدامى المحاربين في تشييان، فلماذا لا أتعرف عليك؟”
” عدد جنود جيش تشيان لا يُحصى، كيف يمكنك تذكرهم جميعًا؟”
“لكنك الآن رئيس التحالف، وحتى ني ديو يخدم عن طيب خاطر تحت قيادتك، ويطيع أوامرك. إذا قلت إنك كنت مجرد جندي مجهول في ذلك الوقت، فأنا لا أصدقك “.
“ربما لأن … الأمور التي نتعامل معها الآن لا علاقة لها بساحة المعركة …” ظهرت ابتسامة ساخرة على زاوية شفة مي تشانجسو “ني ديو ليس موهوبًا بهذه الطريقة، بالإضافة إلى أنه معروف من قبل الكثير من الناس، لذلك لن يكون ذلك مناسبًا.”
نظرت إليه نيهوانج بثبات لفترة طويلة، وسألت فجأة ” هل تعرف لين شو؟”
خفض مي تشانجسو عينيه. كيف يمكن لمحارب قديم في تشييان ألا يعرف لين شو؟ ولذا لم يستطع إلا الرد ” أنا أعرفه”.
“هل مات حقا في ساحة المعركة؟”
“نعم.”
“أين مات؟”
“ميلينج”.
“جسده وعظامه .. أين دفنوا؟”
“لهؤلاء السبعين ألف جندي كانت السماء قبورهم والأرض قبورهم.”
“حتى عظامه لم تجمع؟” أغمضت نيهوانج عينيها بإحكام، وأصابعها تنقبض حول رداءها ” لم يتم العثور حتى على قطعة واحدة من رفاته؟”
” هذه هي الحقيقة المرة في ساحة المعركة، حيث تتراكم الجثث على ارتفاع يصل إلى الجبال. من كان يعرف من بينهم لين شو؟ ”
“نعم….” أومأ نيهوانج بذهول ” أعرف كيف تبدو ساحة المعركة. في كل معارك التاريخ، كم عادوا وأجسادهم ملفوفة بشكل صحيح في أكفان؟ ”
سقطت نظرة مي تشانجسو عليها بحرارة ” إذا الأميرة ترغب في تقديم التضحيات لذكراه، فلا يوجد مكان لن تقبل فيه روحه النبيلة عروضك”.
“أنت على حق، لم يكن ليهتم بهذا.” تمتمت نيهوانج في نفسها، ثم نظرت إلى الأعلى فجأة، وأصبح التعبير عنيفًا في عينيها ” ولكن إذا كنت من قدامى المحاربين في تشييان، يجب أن تشير إليه باسم الجنرال الشاب، فلماذا ناديته باسمه، لين شو؟”
بدت نظرة مي تشانجسو ترتجف قليلاً، وشفتاه الشاحبة بالفعل تبيض أكثر. سواء ذلك لأنه لم يعد قادرًا على إخفاءه، أو لأنه لم يعد قادرًا على إخفاءه، لم يجيب على سؤالها، بل أدار وجهه بعيدًا.
“عندما ذكر ني ديو رئيسه، يتضح على الفور ولائه وتفانيه، ولا يبدو أن الأمر يتعلق ببساطة بتقسيم العمل، كما تدعي”. استدارت نيهوانج بعناد في مواجهته، وهي تحدق فيه بإصرار ” لم أفهم أبدًا عمق ألم ني ديو، حتى لو كنت مخطوبة لرفيقه الذي مات في المعركة، فلا يزال هذا سببًا غير كافٍ لهذا النوع من النضال واليأس، ما لم … ما لم يكن يعلم …”.
“نيهوانج ” أوقفها مي تشانجسو بلا هوادة ” لقد حشر ني ديو نفسه في زاوية فقط. سوف يتحسن ببطء، ولست بحاجة إلى المبالغة في الشك “.
حدقت به نيهوانج، بحزن رهيب على وجهها، وبينما تتنفس بقوة في الهواء البارد، بدا أن الضباب الأبيض يطمس رؤيتها. أخذت نفسا عميقا، أمسكت ذراع مي تشانجسو اليمنى فجأة، وفتحت القماش الذي ربط يده ودفعت رداءه السميك من الفرو بقوة إلى الخلف، حتى المرفق.
سمح لها مي تشانجسو بالتلاعب به ولم يدفعها بعيدًا أو يغطي ذراعه، ولكن ظهرت كآبة في نظرته المظلمة.
أمسكت نيهوانج بذراعه وأدارتها عدة مرات، وتفقدتها بعناية، لكن الجلد بدا نظيفًا، دون أي ندوب أو علامات.
أطلقت ذراعه في حيرة وظلت صامتة لفترة طويلة، لكن نيهوانج لا تزال غير مقتنعة، لذا مدت يدها لسحب رقبة مي تشانجسو، وتفحص المنطقة حول رقبته عن كثب.
بدا الجلد نظيفًا وخالٍ من العلامات وخالٍ من الجروح.
سقطت دموع الفتاة أخيرًا، متخلفة عن وجهها باستمرار، كما لو أن الدموع ستتجمد في الريح المريرة وتتبلور في لآلئ حوريات البحر.
نظر مي تشانجسو إليها بلطف، غير قادرة على الاقتراب، وغير قادر على تقديم أي راحة. تسللت الرياح الجليدية على كمه وياقته المفتوحة، مخترقة بعمق جلده، ويبدو أنها تبرده مباشرةً حتى العظم، كما لو أنها قد تخترق قلبه في أي لحظة وتجبره على التوقف.
“هل أنت خائف من البرد؟” سألت نيهوانج بهدوء، وراقبت وهو يشد رداء الفرو حول نفسه.
“نعم … لا أستطيع تحمل البرد ….”
بدا وجه نيهوانج شاحبًا، وعيناها لا تزالان تفيضان بالدموع: “لم يكن يخشى البرد من قبل، كان الجميع يسمونه الكرة النارية الصغيرة، ما هذه القسوة، التي يمكن أن تزيل الندوب ذاتها من جلد الشخص، وتحويل هذا الشاب القوي إلى شخص خائف جدًا من البرد …”
“نيهوانج…” بدا تعبير مي تشانجسو لا يزال هادئًا، وصوته منخفض ” ما رأيته كافٍ بالفعل، لا تتخيلي أي شيء آخر. إذا سمحت لخيالك بالاندفاع، فسوف تخلقين الكثير من الألم لنفسك – ألم ليس لك أن تواجهيه أو تتحمليه. مات لين شو، يكفي أن تصدقي هذا … ”
“لكن حدس المرأة كان دائمًا غير عقلاني ” حدقت نيهوانج في وجهه، ودموعها تتساقط بسرعة ” حتى لو لم تكن هناك أي ندوب أو علامات، فلا يزال بإمكاننا معرفة … ربما، كلما كانت العلامات أقل، كلما أصبحت أكثر يقينًا…. لين شو جيجي، أنا آسفة، لن أتركك مرة أخرى، ولن أتركك مرة أخرى أبدًا .. ”
“طفلة سخيفة.” ارتجفت عيون مي تشانجسو وهو يوجه فتاته الصغيرة إلى أحضانه “أعلم أنك تفتقدين لين شو جيجي، لكن هو لم يعد هو نفسه … الوقت الذي مضى، والقلب الذي تم تحريكه ذات مرة – إنهم مثل مياه نهر قد رقد، والذي لا يمكن أبدًا عكس تدفقه. لقد كنت متعبًا لمدة اثني عشر عامًا، ولا أريد أن أرى الأشخاص المهمين بالنسبة لي يعانون أكثر من أجلي، لذلك، بهذه الطريقة، يتم تخفيف العبء على عاتقي بشكل كبير أيضًا، ألا توافقين؟ ”
لفت نيهوانج ذراعيها بإحكام حول خصره، وغرقت دموعها في رداءه. على مدى السنوات العشر الماضية، كانت مصدر الدعم وركيزة القوة للجميع. أمام أخيها الصغير وجيش الحدود الجنوبية، كانت دائمًا صامدة وثابتة. حتى ني ديو لم يستطع جعلها تخفض حواجزها تمامًا.
فقط هذا الشخص، فقط هذا العناق، يمكن أن يعيدها إلى البراءة اللطيفة لشبابها، حيث استسلمت لدموعها وسمحت لنفسها بهذا التساهل. لم تشعر بأي شغف حارق أو اندفاع في الرغبة، بل شعرت بدفء الثقة اللطيف، مثل ضوء الشمس في الشتاء، وكأنها تستطيع أن تغمض عينيها وتصبح مرة أخرى تلك الفتاة الصغيرة البريئة التي حملها على ظهره أينما ذهبوا….
إذا وضعنا جانباً هوياتهم، وضعوا جانباً الخطبة التي قررها الكبار، لين شو جيجي لا يزال لين شو جيجي. بغض النظر عن عدد السنوات التي مرت، بغض النظر عن كيفية تغير العالم، حتى لو وقع كل منهم في يوم من الأيام في الحب وتزوج فتاة أخرى، وحتى عندما يكبر أطفالهم ونما الشعر الأبيض مع تقدم العمر، لين شو سيظل لين شو جيجي لها.
“نيهوانج، استمعي إلي ” أمسكها مي تشانجسو بهدوء، وهو يمشط شعرها بلطف ” لا تسأليني عما حدث طوال تلك السنوات الماضية، في يوم من الأيام، سأطلب من ني ديو أن يخبرك بكل شيء، ولكن في الوقت الحالي … هل يمكنك الاستماع إلي، والعودة إلى مقر إقامة مو، وعدم إخبار أي شخص عن اجتماعنا اليوم، ولا حتى شيا دونج أو الأمير جينج؟ إذا التقينا مرة أخرى، فأنا ما زلت سو تشي، وما زلتِ الأميرة، لا يمكن لأحد أن يلاحظ أي شيء غير عادي، هل يمكنكِ فعل ذلك؟ ”
مسحت نيهوانج وجهها بكُمَّها وجمعت رباطة جأشها، ثم أومأت برأسها ” أعلم أن الأشياء التي يجب عليك القيام بها الآن صعبة للغاية، ولن أجعل هذا الأمر أكثر صعوبة بالنسبة لك.”
ابتسم مي تشانجسو ابتسامة صغيرة ومد يده لتمشيط شعرها الأشعث قائلا بهدوء ” بعد الحدث عودي إلى يونان، سأجعل ني ديو يذهب إلى هناك أيضًا، ويمكن لكلاكما الانتظار هناك بهدوء من أجل أخباري، حسناً؟ ”
“لا ” ارتجف جبين الأميرة نيهوانج ” قوتك في العاصمة محدودة، على الأقل يجب أن أبقى لمساعدتك …”
“هناك أشياء يمكنك القيام بها في يونان أيضًا ” أقنعها مي تشانجسو بلطف ” عندما أحتاج إلى مساعدتك، سأتواصل معك بالتأكيد، لأنك لست من الخارج، لذلك يجب أن نعمل معًا.”
ظلت نيهوانج صامتة لبرهة طويلة، ثم أومأت برأسها ببطء ” حسنًا … إذا عدت إلى يونان، فيمكنني السيطرة على الوضع هناك، وربما أكون أكثر فائدة مما لو بقيت في العاصمة. وبعد مغادرتي، فإن كل القوة التي يمتلكها مقر إقامة مو في العاصمة ستكون تحت تصرفك “.
حدق مي تشانجسو في وجهها بابتسامة وأشاد ” لقد اكتسبت حقًا الكثير من الخبرة في هذه السنوات. لقد أصبحت مدركة وواضحة، مع فهم دقيق للغاية للوضع في المحكمة. معك في الجنوب، سوف يخفف الكثير من أعبائي في العاصمة “.
نظرت نيهوانج إلى بشرته الشاحبة وابتسامته الهادئة، وشعرت باندفاع من الحزن في قلبها، لكنها لم ترغب في إزعاجه أكثر من ذلك، لذا قالت، بصوت مرتجف قليلا ” لين شو جيجي، يرجى الاعتناء بنفسك …”
ربت مي تشانجسو على ذراعها براحة، ثم سحب منديلًا، وسحب الطبقة العلوية من الثلج على الأرض بجانبه، ولف بعضًا من الثلج النظيف أسفل المنديل، وصنع كيسًا باردًا، ثم ضغطه على عيني نيهوانج قائلا بلطف ” أنت السيدة المخيفة قائدة الجيش، لا يمكنك العودة هكذا وعيناك متورمتان ….”
ابتسمت نيهوانج وأخذت المنديل البارد منه، ممسكًا به على عينيها، بالحزن الذي تلاشى إلى حد ما. شاهدت مي تشانجسو وهو يدخل اليد التي لامست الثلج في جيبه، وشفتاه شاحبتان، ولم يسعها إلا أن تقول بقلق ” لين شو جيج، جسدك يفقد حرارته، عد إلى عربتك والعودة إلى المدينة أولا. سأنتظر هنا لحظة، وبحلول الوقت الذي يعود فيه مو تشينج من مرافقة السيد تشو العجوز، ستكون عيني قد تعافت. لا تقلق، لن يلاحظ أي شيء “.
قال مي تشانجسو مازحا: “إذا كان مو تشينج قد لاحظ ذلك، فسيكون ذلك شيئًا حقًا”. لقد بدأ بالفعل يشعر بالبرد الشديد، لذلك تحدث بضع كلمات أخرى إلى نيهوانج ثم استدار ليرجع إلى أسفل التل.
تقدم الحارس الذي كان ينتظر من مسافة بعيدة على الفور، ورأى إشارته وفهمها وركض ليصرخ طالبًا السائق لإحضار العربة. عندما وصل، أنزل كرسي القدم، وساعد مي تشانجسو على الصعود إليه.
انحنى مي تشانجسو على جانب العربة، وأدار رأسه للخلف لينظر إلى التل، وعندما رأى نيهوانج ترفع يدها لتلوح له، ولا تزال تحمل المنديل البارد، رفع ذراعه بسرعة ردًا على ذلك.
تمايلت العربة برفق ثم اندفعت إلى الأمام، وتم سحب الستارة الثقيلة، مما أدى إلى تشتت مشهد التلال وكذلك نظرة الأميرة نيهوانج.
شعر مي تشانجسو فقط بإبر جليدية من الألم تضغط على صدره، ولم يعد قادرًا على التراجع، رفع كمه وسعل فيه بعنف. عندما تمكن أخيرًا من التوقف بصعوبة كبيرة، أصبح القماش الأبيض الثلجي من كمه ملطخًا باللون الأحمر الغامق.
“رئيس!” صرخ الحارس، وتقدم لدعم جسده.
ابتسم مي تشانجسو: “لا بأس ، الطقس شديد البرودة، بعد أن نعود، اغلي بعض الماء الساخن من أجلي، وسأكون بخير بعد أن أشعر بالدفء …”

عندما ظهر سو تشي لأول مرة في العاصمة، سأل الكثير من الناس ” من هذا الشخص؟” تم اكتشاف الإجابة بسرعة – سو تشي هو مي تشانجسو، رئيس تحالف النهر الشرقي، الطائفة الأولى في العالم. جلبت هذه الإجابة ارتياحًا كبيرًا للجميع ويبدو أنها تشرح أشياء كثيرة، ولذلك لم يستمر شخص واحد في التساؤل ” ثم مي تشانجسو … من هو؟” لم يكن مي تشانجسو يعتقد أن أول شخص يطرح هذا السؤال ستكون الأميرة نيهوانج. الآن، حملت نظرتها الحادة في داخله مثل السيف، مثبتة على وجهه، تراقب أدنى تحول في التعبير وهي تنتظر رده. هل يراوغ السؤال ويرفض الإجابة أم يخدعها أكثر؟ لقد بدا اختيارًا صعبًا. بدا هناك إرهاق في تعبيرات مي تشانجسو حيث أدار رأسه ببطء، كما لو يتجنب سؤال الأميرة، وقال بتواضع ” محارب قديم. مثل ني ديو، محارب مخضرم نجا “. أصبحت نظرة نيهوانج مثل الكريستال وهي تواصل التحديق به “إذا كنت أحد قدامى المحاربين في تشييان، فلماذا لا أتعرف عليك؟” ” عدد جنود جيش تشيان لا يُحصى، كيف يمكنك تذكرهم جميعًا؟” “لكنك الآن رئيس التحالف، وحتى ني ديو يخدم عن طيب خاطر تحت قيادتك، ويطيع أوامرك. إذا قلت إنك كنت مجرد جندي مجهول في ذلك الوقت، فأنا لا أصدقك “. “ربما لأن … الأمور التي نتعامل معها الآن لا علاقة لها بساحة المعركة …” ظهرت ابتسامة ساخرة على زاوية شفة مي تشانجسو “ني ديو ليس موهوبًا بهذه الطريقة، بالإضافة إلى أنه معروف من قبل الكثير من الناس، لذلك لن يكون ذلك مناسبًا.” نظرت إليه نيهوانج بثبات لفترة طويلة، وسألت فجأة ” هل تعرف لين شو؟” خفض مي تشانجسو عينيه. كيف يمكن لمحارب قديم في تشييان ألا يعرف لين شو؟ ولذا لم يستطع إلا الرد ” أنا أعرفه”. “هل مات حقا في ساحة المعركة؟” “نعم.” “أين مات؟” “ميلينج”. “جسده وعظامه .. أين دفنوا؟” “لهؤلاء السبعين ألف جندي كانت السماء قبورهم والأرض قبورهم.” “حتى عظامه لم تجمع؟” أغمضت نيهوانج عينيها بإحكام، وأصابعها تنقبض حول رداءها ” لم يتم العثور حتى على قطعة واحدة من رفاته؟” ” هذه هي الحقيقة المرة في ساحة المعركة، حيث تتراكم الجثث على ارتفاع يصل إلى الجبال. من كان يعرف من بينهم لين شو؟ ” “نعم….” أومأ نيهوانج بذهول ” أعرف كيف تبدو ساحة المعركة. في كل معارك التاريخ، كم عادوا وأجسادهم ملفوفة بشكل صحيح في أكفان؟ ” سقطت نظرة مي تشانجسو عليها بحرارة ” إذا الأميرة ترغب في تقديم التضحيات لذكراه، فلا يوجد مكان لن تقبل فيه روحه النبيلة عروضك”. “أنت على حق، لم يكن ليهتم بهذا.” تمتمت نيهوانج في نفسها، ثم نظرت إلى الأعلى فجأة، وأصبح التعبير عنيفًا في عينيها ” ولكن إذا كنت من قدامى المحاربين في تشييان، يجب أن تشير إليه باسم الجنرال الشاب، فلماذا ناديته باسمه، لين شو؟” بدت نظرة مي تشانجسو ترتجف قليلاً، وشفتاه الشاحبة بالفعل تبيض أكثر. سواء ذلك لأنه لم يعد قادرًا على إخفاءه، أو لأنه لم يعد قادرًا على إخفاءه، لم يجيب على سؤالها، بل أدار وجهه بعيدًا. “عندما ذكر ني ديو رئيسه، يتضح على الفور ولائه وتفانيه، ولا يبدو أن الأمر يتعلق ببساطة بتقسيم العمل، كما تدعي”. استدارت نيهوانج بعناد في مواجهته، وهي تحدق فيه بإصرار ” لم أفهم أبدًا عمق ألم ني ديو، حتى لو كنت مخطوبة لرفيقه الذي مات في المعركة، فلا يزال هذا سببًا غير كافٍ لهذا النوع من النضال واليأس، ما لم … ما لم يكن يعلم …”. “نيهوانج ” أوقفها مي تشانجسو بلا هوادة ” لقد حشر ني ديو نفسه في زاوية فقط. سوف يتحسن ببطء، ولست بحاجة إلى المبالغة في الشك “. حدقت به نيهوانج، بحزن رهيب على وجهها، وبينما تتنفس بقوة في الهواء البارد، بدا أن الضباب الأبيض يطمس رؤيتها. أخذت نفسا عميقا، أمسكت ذراع مي تشانجسو اليمنى فجأة، وفتحت القماش الذي ربط يده ودفعت رداءه السميك من الفرو بقوة إلى الخلف، حتى المرفق. سمح لها مي تشانجسو بالتلاعب به ولم يدفعها بعيدًا أو يغطي ذراعه، ولكن ظهرت كآبة في نظرته المظلمة. أمسكت نيهوانج بذراعه وأدارتها عدة مرات، وتفقدتها بعناية، لكن الجلد بدا نظيفًا، دون أي ندوب أو علامات. أطلقت ذراعه في حيرة وظلت صامتة لفترة طويلة، لكن نيهوانج لا تزال غير مقتنعة، لذا مدت يدها لسحب رقبة مي تشانجسو، وتفحص المنطقة حول رقبته عن كثب. بدا الجلد نظيفًا وخالٍ من العلامات وخالٍ من الجروح. سقطت دموع الفتاة أخيرًا، متخلفة عن وجهها باستمرار، كما لو أن الدموع ستتجمد في الريح المريرة وتتبلور في لآلئ حوريات البحر. نظر مي تشانجسو إليها بلطف، غير قادرة على الاقتراب، وغير قادر على تقديم أي راحة. تسللت الرياح الجليدية على كمه وياقته المفتوحة، مخترقة بعمق جلده، ويبدو أنها تبرده مباشرةً حتى العظم، كما لو أنها قد تخترق قلبه في أي لحظة وتجبره على التوقف. “هل أنت خائف من البرد؟” سألت نيهوانج بهدوء، وراقبت وهو يشد رداء الفرو حول نفسه. “نعم … لا أستطيع تحمل البرد ….” بدا وجه نيهوانج شاحبًا، وعيناها لا تزالان تفيضان بالدموع: “لم يكن يخشى البرد من قبل، كان الجميع يسمونه الكرة النارية الصغيرة، ما هذه القسوة، التي يمكن أن تزيل الندوب ذاتها من جلد الشخص، وتحويل هذا الشاب القوي إلى شخص خائف جدًا من البرد …” “نيهوانج…” بدا تعبير مي تشانجسو لا يزال هادئًا، وصوته منخفض ” ما رأيته كافٍ بالفعل، لا تتخيلي أي شيء آخر. إذا سمحت لخيالك بالاندفاع، فسوف تخلقين الكثير من الألم لنفسك – ألم ليس لك أن تواجهيه أو تتحمليه. مات لين شو، يكفي أن تصدقي هذا … ” “لكن حدس المرأة كان دائمًا غير عقلاني ” حدقت نيهوانج في وجهه، ودموعها تتساقط بسرعة ” حتى لو لم تكن هناك أي ندوب أو علامات، فلا يزال بإمكاننا معرفة … ربما، كلما كانت العلامات أقل، كلما أصبحت أكثر يقينًا…. لين شو جيجي، أنا آسفة، لن أتركك مرة أخرى، ولن أتركك مرة أخرى أبدًا .. ” “طفلة سخيفة.” ارتجفت عيون مي تشانجسو وهو يوجه فتاته الصغيرة إلى أحضانه “أعلم أنك تفتقدين لين شو جيجي، لكن هو لم يعد هو نفسه … الوقت الذي مضى، والقلب الذي تم تحريكه ذات مرة – إنهم مثل مياه نهر قد رقد، والذي لا يمكن أبدًا عكس تدفقه. لقد كنت متعبًا لمدة اثني عشر عامًا، ولا أريد أن أرى الأشخاص المهمين بالنسبة لي يعانون أكثر من أجلي، لذلك، بهذه الطريقة، يتم تخفيف العبء على عاتقي بشكل كبير أيضًا، ألا توافقين؟ ” لفت نيهوانج ذراعيها بإحكام حول خصره، وغرقت دموعها في رداءه. على مدى السنوات العشر الماضية، كانت مصدر الدعم وركيزة القوة للجميع. أمام أخيها الصغير وجيش الحدود الجنوبية، كانت دائمًا صامدة وثابتة. حتى ني ديو لم يستطع جعلها تخفض حواجزها تمامًا. فقط هذا الشخص، فقط هذا العناق، يمكن أن يعيدها إلى البراءة اللطيفة لشبابها، حيث استسلمت لدموعها وسمحت لنفسها بهذا التساهل. لم تشعر بأي شغف حارق أو اندفاع في الرغبة، بل شعرت بدفء الثقة اللطيف، مثل ضوء الشمس في الشتاء، وكأنها تستطيع أن تغمض عينيها وتصبح مرة أخرى تلك الفتاة الصغيرة البريئة التي حملها على ظهره أينما ذهبوا…. إذا وضعنا جانباً هوياتهم، وضعوا جانباً الخطبة التي قررها الكبار، لين شو جيجي لا يزال لين شو جيجي. بغض النظر عن عدد السنوات التي مرت، بغض النظر عن كيفية تغير العالم، حتى لو وقع كل منهم في يوم من الأيام في الحب وتزوج فتاة أخرى، وحتى عندما يكبر أطفالهم ونما الشعر الأبيض مع تقدم العمر، لين شو سيظل لين شو جيجي لها. “نيهوانج، استمعي إلي ” أمسكها مي تشانجسو بهدوء، وهو يمشط شعرها بلطف ” لا تسأليني عما حدث طوال تلك السنوات الماضية، في يوم من الأيام، سأطلب من ني ديو أن يخبرك بكل شيء، ولكن في الوقت الحالي … هل يمكنك الاستماع إلي، والعودة إلى مقر إقامة مو، وعدم إخبار أي شخص عن اجتماعنا اليوم، ولا حتى شيا دونج أو الأمير جينج؟ إذا التقينا مرة أخرى، فأنا ما زلت سو تشي، وما زلتِ الأميرة، لا يمكن لأحد أن يلاحظ أي شيء غير عادي، هل يمكنكِ فعل ذلك؟ ” مسحت نيهوانج وجهها بكُمَّها وجمعت رباطة جأشها، ثم أومأت برأسها ” أعلم أن الأشياء التي يجب عليك القيام بها الآن صعبة للغاية، ولن أجعل هذا الأمر أكثر صعوبة بالنسبة لك.” ابتسم مي تشانجسو ابتسامة صغيرة ومد يده لتمشيط شعرها الأشعث قائلا بهدوء ” بعد الحدث عودي إلى يونان، سأجعل ني ديو يذهب إلى هناك أيضًا، ويمكن لكلاكما الانتظار هناك بهدوء من أجل أخباري، حسناً؟ ” “لا ” ارتجف جبين الأميرة نيهوانج ” قوتك في العاصمة محدودة، على الأقل يجب أن أبقى لمساعدتك …” “هناك أشياء يمكنك القيام بها في يونان أيضًا ” أقنعها مي تشانجسو بلطف ” عندما أحتاج إلى مساعدتك، سأتواصل معك بالتأكيد، لأنك لست من الخارج، لذلك يجب أن نعمل معًا.” ظلت نيهوانج صامتة لبرهة طويلة، ثم أومأت برأسها ببطء ” حسنًا … إذا عدت إلى يونان، فيمكنني السيطرة على الوضع هناك، وربما أكون أكثر فائدة مما لو بقيت في العاصمة. وبعد مغادرتي، فإن كل القوة التي يمتلكها مقر إقامة مو في العاصمة ستكون تحت تصرفك “. حدق مي تشانجسو في وجهها بابتسامة وأشاد ” لقد اكتسبت حقًا الكثير من الخبرة في هذه السنوات. لقد أصبحت مدركة وواضحة، مع فهم دقيق للغاية للوضع في المحكمة. معك في الجنوب، سوف يخفف الكثير من أعبائي في العاصمة “. نظرت نيهوانج إلى بشرته الشاحبة وابتسامته الهادئة، وشعرت باندفاع من الحزن في قلبها، لكنها لم ترغب في إزعاجه أكثر من ذلك، لذا قالت، بصوت مرتجف قليلا ” لين شو جيجي، يرجى الاعتناء بنفسك …” ربت مي تشانجسو على ذراعها براحة، ثم سحب منديلًا، وسحب الطبقة العلوية من الثلج على الأرض بجانبه، ولف بعضًا من الثلج النظيف أسفل المنديل، وصنع كيسًا باردًا، ثم ضغطه على عيني نيهوانج قائلا بلطف ” أنت السيدة المخيفة قائدة الجيش، لا يمكنك العودة هكذا وعيناك متورمتان ….” ابتسمت نيهوانج وأخذت المنديل البارد منه، ممسكًا به على عينيها، بالحزن الذي تلاشى إلى حد ما. شاهدت مي تشانجسو وهو يدخل اليد التي لامست الثلج في جيبه، وشفتاه شاحبتان، ولم يسعها إلا أن تقول بقلق ” لين شو جيج، جسدك يفقد حرارته، عد إلى عربتك والعودة إلى المدينة أولا. سأنتظر هنا لحظة، وبحلول الوقت الذي يعود فيه مو تشينج من مرافقة السيد تشو العجوز، ستكون عيني قد تعافت. لا تقلق، لن يلاحظ أي شيء “. قال مي تشانجسو مازحا: “إذا كان مو تشينج قد لاحظ ذلك، فسيكون ذلك شيئًا حقًا”. لقد بدأ بالفعل يشعر بالبرد الشديد، لذلك تحدث بضع كلمات أخرى إلى نيهوانج ثم استدار ليرجع إلى أسفل التل. تقدم الحارس الذي كان ينتظر من مسافة بعيدة على الفور، ورأى إشارته وفهمها وركض ليصرخ طالبًا السائق لإحضار العربة. عندما وصل، أنزل كرسي القدم، وساعد مي تشانجسو على الصعود إليه. انحنى مي تشانجسو على جانب العربة، وأدار رأسه للخلف لينظر إلى التل، وعندما رأى نيهوانج ترفع يدها لتلوح له، ولا تزال تحمل المنديل البارد، رفع ذراعه بسرعة ردًا على ذلك. تمايلت العربة برفق ثم اندفعت إلى الأمام، وتم سحب الستارة الثقيلة، مما أدى إلى تشتت مشهد التلال وكذلك نظرة الأميرة نيهوانج. شعر مي تشانجسو فقط بإبر جليدية من الألم تضغط على صدره، ولم يعد قادرًا على التراجع، رفع كمه وسعل فيه بعنف. عندما تمكن أخيرًا من التوقف بصعوبة كبيرة، أصبح القماش الأبيض الثلجي من كمه ملطخًا باللون الأحمر الغامق. “رئيس!” صرخ الحارس، وتقدم لدعم جسده. ابتسم مي تشانجسو: “لا بأس ، الطقس شديد البرودة، بعد أن نعود، اغلي بعض الماء الساخن من أجلي، وسأكون بخير بعد أن أشعر بالدفء …”

---

ترجمة موقع ملوك الروايات. لا تُلهِكُم القراءة عن اداء الصلوات فى أوقاتها و لا تنسوا نصيبكم من القرآن

أشترك الان من هنا. ولامزيد من الاعلانات
لا تنسى وضع تعليق للمترجم فهذا يساعده على الاستمرار ومواصلة العمل عندما يرى تشجيعًا.

Comment

Ads Blocker Image Powered by Code Help Pro

Ads Blocker Detected!!!

We have detected that you are using extensions to block ads. Please support us by disabling these ads blocker.

اعدادات القارئ

لايعمل مع الوضع اليلي
لتغير كلمة إله الى شيء أخر
إعادة ضبط