مقدمة: صمت من ثلاثة أجزاء
صمت من ثلاثة أجزاء
داخل “وايستون”، كان رجلان يجلسان في زاوية من البار، يحتسيان شرابهما بعزم صامت، متجنبين الخوض في نقاش جاد حول الأخبار الشائعة والمقلقة. بهذا، أضافا صمتًا آخر صغيرًا وكئيبًا إلى الصمت الأكبر، مما خلق مزيجًا من نوع ما، كأنه تناغم بين النغمتين.
كانت الليلة قد حلّت مجددًا. كان نُزُل “وايستون” ([1]Waystone) غارقًا في الصمت، وكان ذلك الصمت مكوَّنًا من ثلاثة أجزاء.
}
أولها كان صمتًا أجوفًا يتردد صداه، صمتًا ناتجًا عن أشياء غائبة. لو كان هناك ريح، لكانت تهمس بين الأشجار، وتُحدث أزيزًا في لافتة النُزُل المعلقة، وتدفع بالصمت على الطريق كما تُدحرِج الرياح أوراق الخريف المتساقطة. لو كان هناك حشد، حتى ولو كان مجرد مجموعة صغيرة من الرجال داخل النُزُل، لكانوا قد ملؤوا الصمت بأحاديثهم وضحكاتهم، وبالضوضاء المعتادة التي يُتوقع سماعها في حانة أثناء الليل. ولو كانت هناك موسيقى… لكن لا، بالطبع لم تكن هناك موسيقى. في الواقع، لم يكن هناك أيٌّ من هذه الأشياء، ولذلك بقي الصمت على حاله.
كان نُزُل “وايستون” ملكًا له، تمامًا كما كان الصمت الثالث ملكًا له. وكان هذا مناسبًا، إذ كان أعظم صمت بين الثلاثة، يلفّ و يحتضن الصمتين الآخرين في داخله. كان عميقًا واتساعه كاتساع نهاية الخريف، وثقيلًا كثقل حجر ناعم صقله نهر عظيم. كان أشبه بالصوت الصبور لزهرة مقطوفة، صوت رجل ينتظر الموت بهدوء[3].
داخل “وايستون”، كان رجلان يجلسان في زاوية من البار، يحتسيان شرابهما بعزم صامت، متجنبين الخوض في نقاش جاد حول الأخبار الشائعة والمقلقة. بهذا، أضافا صمتًا آخر صغيرًا وكئيبًا إلى الصمت الأكبر، مما خلق مزيجًا من نوع ما، كأنه تناغم بين النغمتين.
كان نُزُل “وايستون” ملكًا له، تمامًا كما كان الصمت الثالث ملكًا له. وكان هذا مناسبًا، إذ كان أعظم صمت بين الثلاثة، يلفّ و يحتضن الصمتين الآخرين في داخله. كان عميقًا واتساعه كاتساع نهاية الخريف، وثقيلًا كثقل حجر ناعم صقله نهر عظيم. كان أشبه بالصوت الصبور لزهرة مقطوفة، صوت رجل ينتظر الموت بهدوء[3].
أما الصمت الثالث، فلم يكن من السهل ملاحظته. إن استمعت له و انتبهت لمدة ساعة، قد تبدأ في الإحساس به في خشب الأرضية تحت قدميك، وفي البراميل الخشنة المتشققة و المتهالكة خلف البار. كان حاضرًا في ثقل المدفأة الحجرية السوداء التي ما زالت تحتفظ بحرارة نار انطفأت منذ زمن، وفي حركة المنديل الأبيض الذي ينزلق ببطء جيئة وذهابًا فوق سطح البار، وفي يدي الرجل الذي كان يقف هناك، يلمّع قطعة من خشب الماهوجني[2] التي كانت تلمع بالفعل تحت ضوء المصباح.
كان للرجل شعر أحمر حقيقي، أحمر كاللهب. عيناه كانتا داكنتين وبعيدتين، وكان يتحرك بثقة هادئة وخفية تنبع من معرفة أشياء كثيرة.
أولها كان صمتًا أجوفًا يتردد صداه، صمتًا ناتجًا عن أشياء غائبة. لو كان هناك ريح، لكانت تهمس بين الأشجار، وتُحدث أزيزًا في لافتة النُزُل المعلقة، وتدفع بالصمت على الطريق كما تُدحرِج الرياح أوراق الخريف المتساقطة. لو كان هناك حشد، حتى ولو كان مجرد مجموعة صغيرة من الرجال داخل النُزُل، لكانوا قد ملؤوا الصمت بأحاديثهم وضحكاتهم، وبالضوضاء المعتادة التي يُتوقع سماعها في حانة أثناء الليل. ولو كانت هناك موسيقى… لكن لا، بالطبع لم تكن هناك موسيقى. في الواقع، لم يكن هناك أيٌّ من هذه الأشياء، ولذلك بقي الصمت على حاله.
كان نُزُل “وايستون” ملكًا له، تمامًا كما كان الصمت الثالث ملكًا له. وكان هذا مناسبًا، إذ كان أعظم صمت بين الثلاثة، يلفّ و يحتضن الصمتين الآخرين في داخله. كان عميقًا واتساعه كاتساع نهاية الخريف، وثقيلًا كثقل حجر ناعم صقله نهر عظيم. كان أشبه بالصوت الصبور لزهرة مقطوفة، صوت رجل ينتظر الموت بهدوء[3].
أولها كان صمتًا أجوفًا يتردد صداه، صمتًا ناتجًا عن أشياء غائبة. لو كان هناك ريح، لكانت تهمس بين الأشجار، وتُحدث أزيزًا في لافتة النُزُل المعلقة، وتدفع بالصمت على الطريق كما تُدحرِج الرياح أوراق الخريف المتساقطة. لو كان هناك حشد، حتى ولو كان مجرد مجموعة صغيرة من الرجال داخل النُزُل، لكانوا قد ملؤوا الصمت بأحاديثهم وضحكاتهم، وبالضوضاء المعتادة التي يُتوقع سماعها في حانة أثناء الليل. ولو كانت هناك موسيقى… لكن لا، بالطبع لم تكن هناك موسيقى. في الواقع، لم يكن هناك أيٌّ من هذه الأشياء، ولذلك بقي الصمت على حاله.
{
كان نُزُل “وايستون” ملكًا له، تمامًا كما كان الصمت الثالث ملكًا له. وكان هذا مناسبًا، إذ كان أعظم صمت بين الثلاثة، يلفّ و يحتضن الصمتين الآخرين في داخله. كان عميقًا واتساعه كاتساع نهاية الخريف، وثقيلًا كثقل حجر ناعم صقله نهر عظيم. كان أشبه بالصوت الصبور لزهرة مقطوفة، صوت رجل ينتظر الموت بهدوء[3].
1 : المعنى الحرفي لترجمته سيكون “حجر الطريق” أو “علامة الطريق”، وغالبًا يُقصد بها علامة أو معلم يُستخدم لتحديد طريق أو مسار ما، كالتي يستخدمها المسافرون أو القوافل، و هنا لها مقصد من الكاتب أيضا حيث سيكون كعلامة لبداية الرواية…
صمت من ثلاثة أجزاء
2 : الماهوجني (Mahogany): هو نوع من الخشب الصلب الفاخر يُستخرج من أشجار تنتمي إلى جنس Swietenia وهو معروف بلونه البني المحمر العميق وملمسه الناعم. يتميز بقوته ومقاومته العالية للرطوبة، مما يجعله مثاليًا لصناعة الأثاث الفاخر، والأبواب، والآلات الموسيقية، وحتى القوارب.
كان نُزُل “وايستون” ملكًا له، تمامًا كما كان الصمت الثالث ملكًا له. وكان هذا مناسبًا، إذ كان أعظم صمت بين الثلاثة، يلفّ و يحتضن الصمتين الآخرين في داخله. كان عميقًا واتساعه كاتساع نهاية الخريف، وثقيلًا كثقل حجر ناعم صقله نهر عظيم. كان أشبه بالصوت الصبور لزهرة مقطوفة، صوت رجل ينتظر الموت بهدوء[3].
3 : الجملة هنا تصف الرجل وكأنه قد فقد جذور الحياة، لم يعد متعلقًا بها، لكنه لم يمت بعد. هو فقط ينتظر النهاية بصبر صامت، مثل زهرة مقطوعة تم قطفها من الساق تنتظر أن تذبل. والكاتب هنا لا يصف مجرد صوت، بل يحمّله معنىً عميقا، كأنّ هذا الصوت الذي يُسمع، حتى لو كان صمتًا، يعبّر عن حالة رجلٍ فقدَ شغفه، جذوره، وربّما سبب وجوده…
1 : المعنى الحرفي لترجمته سيكون “حجر الطريق” أو “علامة الطريق”، وغالبًا يُقصد بها علامة أو معلم يُستخدم لتحديد طريق أو مسار ما، كالتي يستخدمها المسافرون أو القوافل، و هنا لها مقصد من الكاتب أيضا حيث سيكون كعلامة لبداية الرواية…
}
داخل “وايستون”، كان رجلان يجلسان في زاوية من البار، يحتسيان شرابهما بعزم صامت، متجنبين الخوض في نقاش جاد حول الأخبار الشائعة والمقلقة. بهذا، أضافا صمتًا آخر صغيرًا وكئيبًا إلى الصمت الأكبر، مما خلق مزيجًا من نوع ما، كأنه تناغم بين النغمتين.
{
---
ترجمة موقع ملوك الروايات. لا تُلهِكُم القراءة عن اداء الصلوات فى أوقاتها و لا تنسوا نصيبكم من القرآن
أشترك الان من هنا. ولامزيد من الاعلانات