You dont have javascript enabled! Please enable it!
]
Switch Mode
نظرًا لتوقف عرض الإعلانات على الموقع بسبب حظره من شركات الإعلانات ، فإننا نعتمد الآن بشكل كامل على دعم قرائنا الكرام لتغطية تكاليف تشغيل الموقع وتوجيه الفائض نحو دعم المترجمين. للمساهمة ودعم الموقع عن طريق الباي بال , يمكنك النقر على الرابط التالي
paypal.me/IbrahimShazly
هذا المحتوى ترفيهي فقط ولايمت لديننا بأي صلة. لا تجعلوا القراءة تلهيكم عن صلواتكم و واجباتكم.

سعي بربري 1

الفصل الأول: جبال السماء
▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬
اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أُشْرِكَ بِكَ وَأَنَا أَعْلَمُ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا لاَ أَعْلَمُ
ترجمة: ســاد
▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬

“سوف تكون محاربًا عظيمًا، يوريتش.” “هاه، توقفي عن هذا الهراء، أيها العجوز الشمطاء.” “هيهي ” ضحكت شامان القبيلة. “رأيته في كابوسي يا يوريتش. كنتَ محارب النور.” “أنا لا أؤمن بتلك الطقوس أو قراءة الطالع الخاصة بك؛ أنتم جميعًا تحت تأثير مشروباتكم العشبية وما إلى ذلك ” قال يوريتش. يوريتش محارب قبيلة في السادسة عشرة من عمره. كان قد اجتاز للتو مراسم بلوغه سن الرشد قبل عامين، وهو أيضًا أقوى مقاتل في فئته العمرية. “متى ستتنحين عن منصب الشامان؟ ألم يحن وقت رحيلك؟” سأل يوريتش العجوز وهو يمضغ لحم غزال مجفف. كانت بنيته الجسدية المدربة جيدًا لافتة للنظر كفهد. صفعت الشامان يوريتش على مؤخرته بعصاها. “تسك، لا تستعجلني أيها الوغد. أعلم أن الوقت قصير.” “يا لك من عجوز!” رفع يوريتش قبضته غاضبًا، لكنه لم يستطع أن يضرب عجوزًا. بدلًا من ذلك، قضى على ما تبقى من لحمه المجفف ونهض. “إلى أين أنت ذاهب الآن، يوريتش؟” سألت المرأة المسنة. “أخطط للذهاب للصيد مع إخوتي ” أجاب يوريتش. “أجل، يبدو أن رفاقك المحاربين يتبعونك جيدًا. لا بد أن ابن الزعيم يغار ” ردت الشامان. “هذا الرجل يفكر فقط في نفسه. لا أرغب مطلقًا في أن أصبح الزعيم القادم.” “هذا ليس ما يعتقده الجميع. اسمك دائمًا في نقاش هذا الأمر ” قالت العجوز. “إذا لم أرغب بفعل ذلك، فمن سيجبرني على فعله؟ تعلمين، لا يهم. اعتني بنفسكِ أيتها العجوز الشمطاء.” مع ذلك، استدار يوريتش وغادر. “صغير ” همست الشامان وهي تراقب شخصية يوريتش وهي تختفي في الأفق. رأت ضوءًا خافتًا يحيط به. “سوف تكون محاربًا عظيمًا، يوريتش ” تمتمت الشامان وهي تعود إلى مشروبها العشبي. * * * انضم يوريتش إلى أربعة محاربين شباب آخرين من قبيلة الفأس الحجرية الذين تجمعوا بالفعل. “لقد تأخرت يا يوريتش ” قال أحدهم. “كنت مع العجوز ” أجاب يوريتش وهو يخدش صدره ويبصق على الأرض. “لماذا كل هذا الاهتمام بشامان عجوز يحدق في وجه الموت؟” قال أحد المحاربين ضاحكًا. هكذا كانت دورة الحياة: الشيخوخة ثم الرحيل. “من سوء الحظ ترك سيدة عجوز تموت وحيدة. هذه الزيارات الدورية أقل ما أستطيع فعله ” تمتم يوريتش وهو ينظر إلى المحاربين الأربعة. كانوا أتباعه المخلصين. “بالمناسبة، هل سنصعد حقًا إلى جبال السماء؟” سأل أحدهم، مع الشك الواضح في عينيه. ضحك يوريتش ردًا على ذلك. ” أحضر ابن الزعيم مؤخرًا ذئبًا بحجم عجل كامل. علينا أن نذهب ونبحث عن فريسة أكبر وأكثر إثارة للإعجاب من ذلك. لا يمكننا أن ندعه ينتصر، أليس كذلك؟ ” أشار يوريتش إلى القمم الشاهقة البعيدة بثقة. جبال السماء مكانٌ لم يتجاوزه أحدٌ قط. تقول الأساطير إن عالم الأرواح يقع على الجانب الآخر من الجبال. “لكنها جبال السماء، يوريتش ” زميل محارب قال بحذر. “سنصطاد عند سفح الجبال كما يفعل الكبار. إذا الأمر لا يزال يزعجك، فلا يزال الوقت مناسبًا للتراجع ” علق يوريتش. لو تراجع أحد الآن، لُوصم بالجبن، وستنتشر القصة بين القبيلة بأكملها. ستكون هذه فضيحة كبرى. “حسنًا، سنضطر للتحقق من الأمر في النهاية. أنا موافق ” قال أحد المحاربين بعزم راسخ ورفع يده. رفع الآخرون أيديهم موافقين. اتُّخذ القرار. “ممتاز ” أعلن يوريتش وهو يربت على أكتافهم مع رفاقه. “نحن سنصطاد في جبال السماء اليوم، أيها الإخوة!” في قبيلتهم، لم يكن أولئك الذين هم في نفس العمر أصدقاء فحسب، بل كانوا إخوة. “هيا بنا! آخر واحد هنا عليه أن يحمل الفريسة إلى المنزل!” انطلق المحاربون الخمسة الشباب مسرعين. كانوا قد اعتادوا الركض حينها، وبعد فترة وجيزة، كانوا في طريقهم عبر الغابة إلى قمم جبال السماء المغطاة بالثلوج. كان تسلق جبال السماء محظورًا. كانت القبيلة تعتقد أن الأرواح تسكن وراء هذه الجبال، وقد حذّر شيوخ القرية من أن من يعبرها لن يعود أبدًا. ’الجميع يذهب إلى سفوح الجبال’. فكّر يوريتش في نفسه. من الناحية النظرية، لم يكن الاقتراب من الجبال ممنوعًا. حتى كبار القبيلة لجأوا إلى الصيد في سفوح الجبال عندما لم تُثمر رحلات صيدهم إلا القليل. “يوريتش، هل حقًا ليس لديك أي نية لتصبح الزعيم؟” سأل أحد زملائك المحاربين. “لقد أخبرتك، ليس لدي أي اهتمام بهذا النوع من الأشياء على الإطلاق ” شخر يوريتش بانزعاج واضح. “ثم لماذا تحاول دائمًا التفوق على ابن الزعيم؟” سأل المحارب مرة أخرى. “لأنه يتصرف وكأنه أفضل مني رغم أنه ليس مميزًا على الإطلاق!” أجاب يوريتش. ” لهذا السبب تحديدًا عليك أن تصبح الزعيم يا يوريتش. هل تعتقد أنك تستطيع اتباع رجل لا تُقدّره كثيرًا عندما يصبح زعيم قبيلتنا؟” شد يوريتش فكيه عندما استوعب ثقل كلمات المحارب. كان إدراكه مقلقًا؛ فلن يكون أمامه خيار سوى الانحناء لابن الزعيم عندما يتولى الأخير السلطة في النهاية. “أكره ذلك ” قال يوريتش. “إذا كنت لا تريد أن تتبع الزعيم، عليك أن تصبح واحدًا منهم بنفسك، أليس كذلك؟” سأل المحارب. “اصمت، هذه مشكلةٌ لوقتٍ لاحق ” ردّ يوريتش بغضبٍ وهو يشقّ العشب الطويل بسيفه المعقوف. شقّ طريقًا عبر الشجيرات الكثيفة بضرباتٍ سريعةٍ ودقيقة. ’يوريتش هو المرشح الأمثل لرئاسة القبيلة مستقبلًا’. شاركه أتباعه المخلصون نفس الرأي. حتى مع مراعاة الكبار، يوريتش أقوى محارب. استخدم تقنيات قتال القبيلة ببراعة لا مثيل لها، وحقق انتصارات عديدة على القبائل المنافسة. أصبح اسم يوريتش وشجاعته معروفين في جميع القبائل المجاورة. فكلما وطأ قدمه قرية، أصبحت الفتيات يصطففن بشغف ليختارن عروسًا له، وليحملن سلالة هذا المحارب الجبار. ‘تتحدث الشامان دائمًا عن كيف أن يوريتش سيكون محاربًا عظيمًا.’ حتى بدون نبوءة الشامان، جميع أفراد القبيلة يعلمون أن يوريتش مُقدَّر له أن يصبح محاربًا عظيمًا. فكان من المنطقي أن يصبح شخص مثله الزعيم القادم. ’المنصب الرئيسي محجوز للمحارب الأكثر تبجيلًا. سيصبح يوريتش قائدنا القادم، شاء أم أبى’. فجأة، رفع يوريتش، الذي كان يقود الطريق، يده ليشير للبقية بالتوقف. انحنى المحاربون على الفور وحبسوا أنفاسهم. إنها أثر قدم دب – أثر كبير أيضًا. يكفي لنتباهى به أمام القرية، همس يوريتش وهو يحدق في أثر القدم على الأرض. “يبدو أنه متجهٌ نحو الجبال. إذا تتبعنا آثاره، فسنصل إلى منتصف جبال السماء ” علّق أحد المحاربين. “لن يستغرق الأمر منا سوى دقيقة واحدة لمطاردته والعودة مباشرةً. لماذا، ربما أنت خائف؟” ردّ يوريتش ساخرًا. كان محاربو القبيلة يخاطرون بحياتهم كل يوم. من تجنب التحديات حفاظًا على حياته لم يُعتبروا مؤهلين ليكونوا محاربين. “خائف؟” ابتسم المحارب ساخرًا ” لا تكن سخيفًا. أنا فقط حذر لأنك قد تخالف القاعدة.” ضاقت عينا يوريتش، وفيهما لمحة من الشك. “القواعد تُكسر. لا أصدق إلا ما أراه بعيني، لا ما يُروى لنا من قِبَل مجموعة من كبار السن.” حدّق يوريتش في قمم جبال السماء المغطاة بالثلوج. كانت أشعة الشمس المنعكسة على القمم البيضاء النقية مبهرةً للغاية. دق، دق. أصبح قلب يوريتش ينبض بقوة. لطالما تساءل عما يكمن وراء تلك الجبال. “سأصعد. هل أنتم معي؟” سأل يوريتش رفاقه المحاربين. تبادل المحاربون النظرات وأومأوا برؤوسهم في انسجام تام. كانوا كقطيع ذئاب – رغبة القائد هي أمرهم. تبع يوريتش أثر الدب صعودًا إلى جبال السماء. كان العشب يقصر تدريجيًا، والهواء يزداد برودة. ” هاف… هاف… هذا الدب لديه قدرة كبيرة على التحمل ” قال أحد المحاربين من خلال أنفاسه المتقطعة. ” أعتقد أنك كنت كسولًا في التدريب ” سخر محارب آخر ردًا على ذلك. “أستطيع أن أرى وجهك يتحول إلى اللون الأحمر أكثر فأكثر من الإرهاق ” رد المحارب الأول. بدأ المحاربون الشباب يشعرون بتزايد إرهاقهم تدريجيًا وهم يتبادلون الأحاديث. بدا يوريتش الوحيد الذي بدا غير منزعج من التسلق. هل هذا الرجل إنسانٌ حقًّا؟ ألم نكبر جميعًا على نفس الطعام؟ كان لدى يوريتش قدرة خارقة على التحمل. حتى المحاربون الذين تدربوا ليلًا ونهارًا اضطروا لبذل أقصى جهدهم لمواكبة سرعته. تشومب. أخرج يوريتش قطعة لحم مقدد من جيبه وأخذ قضمة. حتى أثناء المطاردة، ظلت شهيته قائمة. “كلوا شيئًا يا شباب. عليكم أن تأكلوا لتستمروا في الحركة ” ابتسم يوريتش وهو ينظر إلى مجموعته. “نعم، ربما بالنسبة لك ” تمتم المحاربون الآخرون تحت أنفاسهم. “هذه الرائحة الكريهة…” استنشق يوريتش رائحة حيوان كريهة مميزة. أشارت الرائحة الكريهة إلى أن الدب كان قريبًا. استفاق المحاربون. والتقط الآخرون أيضًا الرائحة الكريهة، فغرزوا سهامهم. كانت الوحوش أقوى وأكثر رشاقة من البشر. عند مواجهة هذه الحيوانات، على البشر الحفاظ على مسافة، مما جعل الأقواس والرماح أسلحتهم المفضلة. تحرك المحاربون بسرعة، ولكن بحذر شديد لتجنب الدوس على أغصان الأشجار. الدب فريسةً صعبة، ولكنه أيضًا جائزةً تستحق التباهي بها. كان الصيد علامةً على إنجازات المحارب. جلود الحيوانات تُصنع منها ملابس، ويُؤكل لحمها طعامًا، وتُذاب شحومها لاستخدامها كزيت. مهارة الصيد من أعظم فضائل المحارب. “إنه دب رمادي، يوريتش ” قال أحد المحاربين بصوت خافت. سرت قشعريرة في أرجاء أجسادهم. لكن سرعان ما اختفت الرعشة، وظهر بريق بارد في عيونهم.

“سوف تكون محاربًا عظيمًا، يوريتش.”
“هاه، توقفي عن هذا الهراء، أيها العجوز الشمطاء.”
“هيهي ” ضحكت شامان القبيلة. “رأيته في كابوسي يا يوريتش. كنتَ محارب النور.”
“أنا لا أؤمن بتلك الطقوس أو قراءة الطالع الخاصة بك؛ أنتم جميعًا تحت تأثير مشروباتكم العشبية وما إلى ذلك ” قال يوريتش.
يوريتش محارب قبيلة في السادسة عشرة من عمره. كان قد اجتاز للتو مراسم بلوغه سن الرشد قبل عامين، وهو أيضًا أقوى مقاتل في فئته العمرية.
“متى ستتنحين عن منصب الشامان؟ ألم يحن وقت رحيلك؟” سأل يوريتش العجوز وهو يمضغ لحم غزال مجفف. كانت بنيته الجسدية المدربة جيدًا لافتة للنظر كفهد.
صفعت الشامان يوريتش على مؤخرته بعصاها. “تسك، لا تستعجلني أيها الوغد. أعلم أن الوقت قصير.”
“يا لك من عجوز!” رفع يوريتش قبضته غاضبًا، لكنه لم يستطع أن يضرب عجوزًا. بدلًا من ذلك، قضى على ما تبقى من لحمه المجفف ونهض.
“إلى أين أنت ذاهب الآن، يوريتش؟” سألت المرأة المسنة.
“أخطط للذهاب للصيد مع إخوتي ” أجاب يوريتش.
“أجل، يبدو أن رفاقك المحاربين يتبعونك جيدًا. لا بد أن ابن الزعيم يغار ” ردت الشامان.
“هذا الرجل يفكر فقط في نفسه. لا أرغب مطلقًا في أن أصبح الزعيم القادم.”
“هذا ليس ما يعتقده الجميع. اسمك دائمًا في نقاش هذا الأمر ” قالت العجوز.
“إذا لم أرغب بفعل ذلك، فمن سيجبرني على فعله؟ تعلمين، لا يهم. اعتني بنفسكِ أيتها العجوز الشمطاء.”
مع ذلك، استدار يوريتش وغادر.
“صغير ” همست الشامان وهي تراقب شخصية يوريتش وهي تختفي في الأفق. رأت ضوءًا خافتًا يحيط به.
“سوف تكون محاربًا عظيمًا، يوريتش ” تمتمت الشامان وهي تعود إلى مشروبها العشبي.
* * *
انضم يوريتش إلى أربعة محاربين شباب آخرين من قبيلة الفأس الحجرية الذين تجمعوا بالفعل.
“لقد تأخرت يا يوريتش ” قال أحدهم.
“كنت مع العجوز ” أجاب يوريتش وهو يخدش صدره ويبصق على الأرض.
“لماذا كل هذا الاهتمام بشامان عجوز يحدق في وجه الموت؟” قال أحد المحاربين ضاحكًا. هكذا كانت دورة الحياة: الشيخوخة ثم الرحيل.
“من سوء الحظ ترك سيدة عجوز تموت وحيدة. هذه الزيارات الدورية أقل ما أستطيع فعله ” تمتم يوريتش وهو ينظر إلى المحاربين الأربعة. كانوا أتباعه المخلصين.
“بالمناسبة، هل سنصعد حقًا إلى جبال السماء؟” سأل أحدهم، مع الشك الواضح في عينيه.
ضحك يوريتش ردًا على ذلك. ” أحضر ابن الزعيم مؤخرًا ذئبًا بحجم عجل كامل. علينا أن نذهب ونبحث عن فريسة أكبر وأكثر إثارة للإعجاب من ذلك. لا يمكننا أن ندعه ينتصر، أليس كذلك؟ ”
أشار يوريتش إلى القمم الشاهقة البعيدة بثقة. جبال السماء مكانٌ لم يتجاوزه أحدٌ قط. تقول الأساطير إن عالم الأرواح يقع على الجانب الآخر من الجبال.
“لكنها جبال السماء، يوريتش ” زميل محارب قال بحذر.
“سنصطاد عند سفح الجبال كما يفعل الكبار. إذا الأمر لا يزال يزعجك، فلا يزال الوقت مناسبًا للتراجع ” علق يوريتش.
لو تراجع أحد الآن، لُوصم بالجبن، وستنتشر القصة بين القبيلة بأكملها. ستكون هذه فضيحة كبرى.
“حسنًا، سنضطر للتحقق من الأمر في النهاية. أنا موافق ” قال أحد المحاربين بعزم راسخ ورفع يده. رفع الآخرون أيديهم موافقين. اتُّخذ القرار.
“ممتاز ” أعلن يوريتش وهو يربت على أكتافهم مع رفاقه. “نحن سنصطاد في جبال السماء اليوم، أيها الإخوة!”
في قبيلتهم، لم يكن أولئك الذين هم في نفس العمر أصدقاء فحسب، بل كانوا إخوة.
“هيا بنا! آخر واحد هنا عليه أن يحمل الفريسة إلى المنزل!”
انطلق المحاربون الخمسة الشباب مسرعين. كانوا قد اعتادوا الركض حينها، وبعد فترة وجيزة، كانوا في طريقهم عبر الغابة إلى قمم جبال السماء المغطاة بالثلوج.
كان تسلق جبال السماء محظورًا. كانت القبيلة تعتقد أن الأرواح تسكن وراء هذه الجبال، وقد حذّر شيوخ القرية من أن من يعبرها لن يعود أبدًا.
’الجميع يذهب إلى سفوح الجبال’. فكّر يوريتش في نفسه. من الناحية النظرية، لم يكن الاقتراب من الجبال ممنوعًا. حتى كبار القبيلة لجأوا إلى الصيد في سفوح الجبال عندما لم تُثمر رحلات صيدهم إلا القليل.
“يوريتش، هل حقًا ليس لديك أي نية لتصبح الزعيم؟” سأل أحد زملائك المحاربين.
“لقد أخبرتك، ليس لدي أي اهتمام بهذا النوع من الأشياء على الإطلاق ” شخر يوريتش بانزعاج واضح.
“ثم لماذا تحاول دائمًا التفوق على ابن الزعيم؟” سأل المحارب مرة أخرى.
“لأنه يتصرف وكأنه أفضل مني رغم أنه ليس مميزًا على الإطلاق!” أجاب يوريتش.
” لهذا السبب تحديدًا عليك أن تصبح الزعيم يا يوريتش. هل تعتقد أنك تستطيع اتباع رجل لا تُقدّره كثيرًا عندما يصبح زعيم قبيلتنا؟”
شد يوريتش فكيه عندما استوعب ثقل كلمات المحارب. كان إدراكه مقلقًا؛ فلن يكون أمامه خيار سوى الانحناء لابن الزعيم عندما يتولى الأخير السلطة في النهاية.
“أكره ذلك ” قال يوريتش.
“إذا كنت لا تريد أن تتبع الزعيم، عليك أن تصبح واحدًا منهم بنفسك، أليس كذلك؟” سأل المحارب.
“اصمت، هذه مشكلةٌ لوقتٍ لاحق ” ردّ يوريتش بغضبٍ وهو يشقّ العشب الطويل بسيفه المعقوف. شقّ طريقًا عبر الشجيرات الكثيفة بضرباتٍ سريعةٍ ودقيقة.
’يوريتش هو المرشح الأمثل لرئاسة القبيلة مستقبلًا’. شاركه أتباعه المخلصون نفس الرأي. حتى مع مراعاة الكبار، يوريتش أقوى محارب. استخدم تقنيات قتال القبيلة ببراعة لا مثيل لها، وحقق انتصارات عديدة على القبائل المنافسة.
أصبح اسم يوريتش وشجاعته معروفين في جميع القبائل المجاورة. فكلما وطأ قدمه قرية، أصبحت الفتيات يصطففن بشغف ليختارن عروسًا له، وليحملن سلالة هذا المحارب الجبار.
‘تتحدث الشامان دائمًا عن كيف أن يوريتش سيكون محاربًا عظيمًا.’
حتى بدون نبوءة الشامان، جميع أفراد القبيلة يعلمون أن يوريتش مُقدَّر له أن يصبح محاربًا عظيمًا. فكان من المنطقي أن يصبح شخص مثله الزعيم القادم.
’المنصب الرئيسي محجوز للمحارب الأكثر تبجيلًا. سيصبح يوريتش قائدنا القادم، شاء أم أبى’.
فجأة، رفع يوريتش، الذي كان يقود الطريق، يده ليشير للبقية بالتوقف. انحنى المحاربون على الفور وحبسوا أنفاسهم.
إنها أثر قدم دب – أثر كبير أيضًا. يكفي لنتباهى به أمام القرية، همس يوريتش وهو يحدق في أثر القدم على الأرض.
“يبدو أنه متجهٌ نحو الجبال. إذا تتبعنا آثاره، فسنصل إلى منتصف جبال السماء ” علّق أحد المحاربين.
“لن يستغرق الأمر منا سوى دقيقة واحدة لمطاردته والعودة مباشرةً. لماذا، ربما أنت خائف؟” ردّ يوريتش ساخرًا. كان محاربو القبيلة يخاطرون بحياتهم كل يوم. من تجنب التحديات حفاظًا على حياته لم يُعتبروا مؤهلين ليكونوا محاربين.
“خائف؟” ابتسم المحارب ساخرًا ” لا تكن سخيفًا. أنا فقط حذر لأنك قد تخالف القاعدة.”
ضاقت عينا يوريتش، وفيهما لمحة من الشك. “القواعد تُكسر. لا أصدق إلا ما أراه بعيني، لا ما يُروى لنا من قِبَل مجموعة من كبار السن.”
حدّق يوريتش في قمم جبال السماء المغطاة بالثلوج. كانت أشعة الشمس المنعكسة على القمم البيضاء النقية مبهرةً للغاية.
دق، دق.
أصبح قلب يوريتش ينبض بقوة. لطالما تساءل عما يكمن وراء تلك الجبال.
“سأصعد. هل أنتم معي؟” سأل يوريتش رفاقه المحاربين.
تبادل المحاربون النظرات وأومأوا برؤوسهم في انسجام تام. كانوا كقطيع ذئاب – رغبة القائد هي أمرهم.
تبع يوريتش أثر الدب صعودًا إلى جبال السماء. كان العشب يقصر تدريجيًا، والهواء يزداد برودة.
” هاف… هاف… هذا الدب لديه قدرة كبيرة على التحمل ” قال أحد المحاربين من خلال أنفاسه المتقطعة.
” أعتقد أنك كنت كسولًا في التدريب ” سخر محارب آخر ردًا على ذلك.
“أستطيع أن أرى وجهك يتحول إلى اللون الأحمر أكثر فأكثر من الإرهاق ” رد المحارب الأول.
بدأ المحاربون الشباب يشعرون بتزايد إرهاقهم تدريجيًا وهم يتبادلون الأحاديث. بدا يوريتش الوحيد الذي بدا غير منزعج من التسلق.
هل هذا الرجل إنسانٌ حقًّا؟ ألم نكبر جميعًا على نفس الطعام؟
كان لدى يوريتش قدرة خارقة على التحمل. حتى المحاربون الذين تدربوا ليلًا ونهارًا اضطروا لبذل أقصى جهدهم لمواكبة سرعته.
تشومب.
أخرج يوريتش قطعة لحم مقدد من جيبه وأخذ قضمة. حتى أثناء المطاردة، ظلت شهيته قائمة.
“كلوا شيئًا يا شباب. عليكم أن تأكلوا لتستمروا في الحركة ” ابتسم يوريتش وهو ينظر إلى مجموعته.
“نعم، ربما بالنسبة لك ” تمتم المحاربون الآخرون تحت أنفاسهم.
“هذه الرائحة الكريهة…” استنشق يوريتش رائحة حيوان كريهة مميزة. أشارت الرائحة الكريهة إلى أن الدب كان قريبًا.
استفاق المحاربون. والتقط الآخرون أيضًا الرائحة الكريهة، فغرزوا سهامهم.
كانت الوحوش أقوى وأكثر رشاقة من البشر. عند مواجهة هذه الحيوانات، على البشر الحفاظ على مسافة، مما جعل الأقواس والرماح أسلحتهم المفضلة.
تحرك المحاربون بسرعة، ولكن بحذر شديد لتجنب الدوس على أغصان الأشجار.
الدب فريسةً صعبة، ولكنه أيضًا جائزةً تستحق التباهي بها. كان الصيد علامةً على إنجازات المحارب. جلود الحيوانات تُصنع منها ملابس، ويُؤكل لحمها طعامًا، وتُذاب شحومها لاستخدامها كزيت. مهارة الصيد من أعظم فضائل المحارب.
“إنه دب رمادي، يوريتش ” قال أحد المحاربين بصوت خافت.
سرت قشعريرة في أرجاء أجسادهم. لكن سرعان ما اختفت الرعشة، وظهر بريق بارد في عيونهم.

الفصل الأول: جبال السماء ▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أُشْرِكَ بِكَ وَأَنَا أَعْلَمُ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا لاَ أَعْلَمُ ترجمة: ســاد ▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬

 

 

“سوف تكون محاربًا عظيمًا، يوريتش.” “هاه، توقفي عن هذا الهراء، أيها العجوز الشمطاء.” “هيهي ” ضحكت شامان القبيلة. “رأيته في كابوسي يا يوريتش. كنتَ محارب النور.” “أنا لا أؤمن بتلك الطقوس أو قراءة الطالع الخاصة بك؛ أنتم جميعًا تحت تأثير مشروباتكم العشبية وما إلى ذلك ” قال يوريتش. يوريتش محارب قبيلة في السادسة عشرة من عمره. كان قد اجتاز للتو مراسم بلوغه سن الرشد قبل عامين، وهو أيضًا أقوى مقاتل في فئته العمرية. “متى ستتنحين عن منصب الشامان؟ ألم يحن وقت رحيلك؟” سأل يوريتش العجوز وهو يمضغ لحم غزال مجفف. كانت بنيته الجسدية المدربة جيدًا لافتة للنظر كفهد. صفعت الشامان يوريتش على مؤخرته بعصاها. “تسك، لا تستعجلني أيها الوغد. أعلم أن الوقت قصير.” “يا لك من عجوز!” رفع يوريتش قبضته غاضبًا، لكنه لم يستطع أن يضرب عجوزًا. بدلًا من ذلك، قضى على ما تبقى من لحمه المجفف ونهض. “إلى أين أنت ذاهب الآن، يوريتش؟” سألت المرأة المسنة. “أخطط للذهاب للصيد مع إخوتي ” أجاب يوريتش. “أجل، يبدو أن رفاقك المحاربين يتبعونك جيدًا. لا بد أن ابن الزعيم يغار ” ردت الشامان. “هذا الرجل يفكر فقط في نفسه. لا أرغب مطلقًا في أن أصبح الزعيم القادم.” “هذا ليس ما يعتقده الجميع. اسمك دائمًا في نقاش هذا الأمر ” قالت العجوز. “إذا لم أرغب بفعل ذلك، فمن سيجبرني على فعله؟ تعلمين، لا يهم. اعتني بنفسكِ أيتها العجوز الشمطاء.” مع ذلك، استدار يوريتش وغادر. “صغير ” همست الشامان وهي تراقب شخصية يوريتش وهي تختفي في الأفق. رأت ضوءًا خافتًا يحيط به. “سوف تكون محاربًا عظيمًا، يوريتش ” تمتمت الشامان وهي تعود إلى مشروبها العشبي. * * * انضم يوريتش إلى أربعة محاربين شباب آخرين من قبيلة الفأس الحجرية الذين تجمعوا بالفعل. “لقد تأخرت يا يوريتش ” قال أحدهم. “كنت مع العجوز ” أجاب يوريتش وهو يخدش صدره ويبصق على الأرض. “لماذا كل هذا الاهتمام بشامان عجوز يحدق في وجه الموت؟” قال أحد المحاربين ضاحكًا. هكذا كانت دورة الحياة: الشيخوخة ثم الرحيل. “من سوء الحظ ترك سيدة عجوز تموت وحيدة. هذه الزيارات الدورية أقل ما أستطيع فعله ” تمتم يوريتش وهو ينظر إلى المحاربين الأربعة. كانوا أتباعه المخلصين. “بالمناسبة، هل سنصعد حقًا إلى جبال السماء؟” سأل أحدهم، مع الشك الواضح في عينيه. ضحك يوريتش ردًا على ذلك. ” أحضر ابن الزعيم مؤخرًا ذئبًا بحجم عجل كامل. علينا أن نذهب ونبحث عن فريسة أكبر وأكثر إثارة للإعجاب من ذلك. لا يمكننا أن ندعه ينتصر، أليس كذلك؟ ” أشار يوريتش إلى القمم الشاهقة البعيدة بثقة. جبال السماء مكانٌ لم يتجاوزه أحدٌ قط. تقول الأساطير إن عالم الأرواح يقع على الجانب الآخر من الجبال. “لكنها جبال السماء، يوريتش ” زميل محارب قال بحذر. “سنصطاد عند سفح الجبال كما يفعل الكبار. إذا الأمر لا يزال يزعجك، فلا يزال الوقت مناسبًا للتراجع ” علق يوريتش. لو تراجع أحد الآن، لُوصم بالجبن، وستنتشر القصة بين القبيلة بأكملها. ستكون هذه فضيحة كبرى. “حسنًا، سنضطر للتحقق من الأمر في النهاية. أنا موافق ” قال أحد المحاربين بعزم راسخ ورفع يده. رفع الآخرون أيديهم موافقين. اتُّخذ القرار. “ممتاز ” أعلن يوريتش وهو يربت على أكتافهم مع رفاقه. “نحن سنصطاد في جبال السماء اليوم، أيها الإخوة!” في قبيلتهم، لم يكن أولئك الذين هم في نفس العمر أصدقاء فحسب، بل كانوا إخوة. “هيا بنا! آخر واحد هنا عليه أن يحمل الفريسة إلى المنزل!” انطلق المحاربون الخمسة الشباب مسرعين. كانوا قد اعتادوا الركض حينها، وبعد فترة وجيزة، كانوا في طريقهم عبر الغابة إلى قمم جبال السماء المغطاة بالثلوج. كان تسلق جبال السماء محظورًا. كانت القبيلة تعتقد أن الأرواح تسكن وراء هذه الجبال، وقد حذّر شيوخ القرية من أن من يعبرها لن يعود أبدًا. ’الجميع يذهب إلى سفوح الجبال’. فكّر يوريتش في نفسه. من الناحية النظرية، لم يكن الاقتراب من الجبال ممنوعًا. حتى كبار القبيلة لجأوا إلى الصيد في سفوح الجبال عندما لم تُثمر رحلات صيدهم إلا القليل. “يوريتش، هل حقًا ليس لديك أي نية لتصبح الزعيم؟” سأل أحد زملائك المحاربين. “لقد أخبرتك، ليس لدي أي اهتمام بهذا النوع من الأشياء على الإطلاق ” شخر يوريتش بانزعاج واضح. “ثم لماذا تحاول دائمًا التفوق على ابن الزعيم؟” سأل المحارب مرة أخرى. “لأنه يتصرف وكأنه أفضل مني رغم أنه ليس مميزًا على الإطلاق!” أجاب يوريتش. ” لهذا السبب تحديدًا عليك أن تصبح الزعيم يا يوريتش. هل تعتقد أنك تستطيع اتباع رجل لا تُقدّره كثيرًا عندما يصبح زعيم قبيلتنا؟” شد يوريتش فكيه عندما استوعب ثقل كلمات المحارب. كان إدراكه مقلقًا؛ فلن يكون أمامه خيار سوى الانحناء لابن الزعيم عندما يتولى الأخير السلطة في النهاية. “أكره ذلك ” قال يوريتش. “إذا كنت لا تريد أن تتبع الزعيم، عليك أن تصبح واحدًا منهم بنفسك، أليس كذلك؟” سأل المحارب. “اصمت، هذه مشكلةٌ لوقتٍ لاحق ” ردّ يوريتش بغضبٍ وهو يشقّ العشب الطويل بسيفه المعقوف. شقّ طريقًا عبر الشجيرات الكثيفة بضرباتٍ سريعةٍ ودقيقة. ’يوريتش هو المرشح الأمثل لرئاسة القبيلة مستقبلًا’. شاركه أتباعه المخلصون نفس الرأي. حتى مع مراعاة الكبار، يوريتش أقوى محارب. استخدم تقنيات قتال القبيلة ببراعة لا مثيل لها، وحقق انتصارات عديدة على القبائل المنافسة. أصبح اسم يوريتش وشجاعته معروفين في جميع القبائل المجاورة. فكلما وطأ قدمه قرية، أصبحت الفتيات يصطففن بشغف ليختارن عروسًا له، وليحملن سلالة هذا المحارب الجبار. ‘تتحدث الشامان دائمًا عن كيف أن يوريتش سيكون محاربًا عظيمًا.’ حتى بدون نبوءة الشامان، جميع أفراد القبيلة يعلمون أن يوريتش مُقدَّر له أن يصبح محاربًا عظيمًا. فكان من المنطقي أن يصبح شخص مثله الزعيم القادم. ’المنصب الرئيسي محجوز للمحارب الأكثر تبجيلًا. سيصبح يوريتش قائدنا القادم، شاء أم أبى’. فجأة، رفع يوريتش، الذي كان يقود الطريق، يده ليشير للبقية بالتوقف. انحنى المحاربون على الفور وحبسوا أنفاسهم. إنها أثر قدم دب – أثر كبير أيضًا. يكفي لنتباهى به أمام القرية، همس يوريتش وهو يحدق في أثر القدم على الأرض. “يبدو أنه متجهٌ نحو الجبال. إذا تتبعنا آثاره، فسنصل إلى منتصف جبال السماء ” علّق أحد المحاربين. “لن يستغرق الأمر منا سوى دقيقة واحدة لمطاردته والعودة مباشرةً. لماذا، ربما أنت خائف؟” ردّ يوريتش ساخرًا. كان محاربو القبيلة يخاطرون بحياتهم كل يوم. من تجنب التحديات حفاظًا على حياته لم يُعتبروا مؤهلين ليكونوا محاربين. “خائف؟” ابتسم المحارب ساخرًا ” لا تكن سخيفًا. أنا فقط حذر لأنك قد تخالف القاعدة.” ضاقت عينا يوريتش، وفيهما لمحة من الشك. “القواعد تُكسر. لا أصدق إلا ما أراه بعيني، لا ما يُروى لنا من قِبَل مجموعة من كبار السن.” حدّق يوريتش في قمم جبال السماء المغطاة بالثلوج. كانت أشعة الشمس المنعكسة على القمم البيضاء النقية مبهرةً للغاية. دق، دق. أصبح قلب يوريتش ينبض بقوة. لطالما تساءل عما يكمن وراء تلك الجبال. “سأصعد. هل أنتم معي؟” سأل يوريتش رفاقه المحاربين. تبادل المحاربون النظرات وأومأوا برؤوسهم في انسجام تام. كانوا كقطيع ذئاب – رغبة القائد هي أمرهم. تبع يوريتش أثر الدب صعودًا إلى جبال السماء. كان العشب يقصر تدريجيًا، والهواء يزداد برودة. ” هاف… هاف… هذا الدب لديه قدرة كبيرة على التحمل ” قال أحد المحاربين من خلال أنفاسه المتقطعة. ” أعتقد أنك كنت كسولًا في التدريب ” سخر محارب آخر ردًا على ذلك. “أستطيع أن أرى وجهك يتحول إلى اللون الأحمر أكثر فأكثر من الإرهاق ” رد المحارب الأول. بدأ المحاربون الشباب يشعرون بتزايد إرهاقهم تدريجيًا وهم يتبادلون الأحاديث. بدا يوريتش الوحيد الذي بدا غير منزعج من التسلق. هل هذا الرجل إنسانٌ حقًّا؟ ألم نكبر جميعًا على نفس الطعام؟ كان لدى يوريتش قدرة خارقة على التحمل. حتى المحاربون الذين تدربوا ليلًا ونهارًا اضطروا لبذل أقصى جهدهم لمواكبة سرعته. تشومب. أخرج يوريتش قطعة لحم مقدد من جيبه وأخذ قضمة. حتى أثناء المطاردة، ظلت شهيته قائمة. “كلوا شيئًا يا شباب. عليكم أن تأكلوا لتستمروا في الحركة ” ابتسم يوريتش وهو ينظر إلى مجموعته. “نعم، ربما بالنسبة لك ” تمتم المحاربون الآخرون تحت أنفاسهم. “هذه الرائحة الكريهة…” استنشق يوريتش رائحة حيوان كريهة مميزة. أشارت الرائحة الكريهة إلى أن الدب كان قريبًا. استفاق المحاربون. والتقط الآخرون أيضًا الرائحة الكريهة، فغرزوا سهامهم. كانت الوحوش أقوى وأكثر رشاقة من البشر. عند مواجهة هذه الحيوانات، على البشر الحفاظ على مسافة، مما جعل الأقواس والرماح أسلحتهم المفضلة. تحرك المحاربون بسرعة، ولكن بحذر شديد لتجنب الدوس على أغصان الأشجار. الدب فريسةً صعبة، ولكنه أيضًا جائزةً تستحق التباهي بها. كان الصيد علامةً على إنجازات المحارب. جلود الحيوانات تُصنع منها ملابس، ويُؤكل لحمها طعامًا، وتُذاب شحومها لاستخدامها كزيت. مهارة الصيد من أعظم فضائل المحارب. “إنه دب رمادي، يوريتش ” قال أحد المحاربين بصوت خافت. سرت قشعريرة في أرجاء أجسادهم. لكن سرعان ما اختفت الرعشة، وظهر بريق بارد في عيونهم.

“سوف تكون محاربًا عظيمًا، يوريتش.” “هاه، توقفي عن هذا الهراء، أيها العجوز الشمطاء.” “هيهي ” ضحكت شامان القبيلة. “رأيته في كابوسي يا يوريتش. كنتَ محارب النور.” “أنا لا أؤمن بتلك الطقوس أو قراءة الطالع الخاصة بك؛ أنتم جميعًا تحت تأثير مشروباتكم العشبية وما إلى ذلك ” قال يوريتش. يوريتش محارب قبيلة في السادسة عشرة من عمره. كان قد اجتاز للتو مراسم بلوغه سن الرشد قبل عامين، وهو أيضًا أقوى مقاتل في فئته العمرية. “متى ستتنحين عن منصب الشامان؟ ألم يحن وقت رحيلك؟” سأل يوريتش العجوز وهو يمضغ لحم غزال مجفف. كانت بنيته الجسدية المدربة جيدًا لافتة للنظر كفهد. صفعت الشامان يوريتش على مؤخرته بعصاها. “تسك، لا تستعجلني أيها الوغد. أعلم أن الوقت قصير.” “يا لك من عجوز!” رفع يوريتش قبضته غاضبًا، لكنه لم يستطع أن يضرب عجوزًا. بدلًا من ذلك، قضى على ما تبقى من لحمه المجفف ونهض. “إلى أين أنت ذاهب الآن، يوريتش؟” سألت المرأة المسنة. “أخطط للذهاب للصيد مع إخوتي ” أجاب يوريتش. “أجل، يبدو أن رفاقك المحاربين يتبعونك جيدًا. لا بد أن ابن الزعيم يغار ” ردت الشامان. “هذا الرجل يفكر فقط في نفسه. لا أرغب مطلقًا في أن أصبح الزعيم القادم.” “هذا ليس ما يعتقده الجميع. اسمك دائمًا في نقاش هذا الأمر ” قالت العجوز. “إذا لم أرغب بفعل ذلك، فمن سيجبرني على فعله؟ تعلمين، لا يهم. اعتني بنفسكِ أيتها العجوز الشمطاء.” مع ذلك، استدار يوريتش وغادر. “صغير ” همست الشامان وهي تراقب شخصية يوريتش وهي تختفي في الأفق. رأت ضوءًا خافتًا يحيط به. “سوف تكون محاربًا عظيمًا، يوريتش ” تمتمت الشامان وهي تعود إلى مشروبها العشبي. * * * انضم يوريتش إلى أربعة محاربين شباب آخرين من قبيلة الفأس الحجرية الذين تجمعوا بالفعل. “لقد تأخرت يا يوريتش ” قال أحدهم. “كنت مع العجوز ” أجاب يوريتش وهو يخدش صدره ويبصق على الأرض. “لماذا كل هذا الاهتمام بشامان عجوز يحدق في وجه الموت؟” قال أحد المحاربين ضاحكًا. هكذا كانت دورة الحياة: الشيخوخة ثم الرحيل. “من سوء الحظ ترك سيدة عجوز تموت وحيدة. هذه الزيارات الدورية أقل ما أستطيع فعله ” تمتم يوريتش وهو ينظر إلى المحاربين الأربعة. كانوا أتباعه المخلصين. “بالمناسبة، هل سنصعد حقًا إلى جبال السماء؟” سأل أحدهم، مع الشك الواضح في عينيه. ضحك يوريتش ردًا على ذلك. ” أحضر ابن الزعيم مؤخرًا ذئبًا بحجم عجل كامل. علينا أن نذهب ونبحث عن فريسة أكبر وأكثر إثارة للإعجاب من ذلك. لا يمكننا أن ندعه ينتصر، أليس كذلك؟ ” أشار يوريتش إلى القمم الشاهقة البعيدة بثقة. جبال السماء مكانٌ لم يتجاوزه أحدٌ قط. تقول الأساطير إن عالم الأرواح يقع على الجانب الآخر من الجبال. “لكنها جبال السماء، يوريتش ” زميل محارب قال بحذر. “سنصطاد عند سفح الجبال كما يفعل الكبار. إذا الأمر لا يزال يزعجك، فلا يزال الوقت مناسبًا للتراجع ” علق يوريتش. لو تراجع أحد الآن، لُوصم بالجبن، وستنتشر القصة بين القبيلة بأكملها. ستكون هذه فضيحة كبرى. “حسنًا، سنضطر للتحقق من الأمر في النهاية. أنا موافق ” قال أحد المحاربين بعزم راسخ ورفع يده. رفع الآخرون أيديهم موافقين. اتُّخذ القرار. “ممتاز ” أعلن يوريتش وهو يربت على أكتافهم مع رفاقه. “نحن سنصطاد في جبال السماء اليوم، أيها الإخوة!” في قبيلتهم، لم يكن أولئك الذين هم في نفس العمر أصدقاء فحسب، بل كانوا إخوة. “هيا بنا! آخر واحد هنا عليه أن يحمل الفريسة إلى المنزل!” انطلق المحاربون الخمسة الشباب مسرعين. كانوا قد اعتادوا الركض حينها، وبعد فترة وجيزة، كانوا في طريقهم عبر الغابة إلى قمم جبال السماء المغطاة بالثلوج. كان تسلق جبال السماء محظورًا. كانت القبيلة تعتقد أن الأرواح تسكن وراء هذه الجبال، وقد حذّر شيوخ القرية من أن من يعبرها لن يعود أبدًا. ’الجميع يذهب إلى سفوح الجبال’. فكّر يوريتش في نفسه. من الناحية النظرية، لم يكن الاقتراب من الجبال ممنوعًا. حتى كبار القبيلة لجأوا إلى الصيد في سفوح الجبال عندما لم تُثمر رحلات صيدهم إلا القليل. “يوريتش، هل حقًا ليس لديك أي نية لتصبح الزعيم؟” سأل أحد زملائك المحاربين. “لقد أخبرتك، ليس لدي أي اهتمام بهذا النوع من الأشياء على الإطلاق ” شخر يوريتش بانزعاج واضح. “ثم لماذا تحاول دائمًا التفوق على ابن الزعيم؟” سأل المحارب مرة أخرى. “لأنه يتصرف وكأنه أفضل مني رغم أنه ليس مميزًا على الإطلاق!” أجاب يوريتش. ” لهذا السبب تحديدًا عليك أن تصبح الزعيم يا يوريتش. هل تعتقد أنك تستطيع اتباع رجل لا تُقدّره كثيرًا عندما يصبح زعيم قبيلتنا؟” شد يوريتش فكيه عندما استوعب ثقل كلمات المحارب. كان إدراكه مقلقًا؛ فلن يكون أمامه خيار سوى الانحناء لابن الزعيم عندما يتولى الأخير السلطة في النهاية. “أكره ذلك ” قال يوريتش. “إذا كنت لا تريد أن تتبع الزعيم، عليك أن تصبح واحدًا منهم بنفسك، أليس كذلك؟” سأل المحارب. “اصمت، هذه مشكلةٌ لوقتٍ لاحق ” ردّ يوريتش بغضبٍ وهو يشقّ العشب الطويل بسيفه المعقوف. شقّ طريقًا عبر الشجيرات الكثيفة بضرباتٍ سريعةٍ ودقيقة. ’يوريتش هو المرشح الأمثل لرئاسة القبيلة مستقبلًا’. شاركه أتباعه المخلصون نفس الرأي. حتى مع مراعاة الكبار، يوريتش أقوى محارب. استخدم تقنيات قتال القبيلة ببراعة لا مثيل لها، وحقق انتصارات عديدة على القبائل المنافسة. أصبح اسم يوريتش وشجاعته معروفين في جميع القبائل المجاورة. فكلما وطأ قدمه قرية، أصبحت الفتيات يصطففن بشغف ليختارن عروسًا له، وليحملن سلالة هذا المحارب الجبار. ‘تتحدث الشامان دائمًا عن كيف أن يوريتش سيكون محاربًا عظيمًا.’ حتى بدون نبوءة الشامان، جميع أفراد القبيلة يعلمون أن يوريتش مُقدَّر له أن يصبح محاربًا عظيمًا. فكان من المنطقي أن يصبح شخص مثله الزعيم القادم. ’المنصب الرئيسي محجوز للمحارب الأكثر تبجيلًا. سيصبح يوريتش قائدنا القادم، شاء أم أبى’. فجأة، رفع يوريتش، الذي كان يقود الطريق، يده ليشير للبقية بالتوقف. انحنى المحاربون على الفور وحبسوا أنفاسهم. إنها أثر قدم دب – أثر كبير أيضًا. يكفي لنتباهى به أمام القرية، همس يوريتش وهو يحدق في أثر القدم على الأرض. “يبدو أنه متجهٌ نحو الجبال. إذا تتبعنا آثاره، فسنصل إلى منتصف جبال السماء ” علّق أحد المحاربين. “لن يستغرق الأمر منا سوى دقيقة واحدة لمطاردته والعودة مباشرةً. لماذا، ربما أنت خائف؟” ردّ يوريتش ساخرًا. كان محاربو القبيلة يخاطرون بحياتهم كل يوم. من تجنب التحديات حفاظًا على حياته لم يُعتبروا مؤهلين ليكونوا محاربين. “خائف؟” ابتسم المحارب ساخرًا ” لا تكن سخيفًا. أنا فقط حذر لأنك قد تخالف القاعدة.” ضاقت عينا يوريتش، وفيهما لمحة من الشك. “القواعد تُكسر. لا أصدق إلا ما أراه بعيني، لا ما يُروى لنا من قِبَل مجموعة من كبار السن.” حدّق يوريتش في قمم جبال السماء المغطاة بالثلوج. كانت أشعة الشمس المنعكسة على القمم البيضاء النقية مبهرةً للغاية. دق، دق. أصبح قلب يوريتش ينبض بقوة. لطالما تساءل عما يكمن وراء تلك الجبال. “سأصعد. هل أنتم معي؟” سأل يوريتش رفاقه المحاربين. تبادل المحاربون النظرات وأومأوا برؤوسهم في انسجام تام. كانوا كقطيع ذئاب – رغبة القائد هي أمرهم. تبع يوريتش أثر الدب صعودًا إلى جبال السماء. كان العشب يقصر تدريجيًا، والهواء يزداد برودة. ” هاف… هاف… هذا الدب لديه قدرة كبيرة على التحمل ” قال أحد المحاربين من خلال أنفاسه المتقطعة. ” أعتقد أنك كنت كسولًا في التدريب ” سخر محارب آخر ردًا على ذلك. “أستطيع أن أرى وجهك يتحول إلى اللون الأحمر أكثر فأكثر من الإرهاق ” رد المحارب الأول. بدأ المحاربون الشباب يشعرون بتزايد إرهاقهم تدريجيًا وهم يتبادلون الأحاديث. بدا يوريتش الوحيد الذي بدا غير منزعج من التسلق. هل هذا الرجل إنسانٌ حقًّا؟ ألم نكبر جميعًا على نفس الطعام؟ كان لدى يوريتش قدرة خارقة على التحمل. حتى المحاربون الذين تدربوا ليلًا ونهارًا اضطروا لبذل أقصى جهدهم لمواكبة سرعته. تشومب. أخرج يوريتش قطعة لحم مقدد من جيبه وأخذ قضمة. حتى أثناء المطاردة، ظلت شهيته قائمة. “كلوا شيئًا يا شباب. عليكم أن تأكلوا لتستمروا في الحركة ” ابتسم يوريتش وهو ينظر إلى مجموعته. “نعم، ربما بالنسبة لك ” تمتم المحاربون الآخرون تحت أنفاسهم. “هذه الرائحة الكريهة…” استنشق يوريتش رائحة حيوان كريهة مميزة. أشارت الرائحة الكريهة إلى أن الدب كان قريبًا. استفاق المحاربون. والتقط الآخرون أيضًا الرائحة الكريهة، فغرزوا سهامهم. كانت الوحوش أقوى وأكثر رشاقة من البشر. عند مواجهة هذه الحيوانات، على البشر الحفاظ على مسافة، مما جعل الأقواس والرماح أسلحتهم المفضلة. تحرك المحاربون بسرعة، ولكن بحذر شديد لتجنب الدوس على أغصان الأشجار. الدب فريسةً صعبة، ولكنه أيضًا جائزةً تستحق التباهي بها. كان الصيد علامةً على إنجازات المحارب. جلود الحيوانات تُصنع منها ملابس، ويُؤكل لحمها طعامًا، وتُذاب شحومها لاستخدامها كزيت. مهارة الصيد من أعظم فضائل المحارب. “إنه دب رمادي، يوريتش ” قال أحد المحاربين بصوت خافت. سرت قشعريرة في أرجاء أجسادهم. لكن سرعان ما اختفت الرعشة، وظهر بريق بارد في عيونهم.

---

ترجمة موقع ملوك الروايات. لا تُلهِكُم القراءة عن اداء الصلوات فى أوقاتها و لا تنسوا نصيبكم من القرآن

أشترك الان من هنا. ولامزيد من الاعلانات
لا تنسى وضع تعليق للمترجم فهذا يساعده على الاستمرار ومواصلة العمل عندما يرى تشجيعًا.

Comment

Ads Blocker Image Powered by Code Help Pro

Ads Blocker Detected!!!

We have detected that you are using extensions to block ads. Please support us by disabling these ads blocker.

اعدادات القارئ

لايعمل مع الوضع اليلي
لتغير كلمة إله الى شيء أخر
إعادة ضبط