You dont have javascript enabled! Please enable it!
]
Switch Mode
نظرًا لتوقف عرض الإعلانات على الموقع بسبب حظره من شركات الإعلانات ، فإننا نعتمد الآن بشكل كامل على دعم قرائنا الكرام لتغطية تكاليف تشغيل الموقع وتوجيه الفائض نحو دعم المترجمين. للمساهمة ودعم الموقع عن طريق الباي بال , يمكنك النقر على الرابط التالي
paypal.me/IbrahimShazly
هذا المحتوى ترفيهي فقط ولايمت لديننا بأي صلة. لا تجعلوا القراءة تلهيكم عن صلواتكم و واجباتكم.

سعي بربري 10

الفصل العاشر
▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬
اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أُشْرِكَ بِكَ وَأَنَا أَعْلَمُ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا لاَ أَعْلَمُ
ترجمة: ســاد
▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬
انتهى اليوم الأول من بطولة المصارعة، واصطف المصارعون الأحرار للحصول على نصيبهم من المكاسب.
بوو! بوو!
عدّ حورس العملات المعدنية واحدةً واحدة. هذه مكاسب يوريتش من المباراة السابقة.
“هنا مائتي ألف شيكل، بعد خصم السلفة التي قدمتها لك في وقت سابق.”
عبس يوريتش، الذي لا يزال رائحته مليئة بالدماء، في خيبة أمل.
“هل تمزح معي الآن؟ يمكنني الحصول على أكثر من هذا بمجرد سرقة شخص عشوائي في الشارع.”
“مهلاً، انتبه. أفتخر بنزاهتي عندما أحسب لك. أخذتَ مني ستمائة ألف شيكل كدفعة مقدمة. ربحتَ ثمانمائة ألف ” حدّق حورس وقال ليوريتش:
“أحتاج إلى مليون، لا، مليونين آخرين، فقط لأكون آمنًا ” توسل يوريتش إلى حورس بينما يعد بأصابعه.
“أحتاج إلى مليون على الأقل لدفع ثمن الحداد والعثور على امرأة لطيفة – وليس مجرد عاهرة عشوائية يضاجعها الجميع مثل كلابهم.”
انحنى حورس للخلف وشبك أصابعه. ” سأبدأ بالاهتمام بك من الآن فصاعدًا يا يوريتش. اعتبر تقدمك الأول خدمة بسيطة.”
“اهتمام؟”
“نعم. إذا أخذت مني مليوني شيكل الآن، فسيتعين عليك سداد مئتي ألف شيكل إضافية فوق المليونين الأصليين.”
“احجز لي الكثير من المباريات. سأرد لك المبلغ قريبًا ” أعلن يوريتش بثقة.
ابتسم حورس ساخرًا. “ظننته ذكيًا، لكنه مجرد بربري بسيط كباقيهم. إنه أحمق لا يهتم إلا بما هو أمام عينيه. سيكون من السهل التلاعب به.”
بحلول ذلك الوقت، لم يكن سرًا أن يوريتش بربري. مع أنه قد يصعب التمييز بينهم بمجرد النظر إليهم، إلا أن ذلك سرعان ما اتضح عند العيش تحت سقف واحد. لم يكن سلوكهم وطباعهم كسلوك أبناء الإمبراطورية.
“سأستخدمك بقدر ما أستطيع، ثم سأتركك تموت موتة مأساوية.”
أخرج حورس بعض العملات الذهبية من جيبه. أشرق وجه يوريتش.
“كنت أعلم أنك ستنجح، حورس ” قال يوريتش وهو يأخذ العملات الذهبية من يدي حورس.
“الفائدة هي عشرة في المائة، يوريتش.”
“احجز لي ثلاث مباريات متتالية. ستسترد أموالك فورًا.”
ضحك المصارعون الآخرون على كلمات يوريتش المغرورة.
” إنه قردٌ لا يدري ما يفعل. لن يعيش طويلًا ” قال دونوفان وهو يراقب يوريتش وهو يبتعد.
لم يصمد يوريتش طويلًا، لأن طفولته الهمجية الحمقاء ستؤدي إلى موته. كان هذا هو الإجماع حول فرقة مصارعي حورس.
* * *
خضع يوريتش لطقوس بلوغ سن الرشد القبلية في الرابعة عشرة من عمره. في القبيلة، كان بلوغ الصبي السليم رجلاً يعني أنه أصبح محاربًا. المحاربون درع القبيلة وسيفها، يحمونها ويهاجمون أعداءها. ولكي يصبح الصبي محاربًا، عليه أن يثبت جدارته.
لم تكن هناك طقوس أو اختبارات مُحددة يجب إتمامها. أي شيء يُعتبر جديرًا بلقب المحارب كان كافيًا. شمل ذلك البقاء وحيدًا في الغابات والسهول لنصف شهر أو قتل أسد بمفرده. حتى لو لم يكن ما أنجزه الصبي بالضرورة بشجاعة الأمثلة المذكورة أعلاه، لم يكن ذلك عائقًا أمام أن يصبح رجلًا ومحاربًا.
لكن يوريتش، البالغ من العمر أربعة عشر عامًا، فاجأ قبيلة الفأس الحجرية بأكملها باحتفاله. خرج إلى السهول بمفرده وتسلل إلى أراضي قبيلة أخرى. ثم شرع في قطع رؤوس ثلاثة من محاربيهم الذين خرجوا في رحلة صيد. عاد صبي، لم يكتمل نموه الجسدي بعد، إلى القرية حاملاً ثلاثة رؤوس بالغة تتأرجح من حزامه. في تلك اللحظة، عرف جميع رجال القبيلة.
“يوريتش سوف يصبح محاربًا عظيمًا.”
لم يُخيب يوريتش آمالهم الكبيرة. لم يستغرق الأمر منه سوى أقل من عامين كمحارب جديد ليجمع إنجازاتٍ لم يكن ليحلم بها حتى المحاربون العاديون. كلما سمعت قبيلة معادية أن يوريتش ذا الفأس الحجري سيقاتل ضدهم، كانوا غالبًا ما ينسحبون.
“كانت مذبحة الثلاثين رجلاً ممتعة للغاية.”
تذكر يوريتش الماضي. قبل عام تقريبًا، اختطفت قبيلة أخرى امرأةً كانت على علاقة حميمة مع يوريتش، واغتصبتها جماعيًا، ثم قُتلت. لم يكن يوريتش مغرمًا بها. كانا يمارسان الجنس من حين لآخر فقط لأنهما متوافقان، وقد أعجبتها فكرة إنجاب مثل هذا المحارب القوي.
على أي حال، أصبح غاضبًا. تسلل إلى أراضي القبيلة التي قتلت امرأته بنفسه، ونصب كمينًا لرجالهم لثلاثة أيام متتالية. قطع رؤوس ثلاثين من محاربيهم وعلق رؤوسهم على الأشجار القريبة كإشارة لبقية القبائل في المنطقة. منذ ذلك اليوم، لم تحاول أي قبيلة اختطاف امرأة من قبيلة الفأس الحجرية.
ما فعله يوريتش كان جنونًا لأي إنسان عادي – حتى لأبناء قبيلته – لكن لم يُشر إليه أحد بأصابع الاتهام. في عالم المحاربين، كلما زاد جنونك، زاد احترامك – طالما بقيت على قيد الحياة.
بوو! بوو!
أدار يوريتش رقبته من جانب إلى آخر وهو يتذكر أيامه في الوطن. مسح الدم المتبقي على زاوية فمه بساعده.
“وااااه! يوريتش! يوريتش!”
سمع الحشد يهتف باسمه بينما ينظر إلى جثث خصومه على الأرض.
“لنرَ، خمسمائة ألف شيكل للفرد. واحد، اثنان، ثلاثة، أربعة، أي مليونان. هذا هو الدين المُغطى إذًا.”
انتهت المباريات بالفعل. وقد فاز يوريتش في مباراتين متتاليتين، اثنان ضد واحد.
“هل هو مجنون؟ إنه ليس حتى من مصارعي العبيد. يخوض طوعًا نزالات ثنائية. هل يحاول أن يُقتل نفسه؟”
حتى فريق المصارعين المنافس كان لديه الكثير ليقوله عن أسلوب يوريتش الذي بدا جنونيًا في البطولة. لم يكن الموقف مُسليًا إلا للمشاهدين. داس يوريتش بلا رحمة على كل مصارع واجهه بقوته التي لا تُضاهى. كانت مهاراته فائقة لدرجة أن المشاهدين بالكاد استطاعوا تمييز ما يحدث وهو يهزم خصومه واحدًا تلو الآخر.
“يوريتش! يوريتش!” استمر الجمهور في الهتاف باسمه. بلغت شعبيته ذروتها بفضل فوزه البهلواني في اليوم الأول وانتصاريه المتتاليين في اليوم الثاني.
كيف لا يحظى بشعبية بعد كل هذا؟ على أي حال، الجمهور يتوق إلى المصارعين المتهورين.
قبض حورس قبضته. لقد حصل على خمسة ملايين سيل لترتيب نزالات يوريتش. حتى لو خسر يوريتش مبارياته اليوم، لما خسر أي أموال.
’إنه جوهرة… جوهرة’، تمتم حورس في نفسه وهو يراقب يوريتش. لقد فاق يوريتش كل توقعاته. حتى بالنسبة لشخص لا يملك خبرة في استخدام سيف مثل حورس، كانت عظمة يوريتش جلية كوضوح الشمس.
“أنه لست بربريًا عاديًا، إنه أمر مثير للإعجاب!” حتى المصارعون الذين أعطوا يوريتش الكتف الباردة في وقت سابق كانوا يعبرون عن دهشتهم.
“لقد ظننا أنك ستموت، لكنك عدت بأسلوب رائع.”
عندما عاد يوريتش إلى غرفة التحضير، اقترب منه المصارعون الآخرون لأول مرة للتحدث معه وتربيت على ظهره.
“مرّ وقت طويل منذ أن تحركتُ هكذا. ظننتُ أنني بدأتُ أتعب. آه، هذا لذيذ!” قال يوريتش وهو يجلس على كرسي. ارتشف نصف لتر من ماء الليمون الذي على الطاولة أمامه. بدا مغرورًا بعض الشيء، لكن المصارعين أعجبهم ذلك. أي شيء مقبول ومُسامح به إذا امتلك المرء المهارة اللازمة لإثباته.
“أين تعلمت مهاراتك في المبارزة؟”
” من قال شيئًا عن التعلم؟ لقد تعلمتُ بنفسي من خلال قتل الرجال. سمعتُ بعض الحمقى يتدربون بضرب الفزاعات؛ يا له من مضيعة للوقت! أنتم تتقنون فن قتل الرجال بقتلهم حرفيًا ” قال يوريتش للمصارعين متباهيًا وهو يدير سيفه قبل أن يُدخله في غمده بإتقان.
“هذا بالضبط، يعجبني. اسمي باتشمان. كنتُ بحارًا من مدينة ساحلية شرقية.”
“بحار؟ لم أرَ البحر من قبل.”
أضاءت كلمات يوريتش عيني باتشمان. شعر بالحماس وبدأ يصف شكل البحر.
“فقط تخيل بحيرة بحجم السماء، ليس لها نهاية في الأفق.”
فتح يوريتش عينيه على اتساعهما وهز رأسه في حالة من عدم التصديق عندما استمع إلى باتشمان وهو يصف البحر.
“مستحيل، أنت تخدعني. لا وجود لبحيرة لا نهاية لها. أنت تختلق الأمر، أليس كذلك؟ كوني لم أرَ البحر من قبل لا يعني أنني أحمق! لقد سحقتُ رؤوس الكثيرين لكذبهم عليّ ” عبس يوريتش بنظرة صارمة على وجهه. انفجر باتشمان والمصارعون الآخرون ضاحكين.
“يا إلهي، أنت حقًا من سكان الريف. إذا زرت الشرق، فعليك أن تتأمل البحر وتتأكد بنفسك إن كنت أكذب أم أقول الحقيقة.”
قدّم باتشمان وعدد من المصارعين الآخرين أنفسهم ليوريتش. لم يُبالِ معظمهم برأي دونوفان فيهم، أو كانوا قد تعرّضوا لمضايقات منه.
* * *
خلال إقامتهم في المدينة، استأجر مصارعو حورس حانة كاملةً كمقرّ لهم. واجه صاحب الحانة صعوبةً في كبت فرحته، إذ التهم المصارعون كل ما تبقى لديه من لحم وخمور.
“سفين ؟ إنه شخص غريب الأطوار. أنا متأكد أن حورس سيسمح له بأن يصبح مصارعًا حرًا لو طلب ذلك، لكنني لم أره قط يحاول الفرار من عبوديته.” أجاب باتشمان على سؤال يوريتش. شرب المصارعان لحمهما مع البيرة، محاطين بثرثرة زملائهما الصاخبة.
“أفضّل أن أموت على أن أكون عبدًا.”
بدا يوريتش مُلِمًّا بحياة العبيد. لم يُعاملوا كبشر، سواءٌ على جانبي جبال السماء أو غيرها.
“سمعتُ أن حورس هو من أنقذ حياة سفين عندما على وشك الموت بعد أن تقطعت به السبل في البحر. ساعد سفين على التعافي، بل ووفر له وظيفة، فلا عجب أنه يرى حورس رجلاً يستحق ولائه، كرجل شمالي.”
أمال يوريتش رأسه بفضول.
“كشمالي؟”
” هل سمعتَ بـ”حقل السيوف”؟ إنه المكان الذي يعتقد محاربو الشمال أنهم يذهبون إليه بعد موتهم. لا يمكنهم دخوله إلا بالموت في المعركة. إنه مكانٌ ينتظرهم فيه أسلافهم ومحاربوهم العظماء، حيث يمكنهم الشرب والأكل كما يحلو لهم، بينما يختبرون مهاراتهم ضد بعضهم البعض ليلًا ونهارًا. إنه جنتهم. أكثر ما يخشاه الشماليون هو الموت بسبب الأمراض أو الحوادث، لأنهم يعتقدون أن الموت بأي شيء سوى المعركة لا يُدخل أرواحهم إلى جنتهم. بل على أرواحهم أن تجوب عالم الأحياء. ”
حقل السيوف. مختلف قليلاً، ولكنه ليس بعيدًا عن أساطير موطن يوريتش. في موطنه، يجب على المحارب أن يعيش بإخلاص كمحارب ليصل إلى عالم الأرواح عند موته. وللوصول إلى السلام في الآخرة، يجب على المحارب أن يحمل سلاحه حتى يعجز جسده عن حمله.
“أخبرنا كبار السن أن عالم الأرواح على الجانب الآخر من جبال السماء.”
لكن تلك كانت كذبة. خلف الجبال كان هناك أناس، تمامًا مثل يوريتش وأبناء قبيلته.
“فعندما نموت، أين تذهب أرواحنا؟”
شرب يوريتش بيرةً بغضب. أصبح قلقًا للغاية بشأن الحياة الآخرة.
ماذا سيحدث لي بعد أن أموت؟
حدق يوريتش في باتشمان وكأنه يطلب منه الإجابة.
” إذًا، عندما تموت، أين تذهب؟ أنت رجل متحضر، لست شماليًا.”
أطلق سكان الإمبراطورية على أنفسهم اسم “متحضرين” لتمييز أنفسهم عن برابرة الشمال والجنوب. هؤلاء برابرة، وكانوا هم أنفسهم متحضرين.
بوو!
سحب باتشمان قلادة من تحت قميصه وهزها بلطف أمام يوريتش.
“الشمس؟”
تحركت الشمس على القلادة. بدا يوريتش قد رأى الرمز نفسه عدة مرات.
“ستنتقل روحي إلى حضن لو الدافئ، حاكم الشمس. ثم سأولد من جديد. عليك أن تتحول إلى الطاقة الشمسية.”
الشمسانية. كانت أكثر الديانات انتشارًا بين المتحضرين. اعتمدت الإمبراطورية والممالك الخاضعة لها الشمسانية كدين رسمي لها.
“أؤمن بالسماء. الشمس جزءٌ منها فقط، أليس كذلك؟ السماء أعظم من الشمس!” قال يوريتش وهو ينقر بلسانه. ضحك باتشمان.
“حسنًا، أنت تؤمن بما تشاء. فقط احذر من قول هذا أمام المتدينين. لو سمعوا ما قلته، لَارتجفوا غضبًا.”
لم يكن باتشمان متدينًا. أخفى قلادته تحت قميصه.

الفصل العاشر ▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أُشْرِكَ بِكَ وَأَنَا أَعْلَمُ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا لاَ أَعْلَمُ ترجمة: ســاد ▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬ انتهى اليوم الأول من بطولة المصارعة، واصطف المصارعون الأحرار للحصول على نصيبهم من المكاسب. بوو! بوو! عدّ حورس العملات المعدنية واحدةً واحدة. هذه مكاسب يوريتش من المباراة السابقة. “هنا مائتي ألف شيكل، بعد خصم السلفة التي قدمتها لك في وقت سابق.” عبس يوريتش، الذي لا يزال رائحته مليئة بالدماء، في خيبة أمل. “هل تمزح معي الآن؟ يمكنني الحصول على أكثر من هذا بمجرد سرقة شخص عشوائي في الشارع.” “مهلاً، انتبه. أفتخر بنزاهتي عندما أحسب لك. أخذتَ مني ستمائة ألف شيكل كدفعة مقدمة. ربحتَ ثمانمائة ألف ” حدّق حورس وقال ليوريتش: “أحتاج إلى مليون، لا، مليونين آخرين، فقط لأكون آمنًا ” توسل يوريتش إلى حورس بينما يعد بأصابعه. “أحتاج إلى مليون على الأقل لدفع ثمن الحداد والعثور على امرأة لطيفة – وليس مجرد عاهرة عشوائية يضاجعها الجميع مثل كلابهم.” انحنى حورس للخلف وشبك أصابعه. ” سأبدأ بالاهتمام بك من الآن فصاعدًا يا يوريتش. اعتبر تقدمك الأول خدمة بسيطة.” “اهتمام؟” “نعم. إذا أخذت مني مليوني شيكل الآن، فسيتعين عليك سداد مئتي ألف شيكل إضافية فوق المليونين الأصليين.” “احجز لي الكثير من المباريات. سأرد لك المبلغ قريبًا ” أعلن يوريتش بثقة. ابتسم حورس ساخرًا. “ظننته ذكيًا، لكنه مجرد بربري بسيط كباقيهم. إنه أحمق لا يهتم إلا بما هو أمام عينيه. سيكون من السهل التلاعب به.” بحلول ذلك الوقت، لم يكن سرًا أن يوريتش بربري. مع أنه قد يصعب التمييز بينهم بمجرد النظر إليهم، إلا أن ذلك سرعان ما اتضح عند العيش تحت سقف واحد. لم يكن سلوكهم وطباعهم كسلوك أبناء الإمبراطورية. “سأستخدمك بقدر ما أستطيع، ثم سأتركك تموت موتة مأساوية.” أخرج حورس بعض العملات الذهبية من جيبه. أشرق وجه يوريتش. “كنت أعلم أنك ستنجح، حورس ” قال يوريتش وهو يأخذ العملات الذهبية من يدي حورس. “الفائدة هي عشرة في المائة، يوريتش.” “احجز لي ثلاث مباريات متتالية. ستسترد أموالك فورًا.” ضحك المصارعون الآخرون على كلمات يوريتش المغرورة. ” إنه قردٌ لا يدري ما يفعل. لن يعيش طويلًا ” قال دونوفان وهو يراقب يوريتش وهو يبتعد. لم يصمد يوريتش طويلًا، لأن طفولته الهمجية الحمقاء ستؤدي إلى موته. كان هذا هو الإجماع حول فرقة مصارعي حورس. * * * خضع يوريتش لطقوس بلوغ سن الرشد القبلية في الرابعة عشرة من عمره. في القبيلة، كان بلوغ الصبي السليم رجلاً يعني أنه أصبح محاربًا. المحاربون درع القبيلة وسيفها، يحمونها ويهاجمون أعداءها. ولكي يصبح الصبي محاربًا، عليه أن يثبت جدارته. لم تكن هناك طقوس أو اختبارات مُحددة يجب إتمامها. أي شيء يُعتبر جديرًا بلقب المحارب كان كافيًا. شمل ذلك البقاء وحيدًا في الغابات والسهول لنصف شهر أو قتل أسد بمفرده. حتى لو لم يكن ما أنجزه الصبي بالضرورة بشجاعة الأمثلة المذكورة أعلاه، لم يكن ذلك عائقًا أمام أن يصبح رجلًا ومحاربًا. لكن يوريتش، البالغ من العمر أربعة عشر عامًا، فاجأ قبيلة الفأس الحجرية بأكملها باحتفاله. خرج إلى السهول بمفرده وتسلل إلى أراضي قبيلة أخرى. ثم شرع في قطع رؤوس ثلاثة من محاربيهم الذين خرجوا في رحلة صيد. عاد صبي، لم يكتمل نموه الجسدي بعد، إلى القرية حاملاً ثلاثة رؤوس بالغة تتأرجح من حزامه. في تلك اللحظة، عرف جميع رجال القبيلة. “يوريتش سوف يصبح محاربًا عظيمًا.” لم يُخيب يوريتش آمالهم الكبيرة. لم يستغرق الأمر منه سوى أقل من عامين كمحارب جديد ليجمع إنجازاتٍ لم يكن ليحلم بها حتى المحاربون العاديون. كلما سمعت قبيلة معادية أن يوريتش ذا الفأس الحجري سيقاتل ضدهم، كانوا غالبًا ما ينسحبون. “كانت مذبحة الثلاثين رجلاً ممتعة للغاية.” تذكر يوريتش الماضي. قبل عام تقريبًا، اختطفت قبيلة أخرى امرأةً كانت على علاقة حميمة مع يوريتش، واغتصبتها جماعيًا، ثم قُتلت. لم يكن يوريتش مغرمًا بها. كانا يمارسان الجنس من حين لآخر فقط لأنهما متوافقان، وقد أعجبتها فكرة إنجاب مثل هذا المحارب القوي. على أي حال، أصبح غاضبًا. تسلل إلى أراضي القبيلة التي قتلت امرأته بنفسه، ونصب كمينًا لرجالهم لثلاثة أيام متتالية. قطع رؤوس ثلاثين من محاربيهم وعلق رؤوسهم على الأشجار القريبة كإشارة لبقية القبائل في المنطقة. منذ ذلك اليوم، لم تحاول أي قبيلة اختطاف امرأة من قبيلة الفأس الحجرية. ما فعله يوريتش كان جنونًا لأي إنسان عادي – حتى لأبناء قبيلته – لكن لم يُشر إليه أحد بأصابع الاتهام. في عالم المحاربين، كلما زاد جنونك، زاد احترامك – طالما بقيت على قيد الحياة. بوو! بوو! أدار يوريتش رقبته من جانب إلى آخر وهو يتذكر أيامه في الوطن. مسح الدم المتبقي على زاوية فمه بساعده. “وااااه! يوريتش! يوريتش!” سمع الحشد يهتف باسمه بينما ينظر إلى جثث خصومه على الأرض. “لنرَ، خمسمائة ألف شيكل للفرد. واحد، اثنان، ثلاثة، أربعة، أي مليونان. هذا هو الدين المُغطى إذًا.” انتهت المباريات بالفعل. وقد فاز يوريتش في مباراتين متتاليتين، اثنان ضد واحد. “هل هو مجنون؟ إنه ليس حتى من مصارعي العبيد. يخوض طوعًا نزالات ثنائية. هل يحاول أن يُقتل نفسه؟” حتى فريق المصارعين المنافس كان لديه الكثير ليقوله عن أسلوب يوريتش الذي بدا جنونيًا في البطولة. لم يكن الموقف مُسليًا إلا للمشاهدين. داس يوريتش بلا رحمة على كل مصارع واجهه بقوته التي لا تُضاهى. كانت مهاراته فائقة لدرجة أن المشاهدين بالكاد استطاعوا تمييز ما يحدث وهو يهزم خصومه واحدًا تلو الآخر. “يوريتش! يوريتش!” استمر الجمهور في الهتاف باسمه. بلغت شعبيته ذروتها بفضل فوزه البهلواني في اليوم الأول وانتصاريه المتتاليين في اليوم الثاني. كيف لا يحظى بشعبية بعد كل هذا؟ على أي حال، الجمهور يتوق إلى المصارعين المتهورين. قبض حورس قبضته. لقد حصل على خمسة ملايين سيل لترتيب نزالات يوريتش. حتى لو خسر يوريتش مبارياته اليوم، لما خسر أي أموال. ’إنه جوهرة… جوهرة’، تمتم حورس في نفسه وهو يراقب يوريتش. لقد فاق يوريتش كل توقعاته. حتى بالنسبة لشخص لا يملك خبرة في استخدام سيف مثل حورس، كانت عظمة يوريتش جلية كوضوح الشمس. “أنه لست بربريًا عاديًا، إنه أمر مثير للإعجاب!” حتى المصارعون الذين أعطوا يوريتش الكتف الباردة في وقت سابق كانوا يعبرون عن دهشتهم. “لقد ظننا أنك ستموت، لكنك عدت بأسلوب رائع.” عندما عاد يوريتش إلى غرفة التحضير، اقترب منه المصارعون الآخرون لأول مرة للتحدث معه وتربيت على ظهره. “مرّ وقت طويل منذ أن تحركتُ هكذا. ظننتُ أنني بدأتُ أتعب. آه، هذا لذيذ!” قال يوريتش وهو يجلس على كرسي. ارتشف نصف لتر من ماء الليمون الذي على الطاولة أمامه. بدا مغرورًا بعض الشيء، لكن المصارعين أعجبهم ذلك. أي شيء مقبول ومُسامح به إذا امتلك المرء المهارة اللازمة لإثباته. “أين تعلمت مهاراتك في المبارزة؟” ” من قال شيئًا عن التعلم؟ لقد تعلمتُ بنفسي من خلال قتل الرجال. سمعتُ بعض الحمقى يتدربون بضرب الفزاعات؛ يا له من مضيعة للوقت! أنتم تتقنون فن قتل الرجال بقتلهم حرفيًا ” قال يوريتش للمصارعين متباهيًا وهو يدير سيفه قبل أن يُدخله في غمده بإتقان. “هذا بالضبط، يعجبني. اسمي باتشمان. كنتُ بحارًا من مدينة ساحلية شرقية.” “بحار؟ لم أرَ البحر من قبل.” أضاءت كلمات يوريتش عيني باتشمان. شعر بالحماس وبدأ يصف شكل البحر. “فقط تخيل بحيرة بحجم السماء، ليس لها نهاية في الأفق.” فتح يوريتش عينيه على اتساعهما وهز رأسه في حالة من عدم التصديق عندما استمع إلى باتشمان وهو يصف البحر. “مستحيل، أنت تخدعني. لا وجود لبحيرة لا نهاية لها. أنت تختلق الأمر، أليس كذلك؟ كوني لم أرَ البحر من قبل لا يعني أنني أحمق! لقد سحقتُ رؤوس الكثيرين لكذبهم عليّ ” عبس يوريتش بنظرة صارمة على وجهه. انفجر باتشمان والمصارعون الآخرون ضاحكين. “يا إلهي، أنت حقًا من سكان الريف. إذا زرت الشرق، فعليك أن تتأمل البحر وتتأكد بنفسك إن كنت أكذب أم أقول الحقيقة.” قدّم باتشمان وعدد من المصارعين الآخرين أنفسهم ليوريتش. لم يُبالِ معظمهم برأي دونوفان فيهم، أو كانوا قد تعرّضوا لمضايقات منه. * * * خلال إقامتهم في المدينة، استأجر مصارعو حورس حانة كاملةً كمقرّ لهم. واجه صاحب الحانة صعوبةً في كبت فرحته، إذ التهم المصارعون كل ما تبقى لديه من لحم وخمور. “سفين ؟ إنه شخص غريب الأطوار. أنا متأكد أن حورس سيسمح له بأن يصبح مصارعًا حرًا لو طلب ذلك، لكنني لم أره قط يحاول الفرار من عبوديته.” أجاب باتشمان على سؤال يوريتش. شرب المصارعان لحمهما مع البيرة، محاطين بثرثرة زملائهما الصاخبة. “أفضّل أن أموت على أن أكون عبدًا.” بدا يوريتش مُلِمًّا بحياة العبيد. لم يُعاملوا كبشر، سواءٌ على جانبي جبال السماء أو غيرها. “سمعتُ أن حورس هو من أنقذ حياة سفين عندما على وشك الموت بعد أن تقطعت به السبل في البحر. ساعد سفين على التعافي، بل ووفر له وظيفة، فلا عجب أنه يرى حورس رجلاً يستحق ولائه، كرجل شمالي.” أمال يوريتش رأسه بفضول. “كشمالي؟” ” هل سمعتَ بـ”حقل السيوف”؟ إنه المكان الذي يعتقد محاربو الشمال أنهم يذهبون إليه بعد موتهم. لا يمكنهم دخوله إلا بالموت في المعركة. إنه مكانٌ ينتظرهم فيه أسلافهم ومحاربوهم العظماء، حيث يمكنهم الشرب والأكل كما يحلو لهم، بينما يختبرون مهاراتهم ضد بعضهم البعض ليلًا ونهارًا. إنه جنتهم. أكثر ما يخشاه الشماليون هو الموت بسبب الأمراض أو الحوادث، لأنهم يعتقدون أن الموت بأي شيء سوى المعركة لا يُدخل أرواحهم إلى جنتهم. بل على أرواحهم أن تجوب عالم الأحياء. ” حقل السيوف. مختلف قليلاً، ولكنه ليس بعيدًا عن أساطير موطن يوريتش. في موطنه، يجب على المحارب أن يعيش بإخلاص كمحارب ليصل إلى عالم الأرواح عند موته. وللوصول إلى السلام في الآخرة، يجب على المحارب أن يحمل سلاحه حتى يعجز جسده عن حمله. “أخبرنا كبار السن أن عالم الأرواح على الجانب الآخر من جبال السماء.” لكن تلك كانت كذبة. خلف الجبال كان هناك أناس، تمامًا مثل يوريتش وأبناء قبيلته. “فعندما نموت، أين تذهب أرواحنا؟” شرب يوريتش بيرةً بغضب. أصبح قلقًا للغاية بشأن الحياة الآخرة. ماذا سيحدث لي بعد أن أموت؟ حدق يوريتش في باتشمان وكأنه يطلب منه الإجابة. ” إذًا، عندما تموت، أين تذهب؟ أنت رجل متحضر، لست شماليًا.” أطلق سكان الإمبراطورية على أنفسهم اسم “متحضرين” لتمييز أنفسهم عن برابرة الشمال والجنوب. هؤلاء برابرة، وكانوا هم أنفسهم متحضرين. بوو! سحب باتشمان قلادة من تحت قميصه وهزها بلطف أمام يوريتش. “الشمس؟” تحركت الشمس على القلادة. بدا يوريتش قد رأى الرمز نفسه عدة مرات. “ستنتقل روحي إلى حضن لو الدافئ، حاكم الشمس. ثم سأولد من جديد. عليك أن تتحول إلى الطاقة الشمسية.” الشمسانية. كانت أكثر الديانات انتشارًا بين المتحضرين. اعتمدت الإمبراطورية والممالك الخاضعة لها الشمسانية كدين رسمي لها. “أؤمن بالسماء. الشمس جزءٌ منها فقط، أليس كذلك؟ السماء أعظم من الشمس!” قال يوريتش وهو ينقر بلسانه. ضحك باتشمان. “حسنًا، أنت تؤمن بما تشاء. فقط احذر من قول هذا أمام المتدينين. لو سمعوا ما قلته، لَارتجفوا غضبًا.” لم يكن باتشمان متدينًا. أخفى قلادته تحت قميصه.

 

 

الفصل العاشر ▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أُشْرِكَ بِكَ وَأَنَا أَعْلَمُ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا لاَ أَعْلَمُ ترجمة: ســاد ▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬ انتهى اليوم الأول من بطولة المصارعة، واصطف المصارعون الأحرار للحصول على نصيبهم من المكاسب. بوو! بوو! عدّ حورس العملات المعدنية واحدةً واحدة. هذه مكاسب يوريتش من المباراة السابقة. “هنا مائتي ألف شيكل، بعد خصم السلفة التي قدمتها لك في وقت سابق.” عبس يوريتش، الذي لا يزال رائحته مليئة بالدماء، في خيبة أمل. “هل تمزح معي الآن؟ يمكنني الحصول على أكثر من هذا بمجرد سرقة شخص عشوائي في الشارع.” “مهلاً، انتبه. أفتخر بنزاهتي عندما أحسب لك. أخذتَ مني ستمائة ألف شيكل كدفعة مقدمة. ربحتَ ثمانمائة ألف ” حدّق حورس وقال ليوريتش: “أحتاج إلى مليون، لا، مليونين آخرين، فقط لأكون آمنًا ” توسل يوريتش إلى حورس بينما يعد بأصابعه. “أحتاج إلى مليون على الأقل لدفع ثمن الحداد والعثور على امرأة لطيفة – وليس مجرد عاهرة عشوائية يضاجعها الجميع مثل كلابهم.” انحنى حورس للخلف وشبك أصابعه. ” سأبدأ بالاهتمام بك من الآن فصاعدًا يا يوريتش. اعتبر تقدمك الأول خدمة بسيطة.” “اهتمام؟” “نعم. إذا أخذت مني مليوني شيكل الآن، فسيتعين عليك سداد مئتي ألف شيكل إضافية فوق المليونين الأصليين.” “احجز لي الكثير من المباريات. سأرد لك المبلغ قريبًا ” أعلن يوريتش بثقة. ابتسم حورس ساخرًا. “ظننته ذكيًا، لكنه مجرد بربري بسيط كباقيهم. إنه أحمق لا يهتم إلا بما هو أمام عينيه. سيكون من السهل التلاعب به.” بحلول ذلك الوقت، لم يكن سرًا أن يوريتش بربري. مع أنه قد يصعب التمييز بينهم بمجرد النظر إليهم، إلا أن ذلك سرعان ما اتضح عند العيش تحت سقف واحد. لم يكن سلوكهم وطباعهم كسلوك أبناء الإمبراطورية. “سأستخدمك بقدر ما أستطيع، ثم سأتركك تموت موتة مأساوية.” أخرج حورس بعض العملات الذهبية من جيبه. أشرق وجه يوريتش. “كنت أعلم أنك ستنجح، حورس ” قال يوريتش وهو يأخذ العملات الذهبية من يدي حورس. “الفائدة هي عشرة في المائة، يوريتش.” “احجز لي ثلاث مباريات متتالية. ستسترد أموالك فورًا.” ضحك المصارعون الآخرون على كلمات يوريتش المغرورة. ” إنه قردٌ لا يدري ما يفعل. لن يعيش طويلًا ” قال دونوفان وهو يراقب يوريتش وهو يبتعد. لم يصمد يوريتش طويلًا، لأن طفولته الهمجية الحمقاء ستؤدي إلى موته. كان هذا هو الإجماع حول فرقة مصارعي حورس. * * * خضع يوريتش لطقوس بلوغ سن الرشد القبلية في الرابعة عشرة من عمره. في القبيلة، كان بلوغ الصبي السليم رجلاً يعني أنه أصبح محاربًا. المحاربون درع القبيلة وسيفها، يحمونها ويهاجمون أعداءها. ولكي يصبح الصبي محاربًا، عليه أن يثبت جدارته. لم تكن هناك طقوس أو اختبارات مُحددة يجب إتمامها. أي شيء يُعتبر جديرًا بلقب المحارب كان كافيًا. شمل ذلك البقاء وحيدًا في الغابات والسهول لنصف شهر أو قتل أسد بمفرده. حتى لو لم يكن ما أنجزه الصبي بالضرورة بشجاعة الأمثلة المذكورة أعلاه، لم يكن ذلك عائقًا أمام أن يصبح رجلًا ومحاربًا. لكن يوريتش، البالغ من العمر أربعة عشر عامًا، فاجأ قبيلة الفأس الحجرية بأكملها باحتفاله. خرج إلى السهول بمفرده وتسلل إلى أراضي قبيلة أخرى. ثم شرع في قطع رؤوس ثلاثة من محاربيهم الذين خرجوا في رحلة صيد. عاد صبي، لم يكتمل نموه الجسدي بعد، إلى القرية حاملاً ثلاثة رؤوس بالغة تتأرجح من حزامه. في تلك اللحظة، عرف جميع رجال القبيلة. “يوريتش سوف يصبح محاربًا عظيمًا.” لم يُخيب يوريتش آمالهم الكبيرة. لم يستغرق الأمر منه سوى أقل من عامين كمحارب جديد ليجمع إنجازاتٍ لم يكن ليحلم بها حتى المحاربون العاديون. كلما سمعت قبيلة معادية أن يوريتش ذا الفأس الحجري سيقاتل ضدهم، كانوا غالبًا ما ينسحبون. “كانت مذبحة الثلاثين رجلاً ممتعة للغاية.” تذكر يوريتش الماضي. قبل عام تقريبًا، اختطفت قبيلة أخرى امرأةً كانت على علاقة حميمة مع يوريتش، واغتصبتها جماعيًا، ثم قُتلت. لم يكن يوريتش مغرمًا بها. كانا يمارسان الجنس من حين لآخر فقط لأنهما متوافقان، وقد أعجبتها فكرة إنجاب مثل هذا المحارب القوي. على أي حال، أصبح غاضبًا. تسلل إلى أراضي القبيلة التي قتلت امرأته بنفسه، ونصب كمينًا لرجالهم لثلاثة أيام متتالية. قطع رؤوس ثلاثين من محاربيهم وعلق رؤوسهم على الأشجار القريبة كإشارة لبقية القبائل في المنطقة. منذ ذلك اليوم، لم تحاول أي قبيلة اختطاف امرأة من قبيلة الفأس الحجرية. ما فعله يوريتش كان جنونًا لأي إنسان عادي – حتى لأبناء قبيلته – لكن لم يُشر إليه أحد بأصابع الاتهام. في عالم المحاربين، كلما زاد جنونك، زاد احترامك – طالما بقيت على قيد الحياة. بوو! بوو! أدار يوريتش رقبته من جانب إلى آخر وهو يتذكر أيامه في الوطن. مسح الدم المتبقي على زاوية فمه بساعده. “وااااه! يوريتش! يوريتش!” سمع الحشد يهتف باسمه بينما ينظر إلى جثث خصومه على الأرض. “لنرَ، خمسمائة ألف شيكل للفرد. واحد، اثنان، ثلاثة، أربعة، أي مليونان. هذا هو الدين المُغطى إذًا.” انتهت المباريات بالفعل. وقد فاز يوريتش في مباراتين متتاليتين، اثنان ضد واحد. “هل هو مجنون؟ إنه ليس حتى من مصارعي العبيد. يخوض طوعًا نزالات ثنائية. هل يحاول أن يُقتل نفسه؟” حتى فريق المصارعين المنافس كان لديه الكثير ليقوله عن أسلوب يوريتش الذي بدا جنونيًا في البطولة. لم يكن الموقف مُسليًا إلا للمشاهدين. داس يوريتش بلا رحمة على كل مصارع واجهه بقوته التي لا تُضاهى. كانت مهاراته فائقة لدرجة أن المشاهدين بالكاد استطاعوا تمييز ما يحدث وهو يهزم خصومه واحدًا تلو الآخر. “يوريتش! يوريتش!” استمر الجمهور في الهتاف باسمه. بلغت شعبيته ذروتها بفضل فوزه البهلواني في اليوم الأول وانتصاريه المتتاليين في اليوم الثاني. كيف لا يحظى بشعبية بعد كل هذا؟ على أي حال، الجمهور يتوق إلى المصارعين المتهورين. قبض حورس قبضته. لقد حصل على خمسة ملايين سيل لترتيب نزالات يوريتش. حتى لو خسر يوريتش مبارياته اليوم، لما خسر أي أموال. ’إنه جوهرة… جوهرة’، تمتم حورس في نفسه وهو يراقب يوريتش. لقد فاق يوريتش كل توقعاته. حتى بالنسبة لشخص لا يملك خبرة في استخدام سيف مثل حورس، كانت عظمة يوريتش جلية كوضوح الشمس. “أنه لست بربريًا عاديًا، إنه أمر مثير للإعجاب!” حتى المصارعون الذين أعطوا يوريتش الكتف الباردة في وقت سابق كانوا يعبرون عن دهشتهم. “لقد ظننا أنك ستموت، لكنك عدت بأسلوب رائع.” عندما عاد يوريتش إلى غرفة التحضير، اقترب منه المصارعون الآخرون لأول مرة للتحدث معه وتربيت على ظهره. “مرّ وقت طويل منذ أن تحركتُ هكذا. ظننتُ أنني بدأتُ أتعب. آه، هذا لذيذ!” قال يوريتش وهو يجلس على كرسي. ارتشف نصف لتر من ماء الليمون الذي على الطاولة أمامه. بدا مغرورًا بعض الشيء، لكن المصارعين أعجبهم ذلك. أي شيء مقبول ومُسامح به إذا امتلك المرء المهارة اللازمة لإثباته. “أين تعلمت مهاراتك في المبارزة؟” ” من قال شيئًا عن التعلم؟ لقد تعلمتُ بنفسي من خلال قتل الرجال. سمعتُ بعض الحمقى يتدربون بضرب الفزاعات؛ يا له من مضيعة للوقت! أنتم تتقنون فن قتل الرجال بقتلهم حرفيًا ” قال يوريتش للمصارعين متباهيًا وهو يدير سيفه قبل أن يُدخله في غمده بإتقان. “هذا بالضبط، يعجبني. اسمي باتشمان. كنتُ بحارًا من مدينة ساحلية شرقية.” “بحار؟ لم أرَ البحر من قبل.” أضاءت كلمات يوريتش عيني باتشمان. شعر بالحماس وبدأ يصف شكل البحر. “فقط تخيل بحيرة بحجم السماء، ليس لها نهاية في الأفق.” فتح يوريتش عينيه على اتساعهما وهز رأسه في حالة من عدم التصديق عندما استمع إلى باتشمان وهو يصف البحر. “مستحيل، أنت تخدعني. لا وجود لبحيرة لا نهاية لها. أنت تختلق الأمر، أليس كذلك؟ كوني لم أرَ البحر من قبل لا يعني أنني أحمق! لقد سحقتُ رؤوس الكثيرين لكذبهم عليّ ” عبس يوريتش بنظرة صارمة على وجهه. انفجر باتشمان والمصارعون الآخرون ضاحكين. “يا إلهي، أنت حقًا من سكان الريف. إذا زرت الشرق، فعليك أن تتأمل البحر وتتأكد بنفسك إن كنت أكذب أم أقول الحقيقة.” قدّم باتشمان وعدد من المصارعين الآخرين أنفسهم ليوريتش. لم يُبالِ معظمهم برأي دونوفان فيهم، أو كانوا قد تعرّضوا لمضايقات منه. * * * خلال إقامتهم في المدينة، استأجر مصارعو حورس حانة كاملةً كمقرّ لهم. واجه صاحب الحانة صعوبةً في كبت فرحته، إذ التهم المصارعون كل ما تبقى لديه من لحم وخمور. “سفين ؟ إنه شخص غريب الأطوار. أنا متأكد أن حورس سيسمح له بأن يصبح مصارعًا حرًا لو طلب ذلك، لكنني لم أره قط يحاول الفرار من عبوديته.” أجاب باتشمان على سؤال يوريتش. شرب المصارعان لحمهما مع البيرة، محاطين بثرثرة زملائهما الصاخبة. “أفضّل أن أموت على أن أكون عبدًا.” بدا يوريتش مُلِمًّا بحياة العبيد. لم يُعاملوا كبشر، سواءٌ على جانبي جبال السماء أو غيرها. “سمعتُ أن حورس هو من أنقذ حياة سفين عندما على وشك الموت بعد أن تقطعت به السبل في البحر. ساعد سفين على التعافي، بل ووفر له وظيفة، فلا عجب أنه يرى حورس رجلاً يستحق ولائه، كرجل شمالي.” أمال يوريتش رأسه بفضول. “كشمالي؟” ” هل سمعتَ بـ”حقل السيوف”؟ إنه المكان الذي يعتقد محاربو الشمال أنهم يذهبون إليه بعد موتهم. لا يمكنهم دخوله إلا بالموت في المعركة. إنه مكانٌ ينتظرهم فيه أسلافهم ومحاربوهم العظماء، حيث يمكنهم الشرب والأكل كما يحلو لهم، بينما يختبرون مهاراتهم ضد بعضهم البعض ليلًا ونهارًا. إنه جنتهم. أكثر ما يخشاه الشماليون هو الموت بسبب الأمراض أو الحوادث، لأنهم يعتقدون أن الموت بأي شيء سوى المعركة لا يُدخل أرواحهم إلى جنتهم. بل على أرواحهم أن تجوب عالم الأحياء. ” حقل السيوف. مختلف قليلاً، ولكنه ليس بعيدًا عن أساطير موطن يوريتش. في موطنه، يجب على المحارب أن يعيش بإخلاص كمحارب ليصل إلى عالم الأرواح عند موته. وللوصول إلى السلام في الآخرة، يجب على المحارب أن يحمل سلاحه حتى يعجز جسده عن حمله. “أخبرنا كبار السن أن عالم الأرواح على الجانب الآخر من جبال السماء.” لكن تلك كانت كذبة. خلف الجبال كان هناك أناس، تمامًا مثل يوريتش وأبناء قبيلته. “فعندما نموت، أين تذهب أرواحنا؟” شرب يوريتش بيرةً بغضب. أصبح قلقًا للغاية بشأن الحياة الآخرة. ماذا سيحدث لي بعد أن أموت؟ حدق يوريتش في باتشمان وكأنه يطلب منه الإجابة. ” إذًا، عندما تموت، أين تذهب؟ أنت رجل متحضر، لست شماليًا.” أطلق سكان الإمبراطورية على أنفسهم اسم “متحضرين” لتمييز أنفسهم عن برابرة الشمال والجنوب. هؤلاء برابرة، وكانوا هم أنفسهم متحضرين. بوو! سحب باتشمان قلادة من تحت قميصه وهزها بلطف أمام يوريتش. “الشمس؟” تحركت الشمس على القلادة. بدا يوريتش قد رأى الرمز نفسه عدة مرات. “ستنتقل روحي إلى حضن لو الدافئ، حاكم الشمس. ثم سأولد من جديد. عليك أن تتحول إلى الطاقة الشمسية.” الشمسانية. كانت أكثر الديانات انتشارًا بين المتحضرين. اعتمدت الإمبراطورية والممالك الخاضعة لها الشمسانية كدين رسمي لها. “أؤمن بالسماء. الشمس جزءٌ منها فقط، أليس كذلك؟ السماء أعظم من الشمس!” قال يوريتش وهو ينقر بلسانه. ضحك باتشمان. “حسنًا، أنت تؤمن بما تشاء. فقط احذر من قول هذا أمام المتدينين. لو سمعوا ما قلته، لَارتجفوا غضبًا.” لم يكن باتشمان متدينًا. أخفى قلادته تحت قميصه.

---

ترجمة موقع ملوك الروايات. لا تُلهِكُم القراءة عن اداء الصلوات فى أوقاتها و لا تنسوا نصيبكم من القرآن

أشترك الان من هنا. ولامزيد من الاعلانات
لا تنسى وضع تعليق للمترجم فهذا يساعده على الاستمرار ومواصلة العمل عندما يرى تشجيعًا.

Comment

Ads Blocker Image Powered by Code Help Pro

Ads Blocker Detected!!!

We have detected that you are using extensions to block ads. Please support us by disabling these ads blocker.

اعدادات القارئ

لايعمل مع الوضع اليلي
لتغير كلمة إله الى شيء أخر
إعادة ضبط