الفصل الثاني عشر
▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أُشْرِكَ بِكَ وَأَنَا أَعْلَمُ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا لاَ أَعْلَمُ ترجمة: ســاد ▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬
▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬
اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أُشْرِكَ بِكَ وَأَنَا أَعْلَمُ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا لاَ أَعْلَمُ
ترجمة: ســاد
▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬
كان حورس في منتصف تنظيم المباريات للبطولة المصارعة القادمة.
“يبدو أننا سنحتاج إلى بعض السجناء المحكوم عليهم بالإعدام هذه المرة. لا أصدق أن فريق فاراكال غلادييتورز لم يمنحنا سوى ثلاث مباريات، أيها الأوغاد البخلاء ” قال حورس وهو يقرأ قائمة المصارعين المتأهلين للبطولة من فريق فاراكال غلادييتورز.
“إذن، ماذا لو منحنا والين، وأسفال، وكارتان فرصة المشاركة في مباريات المحكوم عليهم بالإعدام؟ لقد كانوا في حالة سيئة مؤخرًا، وأعتقد أنها ستكون نقطة تحول جيدة لهم ” اقترح دونوفان على حورس وهو يرتشف نبيذه. كلما حان وقت تنظيم مباريات البطولة القادمة، كان دونوفان يجلس بجوار حورس مباشرةً، يُقدم له نصائحه. كانت هذه هي سلطته الضمنية كوجه الفريق.
“والين، أسفال، وكارتان…” كتب حورس أسماء المصارعين ليتم مطابقتهم مع السجناء المحكوم عليهم بالإعدام لمحاربتهم واحدًا لواحد.
“إن القتال ضد هؤلاء السجناء هو انتصارات مجانية في الأساس.”
كانت أشبه بمباراة إعدام. لعب المصارعون دور الجلاد، فقتلوا المحكوم عليهم بوحشية لتسلية وإرضاء الجمهور المتعطش للدماء. نادرًا ما خسر المصارعون في هذه المباريات. تملق العديد منهم دونوفان، وفي المقابل، نالوا مباريات جيدة كهذه.
“سأحجز لك مكانًا في القتال الأخير. ستواجه أحد مصارعي فرقة فاراكال العبيد.”
” دع الأمر لي يا حورس. سأذبحه بدمٍ غزيرٍ يُفقِد الحشد وعيهم.”
كان دونوفان معروفًا بمعاركه المروعة. حتى عندما كان من الواضح فوزه، كان يتلاعب بخصمه، ويقتله ببطء. كان يدرك تمامًا أن هدف هذه المعارك هو “الترفيه”، وليس الفوز أو الخسارة.
بوو!
فجأةً، انفتح الباب بقوة. استدار دونوفان وحورس. بدا يوريتش واقفًا عند المدخل.
“يوريتش؟” تساءل حورس بينما عبس قليلاً في وجه الزيارة غير المتوقعة، بينما أظهر دونوفان عداءه علانية.
“لا ينبغي أن تكون هنا، أيها المبتدئ.”
“لماذا لا؟ أنا مصارع حر، مثلك تمامًا يا دونوفان ” قال يوريتش بخبث وهو يقترب من الرجلين على الطاولة.
” لا، لسنا متشابهين. أنا وجه الفريق، وأنتَ مجرد مصارع مجهول.”
“ههه، إذًا سأكون الوجه الجديد لفريقنا! تم حل المشكلة.”
سحب يوريتش كرسيًا وجلس على الجانب الآخر من الطاولة من حورس.
“إذا كنتما ستتشاجران، فاخرجا. سأتجاهل الأمر إذا وعدتما باستخدام يديكما فقط ” تنهد حورس وهو يهز رأسه.
شرب يوريتش النبيذ الموجود على الطاولة وضحك.
“مرحبًا، أيها القائد حورس، لستُ هنا لأقاتل هذا الرجل! كنتُ مهتمًا فقط بالمواجهات، هذا كل شيء.”
حالما خرجت كلمات يوريتش من فمه، ضرب دونوفان بقبضته الحائط. دوى صوت الانفجار القوي
أفزع المصارعين الذين كانوا خارج الغرفة.
“لا تفكر حتى في التدخل في ترتيبات المباراة. الآن، انصرف قبل أن أقتلك ” قال دونوفان بغضب، بينما بدأت عروق وجهه بالانتفاخ. وضع يوريتش قدمه على الطاولة وذراعيه متقاطعتان.
“هل كنتُ أتحدث إليك يا دونوفان؟ لا أظن ذلك. كنتُ أتحدث إلى حورس.”
فكر حورس في الوضع للحظة، ثم نظر إلى دونوفان.
“اهدأ يا دونوفان. لنرَ ما سيقوله.”
كان حورس رجلاً ذكياً. كان يشعر بالقلق المتزايد بسبب نفوذ دونوفان المتزايد على مصارعيه.
“أدخلني في المباراة الأخيرة ” قال يوريتش لحورس. رمى دونوفان كرسيًا على الفور أمام يوريتش.
بوو!
تحطم الكرسي على الحائط، وتناثرت أجزاؤه المكسورة في كل الاتجاهات.
“حورس، هل ستجلس وتستمع إلى هذا الهراء؟”
اقترب حورس من يوريتش.
“يوريتش، المباراة الأخيرة لدونوفان، وليست لك. إنها أهم مباراة في اليوم.”
” أعلم أن المباراة الأخيرة يُفترض أن تكون الأكثر إثارةً وتشويقًا. يُفترض أن تكون نقطة الجذب التي تجذب الناس للعودة للمزيد، أليس كذلك؟” ردّ يوريتش.
“هذا صحيح. الآن، إن لم يكن هناك خيار آخر، فاذهب. تابع طريقك ” قال حورس ليوريتش وهو يربت على كتفه.
“خمسة منهم ” قال يوريتش وهو يرفع أصابعه الخمسة. أدار حورس رأسه ببطء.
“بالخمسة، هل تقصد…”
“سأقاتل خمسة منهم؛ المصارعين أو السجناء.”
“هذا يكفي من الهراء.”
“إذا ضخّمتَ شأنَ مصارعٍ واحدٍ يواجه خمسةَ خصومٍ في آنٍ واحد، فسيأتي المزيدُ من الناسِ لمشاهدةِ القتال، حتى لو كانَ ذلكَ بدافعِ الفضولِ فقط. ولنفترضِ أنني فزتُ. حتى من لا يشاهدونَ هذهِ المعاركِ عادةً سيدفعونَ أموالَهم بسرورٍ لمشاهدةِ مصارعٍ فازَ على خمسةِ رجال.”
“سيكون من المحرج لنا أن يقتلوك بسهولة.”
“أتظن أنني سأموت؟ من تظنني؟ سأنتصر. أنا يوريتش. يوريتش. لم أخسر معركة قط. لا ضد رجل واحد، ولا ضد عشرة رجال.”
” محاربة عدة خصوم خارج الحلبة شيء، وخوض نفس المعركة داخلها شيء آخر تمامًا. لا توجد هياكل تُستغل لصالحك، ولا مكان للاختباء. إنها مساحة صغيرة ومفتوحة، وعليك التعامل مع عدة أسلحة تُهاجمك في آن واحد. لديك مقومات المصارع الشهير. لستَ مضطرًا للمخاطرة بهذه الخطورة. هذا أشبه بالانتحار.”
حورس يُقدّر يوريتش تقديرًا كبيرًا. فقد فاز في مباراتين متتاليتين لشخصين. ألماس في الخفاء.
“ستأخذ مكان دونوفان لاحقا. لا داعي للاستعجال.”
كان حورس يُفكّر مُسبقًا في يوريتش كوجهٍ جديدٍ لفريقه. كان دونوفان يشيخ، وأصبح من الصعب السيطرة عليه أكثر فأكثر. كما أن تدخله في ترتيبات المباراة لم يكن مُريحًا له.
“لا أستطيع السماح له بخوض مباراة خمسة ضد واحد. ربما فاز ببعضها في الهواء الطلق حيث كان لديه تغطية واسعة وبنية تحتية جيدة ليستغلها لصالحه، ولهذا السبب هو واثق جدًا، لكنه لا يفهم أن الأمور ليست على ما يرام داخل الحلبة.”
هز حورس رأسه.
” أتعلم يا حورس، سأوافق هذه المرة. أشركه في المباراة الأخيرة، واجعلها خمسة ضد واحد كما طلب.”
“دونوفان!” أدار حورس رأسه بسرعة نحو دونوفان.
ضحك دونوفان كاشفًا عن أسنانه. حدّق به يوريتش بنظرة باردة.
” يا إلهي، لم أكن أعلم أن مصارعنا الأول كريمٌ إلى هذا الحد، شكرًا لك! حسنًا يا حورس، لم تعد هناك مشاكل، أليس كذلك؟ جهز لي خصمًا مناسبًا! استغل هذا الإعلان جيدًا أيضًا.”
عبس حورس.
“يا إلهي، لقد كنتُ متساهلاً للغاية مع هؤلاء المصارعين. لقد بدأوا ينسون مكانهم.”
لقد فات الأوان لحورس للتدخل.
“أعني، إذا فكرت في الأمر، ستجد أنها استراتيجية قابلة للتسويق، نظرًا لأن يوريتش يستمر لفترة جيدة. لا أتوقع فوزه، لكن هذا ما يطمح إليه، لذا…”
أشار حورس إلى يوريتش.
“يوريتش، سأعطيك المباراة الأخيرة كما طلبت.”
“أنا سعيدٌ بقدومي إلى هنا. ليس لديّ أيُّ شكوى حتى الآن!” قال يوريتش وهو يربت على بطن حورس المُغطّى بالبيرة. تنهد حورس طويلاً.
* * *
في فناء الحانة حيث مصارعو حورس يقيمون، بدا المصارعون منهمكين في تدريباتهم الفردية. الجميع يعلم أن إهمال واجب التدريب سيكلفهم حياتهم في الساحة. المصارعون الذين لا يعتنون بأنفسهم كما ينبغي يموتون بسرعة.
“قطرة عرق أخرى، وقطرة دم أقل.”
كان هذا المثل يتردد صداه بين جميع المقاتلين – المصارعين والجنود والمحاربين على حد سواء.
“يوريتش، من الجيد أن تحصل على مباراة رفيعة المستوى، لكن هذا كان مبالغًا فيه بعض الشيء ” قال باتشمان ليوريتش في منتصف تدريبه على الرمح. كان صيادًا يصطاد الحيتان بالرمح في موطنه.
“ماذا تقصد؟” سأل يوريتش وهو يؤدي تمارينه الرياضية. مع كل تكرار لتمرين الضغط، أصبحت كل ألياف عضلية في جسده ترتعش.
” أتحدث عن مباراتك الخماسية. الجميع يتحدث عنها بالفعل. فعل ذلك في الساحة أشبه بالانتحار. تراجع الآن قبل فوات الأوان. أشعر بالأسف لأنني أشعر وكأنني دفعتك إلى هذا.”
خطة باتشمان هي جعل يوريتش يخوض معارك أكثر إثارة من دونوفان. حينها، سيصبح يوريتش الوجه الجديد لفريقهم، متجاوزًا نفوذ دونوفان. بفضل علاقات باتشمان، ازداد عدد المصارعين الذين يدعمون يوريتش يومًا بعد يوم.
“أنتم لا تعرفون من أنا ومن أين أتيت. كيف تعرفون؟”
قفز يوريتش على قدميه، راكلاً الأرض في نهاية تمرين الضغط بيد واحدة. دار في الهواء مستغلاً قوة دفعه الفائقة. أخفت مرونته وخفته حجمه.
“أنا أحب الثقة، يوريتش، ولكن عليك أن تكون قادرًا على التمييز بين ثقتك والتهور.”
يعيش سكان الحضارة في خوف شديد. يخافون حتى قبل أن يحاولوا.
“لا، الأمر فقط أننا لسنا بحاجة لتجربة أي شيء لنعرف ما سيحدث. انظروا إلى البرابرة الشماليين. مقاومتهم العقيمة لعشر سنوات خلت أراضيهم من الدمار. استسلم الجنوب في عام واحد فقط، وهم الآن يزدهرون ويزدهرون حضاريًا.”
“ماذا لو تغلبتُ على كل الصعاب وفزتُ؟” أدار يوريتش فأسه في يده. كان يعشق فأسه الجديد.
“ثم لن أشكك في قراراتك مرة أخرى أبدًا وسأتبعك فقط.”
“هه، ستندم على قول هذا. مواكبتي لن تكون سهلة ” قال يوريتش ضاحكًا. ثم رمى فأسه بقوة على الشجرة في الفناء الخلفي. غاص عميقًا في الشجرة.
” يا أحمق! انتبه! كدت تضربني ” صرخ المصارع المذعور الذي يقوم بتمارينه قرب الغصن على يوريتش.
“آه، آسف، خطئي. لم أضربك، لذا نحن بخير، أليس كذلك؟” قال يوريتش بلا مبالاة وهو يلوح للمصارع الغاضب.
* * *
“خمسة ضد واحد؟ سنكون محظوظين إذا استمر لأكثر من دقيقة.”
“ألم تشاهدوا معركته الأخيرة؟ لقد فاز في مواجهتين فرديتين متتاليتين. إنه ليس شخصًا عاديًا.”
” يوريتش، هل كان كذلك؟”
كانت الساحة مكانًا ترفيهيًا رائعًا. لم يكن أحد يرغب في أن ينزف دمه، لكنهم استمتعوا بمشاهدة دماء الآخرين تسيل منه. جلسوا فوق الجدران، يشاهدون المصارعين يكافحون من أجل البقاء على قيد الحياة في راحة مقاعدهم المخصصة للمشاهدة، بمتعة.
واك واك واك واك
توافد الحشد إلى الساحة بعد دفع رسوم الدخول. من بينهم تجار أثرياء ونبلاء المدينة. جلس كبار الشخصيات في المقاعد المحجوزة فوق الحشد المعتاد، ينظرون إلى المصارعين وعامة الناس.
“سيد حورس، سيد فاراكال، أتطلع لمباريات رائعة اليوم ” قال حاكم المدينة لرئيسي فرق المصارعين. انحنى القائدان احترامًا.
رحّب الحاكم بزيارة فرق المصارعين، إذ كانت بطولاتهم وسيلةً رائعةً للتنفيس عن غضب الجمهور. وكلما كانت المباريات أكثر وحشيةً ودمويةً، زاد شعور الناس بالسعادة عند مغادرتهم الساحة.
“مع أنني لا أفهم حقًا معنى المباراة النهائية. خمسة ضد واحد؟ إذا انتهت بسرعة كبيرة، ستخيب آمال الكثيرين ” قال الحاكم بنبرة قلق طفيفة، وحدق فاراكال في حورس.
“كانت فكرة حورس. كان واثقًا جدًا من أنها ستكون مباراةً حاسمةً ” أجاب فاراكال وهو يُلقي بأغلبية الأمور على حورس.
تردد حورس لحظة، ثم قال للحاكم: “يوريتش مصارع ماهر للغاية. سواء فاز أو خسر اليوم، فلن تكون مباراة مملة بالتأكيد.”
“عليك أن تفي بهذا الكلام يا سيد حورس. الأسواق خالية اليوم لأن الجميع جاء إلى الساحة، ربما لمشاهدة مباراة خمسة ضد واحد، وليرى كيف يمكن لرجل واحد أن يواجه هذا العدد الكبير بمفرده.”
انحنى حورس رأسه وهو ينشر يديه.
“يمكنك أن تتطلع إلى ذلك، يا سيدي الحاكم.”
وأخيرًا أومأ الحاكم برأسه وسكب النبيذ لحورس وفاراكال.
تمتم حورس وهو يرتشف نبيذه: “لم تخدعني موهبتي قط”. رأى في يوريتش إمكانيات هائلة. “أنا بارع في مثل هذه المقامرة”.
نظر حورس إلى الساحة المهجورة.
كانت الرمال تحترق من أشعة الشمس الحارقة، وكانت الحشود تصبح صاخبة، وكان المصارعون يستعدون ليوم آخر من القتال من أجل حياتهم.
▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أُشْرِكَ بِكَ وَأَنَا أَعْلَمُ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا لاَ أَعْلَمُ ترجمة: ســاد ▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬
▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أُشْرِكَ بِكَ وَأَنَا أَعْلَمُ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا لاَ أَعْلَمُ ترجمة: ســاد ▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬
“لا تفكر حتى في التدخل في ترتيبات المباراة. الآن، انصرف قبل أن أقتلك ” قال دونوفان بغضب، بينما بدأت عروق وجهه بالانتفاخ. وضع يوريتش قدمه على الطاولة وذراعيه متقاطعتان. “هل كنتُ أتحدث إليك يا دونوفان؟ لا أظن ذلك. كنتُ أتحدث إلى حورس.” فكر حورس في الوضع للحظة، ثم نظر إلى دونوفان. “اهدأ يا دونوفان. لنرَ ما سيقوله.” كان حورس رجلاً ذكياً. كان يشعر بالقلق المتزايد بسبب نفوذ دونوفان المتزايد على مصارعيه. “أدخلني في المباراة الأخيرة ” قال يوريتش لحورس. رمى دونوفان كرسيًا على الفور أمام يوريتش. بوو! تحطم الكرسي على الحائط، وتناثرت أجزاؤه المكسورة في كل الاتجاهات. “حورس، هل ستجلس وتستمع إلى هذا الهراء؟” اقترب حورس من يوريتش. “يوريتش، المباراة الأخيرة لدونوفان، وليست لك. إنها أهم مباراة في اليوم.” ” أعلم أن المباراة الأخيرة يُفترض أن تكون الأكثر إثارةً وتشويقًا. يُفترض أن تكون نقطة الجذب التي تجذب الناس للعودة للمزيد، أليس كذلك؟” ردّ يوريتش. “هذا صحيح. الآن، إن لم يكن هناك خيار آخر، فاذهب. تابع طريقك ” قال حورس ليوريتش وهو يربت على كتفه. “خمسة منهم ” قال يوريتش وهو يرفع أصابعه الخمسة. أدار حورس رأسه ببطء. “بالخمسة، هل تقصد…” “سأقاتل خمسة منهم؛ المصارعين أو السجناء.” “هذا يكفي من الهراء.” “إذا ضخّمتَ شأنَ مصارعٍ واحدٍ يواجه خمسةَ خصومٍ في آنٍ واحد، فسيأتي المزيدُ من الناسِ لمشاهدةِ القتال، حتى لو كانَ ذلكَ بدافعِ الفضولِ فقط. ولنفترضِ أنني فزتُ. حتى من لا يشاهدونَ هذهِ المعاركِ عادةً سيدفعونَ أموالَهم بسرورٍ لمشاهدةِ مصارعٍ فازَ على خمسةِ رجال.” “سيكون من المحرج لنا أن يقتلوك بسهولة.” “أتظن أنني سأموت؟ من تظنني؟ سأنتصر. أنا يوريتش. يوريتش. لم أخسر معركة قط. لا ضد رجل واحد، ولا ضد عشرة رجال.” ” محاربة عدة خصوم خارج الحلبة شيء، وخوض نفس المعركة داخلها شيء آخر تمامًا. لا توجد هياكل تُستغل لصالحك، ولا مكان للاختباء. إنها مساحة صغيرة ومفتوحة، وعليك التعامل مع عدة أسلحة تُهاجمك في آن واحد. لديك مقومات المصارع الشهير. لستَ مضطرًا للمخاطرة بهذه الخطورة. هذا أشبه بالانتحار.” حورس يُقدّر يوريتش تقديرًا كبيرًا. فقد فاز في مباراتين متتاليتين لشخصين. ألماس في الخفاء. “ستأخذ مكان دونوفان لاحقا. لا داعي للاستعجال.” كان حورس يُفكّر مُسبقًا في يوريتش كوجهٍ جديدٍ لفريقه. كان دونوفان يشيخ، وأصبح من الصعب السيطرة عليه أكثر فأكثر. كما أن تدخله في ترتيبات المباراة لم يكن مُريحًا له. “لا أستطيع السماح له بخوض مباراة خمسة ضد واحد. ربما فاز ببعضها في الهواء الطلق حيث كان لديه تغطية واسعة وبنية تحتية جيدة ليستغلها لصالحه، ولهذا السبب هو واثق جدًا، لكنه لا يفهم أن الأمور ليست على ما يرام داخل الحلبة.” هز حورس رأسه. ” أتعلم يا حورس، سأوافق هذه المرة. أشركه في المباراة الأخيرة، واجعلها خمسة ضد واحد كما طلب.” “دونوفان!” أدار حورس رأسه بسرعة نحو دونوفان. ضحك دونوفان كاشفًا عن أسنانه. حدّق به يوريتش بنظرة باردة. ” يا إلهي، لم أكن أعلم أن مصارعنا الأول كريمٌ إلى هذا الحد، شكرًا لك! حسنًا يا حورس، لم تعد هناك مشاكل، أليس كذلك؟ جهز لي خصمًا مناسبًا! استغل هذا الإعلان جيدًا أيضًا.” عبس حورس. “يا إلهي، لقد كنتُ متساهلاً للغاية مع هؤلاء المصارعين. لقد بدأوا ينسون مكانهم.” لقد فات الأوان لحورس للتدخل. “أعني، إذا فكرت في الأمر، ستجد أنها استراتيجية قابلة للتسويق، نظرًا لأن يوريتش يستمر لفترة جيدة. لا أتوقع فوزه، لكن هذا ما يطمح إليه، لذا…” أشار حورس إلى يوريتش. “يوريتش، سأعطيك المباراة الأخيرة كما طلبت.” “أنا سعيدٌ بقدومي إلى هنا. ليس لديّ أيُّ شكوى حتى الآن!” قال يوريتش وهو يربت على بطن حورس المُغطّى بالبيرة. تنهد حورس طويلاً. * * * في فناء الحانة حيث مصارعو حورس يقيمون، بدا المصارعون منهمكين في تدريباتهم الفردية. الجميع يعلم أن إهمال واجب التدريب سيكلفهم حياتهم في الساحة. المصارعون الذين لا يعتنون بأنفسهم كما ينبغي يموتون بسرعة. “قطرة عرق أخرى، وقطرة دم أقل.” كان هذا المثل يتردد صداه بين جميع المقاتلين – المصارعين والجنود والمحاربين على حد سواء. “يوريتش، من الجيد أن تحصل على مباراة رفيعة المستوى، لكن هذا كان مبالغًا فيه بعض الشيء ” قال باتشمان ليوريتش في منتصف تدريبه على الرمح. كان صيادًا يصطاد الحيتان بالرمح في موطنه. “ماذا تقصد؟” سأل يوريتش وهو يؤدي تمارينه الرياضية. مع كل تكرار لتمرين الضغط، أصبحت كل ألياف عضلية في جسده ترتعش. ” أتحدث عن مباراتك الخماسية. الجميع يتحدث عنها بالفعل. فعل ذلك في الساحة أشبه بالانتحار. تراجع الآن قبل فوات الأوان. أشعر بالأسف لأنني أشعر وكأنني دفعتك إلى هذا.” خطة باتشمان هي جعل يوريتش يخوض معارك أكثر إثارة من دونوفان. حينها، سيصبح يوريتش الوجه الجديد لفريقهم، متجاوزًا نفوذ دونوفان. بفضل علاقات باتشمان، ازداد عدد المصارعين الذين يدعمون يوريتش يومًا بعد يوم. “أنتم لا تعرفون من أنا ومن أين أتيت. كيف تعرفون؟” قفز يوريتش على قدميه، راكلاً الأرض في نهاية تمرين الضغط بيد واحدة. دار في الهواء مستغلاً قوة دفعه الفائقة. أخفت مرونته وخفته حجمه. “أنا أحب الثقة، يوريتش، ولكن عليك أن تكون قادرًا على التمييز بين ثقتك والتهور.” يعيش سكان الحضارة في خوف شديد. يخافون حتى قبل أن يحاولوا. “لا، الأمر فقط أننا لسنا بحاجة لتجربة أي شيء لنعرف ما سيحدث. انظروا إلى البرابرة الشماليين. مقاومتهم العقيمة لعشر سنوات خلت أراضيهم من الدمار. استسلم الجنوب في عام واحد فقط، وهم الآن يزدهرون ويزدهرون حضاريًا.” “ماذا لو تغلبتُ على كل الصعاب وفزتُ؟” أدار يوريتش فأسه في يده. كان يعشق فأسه الجديد. “ثم لن أشكك في قراراتك مرة أخرى أبدًا وسأتبعك فقط.” “هه، ستندم على قول هذا. مواكبتي لن تكون سهلة ” قال يوريتش ضاحكًا. ثم رمى فأسه بقوة على الشجرة في الفناء الخلفي. غاص عميقًا في الشجرة. ” يا أحمق! انتبه! كدت تضربني ” صرخ المصارع المذعور الذي يقوم بتمارينه قرب الغصن على يوريتش. “آه، آسف، خطئي. لم أضربك، لذا نحن بخير، أليس كذلك؟” قال يوريتش بلا مبالاة وهو يلوح للمصارع الغاضب. * * * “خمسة ضد واحد؟ سنكون محظوظين إذا استمر لأكثر من دقيقة.” “ألم تشاهدوا معركته الأخيرة؟ لقد فاز في مواجهتين فرديتين متتاليتين. إنه ليس شخصًا عاديًا.” ” يوريتش، هل كان كذلك؟” كانت الساحة مكانًا ترفيهيًا رائعًا. لم يكن أحد يرغب في أن ينزف دمه، لكنهم استمتعوا بمشاهدة دماء الآخرين تسيل منه. جلسوا فوق الجدران، يشاهدون المصارعين يكافحون من أجل البقاء على قيد الحياة في راحة مقاعدهم المخصصة للمشاهدة، بمتعة. واك واك واك واك توافد الحشد إلى الساحة بعد دفع رسوم الدخول. من بينهم تجار أثرياء ونبلاء المدينة. جلس كبار الشخصيات في المقاعد المحجوزة فوق الحشد المعتاد، ينظرون إلى المصارعين وعامة الناس. “سيد حورس، سيد فاراكال، أتطلع لمباريات رائعة اليوم ” قال حاكم المدينة لرئيسي فرق المصارعين. انحنى القائدان احترامًا. رحّب الحاكم بزيارة فرق المصارعين، إذ كانت بطولاتهم وسيلةً رائعةً للتنفيس عن غضب الجمهور. وكلما كانت المباريات أكثر وحشيةً ودمويةً، زاد شعور الناس بالسعادة عند مغادرتهم الساحة. “مع أنني لا أفهم حقًا معنى المباراة النهائية. خمسة ضد واحد؟ إذا انتهت بسرعة كبيرة، ستخيب آمال الكثيرين ” قال الحاكم بنبرة قلق طفيفة، وحدق فاراكال في حورس. “كانت فكرة حورس. كان واثقًا جدًا من أنها ستكون مباراةً حاسمةً ” أجاب فاراكال وهو يُلقي بأغلبية الأمور على حورس. تردد حورس لحظة، ثم قال للحاكم: “يوريتش مصارع ماهر للغاية. سواء فاز أو خسر اليوم، فلن تكون مباراة مملة بالتأكيد.” “عليك أن تفي بهذا الكلام يا سيد حورس. الأسواق خالية اليوم لأن الجميع جاء إلى الساحة، ربما لمشاهدة مباراة خمسة ضد واحد، وليرى كيف يمكن لرجل واحد أن يواجه هذا العدد الكبير بمفرده.” انحنى حورس رأسه وهو ينشر يديه. “يمكنك أن تتطلع إلى ذلك، يا سيدي الحاكم.” وأخيرًا أومأ الحاكم برأسه وسكب النبيذ لحورس وفاراكال. تمتم حورس وهو يرتشف نبيذه: “لم تخدعني موهبتي قط”. رأى في يوريتش إمكانيات هائلة. “أنا بارع في مثل هذه المقامرة”. نظر حورس إلى الساحة المهجورة. كانت الرمال تحترق من أشعة الشمس الحارقة، وكانت الحشود تصبح صاخبة، وكان المصارعون يستعدون ليوم آخر من القتال من أجل حياتهم.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com
---
ترجمة موقع ملوك الروايات. لا تُلهِكُم القراءة عن اداء الصلوات فى أوقاتها و لا تنسوا نصيبكم من القرآن
أشترك الان من هنا. ولامزيد من الاعلانات