You dont have javascript enabled! Please enable it!
]
Switch Mode
نظرًا لتوقف عرض الإعلانات على الموقع بسبب حظره من شركات الإعلانات ، فإننا نعتمد الآن بشكل كامل على دعم قرائنا الكرام لتغطية تكاليف تشغيل الموقع وتوجيه الفائض نحو دعم المترجمين. للمساهمة ودعم الموقع عن طريق الباي بال , يمكنك النقر على الرابط التالي
paypal.me/IbrahimShazly
هذا المحتوى ترفيهي فقط ولايمت لديننا بأي صلة. لا تجعلوا القراءة تلهيكم عن صلواتكم و واجباتكم.

سعي بربري 22

الفصل 22
▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬
اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أُشْرِكَ بِكَ وَأَنَا أَعْلَمُ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا لاَ أَعْلَمُ
ترجمة: ســاد
▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬

الفصل 22 ▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أُشْرِكَ بِكَ وَأَنَا أَعْلَمُ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا لاَ أَعْلَمُ ترجمة: ســاد ▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬

رفرف علمان في معسكر الكونت داجلتون. الدب الأحمر لداجلتون، والأسد الفضي.
“هذه أرضٌ طيبة ” قال جارسيو الأسد الفضي وهو يُحدّق بعينيه. تفوح من الأرض رائحة ترابها الغني، ذلك النوع الذي يُنتج محاصيل عالية الجودة بمجرد بذر البذور.
“أليان… صدقني. سننتقم لك ” قال الكونت داجلتون في نفسه وهو ينظر إلى معسكر الكونت مولاندو.
“يبدو أنهم ظنوا أنهم يستطيعون هزيمتنا بالدفاع. هل يعتقدون حقًا أن جيشهم الصغير قادر على الدفاع ضد مرتزقة الأسد الفضي؟ هذا مُضحك.”
“كل ما لديهم هو سياج وبعض أبراج المراقبة يا قائد. هذا لا يُشكّل أي إزعاج لنا ” لاحظ مساعد ذو بصيرة جيدة بعد أن ألقى نظرة على معسكر العدو. خاضت الأسد الفضي بعض الحصارات. كانت قلعة الكونت مولاندو الخشبية أشبه بدرع من القش مقارنةً بجدران القلاع الحجرية.
” أخي، سأتأكد من أن علمك يرفرف بفخر على تلك الأرض عند غروب الشمس.”
استل جارسيو سيفه ورفعه في الهواء. كانت تلك هي الإشارة. بدأت فرقة المرتزقة زحفها بينما فارسهم يلوح بعلمه من جانب إلى آخر.
بوو!
دوى صوت المعدن للدروع الثقيلة في أرجاء المكان. كان مرتزقة الأسد الفضي يتألفون فقط من رجال يرتدون دروعًا ثقيلة، باستثناء رماة السهام. بدا معظمهم مزودًا بدروع، وقليل منهم يرتدي دروعًا على الطراز الجنوبي. وبغض النظر عن شكلها، كانت ترسانة الأسلحة المصنوعة من المعدن هي السمة المميزة للمشاة الثقيلة.
“هذا مشهد يستحق المشاهدة. ”
اتسعت عينا داجلتون. رجالٌ يرتدون ملابس معدنية يتجهون نحو أعدائه. تحت خوذاتهم المكشوفة، كانت عيون المرتزقة تتوهج بشدة مخيفة. محاربون – رجالٌ يقتلون من أجل لقمة عيشهم.
” يا إلهي، ماذا عسانا أن نقاتل هؤلاء الرجال؟ ” سيطر الخوف على المجندين الذين يشاهدون من أعلى الأسوار. بدت رماحهم وعتادهم الجلدي أشبه بألعاب مقارنةً بما كانوا يرونه من الأسد الفضي.
“يا إلهي، إنهم لا يمزحون ” قال باتشمان وهو يراقب الأعداء يقتربون أكثر فأكثر. عرق بارد يسيل على جبينه.
“يا إلهي، ربما كان ينبغي لي أن أستمع إلى دونوفان وأهرب.”
لم يكن أمامه خيارٌ الآن سوى القتال. تلا صلاته وهو يُمسك بقلادة الشمس حول عنقه.
“أوه، لو، من فضلك لا تأخذني الآن.”
على أحد جانبي معسكر مولاندو، كان وزير الإقليم يمنح بركاته للجنود حيث أن العديد منهم جاءوا إليه طلبًا لأي مساعدة يمكنهم الحصول عليها.
“إذا فكرت في الأمر، ستجده مضحكًا حقًا. أعداؤنا يؤمنون أيضًا بحاكم الشمس، تمامًا مثلنا. وانظروا ماذا نفعل، سنخوض حربًا! لا بد أن لو حاكمٌ ذو تفضيلٍ كبير ” قال باتشمان ضاحكًا. “من يفوز في المعركة لا بد أن يكون محبوبًا أكثر من غيره لدى لو.”
” رماة!” صرخ قائد الحرس. رماة السهام على قمم أبراج المراقبة رماة سهامهم، وسقط الجنود في مواقعهم.
بوو!
كانت أرجل المجندين ترتجف لرؤية أعدائهم المدججين بالسلاح. أرادوا جميعًا إلقاء رماحهم والعودة إلى ديارهم، لكن من حاول ذلك كان سيُقتل على يد أحد أفراد فصيلهم.
“أنا مزارع، لست جنديًا. مزارع، بحق السماء.”
لم يفهم المجندون سبب خوضهم هذه الحرب. عوملوا كأشياء قابلة للرمي، أُرسلوا إلى المعارك ليموتوا بدلًا من النبلاء الذين بدأوا الحرب.
“أطلقوا النار!” أشار قائد الحرس. ومع إشارته، أطلق الرماة سهامهم في انسجام تام. لم يكن هدفهم سيئًا على الإطلاق، إذ كان الرماة المجندون صيادين ذوي عيون حادة. وعلى عكس المزارعين، كان الصيادون دائمًا جنودًا ماهرين.
بوو!
أصيب بعض مرتزقة الأسد الفضي وسقطوا أرضًا. أما من كانوا أقل حظًا، فقد دُفنت السهام في أعماق أجسادهم وماتوا.
“واووه!”
اندفع مرتزقة الأسد الفضي نحو أسوار مولاندو ودروعهم مرفوعة. لم يوقفهم وابل السهام. ففي النهاية، من المستبعد جدًا أن تُخترق دروع أحدهم بالسهام في معركة كهذه إلا إذا كان حظه سيئًا للغاية.
“إنهم قادمون!” صرخ الجنود على أرض معسكر مولاندو وهم يتقدمون. كان ترهيب مرتزقة الأسد الفضي كافيًا لتدمير كل ذرة ثقة استطاع رجال مولاندو استجماعها.
“قاتلوا بكل ما أوتيتم من قوة! صرخ باتشمان على الرجال داخل السياج وهو يوجه رمحه للأمام. توسعت أعين المرتزقة وركزوا أنظارهم على فرقة الأسد الفضي.
“واووه!”
لقد حقق جيش داجلتون تقدمًا كبيرًا، وأصبح قريبًا بما يكفي ليتمكن رجال مولاندو من رؤية النظرات القاتلة لمرتزقة الأسد الفضي.
بوو!
وصل مرتزقة الأسد الفضي أخيرًا إلى الأسوار. اهتزت الأسوار ضعيفة الارتفاع كما لو كانت على وشك الانهيار.
“اطعنهم! اقتلوهم!”
هاجم الجنود فوق الأسوار مرتزقة الأسد الفضي. وسرعان ما تحولت الأرض إلى ساحة حرب فوضوية، وتعالت الصرخات والصراخ بينما تشابك الرجال. وكان رجال جارسيو يدعمون رفاقهم فوق الأسوار.
“ثلاثة منهم نجحوا في ذلك، فلننتهي منهم!” أصدر باتشمان أمرًا وهو ينظر إلى الخلف.
بدا مرتزقة الأسد الفضي الذين نجحوا في عبور السياج قد وضعوا ظهورهم مقابل بعضهم البعض ودروعهم مرفوعة، مما سمح لهم بصد الرماح البائسة للمجندين.
لم تعد هذه معركة دفاعية. دُمّرت أسوارهم، وسرعان ما بدأ الطرفان قتالهما المباشر.
“يا للعجب، إنهم يخترقون خط مقاومتنا. كفاءة رجالهم أعلى بكثير من كفاءة رجالنا.”
رجال الكونت مولاندو يفتقدون بشدة المرتزقة الذين لم يكونوا معهم. كل من كانوا يعتمدون عليهم عادةً قد تبعوا يوريتش إلى كومة القذارة.
“سيقتلوننا جميعا بهذه السرعة.”
عض باتشمان شفتيه وهو ينظر إلى الكونت داجلتون الذي على مسافة بعيدة جدًا.
“اذهب يا يوريتش، اذهب وأسر هذا الكونت وأنهي هذه الحرب.”
* * *
“إذا اقترحتَ خطةً كهذه مجددًا، فسأقتلك بنفسي. هذا وعد ” سخر دونوفان من يوريتش وهو يرفع رأسه من القذارة. أصبح أنفه مخدرًا من الرائحة الكريهة، وشعر بحكة في جسده كله كما لو أن حشرات تزحف عليه.
“مهما قلت ” ابتسم يوريتش بسخرية وفتح عينيه. أصبحت المعركة على أشدها.
“تأكد من تغطية حتى أصغر جروحك. قد تصاب بكل هذه القذارة وتموت ” قال سفين وهو يرفع رأسه من القذارة.
بدا الكمين ناجحًا حتى الآن. لم يُكلف جيش الكونت داجلتون نفسه عناء معاينة الحقل الخراب الذي وجد فيه يوريتش ومرتزقته أنفسهم، إذ انهمكوا في سحق معسكر مولاندو واثقين من النصر.
“داجلتون على حصانه، يحرسه ثمانية جنود مدججين بالسلاح ” قال يوريتش وهو يراقب داجلتون، الذي على مسافة بعيدة. أما بالنسبة للرجال الآخرين، فلم يكن داجلتون سوى ذرة صغيرة في أعينهم.
” سينتهي الأمر إذا تركناه يركض على حصانه مرة أخرى. لدينا فرصة واحدة فقط ” قال دونوفان ليوريتش. أومأ يوريتش موافقًا، وخرج خلسةً من كومة القذارة. اقترب من الأرض، والتقط القوس والسهم اللذين غطّاهما بالتراب.
“همف ” أخذ نفسًا عميقًا وهو يسحب وتر القوس.
زوو!
عضلاته الصلبة ثبّتت القوس. حدّق في هدفه وهو يسحب وتر القوس إلى الخلف أكثر.
بالنسبة لمحارب قبلي مثل يوريتش، المحارب الجيد والصياد الماهر مترادفين تقريبًا، إذ كانت مهارات الصيد لا تقل أهمية عن مهارات القتال. لم يكن أي محارب في قبيلته يعجز عن رمي سهم.
بوو!
أطلق يوريتش وتر القوس بحلقة واضحة.
بوو!
انطلق السهم عبر الهواء باتجاه داجلتون.
“هايههيهها!”
صُدم داجلتون. سقط حصانه أرضًا فور أن لاحظ السهم مغروسًا في رأسه. لوى ساقه وهو يسقط عن الحصان. أمسك ساقه المتألمة، ونظر حوله بتوتر.
“سهم؟ من أين أتى؟” استدار الرجال الذين يحرسون الكونت، ينظرون في كل الاتجاهات.
بوو!
وجاء سهم آخر نحوهم فأصاب أحد الحراس في رأسه فقتله على الفور.
“إنه كمين!” صرخ داجلتون عندما لاحظ أخيرًا الرجال المغطون بقذارة سوداء. بدوا في عينيه كشياطين تخرج من الجحيم.
“اركضوا، اركضوا!” صرخ دونوفان. اندفع المرتزقة نحو الكونت داجلتون وهم يبصقون القذارة التي تسيل من وجوههم إلى أفواههم.
“احمِ اللورد داجلتون!” أحاط الحراس بداجلتون ورفعوا دروعهم. ألقى يوريتش قوسه وتبع المرتزقة الآخرين.
“همف ” تفوقوا على المرتزقة الآخرين في غمضة عين.
” واو، واو!”
أخيرًا اشتبك يوريتش ومرتزقته مع الحراس.
“اقترب من هنا!” طارد يوريتش داجلتون بنظرات حادة. على عكس كلماته، لم يكن ينوي قتله، لكنه كان مرتاحًا تمامًا لإعاقته.
أخرج أحد فؤوسه وأطلقه على داجلتون.
صليل!
تم صد الفأس بالسيف.
” أحسنتَ استخدام عقلك. لم أتوقع أن تختبئ هناك ” قال الأسد الفضي جارسيو بعد أن صدَّ فأس يوريتش بسيفه ونظر إلى يوريتش الملطخ بالقذارة.
“ألا تعتقد أن شعرك الرمادي أكثر من اللازم لشخص في مثل سنك؟” ضحك يوريتش بخفة واستل سيفه والفأس الثاني. تعرّف بسرعة على خصمه كقائد مرتزقة الأسد الفضي بسبب الوصف الذي سمعه مسبقًا، ولكن حتى لو لم يكن شعره الرمادي، فقد بدا خصمه ينضح بهالة من القوة.
” إذًا، أنتم المرتزقة الماهرون الذين تحدث عنهم أخي؟ المعركة شارفت على الانتهاء، وأنتم لا تنتصرون. إذا استسلمتم الآن، فسأقبلكم مرتزقتي تحت قيادة الأسد الفضي ” قال جارسيو وهو يمسك سيفه بكلتا يديه. كانت لديه وقفة سياف مُدرّب جيدًا – كما هو متوقع من ابن نبيل مُغتصب.
ضرب يوريتش بفأسه وسيفه معًا، ولفّ رقبته من جانب إلى آخر. ارتسمت على وجهه ابتسامة شرسة.
“هههه، شكرًا على العرض. لكن، للأسف، لا أعمل مع شخص أضعف مني.”
“هذا عار، أيها المرتزق المجهول الاسم.”
بدا يوريتش وجارسيو على وشك المواجهة. شعر يوريتش بقشعريرة في ذراعيه.
“إنه ليس مجرد كلام.”
لم يترك موقف جارسيو سوى ثغرات قليلة ليوريتش للهجوم، وحتى تلك كانت مغطاة بسلسلة. بدا يوريتش يدرك ضيق الوقت المتاح له. إذا أطال هذا الأمر، فسينضم بقية جيش داجلتون إلى جارسيو ويحاصرون يوريتش ومرتزقته. كان لا بد من أسر داجلتون قبل حدوث ذلك.
“لابد أن أهاجم أولاً، مهما الأمر.”
تحركت ذراعي يوريتش بنشاط بينما كان يلوح بأسلحته مثل العاصفة.
بوو! بوو!
اصطدمت أسلحة المرتزقة. اتسعت عينا جارسيو عند سماعه الصوت المعدني المميز.
فكر جارسيو في نفسه: “إنه سلاحٌ ممتازٌ لمرتزقٍ مجهول الاسم”. كان سيفه مصنوعًا أيضًا من فولاذٍ عالي الجودة، يليق بقائد مرتزقة الأسد الفضي. ومع ذلك، سيف يوريتش الجبار يتفوق عليه في القوة.
شرينج!
شقّ سيف يوريتش درع جارسيو. تمكّن من شقّ حلقات السلسلة، لكنه لم يستطع قطع بطانة الجلد.
بوو!
كان جارسيو ينوي ترك جانبه مكشوفًا، واثقًا بدرعه، والتركيز كليًا على شق رأس يوريتش. لكن الألم الشديد المفاجئ في جانبه دفعه للتراجع.
“لقد كسرت أضلاعي.”
عادةً، لا يستطيع السيف توجيه ضربة قوية بعد تشتيت قوته بواسطة الدرع المتسلسل والبطانة الجلدية. وحتى لو وجّه السيّاف قوة كافية لتحقيق ذلك، فلن يصمد النصل ولن ينحني أو ينكسر تمامًا.
“فولاذ إمبراطوري ” تمتم جارسيو في نفسه. كان نصل سيف يوريتش لا يزال طازجًا. حتى بعد أن شقّ درعه، لمع نصل السيف كأنياب ذئب. سلاحٌ بهذه الجودة لا يُصنع إلا بالفولاذ الإمبراطوري، وهو أمرٌ يصعب الحصول عليه حتى بالمال.

 

 

 

 

رفرف علمان في معسكر الكونت داجلتون. الدب الأحمر لداجلتون، والأسد الفضي. “هذه أرضٌ طيبة ” قال جارسيو الأسد الفضي وهو يُحدّق بعينيه. تفوح من الأرض رائحة ترابها الغني، ذلك النوع الذي يُنتج محاصيل عالية الجودة بمجرد بذر البذور. “أليان… صدقني. سننتقم لك ” قال الكونت داجلتون في نفسه وهو ينظر إلى معسكر الكونت مولاندو. “يبدو أنهم ظنوا أنهم يستطيعون هزيمتنا بالدفاع. هل يعتقدون حقًا أن جيشهم الصغير قادر على الدفاع ضد مرتزقة الأسد الفضي؟ هذا مُضحك.” “كل ما لديهم هو سياج وبعض أبراج المراقبة يا قائد. هذا لا يُشكّل أي إزعاج لنا ” لاحظ مساعد ذو بصيرة جيدة بعد أن ألقى نظرة على معسكر العدو. خاضت الأسد الفضي بعض الحصارات. كانت قلعة الكونت مولاندو الخشبية أشبه بدرع من القش مقارنةً بجدران القلاع الحجرية. ” أخي، سأتأكد من أن علمك يرفرف بفخر على تلك الأرض عند غروب الشمس.” استل جارسيو سيفه ورفعه في الهواء. كانت تلك هي الإشارة. بدأت فرقة المرتزقة زحفها بينما فارسهم يلوح بعلمه من جانب إلى آخر. بوو! دوى صوت المعدن للدروع الثقيلة في أرجاء المكان. كان مرتزقة الأسد الفضي يتألفون فقط من رجال يرتدون دروعًا ثقيلة، باستثناء رماة السهام. بدا معظمهم مزودًا بدروع، وقليل منهم يرتدي دروعًا على الطراز الجنوبي. وبغض النظر عن شكلها، كانت ترسانة الأسلحة المصنوعة من المعدن هي السمة المميزة للمشاة الثقيلة. “هذا مشهد يستحق المشاهدة. ” اتسعت عينا داجلتون. رجالٌ يرتدون ملابس معدنية يتجهون نحو أعدائه. تحت خوذاتهم المكشوفة، كانت عيون المرتزقة تتوهج بشدة مخيفة. محاربون – رجالٌ يقتلون من أجل لقمة عيشهم. ” يا إلهي، ماذا عسانا أن نقاتل هؤلاء الرجال؟ ” سيطر الخوف على المجندين الذين يشاهدون من أعلى الأسوار. بدت رماحهم وعتادهم الجلدي أشبه بألعاب مقارنةً بما كانوا يرونه من الأسد الفضي. “يا إلهي، إنهم لا يمزحون ” قال باتشمان وهو يراقب الأعداء يقتربون أكثر فأكثر. عرق بارد يسيل على جبينه. “يا إلهي، ربما كان ينبغي لي أن أستمع إلى دونوفان وأهرب.” لم يكن أمامه خيارٌ الآن سوى القتال. تلا صلاته وهو يُمسك بقلادة الشمس حول عنقه. “أوه، لو، من فضلك لا تأخذني الآن.” على أحد جانبي معسكر مولاندو، كان وزير الإقليم يمنح بركاته للجنود حيث أن العديد منهم جاءوا إليه طلبًا لأي مساعدة يمكنهم الحصول عليها. “إذا فكرت في الأمر، ستجده مضحكًا حقًا. أعداؤنا يؤمنون أيضًا بحاكم الشمس، تمامًا مثلنا. وانظروا ماذا نفعل، سنخوض حربًا! لا بد أن لو حاكمٌ ذو تفضيلٍ كبير ” قال باتشمان ضاحكًا. “من يفوز في المعركة لا بد أن يكون محبوبًا أكثر من غيره لدى لو.” ” رماة!” صرخ قائد الحرس. رماة السهام على قمم أبراج المراقبة رماة سهامهم، وسقط الجنود في مواقعهم. بوو! كانت أرجل المجندين ترتجف لرؤية أعدائهم المدججين بالسلاح. أرادوا جميعًا إلقاء رماحهم والعودة إلى ديارهم، لكن من حاول ذلك كان سيُقتل على يد أحد أفراد فصيلهم. “أنا مزارع، لست جنديًا. مزارع، بحق السماء.” لم يفهم المجندون سبب خوضهم هذه الحرب. عوملوا كأشياء قابلة للرمي، أُرسلوا إلى المعارك ليموتوا بدلًا من النبلاء الذين بدأوا الحرب. “أطلقوا النار!” أشار قائد الحرس. ومع إشارته، أطلق الرماة سهامهم في انسجام تام. لم يكن هدفهم سيئًا على الإطلاق، إذ كان الرماة المجندون صيادين ذوي عيون حادة. وعلى عكس المزارعين، كان الصيادون دائمًا جنودًا ماهرين. بوو! أصيب بعض مرتزقة الأسد الفضي وسقطوا أرضًا. أما من كانوا أقل حظًا، فقد دُفنت السهام في أعماق أجسادهم وماتوا. “واووه!” اندفع مرتزقة الأسد الفضي نحو أسوار مولاندو ودروعهم مرفوعة. لم يوقفهم وابل السهام. ففي النهاية، من المستبعد جدًا أن تُخترق دروع أحدهم بالسهام في معركة كهذه إلا إذا كان حظه سيئًا للغاية. “إنهم قادمون!” صرخ الجنود على أرض معسكر مولاندو وهم يتقدمون. كان ترهيب مرتزقة الأسد الفضي كافيًا لتدمير كل ذرة ثقة استطاع رجال مولاندو استجماعها. “قاتلوا بكل ما أوتيتم من قوة! صرخ باتشمان على الرجال داخل السياج وهو يوجه رمحه للأمام. توسعت أعين المرتزقة وركزوا أنظارهم على فرقة الأسد الفضي. “واووه!” لقد حقق جيش داجلتون تقدمًا كبيرًا، وأصبح قريبًا بما يكفي ليتمكن رجال مولاندو من رؤية النظرات القاتلة لمرتزقة الأسد الفضي. بوو! وصل مرتزقة الأسد الفضي أخيرًا إلى الأسوار. اهتزت الأسوار ضعيفة الارتفاع كما لو كانت على وشك الانهيار. “اطعنهم! اقتلوهم!” هاجم الجنود فوق الأسوار مرتزقة الأسد الفضي. وسرعان ما تحولت الأرض إلى ساحة حرب فوضوية، وتعالت الصرخات والصراخ بينما تشابك الرجال. وكان رجال جارسيو يدعمون رفاقهم فوق الأسوار. “ثلاثة منهم نجحوا في ذلك، فلننتهي منهم!” أصدر باتشمان أمرًا وهو ينظر إلى الخلف. بدا مرتزقة الأسد الفضي الذين نجحوا في عبور السياج قد وضعوا ظهورهم مقابل بعضهم البعض ودروعهم مرفوعة، مما سمح لهم بصد الرماح البائسة للمجندين. لم تعد هذه معركة دفاعية. دُمّرت أسوارهم، وسرعان ما بدأ الطرفان قتالهما المباشر. “يا للعجب، إنهم يخترقون خط مقاومتنا. كفاءة رجالهم أعلى بكثير من كفاءة رجالنا.” رجال الكونت مولاندو يفتقدون بشدة المرتزقة الذين لم يكونوا معهم. كل من كانوا يعتمدون عليهم عادةً قد تبعوا يوريتش إلى كومة القذارة. “سيقتلوننا جميعا بهذه السرعة.” عض باتشمان شفتيه وهو ينظر إلى الكونت داجلتون الذي على مسافة بعيدة جدًا. “اذهب يا يوريتش، اذهب وأسر هذا الكونت وأنهي هذه الحرب.” * * * “إذا اقترحتَ خطةً كهذه مجددًا، فسأقتلك بنفسي. هذا وعد ” سخر دونوفان من يوريتش وهو يرفع رأسه من القذارة. أصبح أنفه مخدرًا من الرائحة الكريهة، وشعر بحكة في جسده كله كما لو أن حشرات تزحف عليه. “مهما قلت ” ابتسم يوريتش بسخرية وفتح عينيه. أصبحت المعركة على أشدها. “تأكد من تغطية حتى أصغر جروحك. قد تصاب بكل هذه القذارة وتموت ” قال سفين وهو يرفع رأسه من القذارة. بدا الكمين ناجحًا حتى الآن. لم يُكلف جيش الكونت داجلتون نفسه عناء معاينة الحقل الخراب الذي وجد فيه يوريتش ومرتزقته أنفسهم، إذ انهمكوا في سحق معسكر مولاندو واثقين من النصر. “داجلتون على حصانه، يحرسه ثمانية جنود مدججين بالسلاح ” قال يوريتش وهو يراقب داجلتون، الذي على مسافة بعيدة. أما بالنسبة للرجال الآخرين، فلم يكن داجلتون سوى ذرة صغيرة في أعينهم. ” سينتهي الأمر إذا تركناه يركض على حصانه مرة أخرى. لدينا فرصة واحدة فقط ” قال دونوفان ليوريتش. أومأ يوريتش موافقًا، وخرج خلسةً من كومة القذارة. اقترب من الأرض، والتقط القوس والسهم اللذين غطّاهما بالتراب. “همف ” أخذ نفسًا عميقًا وهو يسحب وتر القوس. زوو! عضلاته الصلبة ثبّتت القوس. حدّق في هدفه وهو يسحب وتر القوس إلى الخلف أكثر. بالنسبة لمحارب قبلي مثل يوريتش، المحارب الجيد والصياد الماهر مترادفين تقريبًا، إذ كانت مهارات الصيد لا تقل أهمية عن مهارات القتال. لم يكن أي محارب في قبيلته يعجز عن رمي سهم. بوو! أطلق يوريتش وتر القوس بحلقة واضحة. بوو! انطلق السهم عبر الهواء باتجاه داجلتون. “هايههيهها!” صُدم داجلتون. سقط حصانه أرضًا فور أن لاحظ السهم مغروسًا في رأسه. لوى ساقه وهو يسقط عن الحصان. أمسك ساقه المتألمة، ونظر حوله بتوتر. “سهم؟ من أين أتى؟” استدار الرجال الذين يحرسون الكونت، ينظرون في كل الاتجاهات. بوو! وجاء سهم آخر نحوهم فأصاب أحد الحراس في رأسه فقتله على الفور. “إنه كمين!” صرخ داجلتون عندما لاحظ أخيرًا الرجال المغطون بقذارة سوداء. بدوا في عينيه كشياطين تخرج من الجحيم. “اركضوا، اركضوا!” صرخ دونوفان. اندفع المرتزقة نحو الكونت داجلتون وهم يبصقون القذارة التي تسيل من وجوههم إلى أفواههم. “احمِ اللورد داجلتون!” أحاط الحراس بداجلتون ورفعوا دروعهم. ألقى يوريتش قوسه وتبع المرتزقة الآخرين. “همف ” تفوقوا على المرتزقة الآخرين في غمضة عين. ” واو، واو!” أخيرًا اشتبك يوريتش ومرتزقته مع الحراس. “اقترب من هنا!” طارد يوريتش داجلتون بنظرات حادة. على عكس كلماته، لم يكن ينوي قتله، لكنه كان مرتاحًا تمامًا لإعاقته. أخرج أحد فؤوسه وأطلقه على داجلتون. صليل! تم صد الفأس بالسيف. ” أحسنتَ استخدام عقلك. لم أتوقع أن تختبئ هناك ” قال الأسد الفضي جارسيو بعد أن صدَّ فأس يوريتش بسيفه ونظر إلى يوريتش الملطخ بالقذارة. “ألا تعتقد أن شعرك الرمادي أكثر من اللازم لشخص في مثل سنك؟” ضحك يوريتش بخفة واستل سيفه والفأس الثاني. تعرّف بسرعة على خصمه كقائد مرتزقة الأسد الفضي بسبب الوصف الذي سمعه مسبقًا، ولكن حتى لو لم يكن شعره الرمادي، فقد بدا خصمه ينضح بهالة من القوة. ” إذًا، أنتم المرتزقة الماهرون الذين تحدث عنهم أخي؟ المعركة شارفت على الانتهاء، وأنتم لا تنتصرون. إذا استسلمتم الآن، فسأقبلكم مرتزقتي تحت قيادة الأسد الفضي ” قال جارسيو وهو يمسك سيفه بكلتا يديه. كانت لديه وقفة سياف مُدرّب جيدًا – كما هو متوقع من ابن نبيل مُغتصب. ضرب يوريتش بفأسه وسيفه معًا، ولفّ رقبته من جانب إلى آخر. ارتسمت على وجهه ابتسامة شرسة. “هههه، شكرًا على العرض. لكن، للأسف، لا أعمل مع شخص أضعف مني.” “هذا عار، أيها المرتزق المجهول الاسم.” بدا يوريتش وجارسيو على وشك المواجهة. شعر يوريتش بقشعريرة في ذراعيه. “إنه ليس مجرد كلام.” لم يترك موقف جارسيو سوى ثغرات قليلة ليوريتش للهجوم، وحتى تلك كانت مغطاة بسلسلة. بدا يوريتش يدرك ضيق الوقت المتاح له. إذا أطال هذا الأمر، فسينضم بقية جيش داجلتون إلى جارسيو ويحاصرون يوريتش ومرتزقته. كان لا بد من أسر داجلتون قبل حدوث ذلك. “لابد أن أهاجم أولاً، مهما الأمر.” تحركت ذراعي يوريتش بنشاط بينما كان يلوح بأسلحته مثل العاصفة. بوو! بوو! اصطدمت أسلحة المرتزقة. اتسعت عينا جارسيو عند سماعه الصوت المعدني المميز. فكر جارسيو في نفسه: “إنه سلاحٌ ممتازٌ لمرتزقٍ مجهول الاسم”. كان سيفه مصنوعًا أيضًا من فولاذٍ عالي الجودة، يليق بقائد مرتزقة الأسد الفضي. ومع ذلك، سيف يوريتش الجبار يتفوق عليه في القوة. شرينج! شقّ سيف يوريتش درع جارسيو. تمكّن من شقّ حلقات السلسلة، لكنه لم يستطع قطع بطانة الجلد. بوو! كان جارسيو ينوي ترك جانبه مكشوفًا، واثقًا بدرعه، والتركيز كليًا على شق رأس يوريتش. لكن الألم الشديد المفاجئ في جانبه دفعه للتراجع. “لقد كسرت أضلاعي.” عادةً، لا يستطيع السيف توجيه ضربة قوية بعد تشتيت قوته بواسطة الدرع المتسلسل والبطانة الجلدية. وحتى لو وجّه السيّاف قوة كافية لتحقيق ذلك، فلن يصمد النصل ولن ينحني أو ينكسر تمامًا. “فولاذ إمبراطوري ” تمتم جارسيو في نفسه. كان نصل سيف يوريتش لا يزال طازجًا. حتى بعد أن شقّ درعه، لمع نصل السيف كأنياب ذئب. سلاحٌ بهذه الجودة لا يُصنع إلا بالفولاذ الإمبراطوري، وهو أمرٌ يصعب الحصول عليه حتى بالمال.

 

---

ترجمة موقع ملوك الروايات. لا تُلهِكُم القراءة عن اداء الصلوات فى أوقاتها و لا تنسوا نصيبكم من القرآن

أشترك الان من هنا. ولامزيد من الاعلانات
لا تنسى وضع تعليق للمترجم فهذا يساعده على الاستمرار ومواصلة العمل عندما يرى تشجيعًا.

Comment

Ads Blocker Image Powered by Code Help Pro

Ads Blocker Detected!!!

We have detected that you are using extensions to block ads. Please support us by disabling these ads blocker.

اعدادات القارئ

لايعمل مع الوضع اليلي
لتغير كلمة إله الى شيء أخر
إعادة ضبط