الفصل 27
▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬
اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أُشْرِكَ بِكَ وَأَنَا أَعْلَمُ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا لاَ أَعْلَمُ
ترجمة: ســاد
▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬
الفصل 27 ▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أُشْرِكَ بِكَ وَأَنَا أَعْلَمُ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا لاَ أَعْلَمُ ترجمة: ســاد ▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬
كان جوتفال الكاهن يُكرّس وقته لتعليم يوريتش كل مساء. وبفضل الرضا الذي شعر به من التدريس، لم تكن وظيفته سيئة.
“إنه يتعلم بسرعة لا تصدق ” فكر جوتفال بينما ينظر إلى يوريتش، الذي عيناه تتجولان في الأرض تقرأان الرسائل.
بدت ذاكرة يوريتش خارقة. ما إن يرى شيئًا حتى لا ينساه أبدًا. أي شخص علّمه سابقًا يشهد على ذلك.
في مساء اليوم الثالث، عاد يوريتش إلى جوتفال لمواصلة درسه. وبما أنهم كانوا في الجبال، بدت المنطقة المحيطة بهم مظلمة تمامًا.
“لم يتبق لي سوى بضعة أيام للتعلم.”
أراد يوريتش أن يتعلم الكثير من الأشياء من جوتفال، الذي هو الباحث الوحيد الذي التقى به على الإطلاق.
“دونوفان؟”
كان غوتفان ودونوفان جالسين معًا. بدا دونوفان راكعًا يتلو صلاة.
“يوريتش، عد بعد قليل. دونوفان الآن في منتصف اعترافه ” لوّح الكاهن ليوريتش.
تمتم يوريتش قائلًا: “اعتراف”. لقد رأى مرتزقته يفعلون الشيء نفسه عدة مرات. كان الاعتراف بالخطيئة عادة لتطهير النفس.
“ما هي فائدة ذلك؟”
اتكأ يوريتش على شجرة قريبة وانتظر انتهاء اعتراف دونوفان.
رحب دونوفان بيوريتش وهو يمرّ بعد انتهاء اعترافه مع الكاهن. حتى دونوفان يُظهر دائمًا احترامه للكاهن.
“يجب أن يكون لقب الكاهن هو اللقب المشرف تمامًا.”
“الجميع يخافون من الآخرة. لا شيء أشد رعبًا من عدم إيجاد الطريق الصحيح بعد الموت ” أجاب جوتفال يوريتش.
“لذا، عندما تموتون، تتطهرون بنار الشمس ثم تولدون من جديد، ويذهب الشماليون إلى حقل السيوف ” قال يوريتش وهو يشير إلى سفين والشمالي الآخر.
تردد جوتفال للحظة قبل أن يختار كلماته التالية بعناية.
” أعتقد أن حقل السيوف ليس الجنة التي يظنها الشماليون. إنه مجرد جحيم لمن تراكمت عليهم الكارما السيئة، حيث لا سبيل للخلاص. حاكم الشمال عنيف ومتغطرس. لا يحب شعبه، على عكس لو، الذي يحتضن جميع الكائنات الحية كشعاع الشمس. ”
“ليس هناك حاجة لحاكم أن يحب شعبه دون شروط، أليس كذلك؟”
“لا يوجد حاكم لا يحب شعبه، تمامًا كما يحب جميع الآباء أبناءهم.”
وضع يوريتش ذراعه حول كتفي جوتفال بينما يحك أذنه.
“هذا يبدو جميلاً. لكن إذا الحكام يحبون شعبها لهذه الدرجة، فلماذا يسمحون لنا بالقتال؟ لماذا يكتفون بالمشاهدة من أي مكان؟ كيف يُعقل أن نُجبر بعضنا على جرح بعضنا البعض بالصخور والمعادن إذا وُجدت بحاكم مُحبة كهذه؟”
“هذا بسبب الخطيئة الأصلية. جشع البشر وخطيئتهم دمّرا النهار الأبدي وجلبا الظلام…”
“كلام فارغ. أنتم أيها الكهنة الشامان في هذا المكان، كل ما تقولونه هو الكذب!”
“أين عالم الأرواح الذي كان من المفترض أن يكون على هذا الجانب من الجبال؟” بالكاد تمكن يوريتش من كبح كلماته.
“أنا لا أكذب أبدًا، يا يوريتش ” أكد جوتفال بحزم. كان رجلاً ذا إيمان قوي.
“حسنًا، لا بأس. على أي حال، ما الذي كنت تتحدث عنه مع دونوفان سابقًا؟” بدا يوريتش يُركز نظره دائمًا على دونوفان. يعلم أن دونوفان كان دائمًا يبحث عن فرصة ليحتل مكانه كقائد لأخوة يوريتش.
” الاعترافات مُخصّصة للو، لا لي. ما إن تدخل كلمات الاعتراف إلى أذني، حتى لا تخرج من فمي.”
“همم ” نظر يوريتش إلى جوتفال وهو يسند ذقنه على قبضته. شعر برغبة مفاجئة. ماذا سيحدث لو أمسك الكاهن من حلقه وعذبه بشق بطنه بفأسه؟ هل سيتكلم حينها؟
“لن يظل هكذا بعد عذابٍ شديد. الألم يُضعف الرجال.”
“يوريتش؟” قال جوتفال بنبرة غير مريحة. شعر بعدم الارتياح لابتسامة يوريتش العدوانية. استمر يوريتش في الابتسام لكلمات الكاهن.
“هذه هي الحضارة. لذا، علّمني الطريقة المتحضرة يا سيدي الكاهن.”
أمال يوريتش رأسه وجلس في مقعده. كعادته، علّمه جوتفال كلمات الإمبراطورية. في غضون الأيام القليلة الأولى، تجاوزت مفردات يوريتش مئة كلمة.
” من مَن تعلمتَ الكتابةَ من قبل؟” سأل جوتفال خلال استراحتهما القصيرة. ارتشف يوريتش رشفةً من الماء من الكيس الجلدي ومسح فمه.
“تعلمتها من رئيسي السابق، حورس. كان وسيطًا محترفًا، لذا يجيد القراءة والكتابة.”
“بالطبع، يجب أن يجيد التجار القراءة والكتابة. أين هو الآن، وماذا يفعل؟”
“مات. كان يُعلّمني كما تفعل الآن، لكن ذلك الرجل التعيس أصابه سهمٌ في رقبته. مات بين يدي دون أن ينطق بكلمة أخيرة.”
ألقى جوتفال صلاة قصيرة.
“…أنا آسف لسماع ذلك.”
“لا داعي للندم. لقد قتلتُ كل واحد من الرجال الذين هاجمونا تلك الليلة بيديّ ” أجاب يوريتش بفخر. شعر جوتفال بالاختناق من هالة القتل غير المتوقعة، فارتجف. سارع لتغيير الموضوع.
“هل أنت من الجنوب؟ ظننتك شماليًا في البداية، لكن كلما نظرت إليك أكثر، قلّ تشابهك بالشمال.”
“حسنًا، هذا صحيح.”
لم يُعِد جوتفال طرح أسئلة على يوريتش بعد إجابته البطيئة. لكل بربري تجوّل في الإمبراطورية قصة أو قصتان.
ووش.
هبت الرياح عبر خصلات شعر يوريتش الطويلة. ارتعش أنفه ليلتقط كل رائحة تحملها الرياح: رائحة خضرة الأشجار والشجيرات، والحساء المغلي الذي بدأ يبرد، ورائحة العرق والمعادن.
بينما يركز على سمعه، استطاع طمس ثرثرة المرتزقة والجنود. وهكذا، أي صوت غير عادي يبرز من أذنيه ويثيرهما كإبرة حادة.
ارتعشت عينا يوريتش مع ازدياد قوة حواسه. اجتمعت حواسه الخمس لتشكل حواسًا سادسة.
بوو!
لم يلتقط سوى الأصوات الضرورية وسط الفوضى. مدّ يده نحو رأس جوتفال.
ثاك.
اخترق سهمٌ كفَّ يوريتش. لولا يده، لانغرز رأس السهم في رأس جوتفال.
“إنها غارة، غارة! انهضوا!”
بدا رد فعل الجنود سريعًا. كانوا جنودًا ثابتين تلقوا تدريبًا عسكريًا مُحكمًا ودقيقًا. كانوا من النخبة.
كان جوتفال الكاهن يُكرّس وقته لتعليم يوريتش كل مساء. وبفضل الرضا الذي شعر به من التدريس، لم تكن وظيفته سيئة. “إنه يتعلم بسرعة لا تصدق ” فكر جوتفال بينما ينظر إلى يوريتش، الذي عيناه تتجولان في الأرض تقرأان الرسائل. بدت ذاكرة يوريتش خارقة. ما إن يرى شيئًا حتى لا ينساه أبدًا. أي شخص علّمه سابقًا يشهد على ذلك. في مساء اليوم الثالث، عاد يوريتش إلى جوتفال لمواصلة درسه. وبما أنهم كانوا في الجبال، بدت المنطقة المحيطة بهم مظلمة تمامًا. “لم يتبق لي سوى بضعة أيام للتعلم.” أراد يوريتش أن يتعلم الكثير من الأشياء من جوتفال، الذي هو الباحث الوحيد الذي التقى به على الإطلاق. “دونوفان؟” كان غوتفان ودونوفان جالسين معًا. بدا دونوفان راكعًا يتلو صلاة. “يوريتش، عد بعد قليل. دونوفان الآن في منتصف اعترافه ” لوّح الكاهن ليوريتش. تمتم يوريتش قائلًا: “اعتراف”. لقد رأى مرتزقته يفعلون الشيء نفسه عدة مرات. كان الاعتراف بالخطيئة عادة لتطهير النفس. “ما هي فائدة ذلك؟” اتكأ يوريتش على شجرة قريبة وانتظر انتهاء اعتراف دونوفان. رحب دونوفان بيوريتش وهو يمرّ بعد انتهاء اعترافه مع الكاهن. حتى دونوفان يُظهر دائمًا احترامه للكاهن. “يجب أن يكون لقب الكاهن هو اللقب المشرف تمامًا.” “الجميع يخافون من الآخرة. لا شيء أشد رعبًا من عدم إيجاد الطريق الصحيح بعد الموت ” أجاب جوتفال يوريتش. “لذا، عندما تموتون، تتطهرون بنار الشمس ثم تولدون من جديد، ويذهب الشماليون إلى حقل السيوف ” قال يوريتش وهو يشير إلى سفين والشمالي الآخر. تردد جوتفال للحظة قبل أن يختار كلماته التالية بعناية. ” أعتقد أن حقل السيوف ليس الجنة التي يظنها الشماليون. إنه مجرد جحيم لمن تراكمت عليهم الكارما السيئة، حيث لا سبيل للخلاص. حاكم الشمال عنيف ومتغطرس. لا يحب شعبه، على عكس لو، الذي يحتضن جميع الكائنات الحية كشعاع الشمس. ” “ليس هناك حاجة لحاكم أن يحب شعبه دون شروط، أليس كذلك؟” “لا يوجد حاكم لا يحب شعبه، تمامًا كما يحب جميع الآباء أبناءهم.” وضع يوريتش ذراعه حول كتفي جوتفال بينما يحك أذنه. “هذا يبدو جميلاً. لكن إذا الحكام يحبون شعبها لهذه الدرجة، فلماذا يسمحون لنا بالقتال؟ لماذا يكتفون بالمشاهدة من أي مكان؟ كيف يُعقل أن نُجبر بعضنا على جرح بعضنا البعض بالصخور والمعادن إذا وُجدت بحاكم مُحبة كهذه؟” “هذا بسبب الخطيئة الأصلية. جشع البشر وخطيئتهم دمّرا النهار الأبدي وجلبا الظلام…” “كلام فارغ. أنتم أيها الكهنة الشامان في هذا المكان، كل ما تقولونه هو الكذب!” “أين عالم الأرواح الذي كان من المفترض أن يكون على هذا الجانب من الجبال؟” بالكاد تمكن يوريتش من كبح كلماته. “أنا لا أكذب أبدًا، يا يوريتش ” أكد جوتفال بحزم. كان رجلاً ذا إيمان قوي. “حسنًا، لا بأس. على أي حال، ما الذي كنت تتحدث عنه مع دونوفان سابقًا؟” بدا يوريتش يُركز نظره دائمًا على دونوفان. يعلم أن دونوفان كان دائمًا يبحث عن فرصة ليحتل مكانه كقائد لأخوة يوريتش. ” الاعترافات مُخصّصة للو، لا لي. ما إن تدخل كلمات الاعتراف إلى أذني، حتى لا تخرج من فمي.” “همم ” نظر يوريتش إلى جوتفال وهو يسند ذقنه على قبضته. شعر برغبة مفاجئة. ماذا سيحدث لو أمسك الكاهن من حلقه وعذبه بشق بطنه بفأسه؟ هل سيتكلم حينها؟ “لن يظل هكذا بعد عذابٍ شديد. الألم يُضعف الرجال.” “يوريتش؟” قال جوتفال بنبرة غير مريحة. شعر بعدم الارتياح لابتسامة يوريتش العدوانية. استمر يوريتش في الابتسام لكلمات الكاهن. “هذه هي الحضارة. لذا، علّمني الطريقة المتحضرة يا سيدي الكاهن.” أمال يوريتش رأسه وجلس في مقعده. كعادته، علّمه جوتفال كلمات الإمبراطورية. في غضون الأيام القليلة الأولى، تجاوزت مفردات يوريتش مئة كلمة. ” من مَن تعلمتَ الكتابةَ من قبل؟” سأل جوتفال خلال استراحتهما القصيرة. ارتشف يوريتش رشفةً من الماء من الكيس الجلدي ومسح فمه. “تعلمتها من رئيسي السابق، حورس. كان وسيطًا محترفًا، لذا يجيد القراءة والكتابة.” “بالطبع، يجب أن يجيد التجار القراءة والكتابة. أين هو الآن، وماذا يفعل؟” “مات. كان يُعلّمني كما تفعل الآن، لكن ذلك الرجل التعيس أصابه سهمٌ في رقبته. مات بين يدي دون أن ينطق بكلمة أخيرة.” ألقى جوتفال صلاة قصيرة. “…أنا آسف لسماع ذلك.” “لا داعي للندم. لقد قتلتُ كل واحد من الرجال الذين هاجمونا تلك الليلة بيديّ ” أجاب يوريتش بفخر. شعر جوتفال بالاختناق من هالة القتل غير المتوقعة، فارتجف. سارع لتغيير الموضوع. “هل أنت من الجنوب؟ ظننتك شماليًا في البداية، لكن كلما نظرت إليك أكثر، قلّ تشابهك بالشمال.” “حسنًا، هذا صحيح.” لم يُعِد جوتفال طرح أسئلة على يوريتش بعد إجابته البطيئة. لكل بربري تجوّل في الإمبراطورية قصة أو قصتان. ووش. هبت الرياح عبر خصلات شعر يوريتش الطويلة. ارتعش أنفه ليلتقط كل رائحة تحملها الرياح: رائحة خضرة الأشجار والشجيرات، والحساء المغلي الذي بدأ يبرد، ورائحة العرق والمعادن. بينما يركز على سمعه، استطاع طمس ثرثرة المرتزقة والجنود. وهكذا، أي صوت غير عادي يبرز من أذنيه ويثيرهما كإبرة حادة. ارتعشت عينا يوريتش مع ازدياد قوة حواسه. اجتمعت حواسه الخمس لتشكل حواسًا سادسة. بوو! لم يلتقط سوى الأصوات الضرورية وسط الفوضى. مدّ يده نحو رأس جوتفال. ثاك. اخترق سهمٌ كفَّ يوريتش. لولا يده، لانغرز رأس السهم في رأس جوتفال. “إنها غارة، غارة! انهضوا!” بدا رد فعل الجنود سريعًا. كانوا جنودًا ثابتين تلقوا تدريبًا عسكريًا مُحكمًا ودقيقًا. كانوا من النخبة.
ضغط يوريتش على قبضته وكسر السهم الذي كان عالقًا في راحة يده.
“اخفض رأسك واختبئ خلفي أيها الكاهن.”
وضع يوريتش الدم المتدفق من الجرح على راحة يده على وجهه بالكامل.
“لا أريد أن أرى معلمًا آخر لي يموت أمامي.”
حبس جوتفال أنفاسه واختبأ خلف شجرة. ففي النهاية، لم يكن سوى كاهن لم يمس سيفًا قط في حياته.
بوو!
سُلّ سيف يوريتش بصوت رنين واضح. أبقى عينيه مفتوحتين، منتظرًا اندلاع معركة. كان مستعدًا للهرب حالما يواجه هجومًا آخر.
“لقد رحلوا.”
عرف يوريتش وجود الأعداء دون أن يراهم. اختفى وجودهم تمامًا.
” …هجوم وهرب. يا له من صداع!”
دخل يوريتش إلى الغابة، فأصاب الذعر الجنود الآخرون وبدأوا يحدقون فيه.
“توقف، إنه أمر خطير! الأعداء ما زالوا…”
“لقد رحلوا بالفعل. لقد هربوا ” أجاب يوريتش وهو يتقدم في الغابة. التقط آثار الغزاة بين الأشجار بأغصانها المكسورة.
“كانوا حوالي عشرة رجال فقط.”
كان هجومًا مفاجئًا صغيرًا. أصبحت عينا يوريتش تتوهجان كحيوان مفترس.
” ماذا كان يفعل المراقبون، أليس كذلك؟”
اندلعت اشتباكات بين المرتزقة والجنود.
كان الهجوم المفاجئ متوقعًا تمامًا، لكن وفقًا لبعض المرتزقة، كان المراقبون يتحادثون فيما بينهم بغفلة. أصيب ثلاثة جنود بجروح بالغة، وقُتل مرتزق بسهم.
“جيجز ” تمتم يوريتش باسم شقيقه الراحل.
كان اسم المرتزق التعيس جيجز. كان مع المجموعة منذ أيام المصارعة، وكان أحد الرجال الذين نصبوا كمينًا في كومة القذارة في معركة كونت مولاندو.
“رأيتُ ذلك بعيني يا يوريتش! هؤلاء الأوغاد لم يُعروا عملهم أي اهتمام ” صرخ المرتزق باورن وهو يُشير إلى اثنين من الجنود.
بوو!
ركض يوريتش نحو الجنديين وألقاهما أرضًا. لكمهما بقبضتيه على وجهيهما وركل بطونهما.
“كيك، آه، كيوغ.”
انقلب الجندي المداس كالسلحفاة. انهال يوريتش بضربات لا مبالية على جنديين، بينما اندفع الآخرون لإيقافه.
“توقف!”
بوو!
أحد الجنود الذين حاولوا إبعاد يوريتش عن رفيقه، أُغمي عليه بضربةٍ من يده. بدا الدم يسيل من قبضتيه، و ينوي قتلهم بيديه العاريتين.
” ا- أنا آسف، أنا آسف!” تمتم الجندي باعتذاره خوفًا من الموت.
“ماذا تعتقد أنك تفعل!” صرخ قائد الحرس سيتون وهو يسير نحو مكان الحادث العنيف.
“المراقب الذي لا يراقب الخطر سيموت ” أجاب يوريتش وهو يرفع الجندي، الذي أصبح عبارة عن جثة تقريبًا.
“أطلق سراح جنديي على الفور، يا زعيم المرتزقة!” طالب سيتون وهو يحرك يده أقرب إلى سيفه.
“أخونا مات بالفعل، ولن يعود ” قال يوريتش وهو يضع الجندي على الأرض.
“إذا وضعت إصبعك على جندي مرة أخرى، فإن رأسك سيكون أول ما يذهب أمام قطاع الطرق ” أصبحت عين سيتون الوحيدة تتوهج بنية القتل.
“لعنة عليك أيها البربري.”
أصبحت عينه العمياء تنبض. سيتون يحتقر البرابرة. هم من فقدوا عينه اليسرى.
“كفى يا يوريتش ” أوقف باتشمان يوريتش. عاد يوريتش إلى مرتزقته.
كان هجوم قطاع الطرق المفاجئ ناجحًا. وارتفعت معنويات الرجال، وأصبحوا الآن في حالة تأهب دائم.
بوو!
قام المرتزقة بجمع الحطب وأحرقوا جثة جيجز.
“يا لو، ابنك عائدٌ إلى حضنك. ارحم روحه الآثمة… ”تلا جوتفال صلاة الجنازة.
“على الأقل لديك كاهنٌ مُناسبٌ ليرشد روحك يا جيجز. لن تتجول في هذا العالم الآن ” قال دونوفان بابتسامةٍ مُرّة. كان هو وجيجز مُقرّبين بشكلٍ خاص، إذ كان جيجز أحد رجاله المُخلصين.
رش دونوفان النبيذ على الجسم. “سمعتُ أنك رفعتَ قبضتيك من أجل جيجز يا يوريتش. أنا مدين لك بواحدة ” قال دونوفان وهو ينظر إلى يوريتش. انعكست ألسنة اللهب المشتعلة قرمزية على وجوههم. “لا تذكر ذلك. اسمنا ليس “الإخوة يوريتش” عبثًا. سأحزن وأغضب على موت كل واحد منا – حتى أنت يا دونوفان.” حدّق يوريتش في الجمر بعد أن أجاب دونوفان بلا مبالاة. كان يبحث عن روح جيجز وسط النيران المشتعلة. “لا أستطيع رؤية الأرواح بعينيّ. هل يراها الكهنة والشامان؟” في المذهب الشمسي، الجثث تُحرق. يعتقدون أن النار تُعيد الأرواح إلى حاكم الشمس. “جوتفال ” نادى يوريتش الكاهن الذي انتهى لتوه من مراسم الجنازة. التفت جوتفال لينظر إليه. “هل الجرح في يدك بخير؟” سأل جوتفال. لقد أصيبت يد يوريتش بسهم أثناء محاولته حماية جوتفال. ” تتحرك بشكل جيد، لذلك لا أعتقد أن هناك أي مشاكل ” أجاب يوريتش وهو يقبض على يده ويرخيها. “أشكرك جزيل الشكر على حمايتي، يوريتش ” قال جوتفال بأقصى درجات الاحترام. “لا شيء. من المفترض أن نساعد بعضنا البعض، أليس كذلك؟” “الحب والكرم هما تعاليم لو ” ابتسم جوتفال. “هذا مُضحك، أنا بعيدٌ جدًا عن كليهما. هل أرسلتَ أخي جيجز إلى الشمس؟” ” ينبغي أن يعود بأمان إلى أحضان لو.” “لديّ سؤال يا كاهن ” قال يوريتش وهو ينهض من مقعده. بدا أطول من جوتفال برأس على الأقل. “…لا أؤمن بحاكم الشمس ولا بحاكم الشمال. الحياة الآخرة التي كنت أؤمن بها لا وجود لها في أي مكان. إذن، عندما أموت، إلى أين أذهب؟” منذ أن تحطمت فكرة يوريتش عن الحياة الآخرة، تساءل: الأرض على الجانب الآخر من جبال السماء ملكٌ للأحياء. “ماذا عن أجدادي وإخوتي؟ أين تذهب أرواحنا؟” فكر جوتفال لمدة دقيقة، ثم فتح فمه بتردد. “إذا الأمر كذلك… ستصبح روحك روحًا شريرة تتجول في هذا العالم، حتى أنها تنسى من كنت…” بعد ذلك، عاد يوريتش للجلوس. رأسه مائل، ونظرته تتنقل بين الظلام واللهب. كان لدى يوريتش حلم في تلك الليلة. كان أسلافه الذين عادوا إلى الأرض منذ زمن بعيد، وإخوته الذين سبقوه، يجوبون عالم الأحياء. ولم يجدوا الراحة، فعذبهم هذا التجوال. أصبحت أرواحهم أرواحًا شريرة تنتظر موت يوريتش. “بفضلك يا يوريتش، لم يعد هناك ملجأ لأرواحنا! لقد اكتشفت عالم الأحياء. اعرف خطاياك، لأنك ستنضم إلينا هنا قريبًا!” ضحكت الأرواح الشريرة. لو لم يتسلق بربريٌّ الجبال، لظلّ العالم على الجانب الآخر عالم الأرواح. لكانت أرواح الأجداد ترقد بسلام. لكن عينا يوريتش زعزعتا سلامهم. منذ اللحظة التي اكتشف فيها يوريتش الجانب الآخر، لم يعد عالم الأرواح. “أوه!” تنفس يوريتش نفسًا متقطعًا عندما استيقظ. بوو! خفق قلبه قلقًا. حدّق في نجوم الفجر، ثم استل سيفه وضغط النصل البارد على خده. تلاشى القلق والإثارة كما لو أن النصل الصلب امتصهما. “هل كانت تلك الأرواح الشريرة؟” حدّق يوريتش في الغابة المظلمة. بدت النيران المتوهجة كأرواح شريرة تتحرك في الظلام. مع أن الوقت لا يزال مبكرًا، اختار يوريتش عدم العودة إلى النوم. نظر نحو الشرق، وانتظر بفارغ الصبر شروق الشمس. “كان باتشمان يقول دائمًا أن هناك بحرًا واسعًا في الشرق حيث تنتهي الأرض، وأن نهاية هذا البحر هي حافة العالم.”
رش دونوفان النبيذ على الجسم.
“سمعتُ أنك رفعتَ قبضتيك من أجل جيجز يا يوريتش. أنا مدين لك بواحدة ” قال دونوفان وهو ينظر إلى يوريتش. انعكست ألسنة اللهب المشتعلة قرمزية على وجوههم.
“لا تذكر ذلك. اسمنا ليس “الإخوة يوريتش” عبثًا. سأحزن وأغضب على موت كل واحد منا – حتى أنت يا دونوفان.”
حدّق يوريتش في الجمر بعد أن أجاب دونوفان بلا مبالاة. كان يبحث عن روح جيجز وسط النيران المشتعلة.
“لا أستطيع رؤية الأرواح بعينيّ. هل يراها الكهنة والشامان؟”
في المذهب الشمسي، الجثث تُحرق. يعتقدون أن النار تُعيد الأرواح إلى حاكم الشمس.
“جوتفال ” نادى يوريتش الكاهن الذي انتهى لتوه من مراسم الجنازة. التفت جوتفال لينظر إليه.
“هل الجرح في يدك بخير؟” سأل جوتفال.
لقد أصيبت يد يوريتش بسهم أثناء محاولته حماية جوتفال.
” تتحرك بشكل جيد، لذلك لا أعتقد أن هناك أي مشاكل ” أجاب يوريتش وهو يقبض على يده ويرخيها.
“أشكرك جزيل الشكر على حمايتي، يوريتش ” قال جوتفال بأقصى درجات الاحترام.
“لا شيء. من المفترض أن نساعد بعضنا البعض، أليس كذلك؟”
“الحب والكرم هما تعاليم لو ” ابتسم جوتفال.
“هذا مُضحك، أنا بعيدٌ جدًا عن كليهما. هل أرسلتَ أخي جيجز إلى الشمس؟”
” ينبغي أن يعود بأمان إلى أحضان لو.”
“لديّ سؤال يا كاهن ” قال يوريتش وهو ينهض من مقعده. بدا أطول من جوتفال برأس على الأقل.
“…لا أؤمن بحاكم الشمس ولا بحاكم الشمال. الحياة الآخرة التي كنت أؤمن بها لا وجود لها في أي مكان. إذن، عندما أموت، إلى أين أذهب؟”
منذ أن تحطمت فكرة يوريتش عن الحياة الآخرة، تساءل: الأرض على الجانب الآخر من جبال السماء ملكٌ للأحياء.
“ماذا عن أجدادي وإخوتي؟ أين تذهب أرواحنا؟”
فكر جوتفال لمدة دقيقة، ثم فتح فمه بتردد.
“إذا الأمر كذلك… ستصبح روحك روحًا شريرة تتجول في هذا العالم، حتى أنها تنسى من كنت…”
بعد ذلك، عاد يوريتش للجلوس. رأسه مائل، ونظرته تتنقل بين الظلام واللهب.
كان لدى يوريتش حلم في تلك الليلة.
كان أسلافه الذين عادوا إلى الأرض منذ زمن بعيد، وإخوته الذين سبقوه، يجوبون عالم الأحياء. ولم يجدوا الراحة، فعذبهم هذا التجوال. أصبحت أرواحهم أرواحًا شريرة تنتظر موت يوريتش.
“بفضلك يا يوريتش، لم يعد هناك ملجأ لأرواحنا! لقد اكتشفت عالم الأحياء. اعرف خطاياك، لأنك ستنضم إلينا هنا قريبًا!”
ضحكت الأرواح الشريرة. لو لم يتسلق بربريٌّ الجبال، لظلّ العالم على الجانب الآخر عالم الأرواح. لكانت أرواح الأجداد ترقد بسلام. لكن عينا يوريتش زعزعتا سلامهم. منذ اللحظة التي اكتشف فيها يوريتش الجانب الآخر، لم يعد عالم الأرواح.
“أوه!” تنفس يوريتش نفسًا متقطعًا عندما استيقظ.
بوو!
خفق قلبه قلقًا. حدّق في نجوم الفجر، ثم استل سيفه وضغط النصل البارد على خده. تلاشى القلق والإثارة كما لو أن النصل الصلب امتصهما.
“هل كانت تلك الأرواح الشريرة؟”
حدّق يوريتش في الغابة المظلمة. بدت النيران المتوهجة كأرواح شريرة تتحرك في الظلام.
مع أن الوقت لا يزال مبكرًا، اختار يوريتش عدم العودة إلى النوم. نظر نحو الشرق، وانتظر بفارغ الصبر شروق الشمس.
“كان باتشمان يقول دائمًا أن هناك بحرًا واسعًا في الشرق حيث تنتهي الأرض، وأن نهاية هذا البحر هي حافة العالم.”
ضغط يوريتش على قبضته وكسر السهم الذي كان عالقًا في راحة يده. “اخفض رأسك واختبئ خلفي أيها الكاهن.” وضع يوريتش الدم المتدفق من الجرح على راحة يده على وجهه بالكامل. “لا أريد أن أرى معلمًا آخر لي يموت أمامي.” حبس جوتفال أنفاسه واختبأ خلف شجرة. ففي النهاية، لم يكن سوى كاهن لم يمس سيفًا قط في حياته. بوو! سُلّ سيف يوريتش بصوت رنين واضح. أبقى عينيه مفتوحتين، منتظرًا اندلاع معركة. كان مستعدًا للهرب حالما يواجه هجومًا آخر. “لقد رحلوا.” عرف يوريتش وجود الأعداء دون أن يراهم. اختفى وجودهم تمامًا. ” …هجوم وهرب. يا له من صداع!” دخل يوريتش إلى الغابة، فأصاب الذعر الجنود الآخرون وبدأوا يحدقون فيه. “توقف، إنه أمر خطير! الأعداء ما زالوا…” “لقد رحلوا بالفعل. لقد هربوا ” أجاب يوريتش وهو يتقدم في الغابة. التقط آثار الغزاة بين الأشجار بأغصانها المكسورة. “كانوا حوالي عشرة رجال فقط.” كان هجومًا مفاجئًا صغيرًا. أصبحت عينا يوريتش تتوهجان كحيوان مفترس. ” ماذا كان يفعل المراقبون، أليس كذلك؟” اندلعت اشتباكات بين المرتزقة والجنود. كان الهجوم المفاجئ متوقعًا تمامًا، لكن وفقًا لبعض المرتزقة، كان المراقبون يتحادثون فيما بينهم بغفلة. أصيب ثلاثة جنود بجروح بالغة، وقُتل مرتزق بسهم. “جيجز ” تمتم يوريتش باسم شقيقه الراحل. كان اسم المرتزق التعيس جيجز. كان مع المجموعة منذ أيام المصارعة، وكان أحد الرجال الذين نصبوا كمينًا في كومة القذارة في معركة كونت مولاندو. “رأيتُ ذلك بعيني يا يوريتش! هؤلاء الأوغاد لم يُعروا عملهم أي اهتمام ” صرخ المرتزق باورن وهو يُشير إلى اثنين من الجنود. بوو! ركض يوريتش نحو الجنديين وألقاهما أرضًا. لكمهما بقبضتيه على وجهيهما وركل بطونهما. “كيك، آه، كيوغ.” انقلب الجندي المداس كالسلحفاة. انهال يوريتش بضربات لا مبالية على جنديين، بينما اندفع الآخرون لإيقافه. “توقف!” بوو! أحد الجنود الذين حاولوا إبعاد يوريتش عن رفيقه، أُغمي عليه بضربةٍ من يده. بدا الدم يسيل من قبضتيه، و ينوي قتلهم بيديه العاريتين. ” ا- أنا آسف، أنا آسف!” تمتم الجندي باعتذاره خوفًا من الموت. “ماذا تعتقد أنك تفعل!” صرخ قائد الحرس سيتون وهو يسير نحو مكان الحادث العنيف. “المراقب الذي لا يراقب الخطر سيموت ” أجاب يوريتش وهو يرفع الجندي، الذي أصبح عبارة عن جثة تقريبًا. “أطلق سراح جنديي على الفور، يا زعيم المرتزقة!” طالب سيتون وهو يحرك يده أقرب إلى سيفه. “أخونا مات بالفعل، ولن يعود ” قال يوريتش وهو يضع الجندي على الأرض. “إذا وضعت إصبعك على جندي مرة أخرى، فإن رأسك سيكون أول ما يذهب أمام قطاع الطرق ” أصبحت عين سيتون الوحيدة تتوهج بنية القتل. “لعنة عليك أيها البربري.” أصبحت عينه العمياء تنبض. سيتون يحتقر البرابرة. هم من فقدوا عينه اليسرى. “كفى يا يوريتش ” أوقف باتشمان يوريتش. عاد يوريتش إلى مرتزقته. كان هجوم قطاع الطرق المفاجئ ناجحًا. وارتفعت معنويات الرجال، وأصبحوا الآن في حالة تأهب دائم. بوو! قام المرتزقة بجمع الحطب وأحرقوا جثة جيجز. “يا لو، ابنك عائدٌ إلى حضنك. ارحم روحه الآثمة… ”تلا جوتفال صلاة الجنازة. “على الأقل لديك كاهنٌ مُناسبٌ ليرشد روحك يا جيجز. لن تتجول في هذا العالم الآن ” قال دونوفان بابتسامةٍ مُرّة. كان هو وجيجز مُقرّبين بشكلٍ خاص، إذ كان جيجز أحد رجاله المُخلصين.
---
ترجمة موقع ملوك الروايات. لا تُلهِكُم القراءة عن اداء الصلوات فى أوقاتها و لا تنسوا نصيبكم من القرآن
أشترك الان من هنا. ولامزيد من الاعلانات