الفصل 37 الحصان البري
▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬
اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أُشْرِكَ بِكَ وَأَنَا أَعْلَمُ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا لاَ أَعْلَمُ
ترجمة: ســاد
▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬
أخيرًا، خرج المرتزقة من الجبال ووصلوا إلى السهول. وما إن وطئوا الأرض المنبسطة، حتى هدأ توترهم.
” دوق هارماتي يحكم حاليًا مملكة بوركانا بصفته وصيًا على العرش، كما قال ” فيليون ليوريتش.
“إذن ، ما تقوله هو أن الدوق هارماتي هو الأخ الأصغر للملك، وهو يحكم المملكة حاليًا بصفته الوصي عليها. ألا يجعله هذا الملك فعليًا ؟ ”
“فاركا أنيو بوركانا – أميرنا. لكي يصبح هارماتي ملك بوركانا رسميًا، يجب إبعاد الأمير من العرش . ”
ابتلع باهيل ريقه بصعوبة من الغضب بينما يستمع إلى شرح فيليون.
“للعرش . حالما أبلغ سن الرشد، لن يكون أمام الدوق الخائن هارماتي خيار سوى التنازل لي عن العرش، ” قال باهيل وهو يصرّ على أسنانه. كان يشعر بالاستياء تجاه عمه.
” أنت تستخدم كلمات كبيرة جدًا. لماذا لا يتولى الأقوى العرش لنفسه؟ ”
لم يستطع يوريتش فهم سرّ كل هذه التعقيدات. ففي قبيلته، من الطبيعي أن يصبح أقوى المحاربين زعيمًا. حتى ابن الزعيم كان عليه أن يتنازل عن المنصب لأقوى المحاربين إذا طلب ذلك.
“لهذا السبب كنت دائمًا أدخل في معارك مع ابن الزعيم في الوطن… حتى لو لم أرغب أبدًا في أن أصبح الزعيم، فقد كان قدري أن أكون أفضل محارب، على أي حال…”
لو بقي يوريتش في جانبه من جبال السماء، لكان قد أصبح زعيم قبيلته الآن. مع أنه ينكر المنصب، إلا أنه يعلم أن ذلك كان قدره. بدا محاربًا مُقدّرًا له أن يكون الزعيم.
“تغير مصيري في اللحظة التي وطأت فيها قدماي جبال السماء.”
يوريتش يعتقد أنه يصنع مصيره بنفسه بقوته الخاصة.
” تخيّل أن أقوى رجل يتولى العرش متى شغر. سيكون ذلك مروعًا! ” قال فيليون بارتجاف. رمش يوريتش بحيرة.
” لماذا سيكون ذلك فظيعا؟ ”
” لأنه في كل مرة يموت فيها ملك، تنقسم المملكة إلى قوى مختلفة. أي نبيل يعتقد أن لديه فرصة في تولي العرش سيطالب بالحق ويخوض حربًا مباشرة مع أي شخص يعارضه. لهذا السبب، لا بد من وجود وريث للعرش – وريث الدم الذي لا يمكن لأحد أن يجادله! ”
ضحك يوريتش على كلمات فيليون.
“. إذًا، لماذا لا يتنافس النبلاء وجهًا لوجه بسيوفهم؟ من يفوز يستطيع اعتلاء العرش. ما المشكلة الكبرى؟ ”
ضحك المرتزقة الآخرون بجانبه.
” ربما هكذا تفعلون أيها البرابرة الأذلاء، لكن في ممالكنا، لا يقتصر الأمر على مهارات القتال فقط لتكون حاكمًا وملكًا صالحًا. يجب أن يمتلك الملك الحكمة والمعرفة ليحكم مملكته بحكمة، ” صرخ فيليون كما لو أن عجز يوريتش عن الفهم يزعجه. نظر يوريتش إلى باهيل.
” هذا الطفل الذي يبول على سرواله لديه الحكمة الملكية لحكم مملكة؟ هاه! ”
” يا لك من وقح يا زعيم المرتزقة يوريتش! أنا… ” صرخ باهيل ووجهه تحول إلى اللون الأحمر.
” أنا من أصل ملكي! هذا ما كنت على وشك قوله، أليس كذلك؟ ” سخر يوريتش، مقلدًا ما أصبح شعار باهيل.
” أنا-لو لم يكن الأمر يتعلق بالقسم، لكنت أعدمتك الآن بتهمة إهانة العائلة المالكة! ” باهيل استمر في التبجح.
” يوريتش، لا تضايق الأمير الصغير كثيرًا”، قال باتشمان وهو يضرب كتفيه بعمود رمحه.
استعادت فرقة المرتزقة هدوءها بعد عودتها إلى الأراضي المنبسطة. تمكّنوا أخيرًا من التقاط أنفاسهم والتخلص من توتر عبور الجبال بسلام.
“ربما لم يتوقع دوق هارماتي فشل رجاله. حتى لو كانت هناك فرقة مطاردة أخرى قادمة، فسيستغرقون وقتًا طويلاً للحاق بنا. ”قال فيليون وهو ينظر إلى الجبال التي نزلوا منها للتو “آمل أن يعني هذا أننا سنصل إلى العاصمة هامل دون أي مشاكل ” .
” كم من الوقت حتى حدود مملكة بوركانا دونوفان؟ ”
كان دونوفان مسؤولاً عن الخريطة. فتح لفافة الخريطة ونظر إلى الأفق.
” مازال أمامنا حوالي يومين. ”
” لنمرّ على مدينة بعد عبور الحدود. لا بأس، أليس كذلك؟ ” . سأل يوريتش فيليون. خلال الجولة الأخيرة من رحلتهم، لم تتمكن فرقة المرتزقة من زيارة أي مدن داخل مملكة بوركانا. لهذا السبب، لم يتمكنوا من تجديد الإمدادات التي على وشك النفاد؛ لا مشروبات لتدفئة أجسادهم المنهكة، و هناك شكاوى عرضية حول عدم قدرتهم على مضاجعة امرأة بين المرتزقة.
” نفوذ الدوق لا يصل إلا إلى الحدود. بمجرد أن نغادر حدود المملكة، تكون المهمة قد أنجزت نصفها تقريبًا. أنا قلق بشأن لياقة الأمير. قد تضحكون أيها المرتزقة، لكنه يبذل قصارى جهده لمواكبتهم. لم يمشِ هذا القدر من قبل في حياته، ومع ذلك يصرّ على أسنانه محاولًا ألا يتخلف عن الركب ” قال فيليون وهو ينظر إلى سيده الشاب الذي كان يكافح لمواكبة المرتزقة. ابتسم يوريتش.
” سيدك مثابر تماما. ”
” . لكن أخته التوأم، الأميرة داميا، تميل إلى الصبيانية بعض الشيء، لذا فإن نشأته معها خففت من حدته . ”
” ، إذًا غادر المملكة بدون أخته؟ تركتها خلفك؟ أليس هذا خطرًا عليها؟ ”
“لا يمكن للمرأة أن ترث العرش. ليس لدى الدوق هارماتي ما يكسبه من فعل أي شيء لابنة أخته، الأميرة .”
عندما خرجوا أخيراً من الجبال، واجهوا السهول حيث بدا العشب قصيراً.
” خيول! ”
صرخ المرتزقة في مقدمة الصف عندما رصدوا مجموعة من الخيول.
” أعتقد أنهم خيول برية. ”
يوانات برية هربت من تأثير البشر.
” يجب أن نأسر ذلك الحصان، ” . أشار فيليون إلى الفرسان. خلعوا دروعهم وأعدّوا الحبال للقبض على الحصان البري.
” ماذا يفعلون؟ هذه خيول برية. لا يمكنك ركوبها حتى لو تمكنت بطريقة ما من أسرها، ” . صرخ بعض المرتزقة على الفرسان. خفض الفرسان مواقعهم واقتربوا من قطيع الخيول البرية.
يوريتش وهو يراقب باهتمام ” لنجلس ونرى ما سيفعلونه” . لم يسبق له ركوب الخيل، واستخدام الخيول للنقل كان شيئًا لم يتخيله قط حتى عبر جبال السماء.
” حصلنا على واحد! ”
لفّ أحد الفرسان حبلًا حول عنق الحصان. كافح الحصان الأسير للتحرر، لكن الفرسان شدّوا الحبل من جانبي الحصان. فتشتّتت الخيول الأخرى في الجوار ولاذت بالفرار.
” الآن! ”
تصارع الفرسان حتى استُنزفت قوة الحصان. زفر الحصان الأسود وأطلق زفيرًا حارًا من أنفه وهو يكافح بشراسة.
“أحسنت يا سيد لوبين،” أشاد باهيل بجهود فارسه وأعد اللجام.
” هل ستحاول ترويضه وركوبه الآن؟ ستسقط أيها الأمير. ” قال المرتزقة المارّون للأمير.
سخر باهيل من تحذيرهم، وسار نحو الحصان.
” أراهن بمئة ألف شيل على عدم قدرته على ركوب الخيل. ”
” نفس هنا. ”
” يفعل ذلك لأنه واثق بنفسه. أراهن بخمسين ألفًا على ركوبه الحصان. ”
تحولت المنطقة سريعًا إلى وعاء قمار. نظر يوريتش إلى فيليون وباهل، ولاحظ ثقة غريبة تسري بينهما.
“300 ألف على فعلها،” انضم يوريتش إلى الرهان. ضحك باتشمان، الذي يتصرف كرجل المال.
” يا يوريتش، لن نلغي رهانك إذا خسرت لمجرد أنك قائدنا. هل ستراهن حقًا بثلاثمائة ألف ؟ ”
نعم ، أجاب يوريتش بإيجاز وهو يعقد ذراعيه. راقب باهيل عن كثب وهو يتجه نحو الحصان.
” فيووو ”
اقترب باهيل من الحصان. بدا الحصان المتعب يتنفس بصعوبة وهو يحدق في الأمير. كان الحصان لا يزال مقيدًا من قِبل الفرسان من كلا الجانبين.
” احذر يا أميري، ” قال أحد الفرسان.
” لا بأس. ”
أشرقت عينا باهيل الزرقاوان. لمسَ ببطءٍ عرف الحصان البري.
حط كايليوس على الأرض بحوافره الأمامية مُظهرًا سعادته. من الصعب تصديق أنهما لم يمضيا معًا سوى يوم واحد، فقد بدا لهما وكأنهما لا ينفصلان. هذه موهبة باهيل الفطرية. “لماذا؟ لماذا هو مطيع لباهل إلى هذه الدرجة؟” لم يتمكن يوريتش من فهم الأمر على الإطلاق. “سننهي الأمر هنا يا يوريتش. ربما لو روّضته أكثر، قد يسمح لشخصٍ بطيءٍ ومملّ مثلك أن يركب على ظهره أيضًا . ” أصبح يوريتش يغلي غضبًا وإحباطًا. نظر باهيل إلى كتفَي يوريتش وضحك. شعر وكأن ثقلًا قد رُفع عن كاهله. ” اللعنة عليك أيها الوحش الغبي! ” بعد عودته إلى المرتزقة، قفز يوريتش من مكانه محبطًا. لم يحصل على ما يريد.
رغم أنها تُسمى خيولًا برية، إلا أنها كانت خيولًا رُبِّيت على يد البشر. ولأنها لم تكن برية حقًا، فقد احتفظت بعادة الخضوع للبشر. ترويضها هو عملية استعادة هذه الصفة.
” مهلاً، لا بأس. أنت بخير “. همس باهيل للحصان. رمش الحصان بعينيه الواسعتين وهو يُبقي نظره مُثبّتاً على باهيل.
“استرخِ ، يُمكننا أن نكون أصدقاء.” حدّق باهيل أيضًا في عيني الحصان. اختفت الشراسة في عيني الحصان، وحلَّ محلها بريقٌ لطيف.
“يمكنك أن تتركه يذهب الآن،” أمر باهيل الفرسان، الذين أطلقوا الحبال بأمر الأمير.
” هذا هو الأمير فاركا. ”
علّق الفرسان كأنهم يتوقعون حدوث ذلك. كانوا يعرفون أميرهم جيدًا.
” انظر، هو على وشك القيام بذلك، ” تمتم المرتزقة.
” يُعرف حب الأمير للخيول في جميع أنحاء المملكة. حتى أنه يمتلك إسطبلًا خاصًا به يضم خيولًا من جميع الألوان، من الأسود إلى الأبيض. ” قال فيليون بفخر، وكأنه يتفاخر بابنه “لا يوجد شيء لا يستطيع فعله بالخيول، من ترويضها إلى ركوبها ” .
” هذا مُثير للإعجاب، يا ” . انبهر يوريتش. رؤية باهيل يُروّض حصانًا بريًا بهذه السهولة جعلته ينظر إلى الأمير بمنظور جديد.
همس باهيل في أذن الحصان ” سأناديك كايليوس” . وضع اللجام ببطء على رأس الحصان وأسرجه. بعد أن ركبا الحصان، انطلق باهيل وكايليوس في مشي بطيء، ثم زادا سرعتهما ليدورا حول المرتزقة. وهكذا، أصبح واحدًا من الفرس البري.
“عامل الإسطبل الذي عمل مع الخيول طوال حياته لا يستطيع أن يفعل ما يفعله أميرنا!” تفاخر فيليون وهو يحيي باهيل عندما عاد مع الحصان.
” واو، هذا مثير للإعجاب، أيها السيد الشاب. ”
“بالمناسبة، لقد روّضت ذلك الحصان الجامح بسهولة، فلا ينبغي أن تواجه مشكلة في العيش حتى لو لم تصبح ملكًا. على الأقل لن تموت جوعًا! ”
تبادل المرتزقة أطراف الحديث أثناء توزيع أموال الرهان.
” يا يوريتش، ماذا تفعل؟ تعالَ وخض نقودك! “. دفع باتشمان العملات الذهبية أمام يوريتش وهو ينقر على كتفه، لكن يوريتش لم يسمع كلمة مما قالها باتشمان له.
“لم أكن أعلم أبدًا أن ركوب الخيل يمكن أن يكون رائعًا!”
نظر يوريتش إلى باهيل بنظرة فارغة. شعر وكأن شيئًا ما ينفجر من صدره. مع باهيل، لم يكن الحصان مجرد وسيلة نقل. لقد شهد يوريتش رجلاً وحصانًا يكوّنان رابطة ليصبحا واحدًا.
” باهيل، ” يوريتش وقف أمام باهيل.
” ماذا تريد؟ لن تقتل حصاني مرة أخرى، أليس كذلك؟ ” أصبح باهيل خائفًا. الحادثة السابقة مع يوريتش لا تزال في ذاكرته كصدمة عميقة.
“أوه نعم، أعتذر عن ذلك. لديّ معروف أريد أن أطلبه منك . ”
” معروف؟ ”
“علمني ركوب الخيل. لا أحد أفضل منك في ذلك . ”
لم يدر باهيل ماذا يفعل بنفسه أمام إطراء يوريتش الصريح والصادق. نظر إلى يوريتش في ذهول.
“هذه فرصتي لأُظهر لهذا البربري اللعين من أنا! أي نوع من الأشخاص أنا!”
ضاقت عينا باهيل ببطء وهو يغطي فمه ويضحك.
“بالتأكيد ، سأعلمك. لكنني أحذرك، تعليمي صارم للغاية. من الأفضل أن تجهز نفسك . ”
* * *
” لماذا أنت بطيء هكذا؟ وتسمي نفسك محاربًا؟ هاه؟ ” وبخ باهيل يوريتش. خصص بعض الوقت قبل العشاء لتعليمه ركوب الخيل.
” هذا الحصان يستمر في دفعي بعيدًا ” يوريتش ، الذي بدا على الأرض بعد السقوط، حدق في الحصان.
” ، هذا الحصان له اسم. كايليوس. لديه آذان مثلنا تمامًا، أتعلم؟ ” عقد باهيل ذراعيه واستمر في توبيخ يوريتش. لم تفارق ابتسامته وجهه.
“لا يمكن لشخص مثلك أن يتعلم ركوب الخيل بهذه السرعة أبدًا.”
اعتقد باهيل أن الأمر سيستغرق من يوريتش وقتًا طويلاً حتى يتعلم كيفية ركوب الخيل بشكل صحيح.
“إنه شرس وعدواني للغاية.”
بدا يوريتش رجلاً يُرهب الآخرين بحضوره وحده. الهالة الحادة والشرسة التي تنبعث من جسده استثنائية.
“قد يساعده ذلك في المعارك، لكنه لن يفيده بأي شكل من الأشكال عندما يحاول ركوب الخيل.”
الخيول حيوانات حساسة، ذكية أيضًا.
“ما لم يجد طريقةً لتهدئة هالته، فلن يتمكن أبدًا من ركوب كايليوس. ربما حصانٌ مُروَّضٌ منذ زمنٍ بعيد.”
هدأ باهيل كايليوس ونظر إلى يوريتش.
” عليك الاستسلام. أنت بطيء جدًا لركوب الخيل. ”
” أنت تمزح، صحيح؟ أنا بطيء؟ ” . ضحك يوريتش في عدم تصديق. حدق في كايليوس مرة أخرى.
“هذا الحيوان اللعين. سمحتَ لهذا النبيل أن يركب على ظهرك ولم تسمح لي؟”
أصيب كبرياؤه بالجرح، وبدأ جانبه التنافسي يظهر.
” حسنًا، انظر إليّ. امتطيه هكذا، والمسه برفق. من هذا الحصان الرائع؟ أحسنت يا كايليوس. ”
امتطى باهيل الحصان برشاقة. لامس شعر كايليوس الأسود، وأفاض عليه حبه وعاطفته.
حط كايليوس على الأرض بحوافره الأمامية مُظهرًا سعادته. من الصعب تصديق أنهما لم يمضيا معًا سوى يوم واحد، فقد بدا لهما وكأنهما لا ينفصلان. هذه موهبة باهيل الفطرية.
“لماذا؟ لماذا هو مطيع لباهل إلى هذه الدرجة؟”
لم يتمكن يوريتش من فهم الأمر على الإطلاق.
“سننهي الأمر هنا يا يوريتش. ربما لو روّضته أكثر، قد يسمح لشخصٍ بطيءٍ ومملّ مثلك أن يركب على ظهره أيضًا . ”
أصبح يوريتش يغلي غضبًا وإحباطًا. نظر باهيل إلى كتفَي يوريتش وضحك. شعر وكأن ثقلًا قد رُفع عن كاهله.
” اللعنة عليك أيها الوحش الغبي! ”
بعد عودته إلى المرتزقة، قفز يوريتش من مكانه محبطًا. لم يحصل على ما يريد.
الفصل 37 الحصان البري ▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أُشْرِكَ بِكَ وَأَنَا أَعْلَمُ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا لاَ أَعْلَمُ ترجمة: ســاد ▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬ أخيرًا، خرج المرتزقة من الجبال ووصلوا إلى السهول. وما إن وطئوا الأرض المنبسطة، حتى هدأ توترهم. ” دوق هارماتي يحكم حاليًا مملكة بوركانا بصفته وصيًا على العرش، كما قال ” فيليون ليوريتش. “إذن ، ما تقوله هو أن الدوق هارماتي هو الأخ الأصغر للملك، وهو يحكم المملكة حاليًا بصفته الوصي عليها. ألا يجعله هذا الملك فعليًا ؟ ” “فاركا أنيو بوركانا – أميرنا. لكي يصبح هارماتي ملك بوركانا رسميًا، يجب إبعاد الأمير من العرش . ” ابتلع باهيل ريقه بصعوبة من الغضب بينما يستمع إلى شرح فيليون. “للعرش . حالما أبلغ سن الرشد، لن يكون أمام الدوق الخائن هارماتي خيار سوى التنازل لي عن العرش، ” قال باهيل وهو يصرّ على أسنانه. كان يشعر بالاستياء تجاه عمه. ” أنت تستخدم كلمات كبيرة جدًا. لماذا لا يتولى الأقوى العرش لنفسه؟ ” لم يستطع يوريتش فهم سرّ كل هذه التعقيدات. ففي قبيلته، من الطبيعي أن يصبح أقوى المحاربين زعيمًا. حتى ابن الزعيم كان عليه أن يتنازل عن المنصب لأقوى المحاربين إذا طلب ذلك. “لهذا السبب كنت دائمًا أدخل في معارك مع ابن الزعيم في الوطن… حتى لو لم أرغب أبدًا في أن أصبح الزعيم، فقد كان قدري أن أكون أفضل محارب، على أي حال…” لو بقي يوريتش في جانبه من جبال السماء، لكان قد أصبح زعيم قبيلته الآن. مع أنه ينكر المنصب، إلا أنه يعلم أن ذلك كان قدره. بدا محاربًا مُقدّرًا له أن يكون الزعيم. “تغير مصيري في اللحظة التي وطأت فيها قدماي جبال السماء.” يوريتش يعتقد أنه يصنع مصيره بنفسه بقوته الخاصة. ” تخيّل أن أقوى رجل يتولى العرش متى شغر. سيكون ذلك مروعًا! ” قال فيليون بارتجاف. رمش يوريتش بحيرة. ” لماذا سيكون ذلك فظيعا؟ ” ” لأنه في كل مرة يموت فيها ملك، تنقسم المملكة إلى قوى مختلفة. أي نبيل يعتقد أن لديه فرصة في تولي العرش سيطالب بالحق ويخوض حربًا مباشرة مع أي شخص يعارضه. لهذا السبب، لا بد من وجود وريث للعرش – وريث الدم الذي لا يمكن لأحد أن يجادله! ” ضحك يوريتش على كلمات فيليون. “. إذًا، لماذا لا يتنافس النبلاء وجهًا لوجه بسيوفهم؟ من يفوز يستطيع اعتلاء العرش. ما المشكلة الكبرى؟ ” ضحك المرتزقة الآخرون بجانبه. ” ربما هكذا تفعلون أيها البرابرة الأذلاء، لكن في ممالكنا، لا يقتصر الأمر على مهارات القتال فقط لتكون حاكمًا وملكًا صالحًا. يجب أن يمتلك الملك الحكمة والمعرفة ليحكم مملكته بحكمة، ” صرخ فيليون كما لو أن عجز يوريتش عن الفهم يزعجه. نظر يوريتش إلى باهيل. ” هذا الطفل الذي يبول على سرواله لديه الحكمة الملكية لحكم مملكة؟ هاه! ” ” يا لك من وقح يا زعيم المرتزقة يوريتش! أنا… ” صرخ باهيل ووجهه تحول إلى اللون الأحمر. ” أنا من أصل ملكي! هذا ما كنت على وشك قوله، أليس كذلك؟ ” سخر يوريتش، مقلدًا ما أصبح شعار باهيل. ” أنا-لو لم يكن الأمر يتعلق بالقسم، لكنت أعدمتك الآن بتهمة إهانة العائلة المالكة! ” باهيل استمر في التبجح. ” يوريتش، لا تضايق الأمير الصغير كثيرًا”، قال باتشمان وهو يضرب كتفيه بعمود رمحه. استعادت فرقة المرتزقة هدوءها بعد عودتها إلى الأراضي المنبسطة. تمكّنوا أخيرًا من التقاط أنفاسهم والتخلص من توتر عبور الجبال بسلام. “ربما لم يتوقع دوق هارماتي فشل رجاله. حتى لو كانت هناك فرقة مطاردة أخرى قادمة، فسيستغرقون وقتًا طويلاً للحاق بنا. ”قال فيليون وهو ينظر إلى الجبال التي نزلوا منها للتو “آمل أن يعني هذا أننا سنصل إلى العاصمة هامل دون أي مشاكل ” . ” كم من الوقت حتى حدود مملكة بوركانا دونوفان؟ ” كان دونوفان مسؤولاً عن الخريطة. فتح لفافة الخريطة ونظر إلى الأفق. ” مازال أمامنا حوالي يومين. ” ” لنمرّ على مدينة بعد عبور الحدود. لا بأس، أليس كذلك؟ ” . سأل يوريتش فيليون. خلال الجولة الأخيرة من رحلتهم، لم تتمكن فرقة المرتزقة من زيارة أي مدن داخل مملكة بوركانا. لهذا السبب، لم يتمكنوا من تجديد الإمدادات التي على وشك النفاد؛ لا مشروبات لتدفئة أجسادهم المنهكة، و هناك شكاوى عرضية حول عدم قدرتهم على مضاجعة امرأة بين المرتزقة. ” نفوذ الدوق لا يصل إلا إلى الحدود. بمجرد أن نغادر حدود المملكة، تكون المهمة قد أنجزت نصفها تقريبًا. أنا قلق بشأن لياقة الأمير. قد تضحكون أيها المرتزقة، لكنه يبذل قصارى جهده لمواكبتهم. لم يمشِ هذا القدر من قبل في حياته، ومع ذلك يصرّ على أسنانه محاولًا ألا يتخلف عن الركب ” قال فيليون وهو ينظر إلى سيده الشاب الذي كان يكافح لمواكبة المرتزقة. ابتسم يوريتش. ” سيدك مثابر تماما. ” ” . لكن أخته التوأم، الأميرة داميا، تميل إلى الصبيانية بعض الشيء، لذا فإن نشأته معها خففت من حدته . ” ” ، إذًا غادر المملكة بدون أخته؟ تركتها خلفك؟ أليس هذا خطرًا عليها؟ ” “لا يمكن للمرأة أن ترث العرش. ليس لدى الدوق هارماتي ما يكسبه من فعل أي شيء لابنة أخته، الأميرة .” عندما خرجوا أخيراً من الجبال، واجهوا السهول حيث بدا العشب قصيراً. ” خيول! ” صرخ المرتزقة في مقدمة الصف عندما رصدوا مجموعة من الخيول. ” أعتقد أنهم خيول برية. ” يوانات برية هربت من تأثير البشر. ” يجب أن نأسر ذلك الحصان، ” . أشار فيليون إلى الفرسان. خلعوا دروعهم وأعدّوا الحبال للقبض على الحصان البري. ” ماذا يفعلون؟ هذه خيول برية. لا يمكنك ركوبها حتى لو تمكنت بطريقة ما من أسرها، ” . صرخ بعض المرتزقة على الفرسان. خفض الفرسان مواقعهم واقتربوا من قطيع الخيول البرية. يوريتش وهو يراقب باهتمام ” لنجلس ونرى ما سيفعلونه” . لم يسبق له ركوب الخيل، واستخدام الخيول للنقل كان شيئًا لم يتخيله قط حتى عبر جبال السماء. ” حصلنا على واحد! ” لفّ أحد الفرسان حبلًا حول عنق الحصان. كافح الحصان الأسير للتحرر، لكن الفرسان شدّوا الحبل من جانبي الحصان. فتشتّتت الخيول الأخرى في الجوار ولاذت بالفرار. ” الآن! ” تصارع الفرسان حتى استُنزفت قوة الحصان. زفر الحصان الأسود وأطلق زفيرًا حارًا من أنفه وهو يكافح بشراسة. “أحسنت يا سيد لوبين،” أشاد باهيل بجهود فارسه وأعد اللجام. ” هل ستحاول ترويضه وركوبه الآن؟ ستسقط أيها الأمير. ” قال المرتزقة المارّون للأمير. سخر باهيل من تحذيرهم، وسار نحو الحصان. ” أراهن بمئة ألف شيل على عدم قدرته على ركوب الخيل. ” ” نفس هنا. ” ” يفعل ذلك لأنه واثق بنفسه. أراهن بخمسين ألفًا على ركوبه الحصان. ” تحولت المنطقة سريعًا إلى وعاء قمار. نظر يوريتش إلى فيليون وباهل، ولاحظ ثقة غريبة تسري بينهما. “300 ألف على فعلها،” انضم يوريتش إلى الرهان. ضحك باتشمان، الذي يتصرف كرجل المال. ” يا يوريتش، لن نلغي رهانك إذا خسرت لمجرد أنك قائدنا. هل ستراهن حقًا بثلاثمائة ألف ؟ ” نعم ، أجاب يوريتش بإيجاز وهو يعقد ذراعيه. راقب باهيل عن كثب وهو يتجه نحو الحصان. ” فيووو ” اقترب باهيل من الحصان. بدا الحصان المتعب يتنفس بصعوبة وهو يحدق في الأمير. كان الحصان لا يزال مقيدًا من قِبل الفرسان من كلا الجانبين. ” احذر يا أميري، ” قال أحد الفرسان. ” لا بأس. ” أشرقت عينا باهيل الزرقاوان. لمسَ ببطءٍ عرف الحصان البري.
“يفعل ذلك جيدًا. لا يوجد سبب يمنعني من ذلك. ”
في كل ما فعله، كان يوريتش دائمًا الأفضل. لم يسبق له أن تفوق عليه أحد فيما أراد فعله. بنيته الجسدية نعمة.
” يوريتش ، أنت قوي ورشيق. أنت محارب بالفطرة. هل نظر إليك أحدٌ وقال أستطيع أن أفعل ما يفعله يوريتش تمامًا؟ كل شخص يولد بمواهب مختلفة. لا جدوى من الغيرة على موهبة شخص ما، ” قال سفين بهدوء. يحمل رغيف لحم ساخن في يده وسكينًا ليقطعه في اليد الأخرى .
” ولكنني أريد أن أركب حصانًا أيضًا، ” يوريتش تذمر مثل طفل.
“. المهارة لا تُكتسب بين ليلة وضحاها، وأنا متأكد أنك تعلم ذلك أكثر من معظم الناس. هل اكتسبت مهاراتك كمحارب في يوم واحد؟ لا، بل اكتسبتها بقتل عدد لا يُحصى من الرجال. ”
أصبح يوريتش عاجزًا عن الكلام. لم يكن هناك ما يقوله.
“ربما كنت متسرعا.”
نظر يوريتش بنظرة ازدراء إلى باهيل، واعتبره أقل شأناً منه.
“اعتقدت أنه لا توجد طريقة تمنعني من القيام بما يستطيع باهيل القيام به.”
وعندما نظر إلى الوراء، أدرك أن ذلك بسبب غطرسته.
“هل ظننتُ أن جوتفال أقل شأناً مني لمجرد أنه لا يجيد القتال؟ لا، لم أظن.”
فكر يوريتش بينما ينظر إلى النار المشتعلة.
“سفين غني بالخبرة. كلماته حذرة ودائمًا ما تُدعم. لكن كمحارب، لديه حماسة أكبر من أي شخص آخر. إنه محارب يتمتع بروح قتالية متقدة ومنطق بارد.”
“يتمتع باتشمان بلسانٍ فصيح، ويجيد قراءة ما يدور في الغرفة بشكل لا يجيده غيره. يستطيع التأثير على الناس، مع أن مهاراته القتالية متوسطة.”
“دونوفان شخصية شريرة، لكنه يهتم بشعبه. لديه خبرة عسكرية سابقة، لذا فهو بارع في قيادة فرقتنا. إنه مفيد في المعارك.”
نظر يوريتش إلى باهيل. كان يستريح بعد أن ربط الحصان بشجرة قريبة.
“باهيل… لا يجيد القتال، وشخصيته مقززة، ولا يملك خبرة، ولا يتحلى بالحذر. لكنه… يجيد ركوب الخيل بالتأكيد.”
أحس باهيل بنظرة يوريتش ونظر إليه بثقة.
” ماذا، هل تريد التوقف عن ركوب الخيل؟ ”
ابتسم يوريتش وهز رأسه عند سماع كلمات باهيل.
” لا، سأستمر في المحاولة. بالمناسبة، باهيل، أنت فارسٌ ماهر. كيف تجيد ركوب الخيل بهذه البراعة؟ أعتقد أنك من طبقة ملكية. ”
حتى بعد سماع المجاملة، شعر باهيل بالإهانة بطريقة أو بأخرى.
الفصل 37 الحصان البري ▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أُشْرِكَ بِكَ وَأَنَا أَعْلَمُ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا لاَ أَعْلَمُ ترجمة: ســاد ▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬ أخيرًا، خرج المرتزقة من الجبال ووصلوا إلى السهول. وما إن وطئوا الأرض المنبسطة، حتى هدأ توترهم. ” دوق هارماتي يحكم حاليًا مملكة بوركانا بصفته وصيًا على العرش، كما قال ” فيليون ليوريتش. “إذن ، ما تقوله هو أن الدوق هارماتي هو الأخ الأصغر للملك، وهو يحكم المملكة حاليًا بصفته الوصي عليها. ألا يجعله هذا الملك فعليًا ؟ ” “فاركا أنيو بوركانا – أميرنا. لكي يصبح هارماتي ملك بوركانا رسميًا، يجب إبعاد الأمير من العرش . ” ابتلع باهيل ريقه بصعوبة من الغضب بينما يستمع إلى شرح فيليون. “للعرش . حالما أبلغ سن الرشد، لن يكون أمام الدوق الخائن هارماتي خيار سوى التنازل لي عن العرش، ” قال باهيل وهو يصرّ على أسنانه. كان يشعر بالاستياء تجاه عمه. ” أنت تستخدم كلمات كبيرة جدًا. لماذا لا يتولى الأقوى العرش لنفسه؟ ” لم يستطع يوريتش فهم سرّ كل هذه التعقيدات. ففي قبيلته، من الطبيعي أن يصبح أقوى المحاربين زعيمًا. حتى ابن الزعيم كان عليه أن يتنازل عن المنصب لأقوى المحاربين إذا طلب ذلك. “لهذا السبب كنت دائمًا أدخل في معارك مع ابن الزعيم في الوطن… حتى لو لم أرغب أبدًا في أن أصبح الزعيم، فقد كان قدري أن أكون أفضل محارب، على أي حال…” لو بقي يوريتش في جانبه من جبال السماء، لكان قد أصبح زعيم قبيلته الآن. مع أنه ينكر المنصب، إلا أنه يعلم أن ذلك كان قدره. بدا محاربًا مُقدّرًا له أن يكون الزعيم. “تغير مصيري في اللحظة التي وطأت فيها قدماي جبال السماء.” يوريتش يعتقد أنه يصنع مصيره بنفسه بقوته الخاصة. ” تخيّل أن أقوى رجل يتولى العرش متى شغر. سيكون ذلك مروعًا! ” قال فيليون بارتجاف. رمش يوريتش بحيرة. ” لماذا سيكون ذلك فظيعا؟ ” ” لأنه في كل مرة يموت فيها ملك، تنقسم المملكة إلى قوى مختلفة. أي نبيل يعتقد أن لديه فرصة في تولي العرش سيطالب بالحق ويخوض حربًا مباشرة مع أي شخص يعارضه. لهذا السبب، لا بد من وجود وريث للعرش – وريث الدم الذي لا يمكن لأحد أن يجادله! ” ضحك يوريتش على كلمات فيليون. “. إذًا، لماذا لا يتنافس النبلاء وجهًا لوجه بسيوفهم؟ من يفوز يستطيع اعتلاء العرش. ما المشكلة الكبرى؟ ” ضحك المرتزقة الآخرون بجانبه. ” ربما هكذا تفعلون أيها البرابرة الأذلاء، لكن في ممالكنا، لا يقتصر الأمر على مهارات القتال فقط لتكون حاكمًا وملكًا صالحًا. يجب أن يمتلك الملك الحكمة والمعرفة ليحكم مملكته بحكمة، ” صرخ فيليون كما لو أن عجز يوريتش عن الفهم يزعجه. نظر يوريتش إلى باهيل. ” هذا الطفل الذي يبول على سرواله لديه الحكمة الملكية لحكم مملكة؟ هاه! ” ” يا لك من وقح يا زعيم المرتزقة يوريتش! أنا… ” صرخ باهيل ووجهه تحول إلى اللون الأحمر. ” أنا من أصل ملكي! هذا ما كنت على وشك قوله، أليس كذلك؟ ” سخر يوريتش، مقلدًا ما أصبح شعار باهيل. ” أنا-لو لم يكن الأمر يتعلق بالقسم، لكنت أعدمتك الآن بتهمة إهانة العائلة المالكة! ” باهيل استمر في التبجح. ” يوريتش، لا تضايق الأمير الصغير كثيرًا”، قال باتشمان وهو يضرب كتفيه بعمود رمحه. استعادت فرقة المرتزقة هدوءها بعد عودتها إلى الأراضي المنبسطة. تمكّنوا أخيرًا من التقاط أنفاسهم والتخلص من توتر عبور الجبال بسلام. “ربما لم يتوقع دوق هارماتي فشل رجاله. حتى لو كانت هناك فرقة مطاردة أخرى قادمة، فسيستغرقون وقتًا طويلاً للحاق بنا. ”قال فيليون وهو ينظر إلى الجبال التي نزلوا منها للتو “آمل أن يعني هذا أننا سنصل إلى العاصمة هامل دون أي مشاكل ” . ” كم من الوقت حتى حدود مملكة بوركانا دونوفان؟ ” كان دونوفان مسؤولاً عن الخريطة. فتح لفافة الخريطة ونظر إلى الأفق. ” مازال أمامنا حوالي يومين. ” ” لنمرّ على مدينة بعد عبور الحدود. لا بأس، أليس كذلك؟ ” . سأل يوريتش فيليون. خلال الجولة الأخيرة من رحلتهم، لم تتمكن فرقة المرتزقة من زيارة أي مدن داخل مملكة بوركانا. لهذا السبب، لم يتمكنوا من تجديد الإمدادات التي على وشك النفاد؛ لا مشروبات لتدفئة أجسادهم المنهكة، و هناك شكاوى عرضية حول عدم قدرتهم على مضاجعة امرأة بين المرتزقة. ” نفوذ الدوق لا يصل إلا إلى الحدود. بمجرد أن نغادر حدود المملكة، تكون المهمة قد أنجزت نصفها تقريبًا. أنا قلق بشأن لياقة الأمير. قد تضحكون أيها المرتزقة، لكنه يبذل قصارى جهده لمواكبتهم. لم يمشِ هذا القدر من قبل في حياته، ومع ذلك يصرّ على أسنانه محاولًا ألا يتخلف عن الركب ” قال فيليون وهو ينظر إلى سيده الشاب الذي كان يكافح لمواكبة المرتزقة. ابتسم يوريتش. ” سيدك مثابر تماما. ” ” . لكن أخته التوأم، الأميرة داميا، تميل إلى الصبيانية بعض الشيء، لذا فإن نشأته معها خففت من حدته . ” ” ، إذًا غادر المملكة بدون أخته؟ تركتها خلفك؟ أليس هذا خطرًا عليها؟ ” “لا يمكن للمرأة أن ترث العرش. ليس لدى الدوق هارماتي ما يكسبه من فعل أي شيء لابنة أخته، الأميرة .” عندما خرجوا أخيراً من الجبال، واجهوا السهول حيث بدا العشب قصيراً. ” خيول! ” صرخ المرتزقة في مقدمة الصف عندما رصدوا مجموعة من الخيول. ” أعتقد أنهم خيول برية. ” يوانات برية هربت من تأثير البشر. ” يجب أن نأسر ذلك الحصان، ” . أشار فيليون إلى الفرسان. خلعوا دروعهم وأعدّوا الحبال للقبض على الحصان البري. ” ماذا يفعلون؟ هذه خيول برية. لا يمكنك ركوبها حتى لو تمكنت بطريقة ما من أسرها، ” . صرخ بعض المرتزقة على الفرسان. خفض الفرسان مواقعهم واقتربوا من قطيع الخيول البرية. يوريتش وهو يراقب باهتمام ” لنجلس ونرى ما سيفعلونه” . لم يسبق له ركوب الخيل، واستخدام الخيول للنقل كان شيئًا لم يتخيله قط حتى عبر جبال السماء. ” حصلنا على واحد! ” لفّ أحد الفرسان حبلًا حول عنق الحصان. كافح الحصان الأسير للتحرر، لكن الفرسان شدّوا الحبل من جانبي الحصان. فتشتّتت الخيول الأخرى في الجوار ولاذت بالفرار. ” الآن! ” تصارع الفرسان حتى استُنزفت قوة الحصان. زفر الحصان الأسود وأطلق زفيرًا حارًا من أنفه وهو يكافح بشراسة. “أحسنت يا سيد لوبين،” أشاد باهيل بجهود فارسه وأعد اللجام. ” هل ستحاول ترويضه وركوبه الآن؟ ستسقط أيها الأمير. ” قال المرتزقة المارّون للأمير. سخر باهيل من تحذيرهم، وسار نحو الحصان. ” أراهن بمئة ألف شيل على عدم قدرته على ركوب الخيل. ” ” نفس هنا. ” ” يفعل ذلك لأنه واثق بنفسه. أراهن بخمسين ألفًا على ركوبه الحصان. ” تحولت المنطقة سريعًا إلى وعاء قمار. نظر يوريتش إلى فيليون وباهل، ولاحظ ثقة غريبة تسري بينهما. “300 ألف على فعلها،” انضم يوريتش إلى الرهان. ضحك باتشمان، الذي يتصرف كرجل المال. ” يا يوريتش، لن نلغي رهانك إذا خسرت لمجرد أنك قائدنا. هل ستراهن حقًا بثلاثمائة ألف ؟ ” نعم ، أجاب يوريتش بإيجاز وهو يعقد ذراعيه. راقب باهيل عن كثب وهو يتجه نحو الحصان. ” فيووو ” اقترب باهيل من الحصان. بدا الحصان المتعب يتنفس بصعوبة وهو يحدق في الأمير. كان الحصان لا يزال مقيدًا من قِبل الفرسان من كلا الجانبين. ” احذر يا أميري، ” قال أحد الفرسان. ” لا بأس. ” أشرقت عينا باهيل الزرقاوان. لمسَ ببطءٍ عرف الحصان البري.
رغم أنها تُسمى خيولًا برية، إلا أنها كانت خيولًا رُبِّيت على يد البشر. ولأنها لم تكن برية حقًا، فقد احتفظت بعادة الخضوع للبشر. ترويضها هو عملية استعادة هذه الصفة. ” مهلاً، لا بأس. أنت بخير “. همس باهيل للحصان. رمش الحصان بعينيه الواسعتين وهو يُبقي نظره مُثبّتاً على باهيل. “استرخِ ، يُمكننا أن نكون أصدقاء.” حدّق باهيل أيضًا في عيني الحصان. اختفت الشراسة في عيني الحصان، وحلَّ محلها بريقٌ لطيف. “يمكنك أن تتركه يذهب الآن،” أمر باهيل الفرسان، الذين أطلقوا الحبال بأمر الأمير. ” هذا هو الأمير فاركا. ” علّق الفرسان كأنهم يتوقعون حدوث ذلك. كانوا يعرفون أميرهم جيدًا. ” انظر، هو على وشك القيام بذلك، ” تمتم المرتزقة. ” يُعرف حب الأمير للخيول في جميع أنحاء المملكة. حتى أنه يمتلك إسطبلًا خاصًا به يضم خيولًا من جميع الألوان، من الأسود إلى الأبيض. ” قال فيليون بفخر، وكأنه يتفاخر بابنه “لا يوجد شيء لا يستطيع فعله بالخيول، من ترويضها إلى ركوبها ” . ” هذا مُثير للإعجاب، يا ” . انبهر يوريتش. رؤية باهيل يُروّض حصانًا بريًا بهذه السهولة جعلته ينظر إلى الأمير بمنظور جديد. همس باهيل في أذن الحصان ” سأناديك كايليوس” . وضع اللجام ببطء على رأس الحصان وأسرجه. بعد أن ركبا الحصان، انطلق باهيل وكايليوس في مشي بطيء، ثم زادا سرعتهما ليدورا حول المرتزقة. وهكذا، أصبح واحدًا من الفرس البري. “عامل الإسطبل الذي عمل مع الخيول طوال حياته لا يستطيع أن يفعل ما يفعله أميرنا!” تفاخر فيليون وهو يحيي باهيل عندما عاد مع الحصان. ” واو، هذا مثير للإعجاب، أيها السيد الشاب. ” “بالمناسبة، لقد روّضت ذلك الحصان الجامح بسهولة، فلا ينبغي أن تواجه مشكلة في العيش حتى لو لم تصبح ملكًا. على الأقل لن تموت جوعًا! ” تبادل المرتزقة أطراف الحديث أثناء توزيع أموال الرهان. ” يا يوريتش، ماذا تفعل؟ تعالَ وخض نقودك! “. دفع باتشمان العملات الذهبية أمام يوريتش وهو ينقر على كتفه، لكن يوريتش لم يسمع كلمة مما قالها باتشمان له. “لم أكن أعلم أبدًا أن ركوب الخيل يمكن أن يكون رائعًا!” نظر يوريتش إلى باهيل بنظرة فارغة. شعر وكأن شيئًا ما ينفجر من صدره. مع باهيل، لم يكن الحصان مجرد وسيلة نقل. لقد شهد يوريتش رجلاً وحصانًا يكوّنان رابطة ليصبحا واحدًا. ” باهيل، ” يوريتش وقف أمام باهيل. ” ماذا تريد؟ لن تقتل حصاني مرة أخرى، أليس كذلك؟ ” أصبح باهيل خائفًا. الحادثة السابقة مع يوريتش لا تزال في ذاكرته كصدمة عميقة. “أوه نعم، أعتذر عن ذلك. لديّ معروف أريد أن أطلبه منك . ” ” معروف؟ ” “علمني ركوب الخيل. لا أحد أفضل منك في ذلك . ” لم يدر باهيل ماذا يفعل بنفسه أمام إطراء يوريتش الصريح والصادق. نظر إلى يوريتش في ذهول. “هذه فرصتي لأُظهر لهذا البربري اللعين من أنا! أي نوع من الأشخاص أنا!” ضاقت عينا باهيل ببطء وهو يغطي فمه ويضحك. “بالتأكيد ، سأعلمك. لكنني أحذرك، تعليمي صارم للغاية. من الأفضل أن تجهز نفسك . ” * * * ” لماذا أنت بطيء هكذا؟ وتسمي نفسك محاربًا؟ هاه؟ ” وبخ باهيل يوريتش. خصص بعض الوقت قبل العشاء لتعليمه ركوب الخيل. ” هذا الحصان يستمر في دفعي بعيدًا ” يوريتش ، الذي بدا على الأرض بعد السقوط، حدق في الحصان. ” ، هذا الحصان له اسم. كايليوس. لديه آذان مثلنا تمامًا، أتعلم؟ ” عقد باهيل ذراعيه واستمر في توبيخ يوريتش. لم تفارق ابتسامته وجهه. “لا يمكن لشخص مثلك أن يتعلم ركوب الخيل بهذه السرعة أبدًا.” اعتقد باهيل أن الأمر سيستغرق من يوريتش وقتًا طويلاً حتى يتعلم كيفية ركوب الخيل بشكل صحيح. “إنه شرس وعدواني للغاية.” بدا يوريتش رجلاً يُرهب الآخرين بحضوره وحده. الهالة الحادة والشرسة التي تنبعث من جسده استثنائية. “قد يساعده ذلك في المعارك، لكنه لن يفيده بأي شكل من الأشكال عندما يحاول ركوب الخيل.” الخيول حيوانات حساسة، ذكية أيضًا. “ما لم يجد طريقةً لتهدئة هالته، فلن يتمكن أبدًا من ركوب كايليوس. ربما حصانٌ مُروَّضٌ منذ زمنٍ بعيد.” هدأ باهيل كايليوس ونظر إلى يوريتش. ” عليك الاستسلام. أنت بطيء جدًا لركوب الخيل. ” ” أنت تمزح، صحيح؟ أنا بطيء؟ ” . ضحك يوريتش في عدم تصديق. حدق في كايليوس مرة أخرى. “هذا الحيوان اللعين. سمحتَ لهذا النبيل أن يركب على ظهرك ولم تسمح لي؟” أصيب كبرياؤه بالجرح، وبدأ جانبه التنافسي يظهر. ” حسنًا، انظر إليّ. امتطيه هكذا، والمسه برفق. من هذا الحصان الرائع؟ أحسنت يا كايليوس. ” امتطى باهيل الحصان برشاقة. لامس شعر كايليوس الأسود، وأفاض عليه حبه وعاطفته.
---
ترجمة موقع ملوك الروايات. لا تُلهِكُم القراءة عن اداء الصلوات فى أوقاتها و لا تنسوا نصيبكم من القرآن
أشترك الان من هنا. ولامزيد من الاعلانات