You dont have javascript enabled! Please enable it!
]
Switch Mode
نظرًا لتوقف عرض الإعلانات على الموقع بسبب حظره من شركات الإعلانات ، فإننا نعتمد الآن بشكل كامل على دعم قرائنا الكرام لتغطية تكاليف تشغيل الموقع وتوجيه الفائض نحو دعم المترجمين. للمساهمة ودعم الموقع عن طريق الباي بال , يمكنك النقر على الرابط التالي
paypal.me/IbrahimShazly
هذا المحتوى ترفيهي فقط ولايمت لديننا بأي صلة. لا تجعلوا القراءة تلهيكم عن صلواتكم و واجباتكم.

سعي بربري 43

الفصل 43
▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬
اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أُشْرِكَ بِكَ وَأَنَا أَعْلَمُ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا لاَ أَعْلَمُ
ترجمة: ســاد
▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬

“لقد كان هو ” قال مارغريف أوركويل وهو ينظر إلى جثث قطاع الطرق.
“أعناق مكسورة بشكل نظيف، وظهور ممزقة بعمق كما لو كانت قد تعرضت لمخالب وحش، أستطيع أن أرى الطريقة التي كانوا يفرون بها من القوة الساحقة.”
تخيل أوركويل السيناريو في ذهنه وهو مغمض العينين. كان واضحًا تمامًا كيف سحق البربري أعداءه.
‘أحسنت أيها البربري.’
كان الفرسان يُعاملون كبذورٍ صغيرةٍ تدرّبوا على المبارزة طوال حياتهم. كانوا أشبه بآلات حرب.
“حتى هؤلاء الفرسان سقطوا أمام هجمات البرابرة القاسية.”
كان الفرسان مجهزين بأسلحة أفضل من تلك التي يمتلكها البرابرة و لديهم تكتيكات المعركة التي تم صقلها على مدى عدة أجيال.
“إذا كنت قويًا حقًا، فلا داعي للاعتماد على الحيل.”
مارغريف أوركويل على دراية تامة بالبرابرة. كانوا مخلوقاتٍ تقع بين الوحش والإنسان.
“عندما تتمكن من التغلب على عدوك بقوتك وحدها، حتى الضربة البسيطة يمكن أن تصبح ضربة قاتلة.”
لقد أمضى المارغريف حياته كلها في محاربة هؤلاء البرابرة، أولئك الذين ذبحوا الفرسان بأسلحة بدائية.
لكي نهزمهم، لا داعي لمحاربتهم رجلاً لرجل. إنهم حيوانات، حيوانات ترتدي قناع إنسان.
أشار المارغريف لجنوده. غرس يده في بطن الجثة ليتحقق من لزوجة الدم وحرارته. كان هناك دفء خفيف متبقٍّ، بالإضافة إلى قطرة دم صافية لا تزال تتدفق قرب القلب.
“أطلقوا الكلاب. لم يكن بإمكانه الذهاب بعيدًا.”
أطلق الجنود المقود عن الكلاب، واندفعت الكلاب العسكرية الثلاثة إلى عمق الغابة.
“إذا رأيتموه، فلا تستفزوه. إنه ليس شخصًا تستطيعون التعامل معه بمفردكم ” حذّر مارغريف أوركويل رجاله. لم يحضر معه سوى عشرة جنود، لأن جلب جيش إلى مملكة أخرى كان من شأنه أن يُسبب خلافًا دبلوماسيًا.
“قتل ذلك البربري أمرٌ مهم، لكن أولويتنا هي القبض على الأمير. سينتهي أمرنا إذا وصل الأمير إلى العاصمة وأبلغ الإمبراطور بما فعلناه. سنُتهم جميعًا بالخيانة ” عبّر المساعد ببطء عن استيائه.
“هل تعتقد أنني انغمست في الصيد لدرجة أنني نسيت هدفنا؟”
“أردت فقط أن أذكرك ” قام المساعد بسرعة بتعديل نبرته ليصبح أكثر تهذيبًا.
“الأمير فاركا لا يستطيع فعل أي شيء بمفرده. ما دمنا نقتل البربري، فإن أسره أشبه بأخذ الحلوى من طفل. هه، كان من الأفضل لو وُلدت الأميرة داميا صبيًا. كنت متأكدًا من أن مصيرهما سيتغير منذ أن التقيت بالإخوة قبل ثلاث سنوات ” تمتم المارغريف.
“إذا لم يتم قطع السلالة الملكية بأكملها، فلن تصبح المرأة ملكًا أبدًا.”
” ما أقوله هو أنه بغض النظر عن مدى استحقاق المرأة لمنصب الملك، إلا أنها في نهاية المطاف ليست سوى امرأة هدفها قبول بذرة مناسبة لإنجاب الأطفال… يا للهول.”
فجأة شعر مارغريف أوركويل بموجة من الغضب عندما ذكر نفسه بزوجته وابنه.
” اخترتُ المرأة الخطأ لأزرع بذوري. لا أصدق أنني تزوجتُ امرأةً حمقاءً تُربي ابني كعاهرة. عليّ أن أُلقّنهم درسًا أو درسين عند عودتي.”
و ظل المساعد صامتًا ولم ينظر إلا إلى المارغريف.
كان السيد الذي عرفته منذ صغري محاربًا شجاعًا، لكنه لم يكن عنيفًا إلى هذا الحد. لقد أحب زوجته بصدق. لقد تغير منذ عودته من مهمة إخضاع البرابرة.
أصبحت هواية مارغريف أوركويل الغامضة معروفة لدى جميع حاشيته تقريبًا. في الليل، كان يشتاق إلى جماجم البرابرة ويتوق إليها. أحيانًا، كان يستيقظ في منتصف الليل ليذهب إلى الثكنات متظاهرًا بأنه عاد إلى ساحة المعركة ضد البرابرة.
هل جعلته الحرب مجنونا؟
كانت الحروب التي خاضها المارغريف تفوق طاقة أي شخص عاقل. وبصفته فارسًا من مملكة أصغر، كان من المرجح أن يُدفع دائمًا إلى صدارة الصفوف. وعلى مدار سنوات القتال، فقد في الحرب معظم أصدقائه وأتباعه الذين تدرب معهم منذ صغره. وكان هذا أيضًا سببًا في أن جميع مساعديه كانوا أصغر منه سنًا بكثير.
“من الأفضل أن أنجب ابنًا آخر قبل أن أصبح كبيرًا في السن. ربما عليّ أن أجعل جارية بربرية حاملًا… إنها ليست فكرة سيئة، وريثٌ بدم بربري ” تمتم المارغريف في نفسه، وانتظر مساعده بصبر حتى ينتهي.
كان إخضاع البرابرة أمرًا لا مفر منه، و يتطلب قوى بشرية. طلبت الإمبراطورية القوة العسكرية من الممالك التابعة لها، دافعةً جميع الفرسان إلى ساحات القتال.
“سموها استعبادًا، لكنها كانت في الواقع حربًا – تُشبه تلك التي شهدناها أثناء الغزو. كان البرابرة المتبقون يختبئون في أراضٍ لم يتوقعوا قدومنا إليها. كانت الأرض الشمالية أرضًا متجمدة، باردة لدرجة أنها تُجمّد أصابع أيدينا وأقدامنا، وكانت الأرض الجنوبية أرضًا شديدة الحرارة لدرجة أنها تُحرق جلودنا. لم يكن أيٌّ منهما مكانًا للإنسان؛ بل كان للبرابرة، للوحوش.”
سمع المساعد هذه القصة عدة مرات، لذلك أومأ برأسه فقط.
“هذا صحيح يا سيدي. لقد كانت حربًا تضحيات عظيمة.”
” والآن يتحدثون عن “سياسة إندماج البرابرة”؟ يزعم من يسمون أنفسهم علماء أن البرابرة بشر مثلنا تمامًا. يتهموننا ويعيبون علينا كما لو كنا خطاة لقتلنا هؤلاء البرابرة. لا أستطيع حتى استخدام لقبي “صياد البرابرة”. إنه ليس عارًا، بل لقبٌ أفتخر به.”
أشرقت عيون مارغريف أوركويل بشراسة.
“معك حق يا سيدي. أنت، يا مارغريف أوركويل، أعظم فارس على الإطلاق.”
“قتلتُ هؤلاء البرابرة من أجل مملكتنا، من أجل حضارتنا! قبل أن يبدأ ذلك الإمبراطور اللعين بالثرثرة عن كونهم بشرًا مثلنا. لا يعرف الناس شيئًا عن حقيقة البرابرة، وهذا يشملك أنت أيضًا! إنهم لا يرون إلا المهزومين الذين يُجرّون كالكلاب في العبودية، ويعتقدون أن جميع البرابرة قذرون ودنيءون مثلهم. هذا ليس حقيقتهم.”
تنهد المساعد بعمق.
“لقد نسينا جميعًا الوجه الحقيقي للبرابرة. يومًا ما، سيعودون إلينا، وعندها فقط سنندم على ما فعلوه ” قال المارغريف وهو يضحك وكتفاه منخفضتان. بعد لحظة، رفع رأسه.
“هيا بنا. حان الوقت لملاحقتهم.”
استعاد المارغريف رباطة جأشه. وبعد أن عبّر عن مشاعره بصوت عالٍ، كان المارغريف أوركويل يعود دائمًا إلى حالته كالمحارب الماهر. أومأ مساعده برأسه كما لو كان ينتظر هذا التحول.
“نعم سيدي.”
“سأكون الشخص الذي سيذهب إلى رأسه.”
وتبع المارغريف خطى الجنود الذين غادروا قبله.
“لقد تأخر الوقت.”
لقد ثبت أن المطاردة كانت أطول مما كان يتوقع.
“هممم.”
أغمض أوركويل عينيه وفتحها مرارًا وتكرارًا أثناء قيادته لحصانه.
“سيدي؟”
“لا، أنا بخير. تفضل، سأكون خلفك مباشرةً ” قال المارغريف وهو يهز رأسه.
“لا أستطيع أن أصدق أنني أشعر بالدوار فقط بسبب ليلة واحدة بلا نوم.”
ضاق بصره وشعر بثقل في رأسه. كان ذلك بسبب إرهاقه في التتبع، وقلة نومه.
“الشيخوخة شيء مخيف.”
في شبابه، لم يكن أوركويل يمانع القتال لأيام متواصلة دون نوم. حارب البرابرة في أرضٍ غريبة، دون أن يدري متى سيهاجمونه.
“أوه ” نظر المارغريف إلى السماء الليلية وأخذ نفسًا عميقًا.
“آ …””
سُمعت صرخة. أوقف مارغريف نظره إلى السماء وهزّ حصانه.
“لقد أخبرتك أن تتجنب القتال عن قرب!” صرخ المارغريف بمجرد وصوله إلى مكان الحادث.
” لم نكن نحن من بدأ الهجوم، بل هو من نصب لنا كمينًا! ” صرخ الجندي كما لو أنه مُتهم ظلمًا.
“أين الكلاب؟”
“لقد ماتوا جميعًا عندما وصلنا إلى مكان الحادث.”
بعد التأكد من موت الكلاب، ابتسم المارغريف.
” لذا، بدلًا من الهرب، قرر أن يضربنا أولًا. لا بد أنه واثقٌ جدًا من قوته. أعني، لو كنتُ أملك قوتهم الخارقة، لكنتُ كذلك.”
بدا يوريتش قد قتل جنديين وثلاثة من كلابهم. بعد قتل الكلاب، اختبأ يوريتش في الظلام مجددًا.
” كن حذرًا من محيطك، سوف يأتي مرة أخرى ” قال مارغريف أوركويل وهو يسحب سيفه.
“لقد انتقلنا من الصياد إلى الفريسة، هذا مثير للإعجاب، أيها البربري.”
قام الجنود بفحص محيطهم بحذر وتقدموا إلى عمق الغابة.
* * *
صعد يوريتش إلى الشجرة.
“اللعنة، هذا الكلب الغبي ” قال ذلك وهو ينزع أسنان الكلب المدفونة في فخذه.
كان هناك ثلاثة كلاب تنقض عليه، ولم يكن لديه سوى ذراعين. سحق رأسي اثنين منهم، لكن الثالث تمكن من عضّ يوريتش في فخذه.
“هوب!”
أوقف يوريتش النزيف عن طريق تقلص عضلات فخذه.
“أتساءل كيف سيأتون إلي ” قال لنفسه بينما ينتبه إلى الأصوات من حوله.
“إنهم لا يتفرقون بحثًا عني، بل يلتصقون ببعضهم البعض، يا للعجب.”
بدا يوريتش واثقًا من قدرته على القضاء على الجنود واحدًا تلو الآخر قبل أن تتاح لهم فرصة الصراخ. وبالطبع، لم يكن ذلك ممكنًا إلا إذا انفصلوا. بقي الجنود في مجموعة كما لو كانوا يعرفون ما يريده يوريتش منهم.
“سوف يصطدمون بباهيل إذا استمروا في النزول بهذه الطريقة.”
إذا هرب يوريتش وباهل على حصانهما، فسيتم القبض عليهما، حيث كان لدى الأعداء حصان لكل رجل من رجالهم.
“يجب أن أعتني بهم هنا، بغض النظر عن مدى صعوبة الأمر.”
اتخذ يوريتش قرارًا. شعر بطاقة تتدفق في جسده بمجرد أن بدأ يفكر في المعركة الوشيكة، واختفى الألم الذي كان يطعنه في جسده. استعاد عقله صفاءه كما لو كان قد غُسل تحت ماء بارد جارٍ.
زوو!
ارتفعت الأوردة على طول ذراعيه عندما قبض بقوة على فأسه وسيفه.
“إذا قفزت مباشرة إلى وسطهم، كم عدد الأشخاص الذين أستطيع قتلهم؟”
أغمض يوريتش عينيه ورسم صورة في ذهنه. استطاع أن يرى حركته وسط مجموعة الجنود. لو كانوا أبعد قليلاً عن بعضهم البعض، لكان لديه الوقت الكافي للقضاء عليهم واحدًا تلو الآخر، كما فعل مع الفرسان السبعة. كانت تلك المعركة بمثابة سلسلة من سبع معارك فردية.
إنهم متماسكون. سأتعرض للطعن بعد القضاء على أربعة أو خمسة منهم.
حتى لو خرج فائزًا، فلا قيمة لطعنةٍ تُصيبه في المعركة. جرحٌ غائرٌ سيقتله بعد الفوز.
“المحارب الذي يقفز وهو يعلم أن الموت ينتظره.”
استخدم المحارب الشمالي حياته كأداة، مما ترك انطباعًا قويًا على يوريتش.
“هذا لأن الشماليين لديهم مكان راحة يسمى “حقل السيوف”.
كانت أفكار كثيرة تدور في رأسه، لكن الجنود كانوا يتقدمون بحذر بينما كان هو متردداً.
“لابد أن أقرر الآن.”
ابتسم يوريتش وهو يستنشق هواء الليل المنعش. لم يكن هناك سبيل آخر. الطريقة الوحيدة لإنقاذ حياته هي التخلي عن كل أمانته وقسمه للحاكم والهرب.
“إذا أربعة أو خمسة رجال هو الحد الأقصى لي حتى الآن…”
نزل من الشجرة بصمت وتبع الجنود.
“دعونا نتجاوز حدودي هنا والآن.”
تقدّم يوريتش خلف أحد الجنود مباشرةً، وجرّه إلى أسفل، وذبحه. ابتسم وسط الدماء المتدفقة.
“هـ-إنه هنا! اقتلوه! آه!”
أطلق يوريتش فأسه على الجندي الصارخ فأرداه قتيلاً في الحال. كان قد قضى على اثنين من رجال أوركويل في لمح البصر. اندفع الجنود المتبقون نحو يوريتش وهم يسحبون سيوفهم.
حركتهم ممتازة. انسَ خمسة، فقد يكون من الصعب قتل واحد آخر منهم.
بإمكانه أن يدرك مستوى الجنود الذين واجههم بمجرد النظر إلى طريقة استجابتهم له. كانوا النخبة الذين اختيروا من بين أكثر من مئتي رجل.
“غاااااااه!”
أطلق يوريتش صراخا منخفضًا ووحشيًا.
ناااااه!
حتى الخيول المدربة فزعت من صراخه ورفعت حوافرها الأمامية في حالة من الذعر.
“قال باهيل أن الخيول تكرهني بسبب هالتي الوحشية والشرسة.”
كانت الخيول حيوانات حساسة. لم تكن تطيع أوامر راكبيها عندما كانت ترتعش عند سماع زئير يوريتش.
“ماذا يحدث؟ انزلوا عن خيولكم!”
اندفع الجنود نحو الأرض. انتهز يوريتش الفرصة وقتل آخر.
” هاف، هاف.”
بدا يوريتش ملطخًا بالدماء، يحدق في عينيه.
“هذا هو، هذا بربري حقيقي! انظر إلى قوة الحياة المتدفقة في هذا الوحش!”
أصبح مارغريف أوركويل في غاية النشوة. ارتعشت زوايا فمه، وشعر وكأن جذور شعره البيضاء تعود إلى أيام شبابه.

 

 

الفصل 43 ▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أُشْرِكَ بِكَ وَأَنَا أَعْلَمُ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا لاَ أَعْلَمُ ترجمة: ســاد ▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬

 

“لقد كان هو ” قال مارغريف أوركويل وهو ينظر إلى جثث قطاع الطرق. “أعناق مكسورة بشكل نظيف، وظهور ممزقة بعمق كما لو كانت قد تعرضت لمخالب وحش، أستطيع أن أرى الطريقة التي كانوا يفرون بها من القوة الساحقة.” تخيل أوركويل السيناريو في ذهنه وهو مغمض العينين. كان واضحًا تمامًا كيف سحق البربري أعداءه. ‘أحسنت أيها البربري.’ كان الفرسان يُعاملون كبذورٍ صغيرةٍ تدرّبوا على المبارزة طوال حياتهم. كانوا أشبه بآلات حرب. “حتى هؤلاء الفرسان سقطوا أمام هجمات البرابرة القاسية.” كان الفرسان مجهزين بأسلحة أفضل من تلك التي يمتلكها البرابرة و لديهم تكتيكات المعركة التي تم صقلها على مدى عدة أجيال. “إذا كنت قويًا حقًا، فلا داعي للاعتماد على الحيل.” مارغريف أوركويل على دراية تامة بالبرابرة. كانوا مخلوقاتٍ تقع بين الوحش والإنسان. “عندما تتمكن من التغلب على عدوك بقوتك وحدها، حتى الضربة البسيطة يمكن أن تصبح ضربة قاتلة.” لقد أمضى المارغريف حياته كلها في محاربة هؤلاء البرابرة، أولئك الذين ذبحوا الفرسان بأسلحة بدائية. لكي نهزمهم، لا داعي لمحاربتهم رجلاً لرجل. إنهم حيوانات، حيوانات ترتدي قناع إنسان. أشار المارغريف لجنوده. غرس يده في بطن الجثة ليتحقق من لزوجة الدم وحرارته. كان هناك دفء خفيف متبقٍّ، بالإضافة إلى قطرة دم صافية لا تزال تتدفق قرب القلب. “أطلقوا الكلاب. لم يكن بإمكانه الذهاب بعيدًا.” أطلق الجنود المقود عن الكلاب، واندفعت الكلاب العسكرية الثلاثة إلى عمق الغابة. “إذا رأيتموه، فلا تستفزوه. إنه ليس شخصًا تستطيعون التعامل معه بمفردكم ” حذّر مارغريف أوركويل رجاله. لم يحضر معه سوى عشرة جنود، لأن جلب جيش إلى مملكة أخرى كان من شأنه أن يُسبب خلافًا دبلوماسيًا. “قتل ذلك البربري أمرٌ مهم، لكن أولويتنا هي القبض على الأمير. سينتهي أمرنا إذا وصل الأمير إلى العاصمة وأبلغ الإمبراطور بما فعلناه. سنُتهم جميعًا بالخيانة ” عبّر المساعد ببطء عن استيائه. “هل تعتقد أنني انغمست في الصيد لدرجة أنني نسيت هدفنا؟” “أردت فقط أن أذكرك ” قام المساعد بسرعة بتعديل نبرته ليصبح أكثر تهذيبًا. “الأمير فاركا لا يستطيع فعل أي شيء بمفرده. ما دمنا نقتل البربري، فإن أسره أشبه بأخذ الحلوى من طفل. هه، كان من الأفضل لو وُلدت الأميرة داميا صبيًا. كنت متأكدًا من أن مصيرهما سيتغير منذ أن التقيت بالإخوة قبل ثلاث سنوات ” تمتم المارغريف. “إذا لم يتم قطع السلالة الملكية بأكملها، فلن تصبح المرأة ملكًا أبدًا.” ” ما أقوله هو أنه بغض النظر عن مدى استحقاق المرأة لمنصب الملك، إلا أنها في نهاية المطاف ليست سوى امرأة هدفها قبول بذرة مناسبة لإنجاب الأطفال… يا للهول.” فجأة شعر مارغريف أوركويل بموجة من الغضب عندما ذكر نفسه بزوجته وابنه. ” اخترتُ المرأة الخطأ لأزرع بذوري. لا أصدق أنني تزوجتُ امرأةً حمقاءً تُربي ابني كعاهرة. عليّ أن أُلقّنهم درسًا أو درسين عند عودتي.” و ظل المساعد صامتًا ولم ينظر إلا إلى المارغريف. كان السيد الذي عرفته منذ صغري محاربًا شجاعًا، لكنه لم يكن عنيفًا إلى هذا الحد. لقد أحب زوجته بصدق. لقد تغير منذ عودته من مهمة إخضاع البرابرة. أصبحت هواية مارغريف أوركويل الغامضة معروفة لدى جميع حاشيته تقريبًا. في الليل، كان يشتاق إلى جماجم البرابرة ويتوق إليها. أحيانًا، كان يستيقظ في منتصف الليل ليذهب إلى الثكنات متظاهرًا بأنه عاد إلى ساحة المعركة ضد البرابرة. هل جعلته الحرب مجنونا؟ كانت الحروب التي خاضها المارغريف تفوق طاقة أي شخص عاقل. وبصفته فارسًا من مملكة أصغر، كان من المرجح أن يُدفع دائمًا إلى صدارة الصفوف. وعلى مدار سنوات القتال، فقد في الحرب معظم أصدقائه وأتباعه الذين تدرب معهم منذ صغره. وكان هذا أيضًا سببًا في أن جميع مساعديه كانوا أصغر منه سنًا بكثير. “من الأفضل أن أنجب ابنًا آخر قبل أن أصبح كبيرًا في السن. ربما عليّ أن أجعل جارية بربرية حاملًا… إنها ليست فكرة سيئة، وريثٌ بدم بربري ” تمتم المارغريف في نفسه، وانتظر مساعده بصبر حتى ينتهي. كان إخضاع البرابرة أمرًا لا مفر منه، و يتطلب قوى بشرية. طلبت الإمبراطورية القوة العسكرية من الممالك التابعة لها، دافعةً جميع الفرسان إلى ساحات القتال. “سموها استعبادًا، لكنها كانت في الواقع حربًا – تُشبه تلك التي شهدناها أثناء الغزو. كان البرابرة المتبقون يختبئون في أراضٍ لم يتوقعوا قدومنا إليها. كانت الأرض الشمالية أرضًا متجمدة، باردة لدرجة أنها تُجمّد أصابع أيدينا وأقدامنا، وكانت الأرض الجنوبية أرضًا شديدة الحرارة لدرجة أنها تُحرق جلودنا. لم يكن أيٌّ منهما مكانًا للإنسان؛ بل كان للبرابرة، للوحوش.” سمع المساعد هذه القصة عدة مرات، لذلك أومأ برأسه فقط. “هذا صحيح يا سيدي. لقد كانت حربًا تضحيات عظيمة.” ” والآن يتحدثون عن “سياسة إندماج البرابرة”؟ يزعم من يسمون أنفسهم علماء أن البرابرة بشر مثلنا تمامًا. يتهموننا ويعيبون علينا كما لو كنا خطاة لقتلنا هؤلاء البرابرة. لا أستطيع حتى استخدام لقبي “صياد البرابرة”. إنه ليس عارًا، بل لقبٌ أفتخر به.” أشرقت عيون مارغريف أوركويل بشراسة. “معك حق يا سيدي. أنت، يا مارغريف أوركويل، أعظم فارس على الإطلاق.” “قتلتُ هؤلاء البرابرة من أجل مملكتنا، من أجل حضارتنا! قبل أن يبدأ ذلك الإمبراطور اللعين بالثرثرة عن كونهم بشرًا مثلنا. لا يعرف الناس شيئًا عن حقيقة البرابرة، وهذا يشملك أنت أيضًا! إنهم لا يرون إلا المهزومين الذين يُجرّون كالكلاب في العبودية، ويعتقدون أن جميع البرابرة قذرون ودنيءون مثلهم. هذا ليس حقيقتهم.” تنهد المساعد بعمق. “لقد نسينا جميعًا الوجه الحقيقي للبرابرة. يومًا ما، سيعودون إلينا، وعندها فقط سنندم على ما فعلوه ” قال المارغريف وهو يضحك وكتفاه منخفضتان. بعد لحظة، رفع رأسه. “هيا بنا. حان الوقت لملاحقتهم.” استعاد المارغريف رباطة جأشه. وبعد أن عبّر عن مشاعره بصوت عالٍ، كان المارغريف أوركويل يعود دائمًا إلى حالته كالمحارب الماهر. أومأ مساعده برأسه كما لو كان ينتظر هذا التحول. “نعم سيدي.” “سأكون الشخص الذي سيذهب إلى رأسه.” وتبع المارغريف خطى الجنود الذين غادروا قبله. “لقد تأخر الوقت.” لقد ثبت أن المطاردة كانت أطول مما كان يتوقع. “هممم.” أغمض أوركويل عينيه وفتحها مرارًا وتكرارًا أثناء قيادته لحصانه. “سيدي؟” “لا، أنا بخير. تفضل، سأكون خلفك مباشرةً ” قال المارغريف وهو يهز رأسه. “لا أستطيع أن أصدق أنني أشعر بالدوار فقط بسبب ليلة واحدة بلا نوم.” ضاق بصره وشعر بثقل في رأسه. كان ذلك بسبب إرهاقه في التتبع، وقلة نومه. “الشيخوخة شيء مخيف.” في شبابه، لم يكن أوركويل يمانع القتال لأيام متواصلة دون نوم. حارب البرابرة في أرضٍ غريبة، دون أن يدري متى سيهاجمونه. “أوه ” نظر المارغريف إلى السماء الليلية وأخذ نفسًا عميقًا. “آ …”” سُمعت صرخة. أوقف مارغريف نظره إلى السماء وهزّ حصانه. “لقد أخبرتك أن تتجنب القتال عن قرب!” صرخ المارغريف بمجرد وصوله إلى مكان الحادث. ” لم نكن نحن من بدأ الهجوم، بل هو من نصب لنا كمينًا! ” صرخ الجندي كما لو أنه مُتهم ظلمًا. “أين الكلاب؟” “لقد ماتوا جميعًا عندما وصلنا إلى مكان الحادث.” بعد التأكد من موت الكلاب، ابتسم المارغريف. ” لذا، بدلًا من الهرب، قرر أن يضربنا أولًا. لا بد أنه واثقٌ جدًا من قوته. أعني، لو كنتُ أملك قوتهم الخارقة، لكنتُ كذلك.” بدا يوريتش قد قتل جنديين وثلاثة من كلابهم. بعد قتل الكلاب، اختبأ يوريتش في الظلام مجددًا. ” كن حذرًا من محيطك، سوف يأتي مرة أخرى ” قال مارغريف أوركويل وهو يسحب سيفه. “لقد انتقلنا من الصياد إلى الفريسة، هذا مثير للإعجاب، أيها البربري.” قام الجنود بفحص محيطهم بحذر وتقدموا إلى عمق الغابة. * * * صعد يوريتش إلى الشجرة. “اللعنة، هذا الكلب الغبي ” قال ذلك وهو ينزع أسنان الكلب المدفونة في فخذه. كان هناك ثلاثة كلاب تنقض عليه، ولم يكن لديه سوى ذراعين. سحق رأسي اثنين منهم، لكن الثالث تمكن من عضّ يوريتش في فخذه. “هوب!” أوقف يوريتش النزيف عن طريق تقلص عضلات فخذه. “أتساءل كيف سيأتون إلي ” قال لنفسه بينما ينتبه إلى الأصوات من حوله. “إنهم لا يتفرقون بحثًا عني، بل يلتصقون ببعضهم البعض، يا للعجب.” بدا يوريتش واثقًا من قدرته على القضاء على الجنود واحدًا تلو الآخر قبل أن تتاح لهم فرصة الصراخ. وبالطبع، لم يكن ذلك ممكنًا إلا إذا انفصلوا. بقي الجنود في مجموعة كما لو كانوا يعرفون ما يريده يوريتش منهم. “سوف يصطدمون بباهيل إذا استمروا في النزول بهذه الطريقة.” إذا هرب يوريتش وباهل على حصانهما، فسيتم القبض عليهما، حيث كان لدى الأعداء حصان لكل رجل من رجالهم. “يجب أن أعتني بهم هنا، بغض النظر عن مدى صعوبة الأمر.” اتخذ يوريتش قرارًا. شعر بطاقة تتدفق في جسده بمجرد أن بدأ يفكر في المعركة الوشيكة، واختفى الألم الذي كان يطعنه في جسده. استعاد عقله صفاءه كما لو كان قد غُسل تحت ماء بارد جارٍ. زوو! ارتفعت الأوردة على طول ذراعيه عندما قبض بقوة على فأسه وسيفه. “إذا قفزت مباشرة إلى وسطهم، كم عدد الأشخاص الذين أستطيع قتلهم؟” أغمض يوريتش عينيه ورسم صورة في ذهنه. استطاع أن يرى حركته وسط مجموعة الجنود. لو كانوا أبعد قليلاً عن بعضهم البعض، لكان لديه الوقت الكافي للقضاء عليهم واحدًا تلو الآخر، كما فعل مع الفرسان السبعة. كانت تلك المعركة بمثابة سلسلة من سبع معارك فردية. إنهم متماسكون. سأتعرض للطعن بعد القضاء على أربعة أو خمسة منهم. حتى لو خرج فائزًا، فلا قيمة لطعنةٍ تُصيبه في المعركة. جرحٌ غائرٌ سيقتله بعد الفوز. “المحارب الذي يقفز وهو يعلم أن الموت ينتظره.” استخدم المحارب الشمالي حياته كأداة، مما ترك انطباعًا قويًا على يوريتش. “هذا لأن الشماليين لديهم مكان راحة يسمى “حقل السيوف”. كانت أفكار كثيرة تدور في رأسه، لكن الجنود كانوا يتقدمون بحذر بينما كان هو متردداً. “لابد أن أقرر الآن.” ابتسم يوريتش وهو يستنشق هواء الليل المنعش. لم يكن هناك سبيل آخر. الطريقة الوحيدة لإنقاذ حياته هي التخلي عن كل أمانته وقسمه للحاكم والهرب. “إذا أربعة أو خمسة رجال هو الحد الأقصى لي حتى الآن…” نزل من الشجرة بصمت وتبع الجنود. “دعونا نتجاوز حدودي هنا والآن.” تقدّم يوريتش خلف أحد الجنود مباشرةً، وجرّه إلى أسفل، وذبحه. ابتسم وسط الدماء المتدفقة. “هـ-إنه هنا! اقتلوه! آه!” أطلق يوريتش فأسه على الجندي الصارخ فأرداه قتيلاً في الحال. كان قد قضى على اثنين من رجال أوركويل في لمح البصر. اندفع الجنود المتبقون نحو يوريتش وهم يسحبون سيوفهم. حركتهم ممتازة. انسَ خمسة، فقد يكون من الصعب قتل واحد آخر منهم. بإمكانه أن يدرك مستوى الجنود الذين واجههم بمجرد النظر إلى طريقة استجابتهم له. كانوا النخبة الذين اختيروا من بين أكثر من مئتي رجل. “غاااااااه!” أطلق يوريتش صراخا منخفضًا ووحشيًا. ناااااه! حتى الخيول المدربة فزعت من صراخه ورفعت حوافرها الأمامية في حالة من الذعر. “قال باهيل أن الخيول تكرهني بسبب هالتي الوحشية والشرسة.” كانت الخيول حيوانات حساسة. لم تكن تطيع أوامر راكبيها عندما كانت ترتعش عند سماع زئير يوريتش. “ماذا يحدث؟ انزلوا عن خيولكم!” اندفع الجنود نحو الأرض. انتهز يوريتش الفرصة وقتل آخر. ” هاف، هاف.” بدا يوريتش ملطخًا بالدماء، يحدق في عينيه. “هذا هو، هذا بربري حقيقي! انظر إلى قوة الحياة المتدفقة في هذا الوحش!” أصبح مارغريف أوركويل في غاية النشوة. ارتعشت زوايا فمه، وشعر وكأن جذور شعره البيضاء تعود إلى أيام شبابه.

---

ترجمة موقع ملوك الروايات. لا تُلهِكُم القراءة عن اداء الصلوات فى أوقاتها و لا تنسوا نصيبكم من القرآن

أشترك الان من هنا. ولامزيد من الاعلانات
لا تنسى وضع تعليق للمترجم فهذا يساعده على الاستمرار ومواصلة العمل عندما يرى تشجيعًا.

Comment

Ads Blocker Image Powered by Code Help Pro

Ads Blocker Detected!!!

We have detected that you are using extensions to block ads. Please support us by disabling these ads blocker.

اعدادات القارئ

لايعمل مع الوضع اليلي
لتغير كلمة إله الى شيء أخر
إعادة ضبط