الفصل 46
▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬
اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أُشْرِكَ بِكَ وَأَنَا أَعْلَمُ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا لاَ أَعْلَمُ
ترجمة: ســاد
▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬
الجنوبيون أول البرابرة الذين اندمجوا في الإمبراطورية. الإمبراطورية أقامت بالفعل علاقات تجارية مع الممالك الجنوبية، وجعلتهم معتقداتهم في عبادة الشمس أكثر تقبلاً للشمسية. في النهاية، استسلم معظم البرابرة الجنوبيين في غضون عام من اندلاع الحرب.
“يبدو أن السيد الشاب يعرف كيف يشتري العاهرات أيضًا!” قال المرتزقة وهم يشاهدون باهيل وهو يحضر زونيبا إلى النزل.
“لم أحضرها كعاهرة؛ إنها هنا لعلاج يوريتش ” رد باهيل بوجه عبوس.
“حسنًا، لا شيء مستحيل طالما أنك تدفع لي أجرًا مناسبًا ” قالت زونيبا خلفه. صفّر المرتزقة وهمسوا بألفاظ سيئة.
“كفى! لقد أحضرتك إلى هنا لأسباب طبية فقط، وتلك الأسباب فقط. انسَي أي شيء آخر ” صرخ باهيل.
زوو!
دخل باهيل وزونيبا الغرفة التي يورتش يرقد فيها.
“هل هو شمالي؟”
“لست متأكدًا. سواءً كان شماليًا أم جنوبيًا، فهو بربري بلا شك.”
جلس باهيل خلف يوريتش مع جراب أمواله الذي يصدر صوت بوو!
“يبدو جسده ساخنًا جدًا. إنه يعاني من الحمى ” قالت زونيبا وهي تنظر إلى وجه يوريتش الأحمر اللامع.
” لم أحضرك إلى هنا لتخبرني بالأمر الواضح. إذا شفيت ذلك الرجل، فسأدفع لك مليون شيل. بالتأكيد، هذا ليس مبلغًا زهيدًا ” قال باهيل للعاهرة.
“سآخذ مئة قطعة ذهبية يا سيدي ” قالت زونيبا بابتسامة خفيفة. مئة قطعة ذهبية تساوي عشرة ملايين شيل.
“إذا كان هذا ما تريدين، فسوف تحصلين عليه.”
حدق باهيل بعينيه الزرقاوين وغرز سيفه في الأرض.
“… لكن إذا كنت ترغبين في الحصول على عشرة ملايين شيل، فعليك أن تُخاطري بحياتك. إذا لم تُشفي الرجل، فسأقطع رأسكِ ” قال باهيل وهو يضغط على أسنانه.
“لا أتوقع الكثير. ربما تكون مجرد عاهرة جاءت إلى هنا من أجل المال.”
“اعتقد أن هذه الحالة سوف تخيف المرأة إذا تكذب فقط من أجل المال.”
“عشرة ملايين شيل يا سيدي. أقسم بحاكم الشمس لو.”
توجهت زونيبا نحو باهيل. ثم وضعت يده تحت قميصه وأخرجت منه قلادة الشمس.
“لا تلمسيني! إذا شفيت يوريتش، فسأدفع لك مئة قطعة ذهبية. أقسم باسم لو.”
“لقد سمعنا لو.”
انحنت زونيبا بلطف وجلست بجانب يوريتش.
“لديه الكثير من الندوب المروعة. لا بد أنه محاربٌ سار دائمًا على الخط الفاصل بين الحياة والموت.”
شعرت زونيبا بالحنين وهي تنظر إلى جسد المحارب المريض. كان جسدًا تمنت أن تجد نفسها محتضنةً به.
بوو!
مدت زونيبا يدها لتضعها على جبهة يوريتش.
“آه!”
فتح يوريتش عينيه فجأةً وأمسك بيدها. تناوبت نظراته بين المرأة البربرية وباهيل.
“ماذا يا باهيل؟ من هذه المرأة؟ أعلم أن لديّ سمعة سيئة، لكن من الصعب عليّ أن أمارس الجنس مع امرأة الآن. أُقدّر هذه الهدية، لكن… آه، اللعنة، ليس مجددًا، اللعنة! ” أرخى يوريتش رأسه وتقيأ قليلًا. لم يبقَ في معدته ما يتقيأه، لذا لم يبق من فمه سوى سائل أبيض.
“إنها ليست عاهرة. لقد أحضرتها لتُشفيك.”
أغمض باهيل عينيه ليتجنب النظر إلى يوريتش وهو يتقيأ. لم تكن معدته قوية، لذا حتى صوت تقيؤه يُشعره بالغثيان.
” آه. هذه الفتاة؟ هل هي شامان؟” سأل يوريتش وهو بالكاد يجلس.
“كيف تشعر؟”
“أشعر وكأنني سأموت. كأنني شربتُ حتى تقيأت، ثم فتح أحدهم فمي وسكب المزيد من المشروبات.”
“بالنظر إلى الطريقة التي لا تزال تتحدث بها، لا يبدو أن سم الحمى قد أثر على رأسك بعد.”
داعبت زونيبا جبين يوريتش.
“اليد الباردة تشعرني باللطف.”
امتصت يدها الباردة حمته مؤقتًا.
“لقد رأيت عددًا لا يحصى من المحاربين الشجعان يعانون ويموتون من الأمراض.”
“أموت؟ من سيموت؟ لا تكوني سخيفة”
“هذا ما يقولونه جميعًا. “لا سبيل لي للموت، أتظن أنني سأموت هكذا؟” مع ذلك، الموت أمرٌ عالمي. يُعامل الجميع بالتساوي. علينا جميعًا أن نغادر هذا الجسد المادي، ولا نعلم متى سيحدث ذلك ” قالت زونيبا بهدوء.
“لم أحضرك إلى هنا لإلقاء موعظة علينا، أليس كذلك يا زونيبا؟”
قال باهيل من الجانب. كان يحمل سيفًا لم يكن مألوفًا له. ولأنها أول مرة يهدد فيها أحدًا بالقوة، بدا أسلوبه غير دقيق. شعرت زونيبا بذلك فابتسمت بسخرية.
“يولد كل إنسان بقدر معين من قوة الحياة. بعضها صغير كبركة، وبعضها كبير كبحيرة. من لا يملك قوة حياة كبيرة يُصاب بأمراض كثيرة ولا يعيش طويلًا. أما من يملك قوة حياة كبيرة، فيمكنه التغلب على أي جروح أو أمراض تقريبًا.”
” إذن ماذا؟”
“يا محاربي، لقد استنفدتِ معظم قوتك الحيوية في سن مبكرة. قوتك الحيوية التي كان من المفترض أن تُنفقيها طوال حياتك بدأت تظهر ضعفها. لهذا السبب سيطر عليك هذا المرض الآن. الأمراض والعلل التي كانت تتربص بجسدك خلسةً قد نالت فرصتها أخيرًا بمجرد أن ضعفت قوتك الحيوية.”
“قوة حياتي تنفد؟”
” كان هذا الحد كافيًا لعمر أي شخص عادي آخر. بهذا الحد، كان سيعيش حياته كلها بصحة جيدة دون أن يمرض ولو لمرة واحدة. لكنك أنفقت كل هذا في سن مبكرة. لا بد أنك كنت تعيش حياة مليئة بالشغف.”
امسكت زونيبا بيده بكلتا يديها.
“هل تقولين أنني سأموت؟”
لم يعد يوريتش غاضبًا، بل سأل بهدوء.
“لن تتمكن من التغلب على هذا المرض. لم يعد لديك أي قوة حياة لمحاربته.”
“نعم؟ باهيل، ماذا نفعل؟ يبدو أنني سأموت. أنا آسف، لا أستطيع إكمال مرافقتنا. يا إلهي، كنتُ أرغب حقًا في رؤية عاصمة هامل ” قال يوريتش وهو ينظر إلى باهيل. صر باهيل على أسنانه.
“يبدو أنها مُخادعة. سأبحث عن مُعالجة أفضل من هذه المرأة ” قال باهيل وهو ينهض مُسرعًا. رفعت زونيبا يدها لتوقفه.
“لم أقل قط إنني لا أستطيع شفاؤه. يا إلهي، أنت غير صبور.”
“هل تسخرين مني؟ أخبريني كيف ستشفيه يا زونيبا. أنا رجلٌ عديم الصبر. لا أعرف ماذا سأفعل إن لم أحقق ما أريد ” قال باهيل ببرود.
“إذا كنا نرى قاع قوة الحياة، فعلينا فقط إعادة ملئها. أعطني ثلاثة أيام لأصنع الدواء – دواءً يُعيد ملء قوة حياته حتى نهايتها. لكنني أحتاج إلى دفعة أولى. مليونا شيل تكفي يا سيدي.” ابتسمت زونيبا.
“إذا كنتَ بحاجة إلى مكونات، فسأحضرها لك بنفسي. كيف أثق بكَ في عدم سرقة الدفعة الأولى؟”
“أقسم بحاكم الشمس.”
“لا أستطيع الوثوق بقسم عاهرة، ناهيك عن قسم بربري. لا يزال هناك جدل كبير حول ما إذا كانت الشمس التي يعبدها الجنوبيون هي نفس حاكم لو.”
“أنت دقيقٌ جدًا يا سيدي. حسنًا إذًا، وداعًا.”
نهضت زونيبا وخرجت من الباب. لم تكن خطواتها تحمل أي أثر للندم.
“لقد اتخذتَ القرار الصحيح يا باهيل. إنها محتالةٌ بلا شك. هل استنفدت قوتي الحيوية؟ لثانية، اقتنعتُ بهذا الهراء. هاه، لا بد أنني أُصاب بالجنون. عندما يضعف جسدك، يضعف عقلك معه. على أي حال، كل ما أحتاجه على الأرجح هو راحةٌ جيدة وطعامٌ جيد. لا داعي للقلق.”
استلقى يوريتش على سريره بعد السعال.
” يوريتش… الرجل الذي بدا ضخمًا جدًا، أصبح الآن كأي مرتزق آخر. اختفت الهالة التي كانت تحيط به دائمًا. إن كانت هذه هي قوة الحياة التي كانت تتحدث عنها…”
نظر باهيل إلى يوريتش وعضّ شفتيه. ثم قبض قبضته وركض خارجًا لينادي زونيبا التي تتفاوض على أجرها مع المرتزقة الآخرين. ” سأدفع الثمن يا زونيبا! عالجي يوريتش مهما كلف الأمر.” ابتسمت زونيبا كما لو كانت تنتظر ذلك. قبّلت المرتزق الذي تتحدث معه مودّعةً إياه. “سأبذل قصارى جهدي، سيدي.” بعد استلام الدفعة الأولى، أخرجت زونيبا لسانها. هناك حبة معدنية صغيرة على لسانها. كانت لإسعاد الرجال في العلاقات. * * * بوو! اصطدم مرتزق بكتف باتشمان أثناء مروره. استدار باتشمان عابسًا. “ماذا، ليس لديك عيون؟” ضحك المرتزق من كلمات باتشمان. “كان بإمكانك أن تبتعد عن الطريق، لماذا اصطدمت بي؟” “أستطيع أن أرى أنك اصطدمت بي عمدًا، أيها الأحمق.” ردّ باتشمان بابتسامة شرسة. كان عالم المرتزقة مكانًا وحشيًا. إذا بدوت ضعيفًا، فستُرسَل إلى أسفل الهرم. “يا إلهي، أنا أتعرض لعدم الاحترام من قبل رجل جديد لم يكن حتى معنا أيام المصارعة.” لقد تضرر كبرياؤه بشدة. لم يكن ينوي التراجع عن هذا. “إذا لم أحصل على اعتذار منه، فأنا في الأساس أعترف بأنني سقطت في الرتب.” أوقف باتشمان المرتزق الذي اصطدم بكتفه. “اعتذر لي. الآن.” “اعتذر؟ لقد اصطدمنا ببعضنا البعض، فلماذا أعتذر؟ هل أصابك سهم في رأسك أم ماذا؟ هاه؟” دفع المرتزق وجهه في وجه باتشمان وكأنه على استعداد لضربه برأسه في وجهه. “مجموعة دونوفان.” المرتزق الذي واجه باتشمان أحد رجال دونوفان. بعض المرتزقة يصطفون خلف دونوفان. “اللعنة، يوريتش.” بدا يوريتش جريئًا، لا يعرف كيف يرى الصورة الكاملة. لم يُعاقب أحدًا قط على وقوفه إلى جانب دونوفان، لذا كان أي مرتزق يُجيد الحساب يميل إلى الزحف تحت ذراعي دونوفان. “هكذا قاد يوريتش فرقة المرتزقة، ولكن…” يوريتش أمير حرب بالفطرة. لم يستطع المحاربون الآخرون إلا اتباعه. كان شخصًا يتفوق على الآخرين بطبيعته دون بذل أي جهد. ولذلك، لم يحتج يوريتش أبدًا إلى الحذر من الآخرين. “لكن رجل عادي مثلي يجب أن يظل متيقظًا ويحافظ على رأسه فوق الماء للحفاظ على مكاني.” مد المرتزقة يده لدفع باتشمان. “إذا أردتَ اعتذارًا، فخذه بسيفك. فليكن لو هو القاضي الذي يُحدد من هو على صواب ومن هو على خطأ.” أصبح المرتزقة من حولهم متوترين. بدا التحدي واضحًا للمبارزة. “همف، لقد كنت تتبع يوريتش لفترة طويلة. سأضعك في مكانك.” مهارات باتشمان القتالية متوسطة ضمن فرقة المرتزقة. أما قوته فكانت في قدرته على التواصل الاجتماعي وسرعة فهمه للوضع. “تظنني خصمًا سهلًا، أليس كذلك؟ سأجعلك تندم على ذلك.” شد باتشمان على أسنانه. هو رجل. لو تراجع في موقف كهذا، لأصبح محط سخرية طوال حياته. “يا إلهي، شخص ما يوقف هذا!” صرخ في نفسه. عادةً، كان يوريتش هو من ينهي الخلافات الصغيرة كهذه. يمسك بكل رجل ويقول له: “ما رأيكما أن تهاجماني؟ سأشق رأسيكما بالتساوي. قد يختلف تاريخ ميلادكما، لكنكما ستموتان في نفس اليوم!” “توقف عن ذلك.” تقدم سفين نحو باتشمان وأمسك بذراعي المرتزق. بوو! بدت قبضته قوية – ليست بقوة قبضة يوريتش، لكنها مع ذلك تحتوي على قوة هائلة. قوة بربري يحمل فأسًا بيدين طوال حياته. “أوه!” “آ …”” انهار الرجلان في أنين. “الآن، صافحوا بعضكما البعض كصديقين حميمين، قبل أن أكسر معصميكما ” قال سفين وهو يجبر يدي الرجلين على الالتصاق ببعضهما البعض. ” لقد كنت محظوظًا هذه المرة، باتشمان.” “أنا؟ أنت المحظوظ.” بفضل تدخل سفين، لم تحدث مبارزة. وعندما انتهى، تحدث إلى نفسه وكأنه يريد أن يسمع المرتزقة كلامه. “تمزيق بعضهم البعض من أجل الصعود في الرتب عندما يكون الزعيم في الأسفل هو شيء يفعله الحيوانات فقط.” حرك سفين لسانه. كان رجلاً رزينًا. قاتل بلا تذمر كعبد مصارع، وفاءً لحورس، الذي أنقذ حياته وأنفق كل ما كسبه لتحرير إخوته. لم يكن هناك من يضاهيه في فرقة المرتزقة. “سفين، هل يمكننا التحدث للحظة؟” قال باتشمان وهو يفرك معصمه. أومأ سفين برأسه ردًا على ذلك. “انظر إلى حال فرقتنا بعد اختفاء يوريتش قليلاً. يا له من أمرٍ مؤسف!” قال سفين وهو ينظر إلى المرتزقة خارج غرفته. ” سفين، إن لم ينجح يوريتش، أريدك أن تكون قائدنا التالي. سأدعمك.” وصل باتشمان إلى مبتغاه فورًا. مسح سفين لحيته وابتسم ابتسامة خفيفة. ” مسكين يا باتشمان. أنت لستَ أهلاً لأن تكون محارباً. ستكون مثالياً كصياد أو حارس محلي.” “قد تكون محقًا، لكن للأسف، أنا مرتزق، على الأقل حاليًا. لا أريد أن أضيع فرصة جني أموال جيدة.” بدا باتشمان رجلاً علمانيًا. لم يكن بطلاً. “ولكن معظم الناس لا يختلفون عن باتشمان.” مسح سفين لحيته ثم أجاب. “إجابتي هي لا. إذا لم يعد يوريتش قائدًا لنا، فسأترك الفرقة وأتجه شمالًا.” “ماذا عن وظيفتنا؟” “لم أقسم قط. حاكم الشمس لو ليس حاكمنا. قد يبقى إخوتي الشماليون الآخرون مع الفرقة، لكنني سأعود إلى الأرض المقدسة الشمالية.” بدت أفكار سفين حازمة، ولم ير باتشمان أي جدوى من قول المزيد. “حسنًا. أعتقد أن مصيري يعتمد على استيقاظ يوريتش.” انتهى حديث باتشمان وسفين. وبينما يغادران الغرفة، شعرا بنظرات المرتزقة الآخرين. “دونوفان.” كان دونوفان منشغلاً بلعب النرد مع رجال مجموعته. نظر إلى باتشمان واظهر عن أسنانه الصفراء. ” يا إلهي، ربما يعلم هذا الوغد أن سفين لن يترشح أبدًا لمنصب القائد. إنه واثقٌ بنفسه الآن. ” بدا دونوفان رجلاً صبوراً. ينتظر بصبرٍ تحت قيادة يوريتش، والآن أتيحت له الفرصة. “لقد حالفني الحظ مع النرد اليوم ” قال دونوفان.
نظر باهيل إلى يوريتش وعضّ شفتيه. ثم قبض قبضته وركض خارجًا لينادي زونيبا التي تتفاوض على أجرها مع المرتزقة الآخرين.
” سأدفع الثمن يا زونيبا! عالجي يوريتش مهما كلف الأمر.”
ابتسمت زونيبا كما لو كانت تنتظر ذلك. قبّلت المرتزق الذي تتحدث معه مودّعةً إياه.
“سأبذل قصارى جهدي، سيدي.”
بعد استلام الدفعة الأولى، أخرجت زونيبا لسانها. هناك حبة معدنية صغيرة على لسانها. كانت لإسعاد الرجال في العلاقات.
* * *
بوو!
اصطدم مرتزق بكتف باتشمان أثناء مروره. استدار باتشمان عابسًا.
“ماذا، ليس لديك عيون؟”
ضحك المرتزق من كلمات باتشمان.
“كان بإمكانك أن تبتعد عن الطريق، لماذا اصطدمت بي؟”
“أستطيع أن أرى أنك اصطدمت بي عمدًا، أيها الأحمق.”
ردّ باتشمان بابتسامة شرسة. كان عالم المرتزقة مكانًا وحشيًا. إذا بدوت ضعيفًا، فستُرسَل إلى أسفل الهرم.
“يا إلهي، أنا أتعرض لعدم الاحترام من قبل رجل جديد لم يكن حتى معنا أيام المصارعة.”
لقد تضرر كبرياؤه بشدة. لم يكن ينوي التراجع عن هذا.
“إذا لم أحصل على اعتذار منه، فأنا في الأساس أعترف بأنني سقطت في الرتب.”
أوقف باتشمان المرتزق الذي اصطدم بكتفه.
“اعتذر لي. الآن.”
“اعتذر؟ لقد اصطدمنا ببعضنا البعض، فلماذا أعتذر؟ هل أصابك سهم في رأسك أم ماذا؟ هاه؟”
دفع المرتزق وجهه في وجه باتشمان وكأنه على استعداد لضربه برأسه في وجهه.
“مجموعة دونوفان.”
المرتزق الذي واجه باتشمان أحد رجال دونوفان. بعض المرتزقة يصطفون خلف دونوفان.
“اللعنة، يوريتش.”
بدا يوريتش جريئًا، لا يعرف كيف يرى الصورة الكاملة. لم يُعاقب أحدًا قط على وقوفه إلى جانب دونوفان، لذا كان أي مرتزق يُجيد الحساب يميل إلى الزحف تحت ذراعي دونوفان.
“هكذا قاد يوريتش فرقة المرتزقة، ولكن…”
يوريتش أمير حرب بالفطرة. لم يستطع المحاربون الآخرون إلا اتباعه. كان شخصًا يتفوق على الآخرين بطبيعته دون بذل أي جهد. ولذلك، لم يحتج يوريتش أبدًا إلى الحذر من الآخرين.
“لكن رجل عادي مثلي يجب أن يظل متيقظًا ويحافظ على رأسه فوق الماء للحفاظ على مكاني.”
مد المرتزقة يده لدفع باتشمان.
“إذا أردتَ اعتذارًا، فخذه بسيفك. فليكن لو هو القاضي الذي يُحدد من هو على صواب ومن هو على خطأ.”
أصبح المرتزقة من حولهم متوترين. بدا التحدي واضحًا للمبارزة.
“همف، لقد كنت تتبع يوريتش لفترة طويلة. سأضعك في مكانك.”
مهارات باتشمان القتالية متوسطة ضمن فرقة المرتزقة. أما قوته فكانت في قدرته على التواصل الاجتماعي وسرعة فهمه للوضع.
“تظنني خصمًا سهلًا، أليس كذلك؟ سأجعلك تندم على ذلك.”
شد باتشمان على أسنانه. هو رجل. لو تراجع في موقف كهذا، لأصبح محط سخرية طوال حياته.
“يا إلهي، شخص ما يوقف هذا!”
صرخ في نفسه. عادةً، كان يوريتش هو من ينهي الخلافات الصغيرة كهذه. يمسك بكل رجل ويقول له: “ما رأيكما أن تهاجماني؟ سأشق رأسيكما بالتساوي. قد يختلف تاريخ ميلادكما، لكنكما ستموتان في نفس اليوم!”
“توقف عن ذلك.”
تقدم سفين نحو باتشمان وأمسك بذراعي المرتزق.
بوو!
بدت قبضته قوية – ليست بقوة قبضة يوريتش، لكنها مع ذلك تحتوي على قوة هائلة. قوة بربري يحمل فأسًا بيدين طوال حياته.
“أوه!”
“آ …””
انهار الرجلان في أنين.
“الآن، صافحوا بعضكما البعض كصديقين حميمين، قبل أن أكسر معصميكما ” قال سفين وهو يجبر يدي الرجلين على الالتصاق ببعضهما البعض.
” لقد كنت محظوظًا هذه المرة، باتشمان.”
“أنا؟ أنت المحظوظ.”
بفضل تدخل سفين، لم تحدث مبارزة. وعندما انتهى، تحدث إلى نفسه وكأنه يريد أن يسمع المرتزقة كلامه.
“تمزيق بعضهم البعض من أجل الصعود في الرتب عندما يكون الزعيم في الأسفل هو شيء يفعله الحيوانات فقط.”
حرك سفين لسانه. كان رجلاً رزينًا. قاتل بلا تذمر كعبد مصارع، وفاءً لحورس، الذي أنقذ حياته وأنفق كل ما كسبه لتحرير إخوته. لم يكن هناك من يضاهيه في فرقة المرتزقة.
“سفين، هل يمكننا التحدث للحظة؟” قال باتشمان وهو يفرك معصمه. أومأ سفين برأسه ردًا على ذلك.
“انظر إلى حال فرقتنا بعد اختفاء يوريتش قليلاً. يا له من أمرٍ مؤسف!” قال سفين وهو ينظر إلى المرتزقة خارج غرفته.
” سفين، إن لم ينجح يوريتش، أريدك أن تكون قائدنا التالي. سأدعمك.” وصل باتشمان إلى مبتغاه فورًا. مسح سفين لحيته وابتسم ابتسامة خفيفة.
” مسكين يا باتشمان. أنت لستَ أهلاً لأن تكون محارباً. ستكون مثالياً كصياد أو حارس محلي.”
“قد تكون محقًا، لكن للأسف، أنا مرتزق، على الأقل حاليًا. لا أريد أن أضيع فرصة جني أموال جيدة.”
بدا باتشمان رجلاً علمانيًا. لم يكن بطلاً.
“ولكن معظم الناس لا يختلفون عن باتشمان.”
مسح سفين لحيته ثم أجاب.
“إجابتي هي لا. إذا لم يعد يوريتش قائدًا لنا، فسأترك الفرقة وأتجه شمالًا.”
“ماذا عن وظيفتنا؟”
“لم أقسم قط. حاكم الشمس لو ليس حاكمنا. قد يبقى إخوتي الشماليون الآخرون مع الفرقة، لكنني سأعود إلى الأرض المقدسة الشمالية.”
بدت أفكار سفين حازمة، ولم ير باتشمان أي جدوى من قول المزيد.
“حسنًا. أعتقد أن مصيري يعتمد على استيقاظ يوريتش.”
انتهى حديث باتشمان وسفين. وبينما يغادران الغرفة، شعرا بنظرات المرتزقة الآخرين.
“دونوفان.”
كان دونوفان منشغلاً بلعب النرد مع رجال مجموعته. نظر إلى باتشمان واظهر عن أسنانه الصفراء.
” يا إلهي، ربما يعلم هذا الوغد أن سفين لن يترشح أبدًا لمنصب القائد. إنه واثقٌ بنفسه الآن. ”
بدا دونوفان رجلاً صبوراً. ينتظر بصبرٍ تحت قيادة يوريتش، والآن أتيحت له الفرصة.
“لقد حالفني الحظ مع النرد اليوم ” قال دونوفان.
نظر باهيل إلى يوريتش وعضّ شفتيه. ثم قبض قبضته وركض خارجًا لينادي زونيبا التي تتفاوض على أجرها مع المرتزقة الآخرين. ” سأدفع الثمن يا زونيبا! عالجي يوريتش مهما كلف الأمر.” ابتسمت زونيبا كما لو كانت تنتظر ذلك. قبّلت المرتزق الذي تتحدث معه مودّعةً إياه. “سأبذل قصارى جهدي، سيدي.” بعد استلام الدفعة الأولى، أخرجت زونيبا لسانها. هناك حبة معدنية صغيرة على لسانها. كانت لإسعاد الرجال في العلاقات. * * * بوو! اصطدم مرتزق بكتف باتشمان أثناء مروره. استدار باتشمان عابسًا. “ماذا، ليس لديك عيون؟” ضحك المرتزق من كلمات باتشمان. “كان بإمكانك أن تبتعد عن الطريق، لماذا اصطدمت بي؟” “أستطيع أن أرى أنك اصطدمت بي عمدًا، أيها الأحمق.” ردّ باتشمان بابتسامة شرسة. كان عالم المرتزقة مكانًا وحشيًا. إذا بدوت ضعيفًا، فستُرسَل إلى أسفل الهرم. “يا إلهي، أنا أتعرض لعدم الاحترام من قبل رجل جديد لم يكن حتى معنا أيام المصارعة.” لقد تضرر كبرياؤه بشدة. لم يكن ينوي التراجع عن هذا. “إذا لم أحصل على اعتذار منه، فأنا في الأساس أعترف بأنني سقطت في الرتب.” أوقف باتشمان المرتزق الذي اصطدم بكتفه. “اعتذر لي. الآن.” “اعتذر؟ لقد اصطدمنا ببعضنا البعض، فلماذا أعتذر؟ هل أصابك سهم في رأسك أم ماذا؟ هاه؟” دفع المرتزق وجهه في وجه باتشمان وكأنه على استعداد لضربه برأسه في وجهه. “مجموعة دونوفان.” المرتزق الذي واجه باتشمان أحد رجال دونوفان. بعض المرتزقة يصطفون خلف دونوفان. “اللعنة، يوريتش.” بدا يوريتش جريئًا، لا يعرف كيف يرى الصورة الكاملة. لم يُعاقب أحدًا قط على وقوفه إلى جانب دونوفان، لذا كان أي مرتزق يُجيد الحساب يميل إلى الزحف تحت ذراعي دونوفان. “هكذا قاد يوريتش فرقة المرتزقة، ولكن…” يوريتش أمير حرب بالفطرة. لم يستطع المحاربون الآخرون إلا اتباعه. كان شخصًا يتفوق على الآخرين بطبيعته دون بذل أي جهد. ولذلك، لم يحتج يوريتش أبدًا إلى الحذر من الآخرين. “لكن رجل عادي مثلي يجب أن يظل متيقظًا ويحافظ على رأسه فوق الماء للحفاظ على مكاني.” مد المرتزقة يده لدفع باتشمان. “إذا أردتَ اعتذارًا، فخذه بسيفك. فليكن لو هو القاضي الذي يُحدد من هو على صواب ومن هو على خطأ.” أصبح المرتزقة من حولهم متوترين. بدا التحدي واضحًا للمبارزة. “همف، لقد كنت تتبع يوريتش لفترة طويلة. سأضعك في مكانك.” مهارات باتشمان القتالية متوسطة ضمن فرقة المرتزقة. أما قوته فكانت في قدرته على التواصل الاجتماعي وسرعة فهمه للوضع. “تظنني خصمًا سهلًا، أليس كذلك؟ سأجعلك تندم على ذلك.” شد باتشمان على أسنانه. هو رجل. لو تراجع في موقف كهذا، لأصبح محط سخرية طوال حياته. “يا إلهي، شخص ما يوقف هذا!” صرخ في نفسه. عادةً، كان يوريتش هو من ينهي الخلافات الصغيرة كهذه. يمسك بكل رجل ويقول له: “ما رأيكما أن تهاجماني؟ سأشق رأسيكما بالتساوي. قد يختلف تاريخ ميلادكما، لكنكما ستموتان في نفس اليوم!” “توقف عن ذلك.” تقدم سفين نحو باتشمان وأمسك بذراعي المرتزق. بوو! بدت قبضته قوية – ليست بقوة قبضة يوريتش، لكنها مع ذلك تحتوي على قوة هائلة. قوة بربري يحمل فأسًا بيدين طوال حياته. “أوه!” “آ …”” انهار الرجلان في أنين. “الآن، صافحوا بعضكما البعض كصديقين حميمين، قبل أن أكسر معصميكما ” قال سفين وهو يجبر يدي الرجلين على الالتصاق ببعضهما البعض. ” لقد كنت محظوظًا هذه المرة، باتشمان.” “أنا؟ أنت المحظوظ.” بفضل تدخل سفين، لم تحدث مبارزة. وعندما انتهى، تحدث إلى نفسه وكأنه يريد أن يسمع المرتزقة كلامه. “تمزيق بعضهم البعض من أجل الصعود في الرتب عندما يكون الزعيم في الأسفل هو شيء يفعله الحيوانات فقط.” حرك سفين لسانه. كان رجلاً رزينًا. قاتل بلا تذمر كعبد مصارع، وفاءً لحورس، الذي أنقذ حياته وأنفق كل ما كسبه لتحرير إخوته. لم يكن هناك من يضاهيه في فرقة المرتزقة. “سفين، هل يمكننا التحدث للحظة؟” قال باتشمان وهو يفرك معصمه. أومأ سفين برأسه ردًا على ذلك. “انظر إلى حال فرقتنا بعد اختفاء يوريتش قليلاً. يا له من أمرٍ مؤسف!” قال سفين وهو ينظر إلى المرتزقة خارج غرفته. ” سفين، إن لم ينجح يوريتش، أريدك أن تكون قائدنا التالي. سأدعمك.” وصل باتشمان إلى مبتغاه فورًا. مسح سفين لحيته وابتسم ابتسامة خفيفة. ” مسكين يا باتشمان. أنت لستَ أهلاً لأن تكون محارباً. ستكون مثالياً كصياد أو حارس محلي.” “قد تكون محقًا، لكن للأسف، أنا مرتزق، على الأقل حاليًا. لا أريد أن أضيع فرصة جني أموال جيدة.” بدا باتشمان رجلاً علمانيًا. لم يكن بطلاً. “ولكن معظم الناس لا يختلفون عن باتشمان.” مسح سفين لحيته ثم أجاب. “إجابتي هي لا. إذا لم يعد يوريتش قائدًا لنا، فسأترك الفرقة وأتجه شمالًا.” “ماذا عن وظيفتنا؟” “لم أقسم قط. حاكم الشمس لو ليس حاكمنا. قد يبقى إخوتي الشماليون الآخرون مع الفرقة، لكنني سأعود إلى الأرض المقدسة الشمالية.” بدت أفكار سفين حازمة، ولم ير باتشمان أي جدوى من قول المزيد. “حسنًا. أعتقد أن مصيري يعتمد على استيقاظ يوريتش.” انتهى حديث باتشمان وسفين. وبينما يغادران الغرفة، شعرا بنظرات المرتزقة الآخرين. “دونوفان.” كان دونوفان منشغلاً بلعب النرد مع رجال مجموعته. نظر إلى باتشمان واظهر عن أسنانه الصفراء. ” يا إلهي، ربما يعلم هذا الوغد أن سفين لن يترشح أبدًا لمنصب القائد. إنه واثقٌ بنفسه الآن. ” بدا دونوفان رجلاً صبوراً. ينتظر بصبرٍ تحت قيادة يوريتش، والآن أتيحت له الفرصة. “لقد حالفني الحظ مع النرد اليوم ” قال دونوفان.
---
ترجمة موقع ملوك الروايات. لا تُلهِكُم القراءة عن اداء الصلوات فى أوقاتها و لا تنسوا نصيبكم من القرآن
أشترك الان من هنا. ولامزيد من الاعلانات