الفصل 65
▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬
اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أُشْرِكَ بِكَ وَأَنَا أَعْلَمُ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا لاَ أَعْلَمُ
ترجمة: ســاد
▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬
الفصل 65 ▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أُشْرِكَ بِكَ وَأَنَا أَعْلَمُ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا لاَ أَعْلَمُ ترجمة: ســاد ▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬
“الأمير فاركا، لقد تمت الموافقة على طلبك لمقابلة. جهز نفسك، وسأعود عند غروب الشمس ” قال مسؤول الإقامة في قصر السنونو لباهيل. نهض باهيل من كرسيه مسرعًا واستدعى فيليون.
“جهز الخيل الآن وقم بتشغيل الحمام.”
فجأة، سُمح له بالطلب. شد باهيل قبضتيه.
“هذه هي. هذه فرصتي.”
ارتفع صدره. كاد التوتر والإثارة أن يصيباه بالغثيان.
الرجل الذي حكم مدينة هامل، والإمبراطورية، بل والعالم أجمع. لقب “حاكم العالم” لم يكن مبالغة. كان حاكم الشمس لو مُطلقًا، لكن الإمبراطور تحته تمامًا.
“اللعنة، أشعر وكأنني سأتقيأ.”
مصير باهيل سيُحدده هذا اللقاء. غمر جسده في الحمام الذي أعده فيليون. أنزل وجهه تحت الماء، وأغمض عينيه، ثم فتحهما مجددًا.
” يا أميري، يجب أن تحصل على إجابة لطلبك باللجوء وكذلك إثبات مطالبتك المشروعة بالعرش…”
رفع باهيل رأسه من الماء.
“ليس عليك أن تخبرني بكل هذا. لا تتصرف كرجل عجوز.”
“لابد أنني أصبحت شخصًا مزعجًا ” أومأ فيليون برأسه مبتسمًا.
“هل تعتقد أن يوريتش له علاقة بمنح طلبنا من العدم؟”
” على الأرجح. قدّم يوريتش أداءً رائعًا وهو يحمل شعار بوركانا على ظهره. لن أتفاجأ إن لفت انتباه الإمبراطور.”
“هذا هو يوريتش. لا يُخيّب الآمال أبدًا.”
ابتسم باهيل بمرارة. لم يكن يشعر إلا بالامتنان ليوريتش.
“إنه محاربٌ ذو مهارةٍ استثنائية. ليس شخصًا ستنتهي قصته كقائدٍ مرتزقٍ فحسب.”
كان فيليون يُقدّر يوريتش تقديرًا كبيرًا. لم يكن يوريتش قويًا فحسب، بل كان ذكيًا أيضًا، وكان يُدرك معنى الشرف والنزاهة، وكان يُحافظ عليهما بنفسه.
“سيكون رجلا غير عادي.”
كل من رأى يوريتش طوال حياته قال الشيء نفسه. سواء الشامان التي رافقت يوريتش في نشأته أو إخوته من القبيلة، كانوا جميعًا يعلمون أن يوريتش شخص مميز.
بوو!
مدّ باهيل ذراعيه قليلًا وضرب الماء برفق. نظر إلى ذراعيه اللتين اكتسبتا عضلاتٍ قوية. لكن رغم كل التدريبات الأخيرة، بدا جسده بعيدًا كل البعد عن جسد المقاتل.
“كيف هو الإمبراطور؟”
اسم الإمبراطور الحالي الثالث يانتشينوس هاملون، والذي يعني “يانتشينوس ملك هامل”، على غرار اسم أنيو بوركانا الذي يعني “ابن بوركانا”.
“الإمبراطور محبوب بين الناس، ذكي ولكنه متقلب المزاج… ويُقال إنه زير نساء. على الأقل، هذا ما يعرفه العامة. قد تكون إشاعة سياسية ملفقة للدعاية.”
كلٌّ من الأباطرة شخصيةً أسطورية. بنى الإمبراطور الأول، شاركامان، إمبراطوريته بإخضاع المملكة المحيطة بها في غضون جيل واحد، بينما غزا الإمبراطور الثاني غارانغيوس الشمال والجنوب موطّدًا إمبراطوريته.
بعد الإمبراطورين السابقين، لم يكن من المستغرب أن يرغب الجمهور في معرفة ما يدور في ذهن الإمبراطور الثالث، يانتشينوس.
“إخضاع البرابرة المتبقين.”
تمتم باهيل. إحدى أهم سياسات يانتشينوس استيعاب البرابرة من خلال تأثير الحضارة. ونتيجةً لذلك، تم إدخال عدد كبير منهم في الحضارة وعلى مدار العقد الماضي، تضاءل نفور الجمهور منهم بسرعة.
“لقد نشرت شائعة مفادها أنني ويوريتش قريبان جدًا.”
هذا ما كان باهيل يسعى إليه. الإمبراطورية مؤيدة للبربرية. من المرجح أن يُفتن بالصداقة بين بربري وملك.
‘هل نجح الأمر إذن؟’
كان باهيل يُسرّح شعره المبلل للخلف. أصبحت عيناه الزرقاوان نابضتين بالحياة وعميقتين. كانتا إحدى صفتي عائلة بوركانا الملكية: الشعر الأشقر والعينان الزرقاوان.
“حسنًا، أنا مستعد.”
نهض باهيل بينما الماء يتساقط من جسده. هرع الخدم لتجفيفه.
غربت الشمس ببطء، باهيل، وقد استحمّ وارتدى ملابس نظيفة، ينتظر مسؤول الإقامة. بعد غروب الشمس، وصل المسؤول إلى باهيل.
“إلى أين نحن ذاهبون؟”
“نحن ذاهبون إلى قصر الليل الأبيض، المعروف أيضًا باسم قصر العشر ملذات ” ابتسم المسؤول، وساد الصمت باهيل للحظة.
“لا يبدو أن هذا مكان مناسب للقاء.”
“لم يكن هذا اللقاء مُدرجًا في جدول أعماله. لا داعي لجلالته لتغيير جدوله لمجرد أمير مملكة صغيرة ” قال المسؤول بوقاحة. كتم باهيل غضبه.
“أمزح بالطبع يا أمير فاركا. كنت أحاول فقط تغيير مزاجك قليلاً. غالبًا ما يستقبل جلالته ضيوفه في قصر الليل الأبيض، بل إنه يعرض نسائه على ضيوف الشرف.”
أطلق المسؤول ضحكة خفيفة.
“كانت تلك مزحة سيئة، أيها المسؤول.”
ابتلع باهيل ريقه بصعوبة. بدا قصر الملذات العشر مرئيًا من مسافة بعيدة. على المرء أن يبحث عن القصر الذي بدا ساطعًا كالنهار حتى في أحلك ساعات الليل. بدا قصرًا لا يحل الظلام فيه حتى في الليل، ومن هنا جاء اسم قصر الليل الأبيض.
زوو!
انفتحت أبواب قصر الليل الأبيض، ولم يتزحزح الجنود الواقفون على جانبيه. بل اكتفوا بتحريك أعينهم لتفقد باهيل والمسؤول. وفي هذه التفاصيل، تجلى الانضباط الإمبراطوري جليًا.
“البخور؟”
انتشرت مباخر البخور في أرجاء القصر. وبينما الدخان يتصاعد منها، بدت تفوح منها رائحة نفاذة.
“من فضلك اتبعني، الأمير فاركا.”
قال المسؤول وهو يتقدم. سُمعت ضحكات متقطعة من النساء من اليمين واليسار، وبدت ظلالهن الناعمة من خلال الستائر الرقيقة. امتزجت رائحتهن الجسدية النفاذة برائحة البخور، فخلقت رائحة غريبة وفريدة لم يشمّها باهيل في أي مكان آخر من قبل.
“الرجاء تقديم احترامك لحاكم العالم، جلالة الإمبراطور يانتشينوس هاملون.”
قال المسؤول لباهيل. أصبحت عيناه موجهتين نحو السرير الذي على بُعد خمس درجات من الدرج. خلف الستارة المعلقة في السقف، جلس يانتشينوس وبجانبه نساء يداعبن جسده.
“آه، أنت هنا.”
” لي الشرف المبعوث المشرفي مقابلة الإمبراطور ” قال باهيل وهو ينحني بعمق.
“تعال اجلس هنا يا أمير فاركا. أيها المسؤول، دعنا وشأننا ” قال يانتشينوس وهو يُربت على كومة من الوسائد. ضحكت النساء من حوله.
“رائحة النساء.”
جلس باهيل على حافة السرير. شعر بقرب برائحة الجسد الممزوجة بحرارة الجسد. بدت النساء شبه عاريات.
“الكهنة سوف يشعرون بالرعب إذا رأوا هذا.”
باهيل من أتباع الشمس المخلصين. بدا هذا المكان المليء بالرغبات غريبًا عليه، فشعر فجأةً بشوقٍ إلى البحر الصافي في وطنه.
“هل أي منهم يناسب نوعك؟”
سأل يانتشينوس باهيل وهو يميل رأسه مبتسمًا.
“هناك شيء يجب أن نناقشه أولاً…”
“إذا كنت لا تحب النساء، فهل أنت منجذب إلى الرجال؟”
ضحك يانتشينوس وهو يصفع ركبته، وتبعته نساؤه. احمرّ وجه باهيل.
“هذا ليس ما قصدته، جلالتك، السبب الذي جعلني أطلب مقابلتك هو…”
“أعلم، لست مضطرًا إلى شرح كل ذلك لي ” قاطع يانتشينوس باهيل مرة أخرى.
“الأمير فاركا، لقد تمت الموافقة على طلبك لمقابلة. جهز نفسك، وسأعود عند غروب الشمس ” قال مسؤول الإقامة في قصر السنونو لباهيل. نهض باهيل من كرسيه مسرعًا واستدعى فيليون. “جهز الخيل الآن وقم بتشغيل الحمام.” فجأة، سُمح له بالطلب. شد باهيل قبضتيه. “هذه هي. هذه فرصتي.” ارتفع صدره. كاد التوتر والإثارة أن يصيباه بالغثيان. الرجل الذي حكم مدينة هامل، والإمبراطورية، بل والعالم أجمع. لقب “حاكم العالم” لم يكن مبالغة. كان حاكم الشمس لو مُطلقًا، لكن الإمبراطور تحته تمامًا. “اللعنة، أشعر وكأنني سأتقيأ.” مصير باهيل سيُحدده هذا اللقاء. غمر جسده في الحمام الذي أعده فيليون. أنزل وجهه تحت الماء، وأغمض عينيه، ثم فتحهما مجددًا. ” يا أميري، يجب أن تحصل على إجابة لطلبك باللجوء وكذلك إثبات مطالبتك المشروعة بالعرش…” رفع باهيل رأسه من الماء. “ليس عليك أن تخبرني بكل هذا. لا تتصرف كرجل عجوز.” “لابد أنني أصبحت شخصًا مزعجًا ” أومأ فيليون برأسه مبتسمًا. “هل تعتقد أن يوريتش له علاقة بمنح طلبنا من العدم؟” ” على الأرجح. قدّم يوريتش أداءً رائعًا وهو يحمل شعار بوركانا على ظهره. لن أتفاجأ إن لفت انتباه الإمبراطور.” “هذا هو يوريتش. لا يُخيّب الآمال أبدًا.” ابتسم باهيل بمرارة. لم يكن يشعر إلا بالامتنان ليوريتش. “إنه محاربٌ ذو مهارةٍ استثنائية. ليس شخصًا ستنتهي قصته كقائدٍ مرتزقٍ فحسب.” كان فيليون يُقدّر يوريتش تقديرًا كبيرًا. لم يكن يوريتش قويًا فحسب، بل كان ذكيًا أيضًا، وكان يُدرك معنى الشرف والنزاهة، وكان يُحافظ عليهما بنفسه. “سيكون رجلا غير عادي.” كل من رأى يوريتش طوال حياته قال الشيء نفسه. سواء الشامان التي رافقت يوريتش في نشأته أو إخوته من القبيلة، كانوا جميعًا يعلمون أن يوريتش شخص مميز. بوو! مدّ باهيل ذراعيه قليلًا وضرب الماء برفق. نظر إلى ذراعيه اللتين اكتسبتا عضلاتٍ قوية. لكن رغم كل التدريبات الأخيرة، بدا جسده بعيدًا كل البعد عن جسد المقاتل. “كيف هو الإمبراطور؟” اسم الإمبراطور الحالي الثالث يانتشينوس هاملون، والذي يعني “يانتشينوس ملك هامل”، على غرار اسم أنيو بوركانا الذي يعني “ابن بوركانا”. “الإمبراطور محبوب بين الناس، ذكي ولكنه متقلب المزاج… ويُقال إنه زير نساء. على الأقل، هذا ما يعرفه العامة. قد تكون إشاعة سياسية ملفقة للدعاية.” كلٌّ من الأباطرة شخصيةً أسطورية. بنى الإمبراطور الأول، شاركامان، إمبراطوريته بإخضاع المملكة المحيطة بها في غضون جيل واحد، بينما غزا الإمبراطور الثاني غارانغيوس الشمال والجنوب موطّدًا إمبراطوريته. بعد الإمبراطورين السابقين، لم يكن من المستغرب أن يرغب الجمهور في معرفة ما يدور في ذهن الإمبراطور الثالث، يانتشينوس. “إخضاع البرابرة المتبقين.” تمتم باهيل. إحدى أهم سياسات يانتشينوس استيعاب البرابرة من خلال تأثير الحضارة. ونتيجةً لذلك، تم إدخال عدد كبير منهم في الحضارة وعلى مدار العقد الماضي، تضاءل نفور الجمهور منهم بسرعة. “لقد نشرت شائعة مفادها أنني ويوريتش قريبان جدًا.” هذا ما كان باهيل يسعى إليه. الإمبراطورية مؤيدة للبربرية. من المرجح أن يُفتن بالصداقة بين بربري وملك. ‘هل نجح الأمر إذن؟’ كان باهيل يُسرّح شعره المبلل للخلف. أصبحت عيناه الزرقاوان نابضتين بالحياة وعميقتين. كانتا إحدى صفتي عائلة بوركانا الملكية: الشعر الأشقر والعينان الزرقاوان. “حسنًا، أنا مستعد.” نهض باهيل بينما الماء يتساقط من جسده. هرع الخدم لتجفيفه. غربت الشمس ببطء، باهيل، وقد استحمّ وارتدى ملابس نظيفة، ينتظر مسؤول الإقامة. بعد غروب الشمس، وصل المسؤول إلى باهيل. “إلى أين نحن ذاهبون؟” “نحن ذاهبون إلى قصر الليل الأبيض، المعروف أيضًا باسم قصر العشر ملذات ” ابتسم المسؤول، وساد الصمت باهيل للحظة. “لا يبدو أن هذا مكان مناسب للقاء.” “لم يكن هذا اللقاء مُدرجًا في جدول أعماله. لا داعي لجلالته لتغيير جدوله لمجرد أمير مملكة صغيرة ” قال المسؤول بوقاحة. كتم باهيل غضبه. “أمزح بالطبع يا أمير فاركا. كنت أحاول فقط تغيير مزاجك قليلاً. غالبًا ما يستقبل جلالته ضيوفه في قصر الليل الأبيض، بل إنه يعرض نسائه على ضيوف الشرف.” أطلق المسؤول ضحكة خفيفة. “كانت تلك مزحة سيئة، أيها المسؤول.” ابتلع باهيل ريقه بصعوبة. بدا قصر الملذات العشر مرئيًا من مسافة بعيدة. على المرء أن يبحث عن القصر الذي بدا ساطعًا كالنهار حتى في أحلك ساعات الليل. بدا قصرًا لا يحل الظلام فيه حتى في الليل، ومن هنا جاء اسم قصر الليل الأبيض. زوو! انفتحت أبواب قصر الليل الأبيض، ولم يتزحزح الجنود الواقفون على جانبيه. بل اكتفوا بتحريك أعينهم لتفقد باهيل والمسؤول. وفي هذه التفاصيل، تجلى الانضباط الإمبراطوري جليًا. “البخور؟” انتشرت مباخر البخور في أرجاء القصر. وبينما الدخان يتصاعد منها، بدت تفوح منها رائحة نفاذة. “من فضلك اتبعني، الأمير فاركا.” قال المسؤول وهو يتقدم. سُمعت ضحكات متقطعة من النساء من اليمين واليسار، وبدت ظلالهن الناعمة من خلال الستائر الرقيقة. امتزجت رائحتهن الجسدية النفاذة برائحة البخور، فخلقت رائحة غريبة وفريدة لم يشمّها باهيل في أي مكان آخر من قبل. “الرجاء تقديم احترامك لحاكم العالم، جلالة الإمبراطور يانتشينوس هاملون.” قال المسؤول لباهيل. أصبحت عيناه موجهتين نحو السرير الذي على بُعد خمس درجات من الدرج. خلف الستارة المعلقة في السقف، جلس يانتشينوس وبجانبه نساء يداعبن جسده. “آه، أنت هنا.” ” لي الشرف المبعوث المشرفي مقابلة الإمبراطور ” قال باهيل وهو ينحني بعمق. “تعال اجلس هنا يا أمير فاركا. أيها المسؤول، دعنا وشأننا ” قال يانتشينوس وهو يُربت على كومة من الوسائد. ضحكت النساء من حوله. “رائحة النساء.” جلس باهيل على حافة السرير. شعر بقرب برائحة الجسد الممزوجة بحرارة الجسد. بدت النساء شبه عاريات. “الكهنة سوف يشعرون بالرعب إذا رأوا هذا.” باهيل من أتباع الشمس المخلصين. بدا هذا المكان المليء بالرغبات غريبًا عليه، فشعر فجأةً بشوقٍ إلى البحر الصافي في وطنه. “هل أي منهم يناسب نوعك؟” سأل يانتشينوس باهيل وهو يميل رأسه مبتسمًا. “هناك شيء يجب أن نناقشه أولاً…” “إذا كنت لا تحب النساء، فهل أنت منجذب إلى الرجال؟” ضحك يانتشينوس وهو يصفع ركبته، وتبعته نساؤه. احمرّ وجه باهيل. “هذا ليس ما قصدته، جلالتك، السبب الذي جعلني أطلب مقابلتك هو…” “أعلم، لست مضطرًا إلى شرح كل ذلك لي ” قاطع يانتشينوس باهيل مرة أخرى.
“لقد تم نفيك من قبل عمك وطلبت اللجوء ” فكر يانتشينوس في نفسه بينما ينظر إلى باهيل.
لقد سمع كل ما يحتاج إلى سماعه. عندما تلقى طلب باهيل القاء، كان قد وضع الأمر في مرتبة متأخرة من قائمة أولوياته.
“سمعتُ أن عمّك الذي يحاول سرقة عرشك هو الدوق هارماتي. ماذا كنتَ ستفعل لو تواصل معي وأقنعني بأحقيته في العرش؟”
“هذا الخائن ليس له أي حق شرعي في العرش!”
“هذا صحيح، ولكن فقط إذا كنت أنت، الوريث الشرعي، على قيد الحياة.”
رفع يانتشينوس ذراعه. فجأةً، سحبت النساء اللواتي كنّ يغازلن باهيل خنجرًا من تحت الوسائد.
“ما معنى هذا!”
صُدم باهيل. وضعت النساء الخنجر على رقبته، بينما حدّق يانتشينوس في باهيل بابتسامة على وجهه.
“إذا متَّ، سيتولى الدوق هارماتي العرش. على حدِّ ما سمعت، فهو ليس سياسيًا سيئًا على الإطلاق، ويحظى بدعم العديد من نبلاء بوركانا. من المرجح أن يُدير المملكة بسلاسة مكانك. عمره أربعون عامًا فقط، لذا سيبقى له عقد من الزمن طالما التزمتُ الصمت بشأن كيفية وصوله إلى العرش. ”
أصبح وجه باهيل شاحبًا.
“هل هكذا تنتهي الأمور؟ هل وصل عمي إلى الإمبراطور؟”
أدرك باهيل فجأةً وندم على تهاونه، وإن كان متأخرًا بعض الشيء. ظنّ بسذاجة أن كل شيء سيسير على ما يرام طالما وصل إلى الإمبراطورية. والآن، بعد أن فكّر في الأمر، لم يكن مضمونًا أبدًا أن الإمبراطورية ستكون في صفّه.
“مزحتك مبالغ فيها يا جلالة الملك ” قال باهيل بشفتيه المرتجفتين. هز يانتشينوس رأسه.
“قل كلماتك الأخيرة أيها الأمير. سيُخلّدك التاريخ كالأحمق الذي جاء إلى الإمبراطورية ليطالب بعرشه، ومات ميتة مخزية وهو يطارد النساء.”
اغلق يانتشينوس على يده المفتوحة ببطء. وبإشارته، ضغط نصل الخنجر بقوة أكبر على رقبة باهيل. همست النساء اللواتي يحملن النصل بموته بأصواتهن العالية.
“في مقابل حياتي، أطلب منك ضمان سلامة الفرسان الذين خدموني… ومكافأة المرتزقة وقائدهم يوريتش بسخاء على ما قدموه لي. إنهم رجال أكفاء يستحقون ما هو أفضل من أن يكونوا تحت إمرة شخص مثلي. إذا منحتني هذا الطلب الأخير، فسأعود إلى لو دون أي ضغينة أو لعنة.”
تلا باهيل صلاته. بدا من الصعب التحلي بالشجاعة في وجه الموت. شعر بساقاه كأنهما معكرونة.
“أوه، لو، من فضلك أعطني الشجاعة لقبول الموت، حتى لا أصبح قبيحًا في مواجهة الموت.”
أراد باهيل أن يركع ويتوسل لإنقاذ حياته، لكنه لم يفعل. لقد تعلم الشجاعة في رحلته إلى الإمبراطورية.
“ماذا سيفعل يوريتش في هذه الحالة؟”
سأل باهيل نفسه. لو كان يوريتش، لكان على الأرجح أنهى حياته بابتسامة على وجهه.
أجبر باهيل شفتيه على التوسع مبتسمًا. لا بد للمرء من امتلاك القدرة على الضحك على حافة الحياة والموت، وأن يحافظ على عزيمته قويةً رغم التحديق في وجه الموت.
“هذا ما يعنيه أن تكون نبيلًا.”
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com
أغمض باهيل عينيه.
صفق يانتشينوس.
“أعتقد أن نكتتي ذهبت بعيدًا بعض الشيء، الأمير فاركا.”
وعند إشارة يانتشينوس، أخفت النساء الخنجر تحت الوسائد وتراجعن إلى الخلف وتفرقن.
أغمض باهيل عينيه. صفق يانتشينوس. “أعتقد أن نكتتي ذهبت بعيدًا بعض الشيء، الأمير فاركا.” وعند إشارة يانتشينوس، أخفت النساء الخنجر تحت الوسائد وتراجعن إلى الخلف وتفرقن.
فتح باهيل عينيه، وأخذ يلهث، وهو لا يزال متوترًا، وهو ينحني. بدا قلبه يخفق بشدة. لقد كان قد وصل للتو إلى الحد الفاصل بين الحياة والموت.
” تفضل، اشرب ماءً باردًا. لا يوجد سم، فلا تقلق، ههه.”
ارتشف الإمبراطور رشفةً من الكأس أولاً قبل أن يُسلمه إلى باهيل. شرب باهيل الماء البارد وهدأ صدره النابض.
‘أنا على قيد الحياة.’
أصبح العرق يتصبب من وجه باهيل.
“أنت تذهب بعيدا بنكاتك ” بدت كلمات باهيل مشوبة بالاستياء. لم يستطع إخفاء ذلك حتى لو حاول.
“هذا ما يحدث عندما تملك كل ما يمكن أن تملكه في العالم. يتطلب الأمر جهدًا كبيرًا لأشعر بشيء ما. لقد حصلت على كل ما تمنيته منذ ولادتي، لذا سامحني إن كانت نكاتي قاسية ومبالغ فيها من حين لآخر.”
نطق يانتشينوس بمثل هذه الكلمات المتغطرسة بسهولة لا تُصدق. لكن لم يستطع أحدٌ إنكار كلماته، ولا حتى البابا، الذي يُفترض أنه ممثل حاكم الشمس القدير لو، الذي انحنى برأسه أمام الإمبراطور. لم تكن هناك قوةٌ واحدةٌ في العالم تستطيع أن تقف في طريق الإمبراطور الجبار.
صفى باهيل حلقه ونظر إلى يانتشينوس مباشرة في عينيه.
“أرجوك أن تمنحني رسميًا طلب اللجوء وتساعدني في المطالبة بعرشي، يا صاحب الجلالة.”
وضع يانتشينوس خدي باهيل بين راحتيه بينما ينظر إليه بعيون نارية.
” في الخامسة عشرة، أنت كبير بما يكفي لتثبت أقدامك وتدافع عن عرشك! لو ساعدتُ أميرًا لم يستطع حتى ذلك ليصبح ملكًا للمملكة، هل تعتقد أنه سيحكمها كما ينبغي؟ حتى لو فعل، ما فائدتي من ذلك؟ لا يهمني من يصبح ملكًا لبوركانا. من سيتولى العرش، ما دام يدفع الجزية للإمبراطورية، فهذا كل ما يهمني! هل تهتم مملكة بوركانا بمن سيصبح حاكمًا لكل مقاطعة؟ هذا ما يعنيه لي عرش بوركانا.”
انفجر يانتشينوس ضاحكًا عندما قال كلماته على باهيل.
“إذا لم يتولى الوريث الشرعي العرش، فسوف يشكل ذلك سابقة سيئة.”
هذه هي النقطة الوحيدة التي يجادل باهيل بها.
“لا يهمني هذا! أمتلك الفولاذ الإمبراطوري الذي لا يُقهر في يدي اليسرى، ومحاربي الشمس الأشداء في يدي اليمنى، ناهيك عن الجيش الإمبراطوري الفخور الذي تحتي! كفى هذا الهراء، إذا أعطيتُ العرش للأمير الذي لا يستطيع حتى الدفاع عنه، فما الفائدة التي ستعود عليّ؟”
سحق خطاب الإمبراطور المحموم روح باهيل.
“هذا الرجل ذئب.”
بدا يانتشينوس في الشائعات إمبراطورًا سخّر نفوذه لنشر العلم، بل وطبّق سياسة ثقافية للبرابرة. لكن الإمبراطور الذي التقى به باهيل رجل حرب، مُزوّدًا بالذكاء والجرأة. فهو في نهاية المطاف وريث أول إمبراطورين بنوا هذه الإمبراطورية بقوة. لم يكن من الممكن أن يكون خليفتهما وديعًا.
“سأوافق على طلبك للجوء! يمكنك البقاء هنا كالكلب المهزوم، تأخذ الطعام الذي ألقيه لك، ولكن يا أمير فاركا، إذا كنت تريد مساعدتي في الوصول إلى العرش، فأحضر لي هدية مناسبة. سأمنحك ثلاثة أيام. سنتناول العشاء معًا، ويمكنك إحضار صديقك، ذلك القائد البربري المرتزق.”
استدعى يانتشينوس النساء مرة أخرى. تراجع باهيل إلى الخلف، وظلّ ينظر إلى الإمبراطور.
“سأراك بعد ثلاثة أيام، جلالتك.”
“يمكنكِ اختيار أيٍّ من هؤلاء النساء إن وجدتِ واحدةً تُعجبكِ. أعلم أن سلالة بوركانا الملكية تشتهر بشعرها الأشقر الجميل وعيونها الزرقاء. إذا تركت بذرتكِ في بطن واحدة منهن ووُلدت فتاةٌ تُشبهكِ، فسأجعلها محظيتي.”
كبت باهيل رغبته في التقيؤ. بدت الكلمات التي خرجت من فم الإمبراطور فجورًا محضًا. طارد يانتشينوس رغباته كما لو أنه نسي جميع تعاليم حاكم الشمس.
” أيضًا، خذ هديتي من المسؤول. إنها هديتي لك لنجاتك من قصر الليل الأبيض. الهدايا تُعطى وتؤخذ! تذكر كلماتي!”
مع هذه الكلمات، لم يبق في الغرفة سوى تأوهات عالية بينما الرجل والمرأة يتشابكان مثل الحيوانات.
خرج باهيل من قصر الليل الأبيض وهو ينحني برأسه في إشارة إلى التقدير.
“قال جلالته أنه ترك لي هدية.”
كان المسؤول ينتظر عند المدخل. أخرج صندوقًا مزخرفًا بالذهب وفتحه.
“كنز ثمين من أراضي الشمال المتجمدة. قيمته لا تُقدر بثمن.” قال المسؤول لباهيل.
ما أخرجه من الصندوق بدا تمثالًا بحجم راحة اليد، منحوتًا من اليشم الأخضر، وهو شيء لم يره باهيل من قبل. كان لثعبان يحمل قطعة من الرخام في فمه. بالنسبة لثعبان، بدا شجاعًا للغاية.
“ثعبان؟”
تمتم باهيل.
“ليس بالضبط. يُسمى تنينًا ” أجاب المسؤول.
أغمض باهيل عينيه. صفق يانتشينوس. “أعتقد أن نكتتي ذهبت بعيدًا بعض الشيء، الأمير فاركا.” وعند إشارة يانتشينوس، أخفت النساء الخنجر تحت الوسائد وتراجعن إلى الخلف وتفرقن.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com
---
ترجمة موقع ملوك الروايات. لا تُلهِكُم القراءة عن اداء الصلوات فى أوقاتها و لا تنسوا نصيبكم من القرآن
أشترك الان من هنا. ولامزيد من الاعلانات