ثيودور
الليلة كانت كثيفة بالهدوء المشحون، كأن العالم نفسه يتنفس بصعوبة تحت وطأة الظلام. نزلت من سيارة الشرطة التابعة للمكتب، وتقدمت ببطء نحو مدخل الجامعة. الأضواء الخافتة المنبعثة من أعمدة الإنارة بالكاد تلامس الأرصفة الرطبة، كأنها تخشى التوغل في أعماق الظلام المحيط.
لم يكن بإمكاني التفكير بوضوح. عقلي كان كتلة متشابكة من الذكريات المبعثرة والمشاعر المتضاربة. رغم ذلك، لم أستطع تجاهل أن التجول وحيدًا في الجامعة بعد منتصف الليل كان فكرة سيئة، بل خطيرة بما يكفي لتجعلك تتساءل عن قرارك قبل أن تخطو أول خطوة.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com توقفت، أنفاسي كانت متسارعة، وعيناي عادت لتتوجه نحو الجسد المستلقي.
أخرجت التميمة الخاصة بي ببطء، تلك القطعة الصغيرة التي طالما شعرت أنها تحمل وزنًا أثقل مما يبدو. وضعتها حول عنقي، وعدّلت موضعها كأنها درع واهٍ ضد ما قد يخبئه الظلام. بعد ذلك عدّلت نظارتي، ثم ربطة عنقي غير المستوية، متجاهلاً الاهتزاز الطفيف في يدي. أخيرًا، نظرت إلى بدلتي المتهالكة التي بالكاد تعكس صورة رجل واثق.
تقدمت بخطوات ثقيلة، وحيدًا في هذه الليلة البائسة. شعرت أن كل شيء حولي يراقبني بصمت مريب، كأن الجامعة ذاتها تتنفس وتتربص. كنت أمشي وحيدًا بهذا الشكل لأول مرة منذ زمن بعيد. لا، لم أكن وحيدًا بهذه الطريقة من قبل… ليس منذ أن قابلته.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com
ثيودور.
“هاي، كاسبر! لماذا لم تخبرني أن ربطة العنق خاصتي غير مستوية؟”
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com
مجرد ذكر اسمه كان كافيًا ليجعل قلبي يضيق كأنني أمسك بثقل غير مرئي. تذكُّر ما حدث معه يكفي لتحطيم أي تماسك بداخلي. حاولت أن أسيطر على نفسي، أن أدفن تلك الذكريات في أعمق زاوية من عقلي، لكن المشاعر كانت أقوى مني.
عقلي كان يدور كدوامة. أسئلة بلا إجابات. الاحتمالات الوحيدة التي تبقت لي كانت مريعة، لكنني لم أكن مستعدًا لمواجهتها بعد.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com
“هاي، كاسبر! لماذا لم تخبرني أن ربطة العنق خاصتي غير مستوية؟”
“هيا، ثيو. أنت رائع كما أنت.”
كان صوته يعود لي كأن شبحًا قد استدعاه من الماضي.
“ثيودور…”
“هذا ليس ثيو. لا يمكن أن يكون.”
لم أكن قد لاحظت أن ربطة عنقه كانت غير مستوية بالفعل. كان ينظر إلي بابتسامة مائلة، عابثة، تلك الابتسامة التي اعتدت أن أراها كلما بدأ يمزح معي.
“وماذا عن شعري؟ أبدو وكأنني مهرج، أليس كذلك؟”
دخلت وضعية هجومية دون تفكير. يداي أصبحتا متوترة، وعيناي تمسحان الغرفة بعناية.
كان دائمًا يعبث بنفسه، يبحث عن أي فرصة ليجعلني أبتسم أو أضحك.
“هيا، ثيو. أنت رائع كما أنت.”
الفكرة كانت سخيفة لدرجة أنني شعرت بالخجل لمجرد التفكير فيها. الاحتمالات المنطقية كانت معدومة. كنت أعرف ذلك. كنت أعلم أن العودة من الموت ليست بهذه السهولة. ليس في عالمنا، حيث كل شيء مرتبط بالتوازن، والخطأ قد يكلفك روحك للأبد.
لم أكن قد لاحظت أن ربطة عنقه كانت غير مستوية بالفعل. كان ينظر إلي بابتسامة مائلة، عابثة، تلك الابتسامة التي اعتدت أن أراها كلما بدأ يمزح معي.
“لا، لا. أنت فقط تجاملني. كونك صديقي المقرب، عليك أن تخبرني بعيوبي. أم أنك مجرد أفضل صديق مزيف؟ هه!”
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com لكن الحقيقة كانت واضحة أمامي.
رغم نبرته الهزلية، كنت أعرف أن هناك جزءًا منه يبحث عن إجابة. لذلك، قررت أن أرد عليه بطريقة جادة، بطريقة يعلم أنها مزاح أيضًا:
“هذا… هذا ثيو؟”
“حسنًا، لك ذلك. أنت أحمق، غبي، نرجسي، مريض نفسي، مجنون، عنصري… وفي الواقع، بشع.”
ابتسمت لنفسي حينها، وقلت في داخلي: “مهلاً، هذه صفاته أصلاً.”
لكنه رد بابتسامته المعتادة، تلك الابتسامة التي كانت تختبئ خلفها مشاعر لا يمكن قراءتها بسهولة:
كان دائمًا يعبث بنفسه، يبحث عن أي فرصة ليجعلني أبتسم أو أضحك.
“لكن كاسبر، هذه مجرد عيوب صغيرة.”
…
لكن ملامحه، تفاصيله، كانت نسخة طبق الأصل. شعرت بصدري يضيق، كأن قلبي يُعصر بيد غير مرئية.
رفعت نظري نحو الطريق المظلم الممتد أمامي، متناسياً ذكرياتي التي كانت تتدفق كالنهر الهائج. كان هناك شيء في الظلام، بقايا أرواح عالقة، تتجسس علي من زوايا الرؤية. شعرت بها، بتلك النظرات الباردة الخفية. لم أكن في حال جيد لمحاولة تبديدها. كنت أجر قدميّ نحو المهجع، والظلال تتراقص حولي، كأنها تهمس لي بأسرار لا أريد سماعها.
دفعت الباب، والظلام استقبلني كصديق قديم. نظرت إلى الداخل بحذر، وكانت رائحة المكان تشبه تمامًا ما كنت أتوقعه: عفونة خفيفة، مزيج من رائحة خشب قديم وغبار متراكم.
وأخيرًا، وصلت أمام باب الغرفة رقم 9. كان الباب يبدو عادياً، لكنني كنت أعلم أنه يحمل خلفه ثقل ذكريات يصعب علي مواجهتها. مددت يدي نحو المقبض، ووجدت نفسي أرتجف.
“لا شيء…”
“لكن كاسبر، هذه مجرد عيوب صغيرة.”
قطرات باردة سالت من عيني، دون أن أعي. هل كنت أبكي؟
الليلة كانت كثيفة بالهدوء المشحون، كأن العالم نفسه يتنفس بصعوبة تحت وطأة الظلام. نزلت من سيارة الشرطة التابعة للمكتب، وتقدمت ببطء نحو مدخل الجامعة. الأضواء الخافتة المنبعثة من أعمدة الإنارة بالكاد تلامس الأرصفة الرطبة، كأنها تخشى التوغل في أعماق الظلام المحيط.
“على ذلك الوغد؟ تبا له…”
لم أستطع حماية أقرب أصدقائي. كل تلك التدريبات، الاختبارات، التجارب القاسية التي خضتها، لم تكن كافية. شعور الفشل كان يثقل صدري كصخرة عملاقة، والعجز كان كحبل ملتف حول عنقي، يخنقني ببطء. حاولت أن أسيطر على نفسي، أن أتجاهل تلك الأصوات التي تهمس في عقلي بأني لست إلا عبئًا، ثم دفعت الباب ببطء.
قلت ذلك، لكنني لم أستطع تجاهل الألم العالق في صدري. لم أكن أبكي فقط على ما فقدته، بل على ما أصبحت عليه.
ألقيت نظرة سريعة على التميمة حول عنقي، كانت لا تزال سليمة، لا شرخ، لا أثر لأي كسر. إذن، لم تكن تعويذة أو وهم. هذا حقيقي.
خطوت ببطء، يدي مشدودة، قبضتي متوترة. كنت على وشك صفع هذا المتطفل، ولكن… توقفت.
لم أستطع حماية أقرب أصدقائي. كل تلك التدريبات، الاختبارات، التجارب القاسية التي خضتها، لم تكن كافية. شعور الفشل كان يثقل صدري كصخرة عملاقة، والعجز كان كحبل ملتف حول عنقي، يخنقني ببطء. حاولت أن أسيطر على نفسي، أن أتجاهل تلك الأصوات التي تهمس في عقلي بأني لست إلا عبئًا، ثم دفعت الباب ببطء.
الليلة كانت كثيفة بالهدوء المشحون، كأن العالم نفسه يتنفس بصعوبة تحت وطأة الظلام. نزلت من سيارة الشرطة التابعة للمكتب، وتقدمت ببطء نحو مدخل الجامعة. الأضواء الخافتة المنبعثة من أعمدة الإنارة بالكاد تلامس الأرصفة الرطبة، كأنها تخشى التوغل في أعماق الظلام المحيط.
“تبا!”
وضعت القفازات جانباً، واستحضرت الكلمات القديمة التي لا تفارق ذاكرتي. الكلمات التي تعلمتها منذ سنوات طويلة، حين كنت لا أزال مبتدئًا في هذا العالم المظلم. أدرت التميمة حول عنقي بين أصابعي، شعرت بالبرد الخفيف الذي ينبعث منها، كأنها تتنفس معي.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com توقفت، أنفاسي كانت متسارعة، وعيناي عادت لتتوجه نحو الجسد المستلقي.
كانت هذه الكلمة أول ما نطقت به بصوت خافت. لم أعد إلى هذه الغرفة منذ يومين، والآن، مجرد الوقوف أمامها يجعل قدماي ثقيلتين كأنهما مغروستان في الأرض.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com “وماذا عن شعري؟ أبدو وكأنني مهرج، أليس كذلك؟”
دفعت الباب، والظلام استقبلني كصديق قديم. نظرت إلى الداخل بحذر، وكانت رائحة المكان تشبه تمامًا ما كنت أتوقعه: عفونة خفيفة، مزيج من رائحة خشب قديم وغبار متراكم.
فكرة أن هذا الكيان قد عاد أو أنه تسلل إلى هنا جعلتني أشعر بمزيج من الحماس والغضب. كنت مستعدًا لتدميره هذه المرة، مهما كلفني الأمر.
ألقيت نظرة سريعة نحو السرير العلوي، سرير هارونلد. “اللعين السمين!” قلتها في نفسي. لم يكن هذا الوغد يعتني بالمكان أبدًا. تربية العم فيليكس لم تُفلح معه. حتى في غيابي، بدا المكان وكأنه مهجور منذ أشهر.
شعرت بأعصابي تبدأ بالانهيار.
ومع ذلك، في أعماقي، كانت هناك تلك الشعلة الصغيرة من الأمل. شعلة تأبى أن تنطفئ، رغم كل الأدلة التي تشير إلى العكس.
لكن عيناي انجذبتا، كما لو كانتا مسيرتين، نحو السرير السفلي. السرير الذي كان دائمًا يخص ثيودور. توقفت. شيء ما لم يكن طبيعيًا.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com “هذا… لا يعقل!”
قمت بخلع القفازات البيضاء من يدي بحذر، كأنني أستعد لمس مقدس أو محرم. أناملي ارتعشت لوهلة، لكنني أجبرت نفسي على الثبات. الغرفة كانت هادئة، لكن في داخل رأسي، كانت العاصفة مشتعلة.
“هاه؟”
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com “هذا… لا يعقل!”
في تلك اللحظة، شعرت كأن الغرفة تضيق. الهواء أصبح أكثر ثقلاً. كأن الجدران تقترب مني ببطء، تدفعني نحو هذا الجسد الغامض، نحو الحقيقة التي أخشى معرفتها.
هناك شخص نائم على السرير.
“ثيودور…”
“من هذا؟ من ابن اللعينة الذي يحتل مكان ثيو؟”
في تلك اللحظة، شعرت كأن الغرفة تضيق. الهواء أصبح أكثر ثقلاً. كأن الجدران تقترب مني ببطء، تدفعني نحو هذا الجسد الغامض، نحو الحقيقة التي أخشى معرفتها.
خطوت ببطء، يدي مشدودة، قبضتي متوترة. كنت على وشك صفع هذا المتطفل، ولكن… توقفت.
في تلك اللحظة، شعرت كأن الغرفة تضيق. الهواء أصبح أكثر ثقلاً. كأن الجدران تقترب مني ببطء، تدفعني نحو هذا الجسد الغامض، نحو الحقيقة التي أخشى معرفتها.
الظلال حول الغرفة بدت وكأنها تتحرك، أو ربما كنت أتخيل ذلك. لكن شيئًا آخر جذب انتباهي أكثر من أي شيء آخر.
“هذا… هذا ثيو؟”
“هيا، ثيو. أنت رائع كما أنت.”
تراجعت خطوة. لم أكن أصدق عيني. جسدي كان يرتجف، ليس خوفًا، بل ارتباكًا مطلقًا.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com “إذا لم يكن هذا شذوذًا، وإذا لم يكن هذا طقسًا… فماذا يكون؟”
“قد يكون الكيان هنا.”
“هل أنا أحلم؟”
ألقيت نظرة سريعة على التميمة حول عنقي، كانت لا تزال سليمة، لا شرخ، لا أثر لأي كسر. إذن، لم تكن تعويذة أو وهم. هذا حقيقي.
قطرات باردة سالت من عيني، دون أن أعي. هل كنت أبكي؟
“كيف؟ ماذا يحدث هنا؟”
الظلال حول الغرفة بدت وكأنها تتحرك، أو ربما كنت أتخيل ذلك. لكن شيئًا آخر جذب انتباهي أكثر من أي شيء آخر.
عيناي انتقلت بسرعة بين السرير والجسد المستلقي عليه. عقلي كان يعيد صياغة الأحداث، يحاول تفسير ما أراه. كنت متأكدًا مما حدث. ما حدث بالأمس كان حقيقيًا. رأيت ثيو يسقط. رأيت المكتب يتدخل. رأيت…
كان دائمًا يعبث بنفسه، يبحث عن أي فرصة ليجعلني أبتسم أو أضحك.
توقفت فجأة.
ألقيت نظرة سريعة على التميمة حول عنقي، كانت لا تزال سليمة، لا شرخ، لا أثر لأي كسر. إذن، لم تكن تعويذة أو وهم. هذا حقيقي.
دخلت وضعية هجومية دون تفكير. يداي أصبحتا متوترة، وعيناي تمسحان الغرفة بعناية.
“قد يكون الكيان هنا.”
فكرة أن هذا الكيان قد عاد أو أنه تسلل إلى هنا جعلتني أشعر بمزيج من الحماس والغضب. كنت مستعدًا لتدميره هذه المرة، مهما كلفني الأمر.
“هاي، كاسبر! لماذا لم تخبرني أن ربطة العنق خاصتي غير مستوية؟”
تحركت بسرعة حول الغرفة. فتشت الزوايا، تفحصت الأثاث، بحثت عن أي بقايا أو أثر لوجوده. لم أترك شبرًا دون أن أتحقق منه. ولكن… لم أجد شيئًا. لا رماد، لا بقايا طاقة، لا شيء.
فكرة أن هذا الكيان قد عاد أو أنه تسلل إلى هنا جعلتني أشعر بمزيج من الحماس والغضب. كنت مستعدًا لتدميره هذه المرة، مهما كلفني الأمر.
لم أستطع سوى الشعور بذلك الألم الحاد. كان وجهه، ملامحه، كل شيء يصرخ باسمه. لكن عقلي كان يرفض قبول الحقيقة. كنت أعرف أن ما حدث كان حقيقيًا. كنت هناك. رأيت النهاية بعيني.
توقفت، أنفاسي كانت متسارعة، وعيناي عادت لتتوجه نحو الجسد المستلقي.
…
لم أستطع حماية أقرب أصدقائي. كل تلك التدريبات، الاختبارات، التجارب القاسية التي خضتها، لم تكن كافية. شعور الفشل كان يثقل صدري كصخرة عملاقة، والعجز كان كحبل ملتف حول عنقي، يخنقني ببطء. حاولت أن أسيطر على نفسي، أن أتجاهل تلك الأصوات التي تهمس في عقلي بأني لست إلا عبئًا، ثم دفعت الباب ببطء.
“هذا ليس ثيو. لا يمكن أن يكون.”
وضعت القفازات جانباً، واستحضرت الكلمات القديمة التي لا تفارق ذاكرتي. الكلمات التي تعلمتها منذ سنوات طويلة، حين كنت لا أزال مبتدئًا في هذا العالم المظلم. أدرت التميمة حول عنقي بين أصابعي، شعرت بالبرد الخفيف الذي ينبعث منها، كأنها تتنفس معي.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com هناك شخص نائم على السرير.
لكن ملامحه، تفاصيله، كانت نسخة طبق الأصل. شعرت بصدري يضيق، كأن قلبي يُعصر بيد غير مرئية.
ثيودور.
“لماذا؟ كيف؟”
وضعت القفازات جانباً، واستحضرت الكلمات القديمة التي لا تفارق ذاكرتي. الكلمات التي تعلمتها منذ سنوات طويلة، حين كنت لا أزال مبتدئًا في هذا العالم المظلم. أدرت التميمة حول عنقي بين أصابعي، شعرت بالبرد الخفيف الذي ينبعث منها، كأنها تتنفس معي.
لم أستطع سوى الشعور بذلك الألم الحاد. كان وجهه، ملامحه، كل شيء يصرخ باسمه. لكن عقلي كان يرفض قبول الحقيقة. كنت أعرف أن ما حدث كان حقيقيًا. كنت هناك. رأيت النهاية بعيني.
لكنه رد بابتسامته المعتادة، تلك الابتسامة التي كانت تختبئ خلفها مشاعر لا يمكن قراءتها بسهولة:
الفكرة كانت سخيفة لدرجة أنني شعرت بالخجل لمجرد التفكير فيها. الاحتمالات المنطقية كانت معدومة. كنت أعرف ذلك. كنت أعلم أن العودة من الموت ليست بهذه السهولة. ليس في عالمنا، حيث كل شيء مرتبط بالتوازن، والخطأ قد يكلفك روحك للأبد.
خطوت نحو السرير ببطء، كأنني أقترب من شيء مقدس ومحرم في آن واحد. كنت أرتجف، ليس من الخوف، بل من تلك المشاعر المختلطة التي لا أستطيع تفسيرها. ثيودور… إذا كان هذا أنت، فكيف عدت؟ وإذا لم تكن أنت، فمن أنت؟
لم أستطع حماية أقرب أصدقائي. كل تلك التدريبات، الاختبارات، التجارب القاسية التي خضتها، لم تكن كافية. شعور الفشل كان يثقل صدري كصخرة عملاقة، والعجز كان كحبل ملتف حول عنقي، يخنقني ببطء. حاولت أن أسيطر على نفسي، أن أتجاهل تلك الأصوات التي تهمس في عقلي بأني لست إلا عبئًا، ثم دفعت الباب ببطء.
“تبا!”
قمت بخلع القفازات البيضاء من يدي بحذر، كأنني أستعد لمس مقدس أو محرم. أناملي ارتعشت لوهلة، لكنني أجبرت نفسي على الثبات. الغرفة كانت هادئة، لكن في داخل رأسي، كانت العاصفة مشتعلة.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com “وماذا عن شعري؟ أبدو وكأنني مهرج، أليس كذلك؟”
“حسناً…”
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com كانت هذه الكلمة أول ما نطقت به بصوت خافت. لم أعد إلى هذه الغرفة منذ يومين، والآن، مجرد الوقوف أمامها يجعل قدماي ثقيلتين كأنهما مغروستان في الأرض.
كررت الطقس مرة أخرى. ثم مرة ثالثة. ورابعة. وخامسة.
وضعت القفازات جانباً، واستحضرت الكلمات القديمة التي لا تفارق ذاكرتي. الكلمات التي تعلمتها منذ سنوات طويلة، حين كنت لا أزال مبتدئًا في هذا العالم المظلم. أدرت التميمة حول عنقي بين أصابعي، شعرت بالبرد الخفيف الذي ينبعث منها، كأنها تتنفس معي.
لم يكن بإمكاني التفكير بوضوح. عقلي كان كتلة متشابكة من الذكريات المبعثرة والمشاعر المتضاربة. رغم ذلك، لم أستطع تجاهل أن التجول وحيدًا في الجامعة بعد منتصف الليل كان فكرة سيئة، بل خطيرة بما يكفي لتجعلك تتساءل عن قرارك قبل أن تخطو أول خطوة.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com
رفعت يدي ببطء وأديت الطقس. حركة دقيقة باليد، ترديد خافت بالكلمات. الطقس كان بسيطًا، لكنه فعال. كوسيط، هذه الغرفة كانت أشبه بمنزلي الثاني، والمكان يستجيب لي بسهولة. كنت واثقًا أنني سأكشف الحقيقة هنا.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com
لم أستطع حماية أقرب أصدقائي. كل تلك التدريبات، الاختبارات، التجارب القاسية التي خضتها، لم تكن كافية. شعور الفشل كان يثقل صدري كصخرة عملاقة، والعجز كان كحبل ملتف حول عنقي، يخنقني ببطء. حاولت أن أسيطر على نفسي، أن أتجاهل تلك الأصوات التي تهمس في عقلي بأني لست إلا عبئًا، ثم دفعت الباب ببطء.
“مهما يكن هذا الشيء، فسأعرفه.”
“هيا، ثيو. أنت رائع كما أنت.”
دخلت وضعية هجومية دون تفكير. يداي أصبحتا متوترة، وعيناي تمسحان الغرفة بعناية.
انتظرت. شعرت بالهواء في الغرفة يتغير. كانت الموجات التي أطلقتها تتحرك عبر الجدران، الأرضية، السقف… تبحث عن أي شيء غير طبيعي، أي أثر للشذوذ.
تحركت بسرعة حول الغرفة. فتشت الزوايا، تفحصت الأثاث، بحثت عن أي بقايا أو أثر لوجوده. لم أترك شبرًا دون أن أتحقق منه. ولكن… لم أجد شيئًا. لا رماد، لا بقايا طاقة، لا شيء.
لكن النتيجة كانت صادمة.
شعرت بأعصابي تبدأ بالانهيار.
“لا شيء…”
“كيف؟ ماذا يحدث هنا؟”
لم أستطع سوى الشعور بذلك الألم الحاد. كان وجهه، ملامحه، كل شيء يصرخ باسمه. لكن عقلي كان يرفض قبول الحقيقة. كنت أعرف أن ما حدث كان حقيقيًا. كنت هناك. رأيت النهاية بعيني.
كررت الطقس مرة أخرى. ثم مرة ثالثة. ورابعة. وخامسة.
لم أكن قد لاحظت أن ربطة عنقه كانت غير مستوية بالفعل. كان ينظر إلي بابتسامة مائلة، عابثة، تلك الابتسامة التي اعتدت أن أراها كلما بدأ يمزح معي.
في كل مرة، النتيجة نفسها. الجسد أمامي… بشري. ليس فقط بشريًا، بل نقي بشكل مستحيل.
شعرت بأعصابي تبدأ بالانهيار.
“هذا… لا يعقل!”
وضعت القفازات جانباً، واستحضرت الكلمات القديمة التي لا تفارق ذاكرتي. الكلمات التي تعلمتها منذ سنوات طويلة، حين كنت لا أزال مبتدئًا في هذا العالم المظلم. أدرت التميمة حول عنقي بين أصابعي، شعرت بالبرد الخفيف الذي ينبعث منها، كأنها تتنفس معي.
لكن عيناي انجذبتا، كما لو كانتا مسيرتين، نحو السرير السفلي. السرير الذي كان دائمًا يخص ثيودور. توقفت. شيء ما لم يكن طبيعيًا.
المولود الجديد، لحظة خروجه إلى العالم، لن يكون بهذا النقاء. البشر دائمًا يحملون شيئًا من الشذوذ، مهما كان بسيطًا أو غير ملحوظ. لكن هذا الجسد… كان أشبه بلوحة بيضاء، لا بقعة عليها.
اقتربت أكثر. عيناي كانت تراقبان تفاصيل وجهه. كلما نظرت إليه، شعرت بثقل داخلي أكبر.
لم أستطع حماية أقرب أصدقائي. كل تلك التدريبات، الاختبارات، التجارب القاسية التي خضتها، لم تكن كافية. شعور الفشل كان يثقل صدري كصخرة عملاقة، والعجز كان كحبل ملتف حول عنقي، يخنقني ببطء. حاولت أن أسيطر على نفسي، أن أتجاهل تلك الأصوات التي تهمس في عقلي بأني لست إلا عبئًا، ثم دفعت الباب ببطء.
قمت بخلع القفازات البيضاء من يدي بحذر، كأنني أستعد لمس مقدس أو محرم. أناملي ارتعشت لوهلة، لكنني أجبرت نفسي على الثبات. الغرفة كانت هادئة، لكن في داخل رأسي، كانت العاصفة مشتعلة.
“هل يمكن أن يكون هذا هو ثيو؟”
تحركت بسرعة حول الغرفة. فتشت الزوايا، تفحصت الأثاث، بحثت عن أي بقايا أو أثر لوجوده. لم أترك شبرًا دون أن أتحقق منه. ولكن… لم أجد شيئًا. لا رماد، لا بقايا طاقة، لا شيء.
أردت تصديق ذلك. أردت بشدة أن يكون قد وجد طقسًا، تعويذة، شيئًا أنقذه قبل المهمة. ربما خطط لكل شيء مسبقًا، وعاد من الموت بطريقة ما.
لكن الحقيقة كانت واضحة أمامي.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com
“هذا هراء…”
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com هناك شخص نائم على السرير.
الفكرة كانت سخيفة لدرجة أنني شعرت بالخجل لمجرد التفكير فيها. الاحتمالات المنطقية كانت معدومة. كنت أعرف ذلك. كنت أعلم أن العودة من الموت ليست بهذه السهولة. ليس في عالمنا، حيث كل شيء مرتبط بالتوازن، والخطأ قد يكلفك روحك للأبد.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com مجرد ذكر اسمه كان كافيًا ليجعل قلبي يضيق كأنني أمسك بثقل غير مرئي. تذكُّر ما حدث معه يكفي لتحطيم أي تماسك بداخلي. حاولت أن أسيطر على نفسي، أن أدفن تلك الذكريات في أعمق زاوية من عقلي، لكن المشاعر كانت أقوى مني.
ومع ذلك، في أعماقي، كانت هناك تلك الشعلة الصغيرة من الأمل. شعلة تأبى أن تنطفئ، رغم كل الأدلة التي تشير إلى العكس.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com “إذا لم يكن هذا شذوذًا، وإذا لم يكن هذا طقسًا… فماذا يكون؟”
تراجعت خطوة إلى الوراء، نظرت إلى السرير مجددًا، ثم إلى الجسد المستلقي عليه.
*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com هناك شخص نائم على السرير.
“إذا لم يكن هذا شذوذًا، وإذا لم يكن هذا طقسًا… فماذا يكون؟”
ثيودور.
عقلي كان يدور كدوامة. أسئلة بلا إجابات. الاحتمالات الوحيدة التي تبقت لي كانت مريعة، لكنني لم أكن مستعدًا لمواجهتها بعد.
دفعت الباب، والظلام استقبلني كصديق قديم. نظرت إلى الداخل بحذر، وكانت رائحة المكان تشبه تمامًا ما كنت أتوقعه: عفونة خفيفة، مزيج من رائحة خشب قديم وغبار متراكم.
في تلك اللحظة، شعرت كأن الغرفة تضيق. الهواء أصبح أكثر ثقلاً. كأن الجدران تقترب مني ببطء، تدفعني نحو هذا الجسد الغامض، نحو الحقيقة التي أخشى معرفتها.
“لماذا؟ كيف؟”
كان دائمًا يعبث بنفسه، يبحث عن أي فرصة ليجعلني أبتسم أو أضحك.
---
ترجمة موقع ملوك الروايات. لا تُلهِكُم القراءة عن اداء الصلوات فى أوقاتها و لا تنسوا نصيبكم من القرآن
أشترك الان من هنا. ولامزيد من الاعلانات