الفصل 881: مفقود… أنتم جميعًا…
“5000 سنة!” بدا صوت بو تي مليئًا بالقلق.
لم يتوقع قط أن تستغرق العملية أكثر من خمسة آلاف عام. أما المرحلتان الأوليتان، فقد استمرتا 2600 و3300 عام فقط على التوالي.
“دعونا نأمل أن ينجح لوه فنغ.” تنهد بو تي طويلاً، وتردد صوته في جميع أنحاء الضريح.
…
الكون الافتراضي، جبل التنين الأسود، خليج النجوم التسعة.
ضمن بناء قديم.
أصبح خليج النجوم التسعة الآن حكرًا على أعلى مستويات عائلة لوه فنغ، إذ كان جميع أفرادها يعيشون في أماكن أخرى. ونظرًا لتاريخها العريق الذي يمتد لأكثر من عشرة آلاف عام، ومكانتها المرموقة التي تُضاهي مكانة زعيم دولة جانوو، أصبح نفوذ العائلة هائلًا.
بابا! بابا! بابا! بابا!
سارت شو شين على أرضية حجرية فاخرة، وتبعته سيدتان. وبينما لوه فنغ، صاحب السلطة العليا في العائلة، يستكشف الكون، تُرك معظم الأمور لابنه الأكبر لوه بينغ ، إلا أن شو شين لا تزال تتولى الأمور المهمة.
كانت لشو شين مكانة خاصة في العائلة، و أيضًا الرئيسة التنفيذية لشركة بينج هاي. على مدار عشرة آلاف عام، ازدادت مكانتها وسلطتها، حتى أن مجرد نظرة منها كانت تُرعب الآخرين.
الناس العاديون لم يجرؤوا حتى على النظر إليها.
ومع ذلك، يبدو أن هناك دائما شعور بالقلق على وجهها.
“سيدتي، رسالة من زعيم العائلة.” نبهها مساعدها الافتراضي فجأة.
“بريد؟”
توقفت فجأة، وعيناها تشعّان فرحًا من المفاجأة. مهما كانت هادئة، أصبحت في حالة من الاضطراب الآن. “قال إنه ذاهبٌ لفعل شيءٍ مهم، وهو إغلاق جهاز استقبال الكون الافتراضي، ومع ذلك، اختفى تمامًا لمدة 6000 عام، ولم يُعثر عليه أو يُتصل به. كيف لي ألا أقلق؟”
في عالم المحاربين، الاختفاء لمدة 6000 سنة دون أي أخبار، قد يعني على الأرجح سقوط أحدهم.
لحسن الحظ أنه ترك رسائل لعائلته قبل أن يغلق الاتصال.
“تبدو الزوجة سعيدة جدًا.”
“لم أرها سعيدة هكذا من قبل.”
“كانت قلقة للغاية في السنوات القليلة الماضية. أما الآن، فقد أصبحت أكثر هدوءًا من ذي قبل.” ناقشت السيدتان اللتان خلفها الأمر سرًا.
في الواقع، بدت شو شين تقرأ البريد بسعادة.
“إنه يعرف كيف يقول الأشياء الصحيحة“. قرأت البريد، وابتسامتها تتسع، “حتى أحداث المدرسة الثانوية، نحن زوجان عجوزان، هل هناك حاجة لكل هذا…”
بدا البريد طويلاً جداً.
عشرات الآلاف من الكلمات، سارت شو شين من الممر إلى العشب وجلست على كرسي لتقرأها ببطء. كانت رسالةً مليئةً بالمشاعر، من لحظة لقائهما إلى لحظة وقوعهما في الحب… لم تستطع شو شين إلا أن تبتسم وهي تقرأ.
وبينما تقرأ… فجأة تغير تعبير وجهها.
ارتجف جسدها عندما أظهرت عيناها الصدمة.
“لا!”
“لا!”
وقفت بشراسة، وهي تصرخ في داخلها، والدموع على وشك التدفق ” أنا لا أريد شعورك بالذنب، لا!!!”
صدم هذا السيدتين خلفها، فتبادلتا النظرات وشعرتا بشيء خاطئ.
“ماما!ماما!”
صدر صراخٌ مُلِحٌّ من بعيد، بينما اندفعت صورة ظليةٌ بسرعة، وأخرى من جهةٍ أخرى. كانا لوه بينغ ولوه هاي، وقد بدت عليهما تعابير القلق، وهما يناديانها عند وصولهما. هما أيضًا قد استلما رسائل بريدية.
“أغلقوا الباب، وامنعوا أي شخص من الدخول.” صرخت شو شين على السيدتين.
“نعم.”
كانت السيدتان مساعدتيها الشخصيتين. سواءً تعلق الأمر بشركة بينج هاي أو بشؤون عائلية، كانت شو شين تُصدر أوامرها من خلالهما. ورغم أنهما كانتا مساعدتيها فقط، إلا أن منصبهما كان أشبه بمنصب مدير رفيع المستوى في العائلة، وبطبيعة الحال، كانتا تتمتعان بفطنة وذكاء خارقين. وعندما شعرتا بأي خلل، أغلقتا الباب على الفور.
“أماه، ماذا يحدث؟”
“هل الأب حقًا…” كان لوه بينغ ولوه هاي قلقين.
احتضنت شو شين ولديها، ووجدت صعوبة في حبس دموعها.
هذا البريد شيئ بدأ لوه فنغ في إرساله بعد ستة آلاف عام من بدء ميراث الحياة أو الموت. وحسب تفكيره آنذاك، دام المرشح الأول 2600 عام، والثاني 3300 عام. وتوقع ألا تستغرق العملية برمتها أكثر من 4000 عام.
بدا الموقت طويل جدًا، طويل بشكلٍ مُبالغ فيه. اجتاز الاثنان الاختبارات الخفية سابقًا، واختارا أخيرًا مصير الحياة أو الموت. من الواضح أنهما كانا كائنين استثنائيين أيضًا، وما ينبغي أن يكونا بعيدين جدًا عن النهاية.
لقد توقع لوه فنغ 6000 سنة!
بما أن الأول استمر ٢٦٠٠ عام، والعملية بأكملها يجب أن تستغرق حوالي ٤٠٠٠ عام. أليس من السخافة أن يستمر ٦٠٠٠ عام، أليس كذلك؟ من يستطيع الصمود كل هذه المدة؟
“إذا نجحت في هذا، سأتخلص من البريد.”
“إذا فشلت، فسيكون لديهم على الأقل شيئ ما.”
في النهاية، لحظة سقوطي… انقطع الاتصال بالكون الافتراضي، ولن يعلم زعيم مدينة الفوضى البدائية بسقوطي. بمستوى جسده، قد يستمر تدريبه لمئات الملايين من السنين، فمن يدري متى سيُحييني حقًا؟ وعمر شو شين لا يتجاوز عشرة ملايين سنة.
وبدا لوه فنغ قلقًا للغاية.
كان يؤمن… أنه حتى لو سقط، فسيُنعشه معلمه في النهاية، ولكن، ماذا لو لم يُنعش إلا بعد عشرة ملايين سنة؟
ماذا عن زوجته؟
وبعد إحيائه ماذا لو ماتت زوجته وابنه ووالديه وأخوه الأصغر؟
لذلك…
لقد أعد لهم بريدًا وضبطه ليتم إرساله تلقائيًا بعد 6000 عام من بدء عمله.
” والدكم في مأزق، لكنه وعد بالعودة في المستقبل. إن كانت قصيرة، فعشرة آلاف عام، وإن كانت طويلة، فعشرة ملايين عام… ” ارتجفت شو شين، صحيح، عشرة ملايين عام، عمرها ليس إلا بهذه المدة، هل ستراه مرة أخرى؟
“أبي.”
لوه بينغ ولوه هاي كانوا مصدومين أيضًا.
“دعونا نذهب لرؤية أجدادكم.” قمعت شو شين الألم وقالت.
…
بعد برهة، التقى الثلاثة بلوه هونغ غو وغونغ شين لان، ومعهم لوه هوا، وكانوا جميعًا يحملون نظرة ألم. عائلة لوه بأكملها… مدعومة من لوه فنغ! بشر الأرض كذلك! لطالما كان موجودًا، يتحدى العواصف ويسمح لهم بالنمو بقوة، مما سمح لبشر الأرض بالصمود في عالم جانوو بأكمله.
ولكن العمود سقط!
“يا صغيري، يا صغيري.” بدأت غونغ شين لان ترتجف. مع أن لوه فنغ قال إنه سيعود قريبًا، إلا أن العائلة اعتبرت هذا الكلام مواساة لهم.
“عائلتنا لوه، أرضنا، تواجه أزمة ضخمة.” بدا صوت شو شين أجشًا.
الجميع ينظر إليها.
“رقم الحساب وكلمة المرور اللذين تركهما بالبريد هما ثروةٌ لعائلة لوه. إنها ثروةٌ طائلةٌ.” قالت شو شين، التي لم تره منذ زمن. لم تتوقع أن يترك حسابًا بالبريد، فيه 50 مليار عنصرٍ مختلط!
بدا هذا مبلغًا لا يُصدق بالنسبة لها. في عالم جانوو بأكمله، باستثناء القائد نفسه، من يملك مثل هذه الثروة؟
“أسرعوا جميعًا واستعدوا لهذا الأمر.” قالت بصوت أجش. ” لو سقط لوه فنغ حقًا، ستصبح عائلتنا مستهدفة بالتأكيد. ليس لدينا ما يكفي من القوة لحماية العائلة الكبيرة بأكملها. سأذهب فورًا لرؤية معلمه يان الحقيقي ”
“أسرعي واذهبي.”
“إذهبي، واتركي العائلة لنا.”
قال لوه هونغ قوه ولوه هوا.
“هممم.” أومأت برأسها.
******
كانت شو شين، في نهاية المطاف، عضوًا أساسيًا في شركة الكون الافتراضي. بفضل علاقاتها وامتلاكها رقم يان الحقيقي القديم، تواصلت معه بسرعة وأخبرته بما حدث.
“ماذا؟”
“العودة في المستقبل البعيد؟” تغير تعبير يان الحقيقي .
على عكس شو شين والآخرين، كان يان الحقيقي محاربًا كونيًا مُطلقًا. يعرف أكثر بكثير، وأدرك فورًا… مستقبل لوه فنغ البعيد يعني أنه سيُبعث. وإلا، ومع انتشار شبكة الكون الافتراضي في جميع أنحاء الكون الشاسع، كيف لم يتمكنوا من التواصل معه؟
“سأذهب لرؤية زعيم مدينة الفوضى البدائية.” قال يان الحقيقي على وجه السرعة.
“آسفة لإزعاجك.” قالت شو شين بقلق.
“أنا معلمه!” غادر يان الحقيقي شبكة الكون الافتراضي على الفور.
…
مدينة الفوضى البدائية، هرع يان الحقيقي على الفور إلى مقر إقامة زعيم المدينة لطلب الزيارة.
ما مستوى زعيم المدينة؟ حتى يان الحقيقي لم يكن لديه فرصة تُذكر لرؤية جسده الحقيقي، إلا في ظروفٍ مُخففة، هذه المرة… رآه يان الحقيقي .
“تقول إنه ربما سقط؟” جلس زعيم المدينة متقاطع الساقين عبر أرض قاحلة واسعة من الجثث.
“نعم.” قال يان الحقيقي باحترام.
“إنه لا يزال على قيد الحياة” قال زعيم المدينة.
“هل هو حي؟” بدا يان الحقيقي مصدوما.
” أؤكد أنه كان موجودًا في برج النجوم في ساحة المعركة السابعة، ومكث هناك لستة آلاف عام. ” قال زعيم المدينة: “لم يتصل بالشبكة منذ ستة آلاف عام، لكن طاقة حياته لا تزال موجودة. على الأكثر، من المفترض أن يكون في ورطة. من الطبيعي أن يظهر الخطر داخل برج النجوم.”
أصبح يان الحقيقي متوترًا بعض الشيء عندما سمع، هذا برج النجوم!
ظاهريًا، كان البرج يحوي حراسًا محظورين فقط ، لكن في الحقيقة، يحوي مخاطر كثيرة، و لا بدّ من معرفة أنه مكان لا يجرؤ حتى سادة الكون على العبث فيه.
*******
برج النجوم.
داخل الضريح المُحاط بعدد لا يُحصى من النجوم المُختومة، كانت الأرضية مُلطخة بطبقة من الدم. جلس لوه فنغ هناك، جسده يرتجف من الألم، والدم يتدفق من حوله. كان تجديد جسد سيد العالم قويًا للغاية، والنواة الرئيسية قادرة على منحه طاقة لا تنضب للتعافي، ومع ذلك استمر النزيف…
جسده على وشك الانهيار، نتيجة ألمٍ شديدٍ من روحه. من الواضح أن ألم روحه أصبح سخيفًا!
“6000 سنة!”
قبل ٥٠٠٠ عام، كان على وشك بلوغ أقصى قدراته، وعند ٥٦٠٠ عام، كان قد وصل إلى أقصى قدراته تمامًا. كان قادرًا على التطور في اللحظة الحاسمة في المرة السابقة، لا أعتقد أنه محظوظ هذه المرة. مع ذلك، من ٥٦٠٠ عام إلى ٦٠٠٠ عام… مرّت ٤٠٠ عام، يا له من قدرٍ هائل من القوة!
جلس بو تي متقاطع الساقين ونظر إلى لوه فنغ بصدمة، لم يستطع أن يتخيل كيف يمكنه أن يظل متمسكًا حتى بعد أن وصل إلى حده الأقصى قبل 400 عام.
…
ألم روحه قد بلغ منتهاه، ولم يعد بإمكانه كبتّه. لم يعد بإمكان لوه فنغ دراسة مسار الحاكم الوحش، ووعيه متشبثٌ بخيطٍ واحدٍ فقط… يقاوم تمزيق روحه.
“أريد أن أراكم جميعًا مرة أخرى!”
“أنتم جميعا!”
“أنتم جميعا…”
بدا وعي لوه فنغ متعلقًا بشيء واحد، ألا وهو عائلته. لم يُرِد أن يعود إلى زمن رحيل والديه وشقيقه وزوجته. لم يستطع تقبّل ذلك. في النهاية، لم يعُد قلبه يحمل سوى فكرة واحدة… عائلته!
“أتمنى!”
“أتمنى ذلك حقًا!”
…
بدأت روحه تنهار، لكن إرادةً بلا شكلٍ أجبرتها على التماسك. تفتت… شكل… وسط الصراع، كان فكره الوحيد هو ما يبقيه متماسكًا، في داخله ينادي عائلته. كان مذنبًا، لم يستطع تحمل..، لكن تلك البلورة استمرت في الالتحام وتمزيق روحه…
كانت روحه على وشك الانهيار!
“أتمنى حقًا…”
“أنتم جميعا…”
---
ترجمة موقع ملوك الروايات. لا تُلهِكُم القراءة عن اداء الصلوات فى أوقاتها و لا تنسوا نصيبكم من القرآن
أشترك الان من هنا. ولامزيد من الاعلانات